الاثنين، 5 أغسطس 2019

بقلم حسن بيريش

أنطولوجيا كتاب طنجة
مائة عام من الإبداع



281 - لينا هويان الحسن 

(1977 / .........)

- ازدادت يوم 7 يناير سنة 1977 في بادية حماة (سوريا).
- كاتبة روائية سورية تقيم في بيروت.
- درست الفلسفة في كلية الأداب (جامعة دمشق).
- ما بين سنة 2003 وسنة 2011 عملت في القسم الثقافي بجريدة "الثورة" السورية، وأشرفت على ملحق الكتب الأسبوعي.
- تعمل الآن كاتبة في الصحف العربية.
- غادرت سوريا نحو لبنان سنة 2013.
- يعتبرها النقاد الكاتبة الأولى والوحيدة التي كرست أعمالها الروائية لكشف عوالم البادية السورية والعربية.
- كتبت عدة نصوص في أدب الطفل، خولت لها الفوز بعدة جوائز هامة.
- آخر زيارة لها إلى طنجة كانت في يوليوز 2019.
- زارت عدة فضاءات بطنجة لاسترجاع ما كتب عنها من طرف مشاهير الأدب في العالم ("ريتز"، "فيلا دو فرانس"، فندق "المنزه"، و"السوق الداخل"، ومطعم "إلدورادو").
- كتبت عن طنجة عدة نصوص، من بينها نصها الطويل المنشور بعنوان ""أزقة طنجة القديمة تعج بأطياف شخصيات عالمية زارتها".
- في روايتها "بنات نعش"، الصادرة في بيروت سنة 2005، تستحضر فضاءات طنجة في متنها الروائي، بشكل احتفائي يعكس عشقها لهذه المدينة.
- صدر لها:
في مجال الرواية:
1 - معشوقة الشمس 1998.
2 - التروس القرمزية 2001.
3 - التفاحة السوداء 2003.
4 - بنات نعش 2005.
5 - سلطانات الرمل 2009.
6 - نازك خانم 2014.
7 - ألماس ونساء 2014.
8 - الذئاب لا تنسى 2015. 
9 - البحث عن الصقر غنام 2015.
10 - بنت الباشا 2017.
في مجال الشعر:
1 - نمور صريحة 2011.
في مجال الدراسة والتوثيق:
1 - مرآة الصحراء "كتاب توثيقي عن البدو" 2000.
2 - آنا كارنينا: تفاحة الحلم "دراسة سيكولوجية" 2004.
3 - رجال وقبائل "كتاب توثيقي عن أعلام البادية السورية" 2013.

- مقطع من نص طويل للمبدعة لينا هويان الحسن، بعنوان "أزقة طنجة القديمة تعج بأطياف شخصيات عالمية زارتها" ("أندبندنت عربية"، 30 يوليوز 2019):

