الثلاثاء، 10 مارس 2020

بقلم الدكتور رمضان الحضري

شاعرات من مصر
( 4 ) 
عاطف الجندي وسكينة جوهر
********
الشر قوة تساند العقم ضد الإنجاب ، وتساند القبح ضد الجمال ،
 فإذا ساد القبح في مجتمع من المجتمعات زاد الشر فيه ، 
فالشر نقيض الإبداع بقدر ماهو نقيض الخير .
حيث يحرص الإبداع على نشر قيم الجمال ومبادئ الخير
 وأخلاق الفضيلة ، ويكشف سوءات الشر وينكس رايات
 القبح ويخرس أصوات مساوئ الأخلاق .
والإبداع موهبة وأدوات لا تعرف التذكير والتأنيث ولا القديم 
والحديث ولا الكبير والصغير ولا الخشن والحرير، ولا يغني شاعر
 عن شاعرة شيئا ، ولا تغني شاعرة عن شاعر شيئا ، فلا نفرق
 بين قصيدة لامرأة وقصيدة لرجل إلا بالموهبة والخطاب الشعري .
وسوف أقدم نموذجين شعريين مختلفين لشاعرين مصريين مهمين
 هما الشاعر المصري الكبير / عاطف الجندي والشاعرة الرائدة
/ سكينة جوهر ، وسوف أقدم نموذجين لهما .
النموذج الأول للشاعر / عاطف الجندي بعنوان ( مساواة )

