الاثنين، 4 مارس 2019

بقلم الدكتور رمضان الحضري

مضى عقد من الزمن على هذه المقالة
ليس فيها جديد سوى الصور الشخصية . 

لاتعشقيني في المنتصف تماما
****
هذا نص جديد في الشعرية العربية ولأول مرة أقرأ لصاحبه شعرا ، ولا أشك لحظة في أنه أزهري قرأ الثقافة الأوربية ، أما لماذا هذا التوصيف فهو أمر يعنيني أنا شخصيا في التحليل ، وربما لا يعني القاريء .
فالشاعر رقيق في تقطيع الورود ، ومراقصة الكلمات الفصيحة ، فهو يكتب كلماته بدم متفجر ، ويراقصها بعصى أبنوس .
أذهلني أن أجد شاعرا بقامة نزار قباني وفكر محمود حسن إسماعيل وبراءة إبراهيم ناجي ، كل هؤلاء يقفون أمام عيني وهي تقرأ هذا النص
حتى ظننت بأن الشاعر على مقربة من جميع هؤلاء الشاعر ، مما جعلني أعود للأعمال الكاملة لشعر نزار قباني ، وأعود لدواوين ناجي ومحمود حسن إسماعيل ، فلربما هدتني القراءة إلى حل لغز هذا الاشتباه .
وليست كل المشكلات تجد حلولا في القراءة ، يبدو أن خبراته مختلفة ، ولكن الاشتباه لازال قائما في عقلي .
وصف مرة الدكتور النفسي العظيم عبدالعظيم فراج لمريض عنده أن يضع قروشا معدنية في قصعة حديدية ويظل يعبث بها حتى ينام ، فلما سألته ، هل هذا العلاج من واقع الكتب العلمية ؟ فأدهشني حينما قال : وهل العلم سوى مفتاح يفتح لك الباب حتى تدخل لتبحث عما يناسبك وتترك ملا يناسب ، إن فهمنا للعلم فهم مغلوط ، فالعلم وسيلة مهمة جدا ، لكن الأهم منه هو كيفية الاستنباط منه .
هذا النص على تفعيلة المتدارك ، وتأتي فعولن وفعول ، وليس التلوين الموسيقي عجزا من الكاتب ، بل إنه يلون عامدا متعمدا مع سبق الإصرار
بل يسكن بعض الكلمات عامدا متعمدا لتأتي فعولن على فعول فقط ، ولذا فموسيقاه نقية في روحه وإن ظن بعض اللغويين ضعفا في لغته ، وهو متحدث لبق للغاية دون معرفة سابقة له ، وعنيد لين ، ولينه لاينكسر .
ويبدو لي أن هذا الشاعر ظاهرة شعرية مختلفة تقف في المنتصف تماما بين ماقيل من شعر وما سيقال ، وهذا تفسيري للعنوان ، فالقصيدة التي استظل بها الآن بها مشاعر عربية وغربية ، أو فلنقل بها مشاعر إنسانية ، هذه المشاعر لاتتضح في الموسيقى ولا التصوير بقدر ما تتضح في نزيف الكلمات المتوالي ، فهو يقف بين الحب وبين الذكريات القديمة ، وتبدو لي نقطة الوقوف في المنتصف تماما ، وبين الإقدام والتراجع في المنتصف تماما ، وبين اللذة والألم في المنتصف تماما ، ونقطة المنتصف تعني الوعي الكامل ، والمشاهدة التامة لما يدور بداخله من إدراكات سابقة ، ووجدان بني على هذه المدركات ، ونزوع إلى نقطة المنتصف ، وهي منطقة الصراع ، ويتضح ذلك من بداية العنوان ( لا تعشقيني ) ، وهو عنوان مثير للدهشة ، وتأتي المبررات جلية منطقية جمالية مقنعة ، وهذا ما يجعل ذلك الشاعر فاصلة كبرى في نظري ، ولنبدأ بشكل مدرسي في قراءة هذا النص الغريب ،
 حيث يقول الشاعر عبدالعزيز جويدة : 