"مصادفة، وحسب، دخلتُ المطعم مع الأصدقاء. أجلسُ، وقبل أن أنظر في قائمة الطعام تستوقفني صورةٌ بالأبيض والأسود: من؟ محمد شكري؟ آه، نعم، هذا أنت هنا؟ يامجنون الورد!
مرحباً، محمد شكري: يبتسم، يتلألأ، مستسلماً للحظته، مغمضاً عينيه، سيجارته في يده، أمامه كأسه، ألمحُ ذلك النادل الذي يظهر خلفه، لابد أنه كارلوس الذي حدثني عنه حسونة المصباحي قبل يومين فقط في طريقنا لحضور موسم أصيلة الثقافي.
 قضيتُ عدّة صباحات وأنا مستغرقة بالتجوال بين أزقة طنجة القديمة أو ما يسمّى بالقيساريات، يتناهى الى سمعي خليط من اللغات: اسبانية وفرنسية وأمازيغية. وأفكر بأهلها الذين قسّمهم قلم شكري إلى: ليليين، ونهاريين. بالأشقياء منهم والشطّار والمجانين وكل أولئك الهامشيين الذين برع بتدوين يومياتهم، بما يتخللها من مآزق وجودية، وحياتية. هو من أعلن ذات مرّة: "أعتقد أن لكلّ كاتب مدينة خاصة به، كازابلانكا لمحمد زفزاف، وطنجة لي أنا وحدي، معها أمضيت عقد زواج كاثوليكي". يعلق على هذه العبارة الكاتب المغربي عبد الكريم جويطي ابن مدينة بني ملّال الساحرة، ويقول: "الأمكنة ماكرة، تنتدب من يتكلم عنها، الأمكنة تخلق الكتّاب، نحتاج إلى مجانين المدن، كلّ مدينة يلزمها مجنون كبير يحملها إلى العالمية".
على رغم شهرة طنجة بأطياف الأدباء والمشاهير الذين جذبتهم أمثال: جان جينيه، تينيسي ويليامز، ألبرتو مورافيا، بول بولز، همنغواي، ترومان كابوتي... و كثير من المشاهير الذين ساهمت خطواتهم المترنحة وهم يغادرون حاناتها في آخر الليل برسم لبّ القصّة، أيّة قصّة؟ لعلها رواية، أو سيناريو فيلم، أو مسلسل طويل لا ينتهي، أبطاله يمكنهم أن يكونوا مثيرين للاهتمام، دائماً، جديرين بالتدوين. إن طنجة مدينة تصغي إلى الجميع، قد يكونون على حق، وقد لا يكونون، لكنك أنت، محمد شكري، نعناع شايها، وفستقها. تأسرك هذه المدينة التي تعج بالشخصيات، والوجوه، ستكون كاتباً يهتف كلما مرّ أحد إلى جواره "هذه شخصيتي، أو "هذا بطلي".
لا أصدق! كم من الوقت كان ينبغي أن يمر لأعلم أنني أشرب الشاي في حديقة الفندق الذي منحت إطلالته كلّ ذلك الضوء المتوحش لأشهر خمس لوحات أنجزها الرسام الفرنسي هنري ماتيس، أحد أشهر التشكيليين في العالم، الذي فجّر في لوحاته ضوء طنجة الزاخر. أعلمُ أن ماتيس هو مؤسس النزعة الفنية التي اشتهرت في بداية القرن السالف، بإسم "الوحشية"، لكن بصراحة فاتني ذلك التفصيل الغني في حياته. حقيقة أنه كان من أوائل المغرمين بهذه المدينة. جاء ماتيس إلى طنجة لتجتاحه ألوانها، التي تنفذ عبر كلِّ المسام. كرنفال من الجمال، روّض "وحشية" تشكيل ماتيس، أشبعته طنجة بنورها، حررت ريشته من عنفها وتناقضها، وعثر على نفسه في مدارات سحرها، تلقف بريق ألوانها: في أزرقها، وأصفرها، وأحمرها، لعله كان هو من حرّك جمالها النائم وأطلق شهرتها في الأوساط الأدبية وهو يقتحم ضباب أوروبا بأضواء لوحته الشهيرة "نافذة في طنجة" في عام 1912. إذاً في فندق فيلا دو فرانس، تحديداً في الغرفة الرقم 35 رسم ماتيس أجمل أعماله ؟ يخبرني بذلك موظف الاستقبال وهو يضع أمامي دفتر الزوار لأكتب شيئاً. إحترت هل أكتب عن الفندق، أم عن الغرفة 35، أم عن تلك النافذة التي تطل على فضاءات المدينة المضاءة بكل الألوان، أم أكتب عن طنجة نفسها؟ كتبت، عدّة سطور، بقلم الافتتان والدهشة والحنين لعوالم "ألف ليلة وليلة" التي تنبثق فجأة وأنت تقطع قيساريات المدينة.أرافق الموظف الذي يحمل مفتاح غرفة ماتيس، ويسبقني بالدخول إلى الغرفة ويلتقط هاتفي النقال ويبدأ بالتقاط الصور لي مع أثاث الغرفة!، هل سيعتاد غير ذلك فيما يرافق الزوار المسلوبين بفكرة أن أقدامهم تطأ عتبة غرفة هنري ماتيس؟
رائع أن تتلمّس التاريخ! هنا كرسي وخزانة وسرير ومرآة... كلّها أشياء شهدت حضور ماتيس الفائق. تنظر عبر النافذة ذاتها وتلتقط المشهد الذي خلده ماتيس في "نافذة في طنجة" الموجودة الآن، في متحف بوشكين للفنون الجميلة في العاصمة الروسية.
أغادر الغرفة، أقطع حديقة الفندق نزولاُ صوب حارات المدينة القديمة وأسواقها ، أتوقف عند بائع الحلزون، وذلك الخباز الذي يخبز رقائقَ بيضاء شهية ويشرح لي عن أكلة "الباسطيلا". أصور فيديو، وألمح صورة كاريكاتورية معلقة على الحائط، أنت هنا محمد شكري مرّة أخرى؟ لا مفرّ منك! تتردد عباراتك الافتتاحية في كتابك "بول بولز وعزلة طنجة" وفيه تقول: "طنجة الأسطورة نعم، هذا الذي لا يُنكر، لكن لمن؟ طنجة - الفردوس المفقود نعم، لأنّ هناك الشاهدين على نعيمها، لكن لمن؟ طنجة - السحر الذي لايقهر، هذا أيضاً، نعم، لكن لمن؟".
أقصد فندق المنزه القريب، أعبر المدخل المزدان بلقطات فوتوغرافية نادرة لزواره أمثال: تشرشل، ريتا هيوارث، أوناسيس، ايف سان لوران، مالكوفيتش. أطلب الشاي الأخضر بالنعنع أو "الأتّاي" باللهجة المغربية، مع حلوى قرن الغزال، وتستوقف بصري لافتة تشير إلى تاريخ فندق المنزه "1930". كيفما تنقلت، عراقة وتاريخ وسحر، أفكر أني حالما أعود إلى غرفتي سأدوّن شيئاً، سأكتب عن طنجة.
وداعاً طنجة، واصل يا شكري حضورك، فأنت حقّاً تزوجت طنجة زواجاً كاثوليكياً، لن يتكبد أحد استعادتك من النسيان. حاضرٌ أنت كما كلّ جمالها وألوانها، وبحرها ومحيطها".


بقلم حسن بيريش

بقلم جميلة محمد

اه يا  وطنا تسكنني
 مهما تقسو و تقهرني
.يكبر  عشقك بقلبي ويأسرني



 .اه ياوطني ..
 باتت احلامي  فيك
غضة تحتضر
وعمري الزهر فيك  يندثر

يحترق غصن الزيتون
 وحيدا  وينكسر
والوجع نار في الفؤاد
 تستعر 
والدمع سواق  رقراقة
 تنهمر
والاصوات ترتفع
 بلا جدوى
بحت الحناجر...
يا...البحراوي
هبة  تستغيث  ..
تختنق ....تحترق
لا مغيث.....ياعلال 
ببرود تسمر وا يتفرجون 
والنقل مباشر ...


جميلة

الجمعة، 2 أغسطس 2019

بقلم الدكتور عبد العزيز اليخلوفي

"السلطة  تحديات التغيير…"