يقول فيه : _
لماذا بكيتَ ؟
لأن الغناءَ اختبارُ السعيدِ
عن الظبي والقُبَّرة
وأن البكاءَ اختصارُ الحياة
على محمل الجد
لا تسأل الدمعَ من أمطره ؟
ففي كل وجدٍ زرفنا الدموعَ
وفي كل حزنٍ
سقتنا من الطينِ ما أقذره
فأصبحت في كل همٍّ مقيمًا
وأترك للخل حقا 
بحق الصداقة لن أخسره 
وأصبحتُ ألعنُ صبحَ السياسةِ
والنفطَ والمجزرَةْ
وأوقنُ أن الحياةَ
اختبارٌ أليمٌ
يحيلُ الوجودَ لحربٍ ضَروسٍ
ولا حق للخير
أن يسألَ الشَّرَ من أحضره ؟
وأيقنتُ أن الرمادَ هباءً يجيءُ
ولا فرقَ بين النعاج ولا قسورة
سوى لذةٍ
أو بقايا خلودٍ
سيمنح بعضًا من الزهو والمنظرةْ
خِفافًا نجيء ونمضي سِراعًا
ترابًا نعودُ
بدمع نسير إلى المقبرة
تفعيلة المتقارب ( فعولن ) إيقاع رقيق وجميل حينما
يتكرر هذا الإيقاع ، وخاصة أن هذه التفعيلة كثيرة الصفاء 
والتحور في ذات الوقت فتأتي فعولن وفعول وفعو بحذف
السبب الخفيف ، وتأتي في المتقارب والوافر محورة عن
مفاعلتن بحذف السبب الخفيف لتصبح فعولن ، وتأتي في
بحر الطويل متناغمة مع مفاعيلن التي تزيد عنها سببا .
وقد استخدم الشاعر هذا الإيقاع بجميع تنوعاته ليخرج 
للقارئ تشكيلا إيقاعيا منتظما صافيا ومحورا .
لست ممن يعتنون بالنحو ولا العروض ولا الموسيقا 
فكثيرة هي القصور الخربة ، وكثيرة هي الأكواخ المبهجة
فجمال البناء فيمن يسكنه ، حيث لايسكن الجميلَ إلا جميلٌ
فالمحتوى ذلك الساكن في هذا التشكيل الإيقاعي هو محتوى
الرصد لحركة المجتمع من حولنا في صورة جمالية مثيرة،
وحينما يبدع شاعر قصيدة حقيقية فهي كبيرة الشبه به 
لأنه فض بكارة الأوراق فضا شرعيا ، فالشاعر يمتلك مهر
 الورق وهو الموهبة ، ويمتلك الباءة التي تقيم أسرة وهي
أدوات وثقافة الشاعر ، فحينما تبدع هذه الأسرة ستكون 
تلك القصيدة فالنص يبدأ بطرح السؤال ، والسؤال هنا 
حاضر ويسأل عن ماض ( لماذا بكيت ؟ ) فالطبيعي أن
هناك حوارا بين سائل وباكٍ ، وهذا يعني أن عاطف الجندي
ينزع للشعر الدرامي فهو يسأل عن رؤية ، والإجابة تأتيه
شرحا للتفرقة بين الغناء وبين البكاء ، ويرى الشاعر أن البكاء
في حياتنا أغلب ، لأن الغناء مرحلة اختبار وتنتهي ، بينما
البكاء مستمر ، والبكاء لجميل العيون وجميل الجسم وجميل 
الصوت ، حيث كان الاحرى بهم أن يغنوا ، فالظبي جميل 
لكنه يخاف ، والقبَّرة صوتها جميل لكنه مقهور ، النزعة
 الدرامية في النص داخل سلطة الحكمة يحيطهم سور من 
ورود الإيقاع متساويا ومتناغما متزنا ، كل هذا يجعل نص
عاطف الجندي نموذجا لماهية الشعر ووظيفته في المجتمع .
بيد أن قصيدته لن تغنينا عن قصيدة شاعرتنا السامقة /
سكينة جوهر بنت محافظة الدقهلية العظيمة ،
 حيث تقول
في قصيدة لها بعنوان ( من وحي اليوم العالمي للمرأة ) 
****************
عُذراً ليومٍ أتى بالبؤسِ مُرتِفقا
ما فيهِ أيُّ جداً للـمرأةِ استَبــقَا
اللهُ ربِّي ..ومنذُ الــبدْءِ كرّمها
تكريــمَ حقٍّ ..لهَا بالحقِّ كمْ نطقَا
في سُـورةٍ لمْ تزلْ بِالذِّكْرِ تُتحِفُنا
تُعْلي لَها بالدُّنا.. وَتزيدُهـا أَلَقَا
ماكَانَ ( ثامنُ آذارٍ ) سوى حدثٍ
بهِ احتجاجُ نِساءٍ تشتكي رهَـقا
شبَّتْ لَهنّ بـ(أمْريكا) مُظاهرةٌ