قُلوبٌ تَميلْ
وقُربي إليها مِنَ المُستَحيلْ
لأنِّي جَريحْ
وأشتاقُ يومًا لأنْ أستريحْ
فلا تَخدَعيني بِحُبٍّ جَديدْ
لأنِّي أخافُ دَعيني بَعيدْ
وإنْ تَعشَقيني
فلا شَيءَ عِندي لِكي تَأخُذيهْ
وما أنا شَيءٌ
ولا قلبَ عندي لكي تَعشَقيهْ
فقد تَندمينَ
وتَمضينَ عنِّي
وفي القلبِ سِرٌّ ولن تَعرِفيهْ
فإنيَ وَهمٌ
وقلبي خَيالٌ
وحُبي سَيبقَى بَعيدَ المَنالْ
فلا تَعشَقيني لأني المُحالْ
وإنْ تَعشقيني
فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟
أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ
فلا أنا طِفلٌ
ولا أنا شَيخٌ
ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ
تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،
بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ
فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ
إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ
فلا تَسمَعيني
فَحُبِّي كَلامْ
وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ
لأنِّي جَريحْ ..
سأشتاقُ يَومًا لكي أستَريحْ
وأرغَبُ يَومًا أرُدُّ اعتِباري
وأُطفئُ ناري
فَأقتُلُ فيكِ العُيونَ البريئةْ
فَلا تَعشَقيني لأنِّي الخَطيئةْ
دَعينيَ أمْضِ ودَاري دُموعَكْ
لأنِّي أخافُ سأرحَلُ عَنكِ
وقلبي السَّفينَةْ
أجوبُ بِقلبي الليالي الحَزينَةْ
فعُذرًا لأنِّي سأمضي وَحيدًا
سَأمضي بعيدًا
وإنْ عُدْتُ يَومًا
فقولي بأنَّكِ لا تَعرِفيني
فَقلبي ظَلامْ
وحُبي كَلامْ
ومازِلتُ أرغَبُ في الانتِقامْ
ومفاتيح القصيدة في كلمات معدودة هي ( دعيني بعيد _ فلن تعرفيه _ لأني المحال _ لأني العذاب _ بقايا انتقام _ لأني الخطيئة _ ومازلت أرغب في الانتقام ) .
وهذه الكلمات منطقية متراتبة على بعضها البعض ، فيطلب الشاعر ممن تهواه أن تتركه ليبقى بعيدا ، لأنها لاتعرف كيف يكون وجده ، ومحال أن يكون بينهما حب صادق يحمل السعادة لأن ما بداخله عذاب ، وربما ينتقم من جنس من عذبوه ، حتى ظن نفسه خطيئة في هذا الوجود ، فالبعد أفضل لأنه يشعر أن داخله مايزال يحتوي على جذور الانتقام المشتعلة .
أما لحظة الانفجار في النص حينما يصرخ ويعترض ويثور ، وهو يشعر القاريء بكمية البراكين المتفجرة داخله حينما يقول : _
وإنْ تَعشقيني
فهل تَعرِفينَ أنا مَنْ أكونْ ؟
أنا الليلُ حِينَ طَواهُ السكونْ
فلا أنا طِفلٌ
ولا أنا شَيخٌ
ولا أنا أضحَكُ مثلَ الشبابْ
تَقاطيعُ وَجهي خَرائطُ حُزنٍ ،
بِحارُ دُموعٍ ، تِلالُ اكتِئابْ
فلا تَعشَقيني لأني العَذابْ
إذا قُلْتُ يَومًا بأنِّي أُحبُّكْ
فلا تَسمَعيني
فَحُبِّي كَلامْ
وحُبي إليكِ بَقايا انتِقامْ
ثورة عارمة قوية للغاية ، فهو يصور نفسه ليلا مغلقا بمفاتيح السكون ، فهو ليل ظلامه لن ينجلي ، ولذا فهو لن يستطيع أن يتعرف على ملامحه ، هل هو طفل أم شيخ ؟ ولا وسط بينهما ، وعادات الطفولة قد تشبه إلى حد كبير عادات الكهولة ، كيف يكون الطريق في الليل المغلق بالسكون ، فلا تستطيع أن تفتحه الكلمات ولا تسطيع أن تدخله النجوم ، وتتجلى الثورة في كثرة اللاءات ( فلا أنا ولا أنا ولا أنا ) ، فالوجه خرائط للحزن ، والقلب تل للاكتئاب ، والعين بحار للدموع ، فمن يحتمل هذا العذاب ؟
يمكنني أن أدرك بفطرتي هذه الحالة التي لم يسبق لي أن جربتها ، ولكن الشاعر يجعلني أتكامل معه في هذه التجربة ، نعم جعلني أشعر بمرارات المهزوم الذي جاءته فرصة الانتقام لكنه يستجيب لنداء الإنسان بداخله ، فيبرر لمن يستطيع أن يكسره ، لماذا لا أريد أن أحطمك ، وجنسك هو من حطمني ، نعم هو رقي الخلق المبني على مصارحة الذات قبل مصارحة الآخرين .
هذا شاعر بالفطرة ، يرمي حجرا فيصيرا مدفعا ، ويلقي بسمة فتزرع بستانا ، ويكتب كلمة فتظهر النجوم في الظهيرة ، يفطن الشاعر أن المنتقم هو من يعتمد على الكلام لا على الأفعال ، فحبي كلام ، وحبي بقايا انتقام ، فهنا تشابه الأدوات وتشابه 
( الكلام والانتقام ) ، وتراتبها ، وبعبارة أخرى قد يكون الكلام انتقاما وقد ينتج الانتقام من كلام نظنه حبا .
منذ سنوات قليلة سعدت بلقاء نزار قباني في معرض القاهرة الدولي للكتاب ، ربما سعادتي ستكون أكثر إذا كتب الله لي أن ألتقي هذا الشاعر المفطور ، نعم هو مكتوب على وجهه شاعر 
كبير ، وأظن أن شعره قد يغير مسارات كثيرة في الشعرية العربية ، فيمكننا أن ننقلها من الكلمات الجمالية ، ومن الأزمات الموسيقية إلى ثمرات مفيدة للمجتمع ، نعم يمكن لهذا الشاعر أن يجعل قصائده ثمارا غضة مفيدة .