قبل أربعة عقود من الزمن، تعرفنا على الكاتب والصحفي الأستاذ محمد أديب السلاوي ناقدا فنيا في الصحافة الوطنية المغربية، وفي السبعينات والثمانينات تعرفنا على إصداراته الأولى في المسرح والفنون التشكيلية والشعر والقصة والرواية، وهي الإصدارات التي ساهمت إلى حد كبير في التعريف بالرصيد المغربي من هذه الفنون، وفي إغناء النقاش الثقافي حولها داخل المغرب وخارجه.
وقبل بضع سنوات، ولج ناقدنا الموفق، مجالا معرفيا مغايرا، أكثر قربا من الصحافة والسياسة والمجتمع المدني، فأصدر سلسلة من الموضوعات، تعالج بالكثير من الرصانة والمعرفة قضايا بعيدة عن “الثقافة الفنية”، ولكنها في منتهى الأهمية والحساسية بالنسبة لمشهدنا السياسي/ الاجتماعي، مثل المخدرات والرشوة وأطفال الفقر والفساد والانتخابات، حيث أبان عن جانب آخر عن مواهبه ومعارفه وثقافته.
ويجب الاعتراف بأن الأستاذ محمد أديب السلاوي، الذي أتشرف وأعتز بتقديم كتابه الجديد عن “السلطة وتحديات التغيير”، إلى قراء اللغة العربية، أنه استطاع من خلال كتبه السياسية/ الاجتماعية، فك العزلة عن قضايا، اتخذت لزمن طويل صفة “الطابور المحرم” في التناول الإعلامي، كما في التناول الأكاديمي، حيث وافق في تعريتها وتقريبها إلى الملتقى، من خلال تفكيكها وإعادة تركيبها، وفق منهجيته البسيطة والسهلة. وأكيد، لم يأت خوض الأستاذ المشهد الإعلامي المغربي، تحمل خلال الأربعين سنة الماضية مسؤوليات مهنية عديدة في الصحافة المغربية والدولية، وفي الإعلام المؤسساتي، وأصدر العديد من المطبوعات الإعلامية، تراكمت تجربته في التعامل مع الملفات الشائكة المطروحة على مغرب يسعى إلى الانتقال والتجديد والدمقرطة، وتعمقت نظرته في المسألة الاجتماعية/ السياسية، وإلى ما يعتريها من إشكالات بالكثير من الحنكة والاحترافية.
من حيث التصنيف، ينتمي هذا الكتاب إلى فصيلة كتبه السياسية، الاجتماعية، يتخذ نفس المنهج البسيط والسهل، الذي طرح به القضايا السابقة: هل دقت ساعة الإصلاح؟ الانتخابات في المغرب إلى أين؟ المخدرات، الرشوة، أطفال الفقر، ويتبني نفس الخطاب المعقلن في التحليل والمعالجة.
يقوم الصحفي/ الباحث، في هذا الكتاب بتشريح السلطة التي ارتبطت لزمن طويل بالهاجس الأمني وتحولت إلى سيف على رقاب شعب يؤمن بالحرية، ويناضل من أجل الديمقراطية ويسعى إلى التنمية.
في نظرنا يتجاوز هذا الكتاب، تصنيفه البيوغرافي، في ذلك لأنه يطرح مسألة السلطة في بلادنا بثقلها وحساسيتها، من خلال فضائها الواسعة والشاسع، بمنهج واقعي، يعتمد كثافة المعلومات ودقة الاستقراء والتحليل واستقطاب الإفادات والمراجع والشهادات وطواعية اللغة وجماليتها.
الكتاب لا يكتفي، باللقاء الضوء على مفاهيم السلطة في الدين واللغة، ولا بالغوص والتمعن في الآليات المخزنية. ولكنه يذهب أبعد من ذلك، إلى تشريح أحد نماذجها البارزة بجرأة وموضوعية، وهو ما يعكس إلى حد بعيد إلمام الكاتب ومعرفته الوافرة بإشكالية السلطة، وبالتحديات التي تواجه تحديتها ودمقرطتها، في مغرب يتطلع إلى الاستقرار، إلى ترسيخ دولة القانون.
وعلى أن الكاتب حاول الحفاظ على حياده كإعلامي باحث، ولكن لم يمنعه ذلك من الوصول إلى خلاصات تعكس ميولاته السياسية، وانحيازه المطلق لأطروحات المجتمع المدني حول السلطة وإشكالياتها، يعتبر مؤلف هذا الكتاب، أن ثقة المواطن في السلطة، ليست أمرا مستحيلا، إلا أن المواطن لا يمكنه أن يقدم صكوك هذه الثقة مجانا، وإنما بناء على ميثاق ضمني يضمن حقوقه، ويعتبر أن مفهوما جديدا للسلطة، لا يمكن اختزاله في تغيير الأشخاص. ولكن في تغيير الثقافة المخزنية، التي طبعت مؤسسات السلطة وآلياتها بطابعها المتجمد، لفترة طويلة من الزمن المغربي…
إن هذا الخطاب يجعلنا نميل إلى تصنيف هذا الكتاب ضمن إطاره السياسي/ الإصلاحي، الذي يستمد قوته وموضوعية من لحظته التاريخية الراهنة، ومن حمولاتها السياسية الوازنة.
إنه بكل تأكيد، كتاب يستحق القراءة، ليس من أجل خطابه الواقعي فحسب، ولكن أيضا من أجل جرأته في طرح التحديات التي تواجه “سلطة” بلد يتأهل للانتقال والتغيير بالكثير من التبصر والثقة.
احتلت “السلطة” كقضية ومفهوم وإشكالية، حيزا واسعا في الأدبيات الحزبية المغربية وفي اهتمام الباحثين والدارسين والإعلاميين، كما في الدراسات الأكاديمية، السياسية والقانونية، خلال العقود الأربعة الماضية.
ويعود هذا الاهتمام بالدرجة الأولى إلى التحول الذي عرفته “السلطة” خلال هذه العقود حيث تحولت على يد بعض “رجالاتها” إلى ديكتاتورية عنيفة، أشاعت ثقافة العنف والفساد والرشوة، وحمت الاستغلال والزبونية والمحسوبية والاغتناء اللامشروع، وخدمت أهداف ومصالح طبقة طفيلية، تنامت جذورها الموروثة بعصور الانحطاط، لتصنيع الخرائط السياسية وتشكل البرلمانات والحكومات بالشكل الذي يحمي مصالحها.