كَيْ يُصلِحوا حَالَهُنَّ وينْظروا شَفقَا
وَليسَ فيهِ مِن التَّكريمِ وجهُ ندىً
على النِّساءِ ..إذَ الإسْلامُ قدْ سَبقَا
وقالَ ( أحمدُ ) خيرُ الخلقِ قوْلتهُ
وسامَ فخرٍ لها بالخيـــرِ مؤتَلِـقا
( شَقائقٌ للرجالِ ) وَمنْ سَيُكْرمُها
هوَ الكريمُ..وَمنْ يوماً يُهِنْ.فسَقَا
فـ( سَدِّدوا..قارِبوا) ياقومَنا احترِموا
عَهدَ السَّماءِ.ويافَوزَالذي صَدقَا
فَالمرْأةُ اليومَ كمْ ضاعتْ مكانتُها
المرأةُ اليومَ في شوقٍ لِمنْ رَفَقَا
في كُلِّ شوقٍ لِمنْ بالــودِّ يَفهمُها 
 وَمَنْ بِعـهدِ هَـــواها بالوَفـا وَثَقَـا
وَمنْ بِكُلِّ احتـرامِ يسْتظِـلُّ بِها 
 يروي رُباهَا الهنا..لا الهمَّ والقلقا
فإنها الأمُّ كمْ عانتْ وكمْ ولدَتْ
وَإنها الزوجُ والقلبُ الذي عَشِقا
وإنَّها الأختُ والحضنُ الذي انصهرتْ
فيهِ المنى لك أعْظمْ بالذي خلقَا !!
لولاها يا (آدمٌ ) في ذي الدُّنا لَبدَتْ
تِلكَ الحياةُ جَحيـماً مُنتِـناً خَلِقـا
لولاها يا( آدمٌ ) ماكنتَ أنتَ ..ولا
يوماً فؤادُكَ بابَ السَّعدِ قدْ طرقَا
فكُنْ لها مُفدِياً بالرّوحِ ..واسقِ لَها
كَأسَ الهناءِ بخمْرِ الصَّفوِ مُغتبِقَا
بحرُ الهمومِ بهِ ( حوَّاءُ ) كَم سبحتْ
فَكُنْ لها مُنْجياً..يامنْ بِها غَرقا
نسق من الأنساق الشعرية الحقيقية تعلن فيه الشاعرة عن
قدرة كبيرة لتمكنها من أدواتها وصنعتها ، وتبدي الأبيات
موهبة قلما تتصف بها امرأة ، فلكأن خناس تقف خطيبة
وجليلة بنت مرة ناصحة وخولة بنت الأزور تمتطي جوادها
وسهير القلماوي في حرم جامعتها ومفيدة عبدالرحمن على
 منصة الأمم المتحدة ، وسكينة جوهر على منبر شعرها ، 
وجميعهن يعلن انتصار المرأة قديما وحديثا ، فما تقل سكينة
جوهر شاعرية عن شعراء المشهد إلم تتفوق على الكثير من
الرجال والنساء ، فها هي تمسك لجام البسيط مستفعلن فعلن
مستفعلن فعلن ، كما فعل القدماء والمحدثون من الشعراء ،
فلا يفلت منها قيد أنملة ، ولا يغيب عن عينها طرفة ، وتصرخ
بحرف ( القاف ) وهو من حروف القلقة في نهاية كل بيت والقاف
مفتوحة إلى أعلى تلزمها ألف ، وكأنها تنهيدة مقروح وعبرة مجروح
وزفرة مصدور ونفثة مهموم ، يشتم ذوي الحس من النص رائحة
 كبد يحترق ، على ما كان ثم على ما صار .
وتقدم البرهان على ما كان والدليل على ما صار ، والنتيجة الطبيعية
لحال المرأة في يوم المرأة العالمي ، وتمزج بين الخيال والحقيقة 
وبين الفكرة العقلية الجديدة والواقع المعيش ، لله درك من شاعرة
ينام الشعر بجوارها طفلا مطمئنا ، وترقص الصور في عينها
 عروسا ليلة الجلوة ، وينجذب لها البيان فراشات تحتضن الضياء .
فالشعر ليس مذكرا ولا مؤنثا ، وليس مثقفا ولا أميا 
وليس لذوي مال أو مساكين ، الشعر موهبة حادة
كالسكين ، إن قال قطع ، وإن هجا أوجع ، وإن رثا أفجع
وإن نصح أقنع ، وإن تغزل تودد ، وإن افتخر تفرد ، هذا
في الوظيفة ، والاثر المجتمعي والنفسي .
شكرا للشاعرين العظيمين عاطف الجندي وسكينة جوهر اللذين
عرفت منهما شعرا ، وتأثيرا في مشهدنا الأدبي ، مع العلم أن النصين 
يحتاجان شرحا مطولا ، لكني جعلت مقالتي تميل للإشارة التي
تغني عن العبارة .