بقلم الدكتور رمضان الحضري

الأحد، 3 مارس 2019

بقلم الدكتور رمضان الحضري

قراءة نقدية لجمال الحروف في عيون الخوف


حينما مات الملك تحوتمس الأول والد الملكة حتشبسوت ، لم يكن هناك وريث شرعي له سوى هي وأخيها غير الشقيق تحوتمس الثاني ، وكاد الملك أن يضيع من أسرة جدها أحمس الأول الذي طرد الهكسوس من مصر ، فلبست ملابس الرجال ووقفت أمام مكائد الكهنة والمتربصين بمصر ، واستندت إلى المخلصين أمثال المهندس سنوت الذي كان يحبها حبا جما ، كما استندت إلى قيادات جيشها الوطني ، وحكمت مصر لمدة تصل إلى 22 سنة ، كانت أزهى عصور المملكة المصرية في الأسرة الثامنة عشر قبل الميلاد ، وهكذا سيدات مصر حينما يتحملن المسئوليات الوطنية والسياسية والاجتماعية والعلمية .
وفي العصر الحديث وقفت فاطمة بنت الخديوي إسماعيل أمام جبروت اللورد كرومر ووضعت حجر أساس جامعة القاهرة رغما عن أنف اللورد كرومر الذي هددها بالقتل ، لو وضعت حجر أساس الجامعة ، لكنها لم تأبه لتهديده وفعلت مايليق بها كسيدة مصرية وريثة لحتشبسوت ، وذا مافعلته قوت القلوب الدمرداشية وغيرها من سيدات مصر العظيمات .
وفي النهضة الثقافية الحديثة تشارك السيدة المصرية بفكرها وثقافتها إلى جوار الرجال حذو القدم بالقدم وحذو الكتف بالكتف ، فمن ينسى مواقف أم كلثوم مع بلادها ، ومن ينسى ثقافة سهير القلماوي ، ومن لم يتعلم من نعمات أحمد فؤاد ، ومن ينسى سميرة موسى وباحثة البادية وروز اليوسف وغيرهن الكثيرات .
تأتي هذه التقدمة وأنا أقرأ ديوان ( عيون الخوف ) للشاعرة المصرية الرائدة / أمل أيوب 