إن السلطة في المغرب، وحتى في الوقت الذي تصادمت فيه مع الضغوطات الدولية من أجل تحقيق حد أدنى من الديمقراطية وحقوق الإنسان والاستقرار الاجتماعي في البلاد، واجهت الأمر بحدة وعنف وتحد، من أجل بقائها على “السيادة” ، وصنعت حكومات وبرلمانات على “ذوقها”. وهو ما أدى إلى أزمة ثقة خائفة في البلاد، بعد أرعة عقود من التجاذب والصراع.
ولاشك أن إقالة السيد ادريس البصري الذي استمر وزيرا للسلطة ربع قرن من الزمن المغربي وإعلان ملك العهد الجديد محمد السادس، عن ضرورة إعطاء مفهوم جديد للسلطة (12 أكتوبر 1999) وفق ما تقتضيه دولة الحق والقانون، قد بدد توترات طويلة مثقلة بالتجاذبات، وأعطى إشارة قوية للأمل، ليحتل موقعه في نفوس المغاربة الذين داهمهم اليأس والقلق، والذين ذهب اليأس بحياتهم.
إن إشارات الملك الشاب في خطاب الدار البيضاء (12 أكتوبر 1999) أعطت الضوء الأخضر لإعادة هيكلة العلاقة بين الدولة والمجتمع، من خلال الجسور والقوانين التشريعية، وأعادت الثقة بينهما من خلال تشاركهما في بناء مغرب جديد/ حديث في تطلعاته وإنجازاته. فكان القرار الملكي بإبعاد ادرس البصري عن وزارة الداخلية (في ليلة الألفية الثالثة)، لا يهدف فقط إلى إعطاء مفهوم جديد للسلطة، ولكن بالدرجة الأولى، كان يهدف إلى مصالحة المواطن المغربي مع هذه السلطة، وهو ما يعني تجاوز النظرة الأمنية والإدارية الجافة، التي اعتمدت عليها دولة المخزن لفترة طويلة. وهو ما يتطلب إضافة إلى الإرادة القوية للملك الشاب، فتح أوراش حقيقية لمواجهة تحديات الانتقال من العقلية المخزنية التي استباحت في الماضي كرامة المواطن وحقوقه، إلى “العقلية الديمقراطية” التي تحمي للمواطن كرامته، في دولة المؤسسات/ دولة الحق والقانون.
إن الأمر هنا، لا يتعلق فقط بتجديد آلية السلطة، ولكنه أساسا يتعلق بالتحديث الضروري “لدولة المخزن” وانتقالها الفعلي، إلى دولة عصرية في هياكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تضبط سلطاتها وفق مفاهيم الديمقراطية الحديثة، ذلك أن انخراط المغرب الجديد في الديمقراطية كاختيار مجتمعي، يجعل السلطة حجر الزاوية في أي مشروع إصلاحي، تنموي يساير التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشترطها هذه الديمقراطية في حدودها الداخلية والخارجية.
هكذا نجد في مناقشتها للدعوة الملكية/ تجديد مفهوم السلطة، تربط مختلف الفعاليات السياسية والإعلامية والحقوقية هذه المسألة بتوسيع آفاق الديمقراطية وتنظيف ساحة الإدارة العمومية من نفوذ الفساد، معتبرة أن الطريق الصحيح والواقعي لإعطاء السلطة مفهوما حداثيا وجديدا، هو بناء إدارة وطنية خالية من الفساد، والمفسدين، قائمة على أسس الديمقراطية ودولة الحق والقانون.
في هذا الاتجاه أكد خطاب السياسي المغربي في مختلف توجهاته، على ضرورة أن تجسد السلطة طبيعة النظام السياسي في لبلاد، وهو ما يعني ضرورة تحول هذه السلطة، إلى قراءة يومية مستديمة لسلوكيات أطرها/ رجالها وإدخال تعديلات جوهرية في قوانينها وفي سلوكياتها الأخلاقية والسياسية وفي طبيعة ثقافتها في نفس الآن.
يتخذ هذا الكتاب من دعوة الملك الشاب جلالة محمد السادس حول “تجديد مفهوم السلطة” منطلقا لتفكيك هذا المفهوم وإعادة تركيبه، وفق أطروحات الباحثين وأطروحات المجتمع المدني، التي مازالت حتى الآن مفتوحة على أوراش، تبحث عن “السلطة البديلة” الجديرة بالمفهوم الحداثي الجديد، وبتطلعات العهد المغربي الجديد، وقد اعتمدت هذه المحاولة على منهج بسيط، أفرز “كتل الخطابات الرسمية وغير الرسمية” حول إعادة بناء السلطة في المغرب الجديد، وأعاد توزيعها على أربعة محاور، هي في الحقيقة مداخل أساسية لمفاهيم السلطة المتعددة، تحاول إعطاء صورة تقريبية لإشكاليتها في مغرب اليوم، وتلقي الضوء على التحديات التي تواجهها في بعض جوانبها السياسية والإدارية كما سيلاحظ القارئ فإن مسألة تحديث السلطة، مسألة ممتدة عبر كل الأجهزة والمؤسسات، وهو ما يجعل تحديثها وتحديد مفاهيمها، مسألة في منتهى لتعقيد… والخطورة، وعلى أن الأمر يتجاوز قليلا العمل الصحفي/ الإعلامي، فإن هذا الملف/ الإضاءة، يحاول جهد الإمكان، توظيف الأفكار السياسية الاجتماعية والثقافية والإعلامية التي تترجم إلى حد ما، اهتمامات وتوجهات الري العام الوطني نحو هذه المسألة، ويعكس في ذات الوقت، تطلعات نخبته المهنية بالتغيير والتحديث.
وتجب الإشارة هنا إلى أن هذا الملف، ينتمي من حيث منهجه وأسلوبه، إلى صنف الملفات السابقة التي نشرتها مؤخرا عن المخدرات والرشوة والإصلاحات السياسية والفقر والانتخابات، فهو حلقة من سلسلة ملفات إعلامية اختارت منذ البداية، المساهمة في مسلسل التغيير الذي تنشده القوى الحية والمؤمنة في البلاد.
وعلى أنه لا يزيد عن كونه محاولة، فإن يطرح نفسه “كورقة إعلامية” في النقاش الدائر حول “السلطة البديلة” وما يصاحبها من شروط وتحديات، معتبرا أن خروج السلطة من واقعها المتردي، مازال يحتاج من النخبة المغربية مشاركة أكثر فعالية، بالإضافة إلى العمل والتضامن والجرأة… وليس هذا بعزيز عليها.