بقلم د.رمضان الحضري

الاثنين، 9 مارس 2020

اصدار احمد بيطار

قد مات القلب...
واندثرت الاحلام...
حتى الأماني ركنت على حافة الطريق تستريح
ولن تفيد لاعذار ولا الاعتذار ....
فقد صح القول ما افسده الدهر لن يصلحه ذاك العطار
احمد بيطار/سوريا 

كلنا وجع ..
جرح الاوطان دامي ..
كلنا ذاك الالم الصارخ ..
على الحدود يستجدي السلام للاطفال . 
 كلنا  ذاك الصمت  الثائر فينا
 براكين نخوة وثيران  غضب ...
كلنا عيون  باكية ..وقلوب شاخصة 
ترجو من الله ما لا ترجوه من بشر ..
الامل ماطلعت شمس على الشام 
مازال  باذن الله و الحلم باق.
جميلة محمد/المملكة المغربية 

الاعلامي أحمد افزارن

 يكتب
عن تجربة

حسن بيريش.. أديب البورتري!


يقول أحمد إفزارن

"حسن بيريش" عملة توثيقية نادرة في لغة الضاد.. يغوص في مرآة حياته الأدبية الذاتية، من خلال قراءة شخصيات غيره: فنية، صحافية، أدبية، ومن مهارات أخرى...
يتخير نجوما من مختلف الميادين، نساءا ورجالا، وينحت لهم - برفيع الكلام - بورتريهات توثيقية عن مسارهم الإبداعي..
ما زال الصحافي الأديب لم يوثق لنفسه.. هو يوثق للآخرين، ومن خلالهم يعكس  مؤهلاته الذاتية، وفلسفته  الخاصة في الفكر والأدب والفن والصحافة..
ونكتشف بهذه التعابير والتوصيفات اللغوية الجذابة التي يوظفها الكاتب،أنه يكتب - بطريقة غير مباشرة - عن نفسه، من خلال كتابته عن آخرين..
وهو بذلك يبرز عناصر التشارك والأهداف والتصورات التي تجمع الآخرين به، وتجمعه هو بالآخرين..
وتشكل عناصر العمق المشترك طاقة تحرك الكاتب في مدارات قد تجعله لا يغادر محطته المعشوقة، وعنوانها:
"أدب البورتري"!
شخصيات متنوعة أعد لها حسن بيريش سيرا ذاتية في شكل ما تسميه الصحافة "بورتريهات"، أي صورا لغوية شخصية لمسارهم الإبداعي، بأسلوب يتسم بمعلومات وشاعرية لا تخلو من "رجع الصدى" لشخصية البورتري، وفيها تفسير وتأويل وتوضيح للكيفية التي يرى بها الكاتب كلا من شخصياته البورتريهية..
وبعيني هذا الصحافي الأديب تتضح لنا خلفية كل بورتري، ونغوص معه إلى سيناريوهات ما قبل وما بعد البورتري..
إنه يوثق للأدباء والفنانين وغيرهم من ذوي الكفاءات المتنوعة،ومن خلالهم يستعرض مؤهلاته التوثيقية الخاصة، فيوثق بذلك لنفسه أيضا مهاراته، من خلال إيحاءات لغوية رفيعة..
شخصيات متنوعة في توثيقاته:
شخصية تحظى بكتاب.
وشخصيات تتجمع في كتاب..
كتاب واحد قد يخصصه لشخصية واحدة..
وبجانبه بورتريهات - بصيغة الجمع - يقوم بتجميعها كلها في كتاب آخر..
ليست له مقاييس محددة، حول ما إذا كان البورتري مختصرا أو مفصلا..
هو يشتغل حسب المعلومات المتوفرة، والظروف، والوقت المتاح، وبيئة إنتاج الأفكار..
وفي مجملها، تقوم كتاباته بتجميع رصيد توثيقي.. والرصيد يتسع أكثر فأكثر لأسماء لامعة، في الآداب والفنون، بينما أسماء أخرى ما زال يشتغل في توثيقها..
- وقائمة ثالثة تنتظر دورها..
لم نعرف من قبل هذا التزاحم على كاتب في "أدب البورتري"!
إنه يكتب بقلبه..
حسن بيريش مولع بحياة الآخرين..
مهووس بكيفية إصرار آخرين على إنجاز ما يجعلهم ناجحين متألقين..
مسيرة الآخرين تشكل حالات تأمل خاصة لهذا الأديب..
وقد تألق حسن في "أدب البورتري"، وأصبح مرتبطا به، لدرجة أن "طلبات" تتقاطر عليه من هنا وهناك..
والبعض يحسبون أن هذه مهنة جديدة، وهي ليست مهنة.. هي عشق لما تكتنزه أعماق الإنسان.. إنسان آخر..
ويبقى حسن بيريش رائدا في هذا اللون الأدبي عندنا، ومن خلاله تترعرع شيئا فشيئا موسوعة تعريفية بكفاءات..
- وفي هذا المناخ: أين النقد؟
فضاءاتنا الإبداعية بحاجة إلى نقد محايد إيجابي، لإبراز قيمة أي إبداع هادف..
وفي غياب الإنتاج النقدي بمختلف المجالات،وبالكثافة الوازنة،والعمق المطلوب، يأتي حسن بيريش كي يشير بأصبع الإبداع إلى نقد ما زال  على هامش الميدان..
حسن بيريش يتناول،في أعماله التوثيقية،كل المواضيع،وكل الأنواع والألوان..
وكل مبدع غير مقصي من "بستان" خبير البورتريهات..