 التي تحاول أن تجد لها مكانا يليق بها بين شعراء مصر ، حيث جمعت في هذا الديوان عشرين قصيدة شعرية من شعر العامية المصرية الرائقة ، وتتخذ لنفسها خطا شعريا خاصا بها ، حيث إن الذين يظنون أن الشعر عروض وقوافٍ وأنغام وصور فأولئك لم يخبروا الشعر أو يدركوا ماهيته ، فالشعر لدى الشاعر الموهوب حياة ، وليس أقل من الحياة بشبر فما أقل ، ولذا فالشاعر الموهوب يعيش قضاياه في شعره ، ويعيش شعره في قضاياه ، ويدافع عن قيم الشعر كما يدافع عن قيم الأخلاق والسلوك وصحيح المنهج .
فالشعر وطن ، والوطن عند الشاعر الموهوب قصيدة جميلة وقيمة نقية وسلوك نبيل وعلو همة ، فالوطن والشعر هما مجد كل شاعر حقيقي ، وهذا مايتضح في ديوان الشاعرة أمل أيوب حينما تثور وتصرخ محبة في الوطن ، ومودة لترابه ، وشفقة عليه ، وتزلفا له ، فتقول في ديوانها بعنوان ( درويش ) : _
مانيش دافع خلاص مهرك
وهـ اطفي الشمعة لو والعة ف ليل سهرك
ومش باوعد .... انا ح ابعد
ولا هـ اسند فـ يوم ضهرك
ياعاشقة الواطي والمحتال
ما نيش خيال
ولا فارس ولا مهرك
تحبي الكدب والتهليس
وسامعة الكلمة لو زايفة 
ولو شايفة
ولو عارفة إنها تدليس
ما نيش قلمك ولا فاسك
ولا ف قلبك ولا ف راسك
ولا حسباني من ناسك
******
ديوان عيون الخوف ، صـ 54 .
شاعرة بطول نهر النيل ، خصبة الافكار ، وشفافة الروح ، وشاسعة الشعور ، تبدأ بتصوير من الخارج إلى الداخل ، فإذا دلفت إلى موضوعها دوى صراخها ، في منطقية فريدة ، حيث تقدم التعليل بألف دليل ، فتقنع عين القاريء قبل عقله ، وتقنع عقله قبل قلبه ، وتنزل الكلمات في القلب كحجر ملتهب يحدث ضجة في القلب ، وترسو القصيدة في القلب فيتسع القلب في دوائر ، حتى تصل القصيدة لعمق الشعور وتلتصق به .
فبدأت الشاعرة بعرس لن يتم ، لأنها لن تدفع مهر حبها ، وحينما يبدأ الشاعر من القمة فهو يقف على جبل مرتفع من الشعور ، وبعبارة أخرى فإن الشاعر الذي يبدأ نصه من القمة يكتب بعدما نفدت جميع أنواع التعبير البدني والفكري ، فهو مضطر أن يبدأ من أعلى نقطة في شعوره ، فتكون البداية عبارة عن صرخة مدوية للتنبيه ، والتنبيه هنا بحادثة واقعية ، وهي ذلك العريس الذي يرفض أن يدفع مهر عروسه لارتكابها أخطاء في حقه ، وهذه الاخطاء تتجلى في تقديم الواطي على العالي ، وتفصيل المحتال على الصادق ، ونسيانها لحب عريسها ، فكأنه لم يشغل لها بالا ، وهكذا تكتب أمل أيوب بفكرة جديدة ، ومشاعر فريدة ، فاللوحة الشعرية عندها لوحة من الحياة الواقعية ، بل هي لوحة أصدق من الواقع ، فالواقع مرير ، ودور الفن دائما أن يقدم صورة مخترعة تكون حقيقية لتصحيح الصوة الخاطئة في الواقع.
الغدر كان م القريب
طرح السنين بيخيب
شمس اللقا بتغيب
مركب هموم بتجيب
كل الحمول عندي
وأبص فـ مرايتي 
واهمس بصوت مكسوف
واقول لها ردي
يكنش آن الأوان
تكونش دي نهايتي
تشهق عيون الخوف 
تنطق ورافضة تشوف
تصرخ بكل سكوت
كل الزمن مايفوت 
كل البشر حـ تموت
ودي سنة الملكوت
أعمار وبتعدي
******
قصيدة عيون الخوف صـ 63 ، 64
هذه القصيدة التي أطلقت عنوانها على غلاف الديوان ، لتكون عنوانين في خارج الديوان وداخله ، حيث ترى فيها ذاتها محاصرة في هذا العالم ، فالجرح من سهم قريب ، جاء من شجرة زرعتها ، وشمس الضياء واللقاء امام عيونها تأفل وتنحدر تجاه المغيب والفراق ، وكأن الحياة تنتهي ، ولأن كل من حولها تغير ، فلم يعد هناك أمان إلا للمرآة ، فلربما كان الجماد أكثر حنانا ، وأرقى فيرد الكيد عنها .
دوما ينتج الصراع الدرامي في النص الشعري من التناقضات بين الذات والموضوع ، وبين الأنا والعالم ، وبين الطموحات والممكن ، فالنص هنا نص درامي من الدرجة الأولى ، فالشاعر ظنت الأمن في القرب ، لكن النتيجة كانت جرحا غائرا ، وظنت الياء في الشمس ، لكنها تغيب وتختفي ، وظنت الحياة في الطرح ، لكن الثمار ذابلة وميتة ، وظنت البشريات في المراكب ، لكن المراكب جاءت محملة بالأحزان .
فالصراع بين الأمنيات المتوقعة وبين المشكلات الواقعة صراع مخيف ، وهكذا تقوم أمل أيوب برسم نصوصها في لوحات تصويرية محددة في أطر من لهيب ، وترسمها في لوحات لفظية شفاهها من نيران .
فالتجربة الشعرية عندها تعني الحياة وتعني الذات ، فهي شاعرة متمردة على واقعها ، لاتستطيع التكيف مع الواقع ، حيث إن الواقع لايستطيع أن يتعرف على مواقع ألمها ومواطن أحزانها .
هذا ديوان فريد لشاعرة فريدة ، يأخذ القاريء لرحلة داخل روح الشاعرة ، في مدارات غريبة وصورة مستطرفة وحياة رائعة .