بقلم عبد العزيز اليخلوفي 

بقلم الآديب والناقد د.رمضان الحضري

وما علمناه الشعر
( جـ 2 )
( تابع التقدمة )
الكلمة بين عالمي النحو والإبداع
************
تشتمل معاجم اللغة العربية على حوالي أربعة ونصف مليون جذر
 للمفردات العربية ، وتصل عدد الكلمات حسب هذه الجذور اثنتا
عشرة مليون كلمة ، ولا يتجاوز عدد المفردات المستخدمة حسب
إحصائيات دارسي اللغة العربية أكثر من نصف مليون مفردة في
 أنحاء الوطن العربي من المحيط للخليج ، فلم يعد من شاعر أو أديب
 يمكنه أن يقول ( أن محبوبته شجعم أي طويلة وقوية ، ولا أن حبها
 قد جاء زهلقا أي سريعا خفيفا ، ولا يمكنه أن يهجو سيدة فيقول إنها
خرمل أي رعناء حمقاء ) .
 والفرق بين المفردة والكلمة هو الفرق بين المادة الخام التي تمثلها
المفردة وبين المادة التي تم تصنيعها وهي الكلمة ، فالكلمة مفردة
تم استخدامها في جملة ، فالمفردات كائن اجتماعي له بيئته التي
لا يمكنه أن يعيش في غيرها ، وقد تأخذ الكلمة مقومات أخرى لتعيش
حياة جديدة ، فكلمة سيارة في عصر النبوة كانت تعني المشاة ، ولكنها
الآن تعني المركبة التي تتحرك بموتور ميكانيكي وكهربائي لتنقل راكبها
من مكان لمكان .
والمفردات في اللغة الإنجليزية لا تتجاوز مليوني مفردة ، وأقرب الدراسات
اللغوية ترى أن المستخدم منها لا يصل إلى مائتي ألف مفردة ، وكذا الفرنسية
تصل عدد مفرداتها إلى مليون ونصف تقريبا ، بينما المستخدم منها لا يتجاوز
مائة وخمسين ألف كلمة .
ولا يمكننا أن نضلل أنفسنا ، فاللغة الإنجليزية والفرنسية أكثر رواجا من
اللغة العربية ، وهذا يعني أن مستخدمي اللغتين أكثر ذكاء من مستخدمي اللغة
العربية ، وهذا يعني أن الإنسان لا يُقاس بما يملك ، بل كيف يدير ملكه ،
فكثير من الدول العربية أكثر مالا من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا
والصين ، لكن قدرة الدول الغربية والآسيوية على السيطرة أكبر ، بقدرتهم
على إدارة مواردهم وممالكهم ، فنحن نملك أكبر لغة في المفردات ، ولكننا
لا نعرف كيف ندير هذه اللغة كما كان القدماء يديرونها . 
وقد دخلت آلاف المفردات الغربية على لغتنا ، وكانت اللغة العربية هي التي
تدخل مفرداتها للغات الأخرى ، فتعلم الغرب كلمة ( الجبر ، وكانت
تعني الوصل بين مكسورين من لغتنا العربية ، كما تعلموا اللوغارتمات
والأسطرلاب ( الهندسة ) والدورة الدموية والصداع والزكام والسعال
والجمل والقهوة ، وغيرها من المفردات ) ، التي وصل عددها في
 الدراسات الإنجليزية إلى ألف مفردة عربية سيطرت على اللغات
الغربية وبخاصة اللغتين الإنجليزية والفرنسية .
أنا لا أبكي على زمن مضى ، ولكنني أبكي على قدرتنا على الحلول
، ولا نتمكن منها ، حيث إن لابسي ثياب النحو يرتزقون من تلك الثياب
والدول الناطقة بالعربية سلمت نفسها تسليما تاما للابسي ثياب النحو
ومشخصي التدين ، ومفسدي حركة المجتمع الثقافية والسياسية
والاقتصادية .
إن الذين ارتدوا عباءة الجماعات الدينية أهلكوا العقول ،
ودمروا البلاد وقتلوا العباد تحت فهم خاص بهم أسدي إليهم في الغالب ،
 هذا الفهم كان نحويا بالدرجة الأولى ، ولذلك فمعظم الذين يؤججون للإرهاب
تخرجوا من جامعات تعتني باللغة بصفتها صورة نحوية أو كليات تدرس
اللغة  العربية بصفتها لغة قديمة لا يمكنها أن تنمو أو تتطور ، فحسن
البنا تخرج في كلية دار العلوم عام 1927م ،   وكذا سيد قطب الذي تخرج
في كلية دار العلوم عام 1933 م ، وهل كان يوسف القرضاوي سوى دارس
 للغة العربية بجمالياتها القديمة ، فتخرج في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر
عام 1954م ، وكذا عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لكل الجماعات تخرج
في كلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1965م تقريبا ، ولو عرفوا
قدرات لغتهم ، وعظمة رسالة النبي الأكرم والرسول الأعظم لصمتوا ،
 أو تنحوا جانبا ، وكذا فعل المفسدون في شتى مناحي الحياة ، فلا وزير
 يعرف ما للوزارة ، ولا أمير يعرف مال الإمارة ، فغدت المناصب مكسبا ،
 سكنا وجنسا ومالا ، ولم يعد للعقل دور سوى تحليل الفاحشة
وتحريم الاستقامة ، ولذا فلن نجد متحدثا عن الحاكمية أو الخلافة سوى