  - أخي حسن.. إلى الأمام!

محمد اديب السلاوي

" 8 مارس 2020 "

-------------------------------

إلى متى تظل المرأة على الشاشة العربية
جسدا للمتعة والإغراء.... ؟.

محمد أديب السلاوي

انطلقت السينما العربية من مصر قبل قرن ونيف من الزمن، ومنها انطلقت صناعتها إلى لبنان وسوريا وبلدان المغرب العربي ،لتندمج في الحياة الثقافية على يد نخبة من الكتاب والفنانين والمقاولين والفاعلين في الفن السابع. ومند انطلاقتها الأولى أصبحت السينما العربية تيارا يعكس حالة التغيير الحضاري بالمنطقة العربية، حيت تم تشييد استوديوهات وقاعات سينمائية وتأسيس شركات إنتاج وتوزيع، لإعطاء هذه الصناعة موقعها الثقافي والاقتصادي على ارض الواقع. 

وخلال هذه الفترة من التاريخ، ظلت السينما المصرية هي الأقدم في المنطقة العربية /هي الأكثر انتشارا وتأثيرا  باعتبارها ذات الصناعة القوية المكتملة  من حيت وسائل الإنتاج والتوزيع والعرض والجمهور الضخم، إضافة إلى عدد نجومها في الساحة السينمائية، الدين يغطون كل احتياجات  واختصاصات فن التمثيل السينمائي. 

وخلال هذه الفترة من التاريخ أيضا ،كانت المرأة وما زالت هي الموضوع الأساسي للفرجة السينمائية العربية في المشرق والمغرب، إذ شغلت صورتها بكل الصفات ،عاشقة ، زوجة، مضطهدة، خائنة، متسلطة، عاهرة، راقصة، آم ومطلقة، العديد من كتاب السيناريو  والمخرجين والمنتجين في مئات الأفلام العربية، منذ زمن الأبيض والأسود إلي زمن الألوان الطبيعية، كانعكاس واضح لنظرة المجتمع العربي إليها، وهو ما حولها إلى بضاعة لترويج الإنتاج السينمائي، بمشاهد الإغراء، الجنس، الرقص، الاغتصاب، الاستهتار بالجسد الأنثوي وبالتحرش الذي يداعب غرائز المشاهدين المراهقين والمكبوتين وإثارتهم، وهي مشاهد تكاد تكون متشابهة في العشرات من الأفلام العربية. 