د / رمضان الحضري 
القاهرة في 3 من مارس 2019م 
****************

الجمعة، 1 مارس 2019

بقلم مجدي صالح

ندمان على وقفتى فى المكان 

قلوب   نا بقت بتبكى دم
وعيونا خلصت دموعها
كل أخبارنا بقت هم وغم
وحوادث بنشوفها ونسمعها
..............................
بقينا عايشين مرعوبين
فى بلد تمنا فيها رخيص
حاسين إننا هنموت مقتولين
وبمكن نموت محروقين 
واقفين فى المحطة منتظرين 
......................................
وزينا زى غيرنا.. هنروح فطيس
إمتى هنحس بالأمان
ونعيش مطمنين
فى زمن قلت فيه قيمة الإنسان
.............................................
وإندفنت أحلامه معاه فى متر فى مترين
معقول هو دةةةة الوطن
اللى المفروض يحضنا ويحمينا
للأسف.. وطنا أصبح كفن
ومشنقة عمالة تضيق علينا
..............................
إيه الحكاية يا بلد
كفاياكى بهدلة و عذاب
تعبنا وشوفنا فيكى العجب
جرايم وظلم وإرهاب
.................................
حد شاف مصر الحلوة الغالية
بلدنا تاهت مش لاقيينها
بلدنا كانت شامخة وآمنة وعالية
ايوة كانت حلوة والله لسة فاكرينها
😢😢😢😢😢😢😢

. مجدى صالح .

بقلم مجدي صالح

حكاية مكاريوس الشاب البسيط 
إسمه مكاريوس راضى..