كليات تدرس اللغة العربية على أساس أنها منتج نحوي أو في دولة
 استعمارية كتركيا التي أفادت من المصطلحين وروجا لهما بين
دارسي اللغة العربية لتظل الدول العربية ساقطة تحت نير الاحتلال .
هذه عناوين ، ومن شاء التفصيل فليتدبر حوله في شتى ربوع
وطننا العربي الكبير .
لم ينتبه بعض لابسي ثوب النحو حتى اللحظة أن أعظم نحوي بدأ به النحو
كان الخليل بن أحمد الذي نقل سيبويه آراءه ، حتى الخليل ذلك السيد الجلل قال للنحاة : " الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاءوا. ويجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم من إطلاق المعنى وتقييده ، ومن تصريف اللفظ وتعقيده ، ومد المقصور وقصر الممدود ، والجمع بين لغاته والتفريق بين صفاته ، واستخراج ما كلت الألسن عن وصفه ونعته والأذهان عن فهمه وإيضاحه ، فيقربون البعيد ويبعدون القريب ، ويحتج بهم ولا يحتج عليهم ، ويصورون الباطل في صورة الحق ، والحق في صورة الباطل "  .
لم يفهم بعض دارسي اللغة العربية حتى اللحظة أن النحو مطية وليس
غاية ، وأنه وسيلة وليس هدفا ، وعامل مساعد وليس أصلا ، وأن النحو
جاء بعد اللغة لا قبلها ، وان العرب كانوا ينطقون لغتهم كما شاءوا بلا نحو
ولا غيره ، ولذا فهم يتأولون النحو بشكل فلسفي ، فالفلسفة فيه أكثر من النحو
وقد سبق وقدمت مثالا بقراءة ( الحمد لله رب العالمين ) على وجوه ثلاث ،
فالحمدُ على الابتداء ، والحمدَ على تقدير فعل ، والحمدِ لملائمة الحرف
 المكسور بعد الدال ، وهذه كلها تأويلات تخضع للفلسفة أكثر من خضوعها للنحو
ولو كانت هناك قاعدة صلبة لا يمكننا أن نختلف عليها ونزلت بها اللغة لكان
الأمر مختلفا ، وعند تقسيم سيبويه للأفعال قسمها على نظام التثليث ( ماض
ومضارع وأمر ) ، والسؤال هل فعلا لا تشتمل لغتنا سوى على هذه الأنظمة
الزمنية ، وأحيل سادتي القراء إلى العلامة تمام حسان والذي درس النحو
العربي في جامعة لندن ، فاستطاع أن يزاوج بين التقدم العصري وبين
الموروث المستخدم ، وليس الموروث المكبل لحركة حياتنا ، ولنقرأ كتابه
( اللغة العربية مبناها ومعناها ) ، والعلامة سليمان فياض في كتابيه ( الدليل
اللغوي ) و ( أنظمة تصريف الأفعال العربية ) ،ومن يقرأ كتب هذين العلمين
 سوف يتأكد له أن منهج سيبويه في النحو لم  يعد قادرا على الوفاء بحاجة
لغتنا ، فخطط خالد بن الوليد التي انتصر بها في معاركه وغزواته لم تعد
 صالحة لجيوشنا العربية لكي تنتصر بخطط خالد وصلاح الدين ، وقد قال
نجيب محفوظ رحمه الله تعالى رحمة واسعة ( لو استمر حال العرب
 على هذا الشكل فسوف تقوم الدول الغربية بعمل سور من الأسلاك
حول هذا الوطن ويدعون الناس لكي يتسلوا بهم ) ، هذا القول نقلا
عن صديقي الروائي والفنان التشكيلي والموسيقي الكبير حسين نوح .
إن المشاكل المستعصية التي فرضها التراث العربي على أبنائه في العصر
الحالي لابد أن تثير أسئلة مهمة ، ومهما كانت الإجابات فعلينا أن نتقبلها ،
غالبا سوف تكون نتائج البحث في التراث صادمة ، حيث ثقافة العرب
عريضة ، وتراثهم الديني واسع ، وفكرهم السابق كان متطورا في عصرهم
، لكننا لو تصورنا الآن أن عنترة بن شداد سوف يكون قائدا في جيش عربي ،
فلن ينتصر إلا باستخدام الأسلحة الحديثة لا بالسيوف ولا بالأدهم .
وكذا خالد وأبو عبيدة وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة وغيرهم .
حينما انفتح العرب على العالم الخارجي منذ بداية العصر العباسي الأول ،
كانت عين العربي على تراثه وعينه الأخرى على ثقافة الغير ، فأنتج علوما ،
ولم تعد هذه النظرة صالحة لنا في وقتنا الحاضر ، بل يجب الآن أن تكون عين
على ثقافة الغير وعين على المستقبل ، فروسيا تتفق مع أمريكا على جلسات
حول الكف عن تطوير الأسلحة ، وتحدد الموعد للقاء بين رئيسي الدولتين
، ورغم تحديد اللقاء تطلق روسيا صواريخ سارمات الثقيلة العابرة للقارات ،
فهناك يد تحدد المواعيد ، ويد تقوم بتطوير العلوم ومنظوماتها ، لن ينتظر
 الزمان احد ليتطور ، إذا لم تكن لدينا الحاجة والحجة والبرهان لنتطور ،
فسوف نكون داخل الأسوار السلكية ، كما نعيش الآن داخل الأسوار
اللاسلكية .