نعم اعتمدت السينما العربية طيلة القرن الماضي في أغلبية أعمالها على حكايات وقصص ذكورية، قدمت المرأة بادوار الحب والجنس والمتعة الجسدية،وأحيانا خارج الموضوع الأساسي للشريط السينمائي، وهو ما يعني ثقافيا وفكريا وأخلاقيا ،غياب المرأة وقضاياها الاجتماعية والحضارية والسياسية، وغياب طموحاتها وتطلعاتها، وكان الطموحات والتطلعات وجدت عربيا فقط للرجل. 

هكذا بدت السينما العربية خلال القرن الماضي وحتى الآن، في نظر العديد من النقاد والمفكرين، ظالمة للمرأة، قائمة على الذكورية، مع أن المرأة العربية في الزمن الراهن تتطلع إلى قضايا كنيرة، لها عقل وطموحات، حققت تغيرات واضحة في حياة الأسرة العربية، ولها اليوم مواقع قيادية في الأحزاب والحكومات والبرلمانات والمنظمات الدولية، والجيوش وإدارات الأمن والسلطة، إنها اكتر من دلك منافسة  بقوة للرجل في كل المجالات والقطاعات، إلا أن الفن السابع مازال مصرا على توظيفها أداة لجذب المشاهد  بجسدها الأنثوي  كوسيلة للإغراء. 

في نهاية القرن الماضي شغلت قضايا المرأة بالسينما العربية بعض المثقفين العرب، فأنجزوا سيناريوهات وقصص تركز على تحرير المرأة من المشاهد التقليدية، وتغيير صورتها السطحية، فتم إنتاج بعض الأفلام من إخراج فنانات عربيات، يرفضن صور البغي، ولكنهن يركزن على الصورة التي تعطي المرأة حقها الوجودي على الشاشة  / المرأة الفاتنة، الأنيقة الجميلة، المتميزة، وهو ما جعل أعمالهن في نهاية المطاف شقيقة أفلام الرجل، لم تخرج  عن قضايا الحب والرومانسية الأنيقة والمتعة الجسدية،  في قضايا اجتماعية جديدة، مع استخدام أحاسيس المرأة وجمالها الأنثوي ومشاعرها وانفعالاتها وأناقتها،وهو ما أعاد الشاشة العربية إلى مربعها الأول، بنسخة منقحة من سينما الرجل. 

بعد تاريخها الحافل بالتجارب والانجازات المتعددة الأصناف والأهداف، يبدو أن السينما العربية أصبحت في حاجة أكيدة إلى تغيير جدري في عقليتها، في تعاملها مع صورة المرأة وقضاياها، وإلا ستظل هذه السينما متخلفة عن مثيلاتها في الغرب، بل في العالم،لا ترقى إلى الفن السابع الذي أصبح موجها أساسيا للصناعة الثقافية في زمن الألفية الثالثة . 

أن المرأة في عالم اليوم تجاوزت النظرة السطحية /الجنسية إليها، لأنها أضحت هي الفاعل المحرك لعقل التغيير في عالمنا الجديد. 


أفلا تنظرون... ؟

حيد البلبالي

 الزجلية (غمزة من رموش الما):
----------------------------------------------------- طلبت من لفجر
يحزر  الشمس
تعطف علي ب دفاها
جمعت خيوطها
فصلت من ظلي سلهام
ب الفرحة بكيت ... بكيت
خليت دموعي تسيل عليه
ملي سردوه رجع قصيف
تكمش خيالي
وليت نعدي ... ونعد
نستر المفضوح
ب مراية الروح
ونكابر ب الباقي
من ريش جناحي.
------------------------------------------------
من الديوان الزجلي (برية ف كم الريح)
احميدة بلبالي
------------------------------------------