من مدينة نجع حمادي _محافظة قنا
من ضحايا قطار الموت

مات ..ايوه مات إمبارح في حادثة القطر ..
مكاريوس من عيلة بسيطة_ الكل يشهد له بالأدب والأخلاق ..أسرتة مكونة من والده اللى كان شغال في الإدارة التعليمية في نجع حمادي وحاليًا ع المعاش ووالدته ربة منزل ..عنده اخين بيشوي ومكسيموس وترتيبه بينهم الأخ الأكبر وكان مجتهد في دراسته اهله كمان وقفوا معاه من طفولته لحد ما اتخرج من كلية الهندسة من سنتين ..
مكاريوس كان زي أى شاب عاوز يعافر ويسافر يشق طريقه ويشتغل بره ماهو عارف ان مصر مش بتاعت كل الناس ..وفضل يحاول في كل مكان لحد ما لقي وظيفة في الإمارات تتناسب مع مؤهله.. وودع في ليلة الحادث أسرته وداع شديد زى ما أخوه قال ..ماهو هيتغرب سنه كاملة لكن محدش عارف أن إرادة الله غير كده وركب القطر المتجه إلى القاهرة..وأول ما وصل ربنا كان عاوزه ..وبدل ما يسافر علشان يشتغل ويحقق حلمه.. انتهى عمره.. وسافر للسما.. ملحوظة مكاريوس لسه مخلص جيش من شهرين ..كان نفسه يبقي حاجة كبيرة..سلام يا بيشمهندس ربنا ينيح روحك فى فردوس النعيم ويعزى أهلك ويصبرهم على فراقك.. قلوبنا حزينة وموجوعة عليك

بقلم مجدي صالح 

بقلم الدكتور رمضان الحضري

الفنون
تغيّر الماهية والوظيفة 

في الثلث الأول من القرن الثامن عشر كانت أكبر أحلام الشعب الأمريكي أن يحصل على استقلاله عن بريطانيا ، وفي نهاية القرن الثامن عشر كانت أحلامهم أن يزرعوا أرضهم لتكفيهم المحاصيل ، وبدأت نهضتهم بزراعة التبغ وتصديره ، ثم زراعة المحاصيل وتصديرها ، ولم تكن هناك خطة للعلوم ولا للتكنولوجيا ، فكانوا ينتظرون القادمين بالعلوم من أوربا وبخاصة بريطانيا وألمانيا وفرنسا .
ومع مطلع القرن العشرين انتبهت الولايات المتحدة الأمريكية للعلوم والفنون والآداب إلى جانب الزراعة والصناعة حتى أصبحت أكبر دول العالم فى التكنولوجيا والأقتصاد والقوة العسكرية ، وربما تعتبرالقضب الأوحد فى العالم خاصة بعد إنتهاء فترة الحرب البارده التى استمرت حوالى 46 سنة ، حيث إنهار الإتحاد السوفيتى عام 1991 ، مما جعل الولايات المتحدة أكثر سيطرة على مستوى الكرة الأرضية .
هذه تقدمة تتعلق كثيرا بموضوع الفنون ، حيث إن الفنون شأنها شأن المجتمعات تتطور وتتغير حسب الأهداف والوظيفة الجديدة المنوطة بها .
فكان الرسام يرسم وجوه الأشخاص قبل إختراع كاميرا التصوير ، فلما ظهرت الكاميرا أصبح التصوير من خصائص الكاميرا وليس من خصائص الرسام ، وكان الخطاط إلى وقت قريب هو الذى يزين الحروف والكلمات حتى جاء الكمبيوتر فأصبح دور الخطاط محدودا ، وكانت الفرقة الموسيقية تؤدى بكاملها لحن الأغنية ، بينما الأن يمكن تسجيل صوت كل ألة موسيقية منفردا .
 ماقلته سابقا محض معلوم لدى عامة المثقفين ، بيد أن خيالي يرى أن أول من رسم شجرة على الرمال ظل يحرس رسمه طويلا وربما بنى كوخا حتى لايمر أحد فوق رسمه ، وربما بنى فوقها كوخا حتى لاتمسحها الرياح ، وربما من رسم طائرا كان يخاف أن يمسك بجناحه ظنا منه أنه سوف يقع على الأرض ، رغم أنه مرسوم على الأرض ، ويؤيد كلامي هذا ماحدث في بعض معارض الفنون التشكيلية حينما قالت سيدة لرسام معلقة على صورة امرأة ، إن ذراع المرأة الأيمن أطول من ذراعها الأيسر ، فقال لها الرسام ياسيدتي هذه صورة وليست امرأة ، وكذا ماحدث من أحد أباطرة الصين ، حينما قال لرسام قصره : امسح صورة النهر التي رسمتها على هذا الجدار ، لأنني من يوم أن رأيتها لا أستطيع النوم جيدا من صوت خرير الماء في هذا النهر .

نعم الفنون مؤثرة جدا في حياة الناس ، بل هي الجانب الأكبر من حياة الناس ، حيث تتعامل الفنون مع الحواس والوجدان والشعور ، والروح والإحساس ، وهي الجوانب الأهم في الشخصية البشرية ، فمرض الجسم سهل أن يشفى بسرعة أكبر من مرض الروح والشعور .
فالجسم الجريح حينما يكون متفائلا ويملك قابلية للشفاء فغالبا يصل للشفاء بسرعة ، بينما الإحباط والخوف والاكتئاب والهلع والقلق والصراع والفصام وغيرها من الأمراض النفسية يكون الشفاء منها عسيرا بدرجة كبيرة ، وقد ضرب العرب مثلا لذلك واضحا جليا حينما قالوا : لو أن هناك شاة مجروحة فالعناية بجرحها وطعامها سوف يجعلان الشفاء أمرا سهلا وسريعا ، بينما لو أتينا بشاة قوية وربطنا أمامها ذئب فسوف تخاف 

وتمتنع عن الطعام وتموت ، إذا كانت هذه مشاعر الحيوانات ، فما بالنا بمشاعر الإنسانية .  
وتاريخ الفنون هو تاريخ البشرية تماما ، فقد أرخ لها البعض بحوالي أربعين ألف سنة قبل الميلاد ، والبعض الآخر أوصلها إلى مائة ألف سنة قبل الميلاد ، وتم الكشف عن رسوم على جدران الكهوف تصل إلى ثلاثين ألف سنة قبل الميلاد ، وقد تحدث ديورانت _ في كتابه الشهير ( قصة الحضارة ) والذي ترجمه الفيلسوف المصري العظيم / زكي نجيب محمود _ عن هذه التواريخ بالتفصيل في الجزء الأول من كتابه .
فحضارة البشرية بدأت بالفنون غالبا وهذا ظني ، ولم تبدأ بالعلوم أبدا ، لأن حاجات الإنسان النفسية تفوق حاجاته العلمية ، وسعي الإنسان خلف الجمال يفوق سعيه خلف الاختراعات والاكتشافات ، ولذا فكل الأمم المتقدمة تتقدم فنيا وثقافيا قبل أن تتقدم علميا وتكنولوجيا ، وقد قامت الحضارة الأوربية الحديثة على آراء جوتة شاعر ألمانيا العظيم ، وتلميذه النجيب الفيلسوف / هيدجر ، وكان تأثير شكسبير وموباسان وكاييم وغيرهم أكبر من تأثير العلماء في أوربا ، حيث إن الفنون تمثل قوة الدفع النفسي والإنفعالي ، وهي المحرض الرئيس على الإبتكار والاكتشاف .
وتنقسم الفنون إلى فنون تشكيلية مثل :
 الرسم والتصوير والتصميم والمونتاج والنحت 
والعمارة والخط والإضاءة .
وفنون تعبيرية وحركية مثل : 
الرقص والسيرك والتمثيل والدمى والإلقاء .
وهناك فنون تطبيقية مثل :
الديكور والسجاد وتصميم الأزياء والخزف والحلي
والتطريز وصناعة الأثاث والمجوهرات .
وهناك فنون الكتابة مثل :
الشعر والرواية والمقال والتحرير الصحفي وغيرها .
وهناك فنون صوتية مثل :
الإذاعة والغناء والموسيقى والترتيل .
لست مهتما هنا بالتأريخ للفنون ، ولكنني مهتم بمحاولة إثبات أن الفنون تعيد تشكيل نفسها حسب العصر الذي تعيش فيه ، وربما العكس كذلك ، فأعني أن الفنون هي التي تقوم بتشكيل العصر ، فليس شعر المتنبي كشعر امريء القيس ، وليس شعر شوقي كشعر المتنبي ، وليس شعر نزار قباني كشعر شوقي ، وليس شعر عبدالعزيز جويدة كشعر نزار قباني .
هي حركة الحياة التي تحركها الفنون ، أو حركة الفنون التي تحركها الحياة ، وفي جميع الأحوال فإن ماهية الفنون تتغير حسب تغير الأهداف ومفردات الحياة ، فقد كان هدف الشاعر العربي قبل الإسلام أن ينتصر لقبيلته ، وتحول بعد الإسلام لينتصر الشاعر لدينه وعروبته ، وتحول في العصر الحديث لينتصر لدينه وعروبته  ودولته ، فتغيرت الأهداف .
وكان الشاعر العربي ينتظر محبوبته في أماكن الرعي أو عند عيون الماء ، أو يدخل عليها خدرها وخيمتها .
بينما الآن ينتظر الشاعر محبوبته في موقف باص أو مقهى أو ملهى أو في شارع ما ، فتغيرت الأدوات .
كان الشاعر قديما فارسا يدافع عن قبيلته بالسيف والدرع والخيل ، بينما الشاعر الآن يدافع بالكلمة عبر وسائل الاتصال المرئية أو المسموعة او المقروءة ، ولذا لم يبق من السيف إلا رمزيته فقط ، فقد انتهى دوره في الحروب للأبد .
أما ماهية الفنون ووظيفتها في الوقت الحالي ، فهذا موضوع اللقاء القادم بأمر الله تعالى .

بقلم الذكتور رمضان الحضري

بقلم مجد الدين سعودي

من رواية (أصابع لوليتا) للروائي الكبير (واسيني الأعرج)
-----------------------------------------------

وفيها تتحدث (لوليتا) عن الموضة:
(عالم الموضة خطير. كل شيء فيه مؤقت: العواطف، الحب، علاقات العمل. أنت لا تساوي شيئا الا بقدر وزنك ماديا أو جماليا، لاشيء غير ذلك. الباقي كله تفاصيل غير مهمة. يوجد أناس معك، لأن مصالحكم مشتركة، بعدها يذهب كل الى سبيله. قد تكون محبوبا ومحاطا، وتظن نفسك أنك مركز العالم، لكنك يوم تسقط لأي سبب من الأسباب، لن يلتفت اليك أحد.... الصفحة 283 )...

------------------------------------------
قراءة ممتعة
----------------

مع تحيات مجدالدين سعودي
----------------------------

بقلم عبد الله السايح

رصيف نمرة ستة

فوق رصيف نمرة سته
ألف قصه وألف حته
ناس بتصرخ ناس تنادي
نار ومسكت في الجاكته
الحكاية بقت سوادي
والكلام على كل جته
كل واحد كان احادي
نفسه يهرب عنده خطه
نار ورشقه في كل وادي
من حلاوة الروح ونطه
فخ كان في رصيف بلادي
فرن كانت المحطة
وش قطر وماشي راضي
فجأة كانت المصده
انفجر ابو قلب فاضي
نار وطلعت منه فطه
نار بتشوي بحكم قاضي
ناس بتجري ف نارها شابطه
من حلاوة الروح قصادي
ذابت الأجساد وشيطه
صعب ترضاها لأعادي
صعب تعرف شكل حتى
لو في حرب تشوفه عادي
او تقول تنفيذ أجنده
أه ياوجعي لمين تنادي
واللسان مش لاقي كلمه
اللسان مبلوع ونادي
ياغلابه يامسالمه
الدموع مش راح تكفي
والعيون صبحت في ضالمه
مهما هصرخ مش هوفي
والحروف سكينة تالمة
المناظر مش في عرفي
م الدموع العين ووارمه
حزن جاني ومش بكيفي
والآلام في أرواحنا خارمه
اه ياوجعي كنت طيفي
آه يا ولدي في موته ظالمه
ياللي موتك كان خريفي
قولت لك آخر مكالمة
في إنتظار انا وضيوفي
لجل ترجع لي بكلمة
روحي على روحك تلوفي
في إنتظار روحك وسالمه
فوق رصيف الموت بخوفي
الحياة كات لينا ظالمه 

عبد الله السايح