بقلم د.رمضان الحضري

بقلم درمضان الحضري

وما علمناه الشعر
الكلمة بين عالمي النحو والإبداع
******

( هُـبّي يا رياحَ الجنةِ ) كانت هذه كلمة السر لمولانا العظيم فارس العربية
بلا منازع الذي كان لا ينام ولا يترك أحدا ينام إنه خالد بن الوليد رضي الله
عنه وأخو الوليد بن الوليد بن المغيرة رضي الله عنه ،الذي قالت فيه بنت عمه
 أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها وجعلنا من أبنائها يوم القيامة عند وفاته :
 يا عيـن فابك للوليد بن الوليد بن المغيرةْ.
قد كان غيثـاً في السنين ورحمةً فينا منيرةْ
ضخم الدسيعة ماجداً يسمو إلى طلب الوتيرةْ.
مثل الوليد بن الوليد أبي الوليد كفى العشيرة
 فكان خالد بن الوليد أكبر قادة الجيش العربي الإسلامي عبر تاريخه الطويل ،يبدأ معركته بهذا النداء والطلب ( هُـبي يا رياحَ الجنة ) ، فكانت الكلمة تجري في دم جنوده فتسلمهم النصر قبل بدء المعركة .

أشرت في قالة سابقة إلى أن النحاة نفعوا اللغة في مواقع وأضروها في أخرى، فالنحو كعلم لم يضف للعربية شيئا غير التقعيد ، واعتمد في تقعيده على الفلسفة والمنطق ، وفي ذات الوقت وضع سدودا وحدودا وأسوارا عالية أمام الابتكار وأمام حركة سليقة اللغة العربية ، وهو كعلم في حد ذاته لا بأس به ، لكن المشكلة في أولئك الذين يظنون أنه العلم وغيره فلا .
رغم أن سيد نحاة العربية الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي العماني البصري رحمه الله تعالى رحمة واسعة حينما سأله طلابه عن فقه الإمام أبي حنيفة النعمان قال لهم : ( أرى جدا وطريق جدا ، أما نحن " يقصد النحاة " في هزل وطريق هزل ) ، ولم ينتبه النحاة لقول لسيدهم ، وقد روي عن ثعلب النحوي أنه قال متهكما على نفسه وتلاميذه : ( انشغل أهل القرآن بالقرآن تفسيرا وفقها ففازوا ، وانشغل أهل الحديث بالحديث فهما وتأصيلا ففازوا ، وانشغلت أنا بزيد وعمر ! )
رحم الله العظيم الدكتور يوسف عز الدين واحد من أهم طلاب عميد الأدب العربي وعميد الثقافة العربية وعميد الفكر العربي / طاها حسين ، قال يوسف عز الدين : ( سمعت الدكتور طه حسين يقول بحرقة على الملأ : ويلٌ للعربية من لابسي ثوب النحو وهواة اللغة ، الذين يظنون الفصحى حكرا عليهم ، فيوقفون نموها ، ويقطعون شرايينها ، ويمنعون عنها الماء والهواء ، ويظنون أنهم

 يحسنون صنعا ) ، وما وثقت في علم بعد كتاب الله وسنة رسوله الأعظم قدر ثقتي في فكر وثقافة وفقه البصير طاها حسين ، فها هم يفعلون ما قال حرفيا ، يظنون أن اللغة قد ورثوها من أب وأم ميراثا شرعيا ، ولا يحق لغيرهم أن يتحدث بها سوى بأمرهم ، وهم بها أدنى معرفة من الرضيع في أيامه الأولى بالنطق .
ويقول الدكتور حسين مجيب المصري: ( لا تأخذوا اللغة من نحويٍّ، بل خذوها من أفواه أهل الأدب، وزمرة الفنانين، والكاتبين الموهوبين . اللغة وضعها أحمد شوقي الفيلسوف، والعقاد العصامي بلا شهادات ، والرافعي حاجب المحكمة ، والزيات الصحافي ، والمازني الفنان ، والمويلحي العاشق ، والمنفلوطي البليغ ، وطه حسين الموسيقي ! فهؤلاء هم أهلها ، وأحرص الناس عليها ، وهم الذين سهروا من أجلها ، فرفعوا قدرها بإبداعهم الجميل ، ومؤلفاتهم الباهرة ، وليس النحاة، أهل الظاهر ، والقشور ، والمماحكات ، والتعقيدات ) . وغالبا لن يعرف النحاة من هو حسين مجيب المصري الذي كان يكتب بمعظم لغات العالم الحديث ، فكان يكتب بالعربية والفارسية والتركية والأردية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية واللاتينية يكتب بها أشعارا ومؤلفات وترجمة للعربية وغيرها من هذه اللغات ، ( 1916م _ 2004 م ) وعمل رئيسا لقسم اللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة عين شمس ، ولم يسعدني القدر بالجلوس بين يديه إلا مرة واحدة ، رحمه الله رحمة واسعة فقد كان طلابه في مكتبه من كل بلاد العالم تقريبا وأوربا وآسيا على وجه الخصوص
 .
وظن اللغوي محمود شاكر رحمه الله أن العقاد سوف يفرح حينما يقدح محمود شاكر في شعر أمير الشعراء أحمد شوقي ، ( ظن محمود شاكر أن شوقي قد حصل على إمارة الشعر من دولة الإمارات العربية المتحدة خلال مسابقتها شاعر المليون ) " من باب طرفتي "  ، فطعن محمود شاكر في شاعرية شوقي ، وفوجيء بأن العقاد انبرى للرد عليه  مُبيِّناً براعة شوقي الذي اختار كلمة (ضئيلا) قافية لبيت  قال فيه:
قطعوا بأيديهم خيوط سيادة
كانت كخيط العنكبوت ضئيلا
فقال العقاد دفاعاً عن شوقي: «إن (ضئيلا) في هذا البيت الذي وصف فيه شوقي سيادة بني عثمان ، لتحمل للإعراب العربي تلك الطمأنينة التي تستقر بها في موضعها ، فلا تضطرها الخيوط إلى الجمع ، ولا تضطرها السيادة إلى التأنيث ، وليس عليه أن يقول: (كانت ضئيلة) ، ولا أن يقول: ( قطعوا خيوطاً ضِآلا ) لأن لسان الحال هنا أصدق من لسان المقال! فقد صدق شوقي الشاعر في حسه اللغوي وتبحره على هذا النحو فقد أصاب شوقي وأخطأ النحوي .
وقد روى العلامة شوقي ضيف وهو صاحب رؤية في كتابه تجديد النحو ، أنه قال لمحمود شاكر : ( قرأت ديوانك الشعري ، فهل تعده شعرا وأنت تنتقد
شعر شوقي ؟ ) فقال شاكر : ( أسكت يا ضيف هي من فلتات اللسان والشباب فلا تقف عند كلامي هذا طويلا ) .
إن الذين يأمرون الناس أن يتحدثوا بنحوهم ، نقول لهم إن اللغة والحديث بها والتلفظ والنطق قد سبق النحو ، وكان النحاة السابقون وعلى رأسهم سيبويه إذا تحدثوا للناس لحنوا ، وكان بعض عامة العرب يصححون لهم ، وعلينا أن نعيد قراءة كتاب ( مراتب النحويين ) .
تخرج للناس بعض الفئات متمايزة أنهم حصلوا على كلية كذا التي تعلم اللغة العربية أفضل من بقية الكليات ، وهم يقصدون علم النحو ، فحصروا لغتنا كلها في النحو ، رغم أن النحاة أنفسهم وعلى رأسهم أبو الفتح البستي كان يقامر بالنحو من أجل محبوبته فأحب حبيبته أكثر من قواعد النحو حتى قال فيها :
   أَفدي الغَزالَ الّذي في النَّحوِ كلَّمَني
 مُناظِراً فاجتَنَيْتُ الشّهدَ مِن شَفَتِهْ
فأوردَ الحُججَ المقَبولَ شاهِدُها
 مُحَقِّقا لِيريني فضلَ معرِفَتِهْ
ثمَّ اتفَقْنا على رأيٍ رَضيِتُ بهِ
فالرَّفعُ مِن صِفَتي والنَّصبُ مِن صِفَتِهْ
وما أرق ابن الوردي حين يقول عن محبوبته نحوا شعرا أو شعرا نحويا
فيقول  :
قلت والشعر يشي في خدها
لام حسن سهلت لومي علي
بحياة الحب كوني للرضى
 (لام جر) لا تكوني (لام كي)
هذه تقدمة هادئة لقالتي التي سوف تأتي غير هادئة ، وختاما كما بدأت بقول خالد بن الوليد أختمها بقوله ( هبي يا رياح الجنة ) .

الخميس، 1 أغسطس 2019

بقلم الشاعر د.ملك محمود الاصفر


أهديها لنجلي خالد وليد الأصفر
بمناسبة عيد ميلاده

بعنوان يازهر عم يضوي
فكل عام وأنت بألف خير
وعيد سعيد وعمر مديد
..................................
كل عام وأنت بخير يا أحلى قمر
يا زهر عم يضوي على غصون الشجر
كل عام وأنت بخير وتنول المجد
وتبقى حبيب القلب من أغلى البشر

........................
كل عام وأنت بخير يعطيك العمر
وتزرع بذور الخير ولأهلك فخر
إنت قمر هالكون يانبع الضيا
متلك نجوم الليل بتسهر للفجر

.........................
كل عام وأنت بخير وتحمي هالوطن
وتبقى جسر هالبيت عا طول الزمن
وترفع بنود المجد لحدود السما
وتحمي حمى الأوطان من كل المحن

...................................................
د. ملك محمود الأصفر

بقلم اسماء المصلوحي

أسماء وأعلام في ذاكرة تطوان
(المجموعة الثانية) 




97 - محمد الحافظ الروسي
موسوعة تمشي على قدمين

ازداد الدكتور محمد الحافظ الروسي في مدينة طنجة يوم 15 ماي سنة 1964.
- حاصل على:
- الإجازة في اللغة العربية وآدابها، يونيو 1986.
- شهادة استكمال الدروس في الأدب العربي القديم، نونبر 1987.
- دبلوم الدراسات العليا في النقد الأدبي القديم، يناير1991. 
4 - دكتوراه الدولة في النقد الأدبي القديم والبلاغة، فبراير 2002.
يعمل أستاذ التعليم العالي في كلية الآداب بتطوان، ويتولى تدريس عدة مواد (تقنيات التعبير العربي، وتيارات الأدب الإسلامي الحديث، والنقد الأدبي القديم، والنصوص النقدية القديمة).
تولى هذا العلم المشع عدة مهام أكاديمية، نذكر منها:
ـ رئيس شعبة اللغة العربية بكلية بتطوان، ابتداء من يناير 2015.
ـ رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية التابع للرابطة المحمدية للعلماء.
ـ نائب رئيس تحرير مجلة "فقه اللسان" المحكمة، التي تصدرها الرابطة المحمدية للعلماء.
ـ رئيس تحرير الموقع الإلكتروني لمركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية التابع للرابطة المحمدية للعلماء.
ـ عضو لجنة الشؤون البيداغوجية في كلية الآداب بتطوان، ابتداء من يناير 2015.
ـ عضو اللجنة العلمية بنفس الكلية، ابتداء من يناير 2015.
ـ عضو مجلس المؤسسة، ابتداء من يناير 2015.
 ـ انتخب عضوا في اللجنة العلمية التابعة لشعبة الدراسات الإسلامية لمدة سنتين. 
كما أنه شارك في الدورة السابعة العادية للمجلس العلمي الأعلى التي أقيمت بتطوان يوم السبت 27 شتنبر 2008 تحت رئاسة الملك محمد السادس.
- عضو عامل بمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية، ومقره مكة المكرمة.
ـ عضو لجنة التحكيم في المسابقة الشعرية التي نظمتها سفارة دولة الكويت بالتنسيق مع كلية الآداب بتطوان، بمناسبة الاحتفال بالكويت عاصمة للثقافة العربية (2001). 
ـ عضو عامل برابطة الأدب الإسلامي العالمية، ابتداء من سنة 2002. 
لم يقتصر إشعاعه الكبير على تطوان والمغرب، بل تعداه إلى الخارج، حيث سافر ضمن البعثة العلمية المغربية إلى المملكة البلجيكية (رمضان 1428 هـ) حيث ألقى في بروكسيل ووركيم نحو إثنين وخمسين درسا ومحاضرة.
ـ عضو لجنة مراجعة مادة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، ابتداء من فاتح شتنبر 2016.
 ـ عضو لجنة المعالجة بمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية. ابتداء من 6 مارس 2016.
وتمت استضافته في برنامج "تحت المجهر" الذي تقدمه قناة الجزيرة القطرية، وذلك بتاريخ:17 ـ 6 ـ 2015.كما سجل مجموعة من الحلقات التلفزية لفائدة القناة المغربية
 السادسة.
وأشرف الروسي على الكثير من بحوث الإجازة والدراسات المعمقة والماستر والدكتوراه.
أصدر الدكتور الروسي الكثير من الكتب والمؤلفات القيمة، من ضمنها نذكر العناوين التالية:
ـ "مظاهر تعظيم شعائر الله تعالى من خلال حجة الوداع"، تطوان 2007.
ـ "ظاهرة الشعر عند حازم القرطاجني، مشروعه التنظيري،  مقوماته وقوانينه"، الرباط 2008.
ـ "دراسات أدبية وإسلامية"، الرباط 2011.
ـ "في البلاغة والتصوف"، الرباط 2016.
- "ما لي لا أرى الهدهد؟!" (ديوان شعر) تطوان  2009.
- "نفطستان" (رواية) الرباط 2019.