نورعيتيه عينيه في بورتري لعبد السلام بدر

معلومة موسيقية
عبد السلام بدر

عبد السلام بدر شاعر مصري كبير يُعتبر من الشعراء الغنائيين المرموقين. ولد عام 1926 انتقل إلى الإسكندرية وعاش بها معظم حياته.
كان غزير الإنتاج فياض العطاء، تنوّع إنتاجه بين الأعمال العاطفية والوطنية والوصفية والدينية. تغنى بكلماته العذبة ثلاثة أجيال من أهل الطرب:
من الجيل الأول: محمد عبد المطلب وعبد الغني السيد ومحمد الكحلاوي وسعاد محمد وشهرزاد وعصمت عبد العليم وسعاد مكاوي ومحمد قنديل وحورية حسن ومديحة عبد الحليم.
ومن الجيل الثاني: مها صبري وأحمد سامي وزينب يونس ومحمد رشدي وجلال حرب.
ومن الجيل الثالث: سوزان عطية وأحمد إبراهيم  وأنغام  ومحمد ثروت.
من أعماله التي غناها مطربو ومطربات الجيل الأول، نذكر ما يلي:
• "عشاق المجد" و"أوهام الحب" و"الشاعر"، غناء محمد عبد المطلب
• "حِلم جميل"، غناء عبد الغني السيد
• "السَّحَر"، غناء محمد الكحلاوي
• "هرم ابن النيل"، غناء سعاد محمد
• "الحفيد"، غناء شهرزاد
• "اصل الجمال غنوه"، غناء سعاد مكاوي
• "الهرم"، غناء محمد قنديل
• "غصن السلام"، غناء حورية حسن
• "جمال الوجود"، غناء مديحة عبد الحليم
وقد لحن له بالقاهره محمد عبد الوهاب..محمد الموجي..احمد صدقي..الكحلاوي..حسين جنيد..سامي نصير..علي فراج..محمد علي سليمان..وكثيرون
كما تغني بكلماته معظم المطربين السكندريين مثال ابراهيم عبد الشفيع ساميه عبد المعطي .جلال حرب.اسامه رؤوف حمدي رؤوف سهير خليل وكثيرون
حصل شاعرنا الكبير عبد السلام بدر على العديد من الدروع وشهادات التقدير. وبعد رحلة عطاء طويلة، كانت وفاته بالإسكندرية في شهر فبراير من عام 2006، رحمه الله.



الأربعاء، 4 مارس 2020

المخرج السوري الدكتور مصطفى العقاد

يقول المخرج  المرحوم الدكتور مصطفى العقاد.....

▪️ كنت أظن أن الأم لا تكذب ولكني ادركت ان ظني خاطئ بعدما كذبت عليّ امي ثماني كذبات !!!!!!!!!!!!!!

'' وإليكم أكاذيب أمي لتعرفوا كيف تكذب الأم ''

▪️ تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا .وعندما كنا نأتي بأرز قليل لنسد به جوعنا .. كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى طبقي كانت تقول : ياولدي تناول هذا الأرز فأنا لست جائعة 
'' وكانت هذه كذبتها الأولى ''

▪️وعندما كبرت أنا شيئا فشيئا كانت أمي تذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، لتأتي لي ولو بسمكة واحدة أسد بها جوعي وفي مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ووضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت :يا ولدي ألا تعرف أني لا أحب السمك 
'' وكانت هذه كذبتها الثانية ''

▪️ وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي أنا لست مرهقة 
'' وكانت هذه كذبتها الثالثة ''

▪️ وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ، وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنا لست عطشانة
'' وكانت هذه كذبتها الرابعة ''

▪️ وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، واصبحت مسؤولية البيت تقع عليها وحدها فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة : أنا لست بحاجة إلى الحب 
'' وكانت هذه كذبتها الخامسة ''

▪️ وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا في السوق وتبيع الخضروات كل صباح فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..

'' كانت هذه كذبتها السادسة ''

▪️ وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ، وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،
وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقي وقالت : يا ولدي أنا لست معتادة على المعيشة المترفة 
'' وكانت هذه كذبتها السابعة ''

▪️ كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان ، وكان يجب أن أكون بجانبها في مرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني
فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...
'' كانت هذه كذبتها الثامنة ''

وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبداً ...