الجمعة، 21 يناير 2022

مصطفى البلكي

 غلاف مجموعتي القصصية الجديدة 

نصف الدهشة


تصدر قريبا  عن منشورات بتانة ...

معرض القاهره الدولي للكتاب 2022



محمد بلهاذف

 لحظة من لحظات الوفاء 



تم مساء  الجمعة 21 يباير 2022 بمقر الاتحاد العام للشغل بوجدة ....حفل تأبين 

للفنان المسرحي

 المرحوم محمد بوبقرات 


أحد رموز المسرح بمدينة وجدة وخاصة جمعية المسرح العمالي .حضره مجموعة من رفاق الدرب من وجدة وبعض المدن المجاورة ...وقد قدمت كلمات الوفاء في حق المرحوم وماتركه من بصمات في مجال المسرح والسينما والتلفزة والتعليم ومجال الكتابة ...


وفي الأخير تم توقيع روايته الذي لم يشهد ولادتها تحت عنوان ...جرعات ..التي تم توضيبها وتقديمها محمد يحي قاسمي ....



رحم الله رواد المسرح في وجدة ..

محمد بولحيا

 رهانات_القراءة_وبناء_مجتمع_المعرفة.

..................


سُؤِل_أحد_الحكماء_ماذا_تعلمت_من_الحياة؟


فأجاب :


 + تعلمت أن المتسلق الجيد يركز على هدفه ولا ينظر إلى الأسفل، حيث أن المخاطر تشتت الذهن .


 + تعلمت أن الفشل لا يعتبر أسوأ شيء في هذا العالم، إنما الفشل الأعظم هو أن لا نجرب.


  + تعلمت أنه لا يتم تحقيق أي شيء عظيم في هذه الحياة من دون حماسة .


 + تعلمت أن كل الاكتشافات والاختراعات التي نشهدها في الحاضر، تم الحكم عليها قبل اكتشافها أو اختراعها بأنها مستحيلة .


 + تعلمت أن الأمس هو شيك تمّ سحبه ، والغد هو شيك مؤجل ، أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة ، لذا فإنه علينا أن نصرفه بحكمة .


 + تعلمت أن الذين لديهم الجرأة على مواجهة الفشل، هم الذين يقهرون الصعاب وينجحون .


 + تعلمت أن المعرفة لم تعد قوة في عصر السرعة والإنترنت والكمبيوتر، إنما تطبيق المعرفة هو القوة .


 + تعلمت أن الفاشلين يدعون أن النجاح هو مجرد عملية حظ.


 + تعلمت أن التنافس مع الذات هو أفضل تنافس في العالم، وكلما تنافس الإنسان مع نفسه كلما ازداد تطوراً، بحيث لا يكون اليوم كما كان بالأمس، ولا يكون غداً كما هو اليوم.



القراءة_للجميع


محمد بولحيا

عباس شكور

لم يصدقوا....!!!


 ذهبَ القبيحُ وعهدُهُ المستقبحُ

وأتى قبيح ٌ يرتجيهِ الأقبحُ


فكلاهما إذ يسعيانِ وقاحةً

يتمرّغانِ لنجمةٍ تترنّحُ


أفِلتْ ووعدُ الله فيها صادقٌ

لم يصدقوا... فالمينُ فيهم أرجحُ


لا ترتجوا صرّاً وضرعاً درّهُ

من تيس بيتٍ أسودٍ يتنطّحُ


لا يستحّقانِ القصيدةَ كلَّها

فسأكتفي في خمسةٍ تستوضحُ



الخميس، 20 يناير 2022

زينبة بن حمو

 قالت السيدة دون تحفظ:

صديقي صار أقرب إلي من زوجي، صديقي يسمع مشاكلي بالعمل ويحاول مساعدتي، أنا أيضا اسمع مشاكله  حتى الخاصة منها وأحاول نصحه ومساعدته...


في البدء تقبلت الجملة باريحية، فلدي أيضا أصدقاء من الذكور علاقتي بهم جدا قوية حتى تحولت إلى علاقة عائلية، فصرت أعرف زوجاتهم وأبناءهم، وصاروا يعرفون أمي وإخوتي.


لكن الأمر أثار حفيظتي يوما، حين فكرت به من وجهة نظر أخرى، كيف يكون لي رفيق درب و رفيق حياة وأبحث عن صديق أبث له شكواي ؟

ما الفائدة من الارتباط إن لم يكن في الشخص حبيب وصديق ورفيق و... ؟


في مجتمعاتنا هناك عرف يقتضي أن يحتفظ كلا الطرفين بمسافة أمان خصوصا الزوجة. فمن الحكمة حسب العرف أن لا تخبر الزوجة بعلها بأمور أهلها أو مشاكلهم أو خلافاتهم، ولا تخبره بما ساءها منهم أو بما ضرها من أحدهم، أو تخبره إلا النزر القليل من المعلومات عن ظهرها وسندها، فكلما قل ما يعرفه عنهم كلما كان ذلك في صالحها...


قد يسأل سائل لماذا ؟

وهو سؤال مشروع.

لانه الزوج(ولا أعمم ) للأسف في أغلب مجتمعات هذا العالم العربي، يتعامل مع الزوجة بناء على طبيعة علاقتها بأهلها، فكلما كان للزوجة عزوة وسند وظهر كلما احترمها وحرص على تصرفاته معها. وكلما كانت دون ظهر أو سند تعرضت للتحقير وتجرعت الذل والمهانة والعنف والتعنيف ولو لفظيا في أحسن الظروف. وقد يكون قليل أصل ويعيرها بما أسرت به له من أمور خاصة. لذلك كلما كانت الزوجة كتومة وأخفت أمورها العائلة عن الزوج كلما كانت مرتاحة في علاقتها معه ...


ولسنا نحتاج دراسة ميدانية تؤكد ما توصلنا  إليه يكفي أن نقارن نسب العنف بالمجتمعات المحافظة القبلية، التي تدرك فيها الزوجة أهمية الفصل بين علاقتها بأهلها وعلاقتها بزوجها، وبين المجتمعات"المدنية " حيث تميل الزوجة إلى كشف كل شيء وفضح أبسط خلاف لها مع أختها حتى لو كان نقاشا تافها حول لون توب أو وقت أذان المغرب بين مدينتي الرباط وسلا... رغم أننا نؤكد أن هذا ليس هو السبب الوحيد أو الرئيسي للعنف الزوجي، لكنه يظل عاملا مساعدا،  أو يكون رادعا في الحالة الأولى.


من جهة أخرى وفيما يخص مشاكل العمل، في العادة يميل الرجل إلى التقليل من شأن عمل زوجته،  خاصة إن كانت تعادله رتبة، أما إن كانت أعلى منه درجة في أسلاك الوظيفة فتلك مصيبة، إذ يصير هدفه الأسمى هو ضرب ثقتها بنفسها وبث الشك فيها حول أهليتها لشغل ذاك المنصب...


لذلك تبحث الزوجة عن بديل-ذكر- يسمعها ويعيد بناء الثقة ليصلح ما افسده -الذكر - الذي يفترض أن يدعمها للترقي.

بالطبع لا نعمم، لكن الاستثناءات قليلة جدا خصوصا فيما يخص عمل المرأة وتعامل الزوج معه.


لهذا أصبح الصديق، أو الزميل يشغل مكانة مهمة ويقوم بدور يفترض أن يقوم به الزوج لو أننا مجتمعات سوية تقوم على الاحترام المتبادل، ولو أن أسس التربية تؤهلنا لندرك أن العلاقة الزوجية يفترض أن تكون سكنا لكلا الزوجين، وأن يحفظ كليهما كرامة الآخر و يحفظ سره، ويصير كل منها سندا وظهرا وسترا وغطى...


لذلك يحتاج الزواج إلى نضج، واقتناع واختيار صحيح، و يحتاج الزواج إلى أن يقوم على اسس صحيحة وليس على تحقيق اهداف  مادية أو مجتمعية او لهدف الإنجاب حصرا.



بولحيا محمد

 رهانات_القراءة_وبناء_مجتمع_المعرفة.

...............................


احتفظ_بهدوئك. 


  هل تعلم كيف تهرب الأسماك الصغيرة من براثن السمك المتوحش الذي يريد افتراسها ؟؟


  إنها تقوم بحيلة بسيطة ، تعكر الماء بذيلها وزعانفها ، حتى تصبح الرؤية فيها صعبة ،

فيصاب السمك الكبير بالهياج فيسهل على السمك الصغير الهرب والاختباء .


 ولقد تعلم البحارة طريقة تعكير الماء هذه ، واستخدموها كحيلة لصيد السمك، فهم يقومون بتعكير الماء حتى يغضب السمك ويفقد هدوءه وتضيع الرؤية من أمامه وتضطرب حركته ،

ويتخبط يمنة ويسرة إلى أن يجد نفسه فجأة في براثن الشباك .


 من هذا المشهد نتعلم أمر بالغ الأهمية ، وهو أن نحتفظ بثباتنا وهدوئنا إذا ما تعكر ماء الحياة

وتشوشت الرؤية لفترة أمام أعيننا ، سواء كان هذا التعكير بفعل عدو ، أو بسبب تصاريف القدر ، ودوائر الأيام .


 فردود الفعل السريعة غير منضبطة أو التي لم يتم دراستها سلفاً بروية وعقلانية قد تلقينا في شباك الفشل ، وربما نجد أنفسنا وقد ضللنا الدرب وخرجنا عن جادة الطريق المستقيم .


سهل أن يحتفظ المرء منا بثبات جنانه في الظروف العادية ، لكن الثبات وقت الشدة والنوازل يحتاج ليقين حي ، وتمرس مستمر ،

وهدوء أعصاب مستمد من روح متزنة .


نرى هذا الأمر جليا في موقعة أحد ، فبعدما خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأصبحت الدائرة على المسلمين من بعد نصر لاح في أفقهم وبدا قريبا ، اختل توازن جند الإسلام ، وتشتتوا يمنة ويسرة بعدما عكر جند قريش الماء من حولهم. 

هنا قام القائد الحبيب صلى الله عليه وسلم، ووقف في وسط المعركة جامعا شتات أصحابه

صارخا فيهم : إليّ عباد الله. 

يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أحد أعظم فرسان صدر الإسلام الأول :

" كنا إذا حمي البأس (اشتدت المعركة) واحمرت الحُدُق ( جمع حدقة وهي بياض العين)

نتقي برسول صلى الله عليه وسلم ونحتمي به .


 + إن الغضب والتخبط وفقدان الاتزان يضيع من أمامنا الرؤية. 

ويجعلنا أسرى لردود الأفعال العشوائية ، بينما الهدوء وانتظار انقشاع الغيوم بثبات وتيقظ

يجعلنا دائما في الموقف الأقوى .


 + فلا تسمح لخصمك أن يستفزك إذا ما عكر الماء وشوش الرؤية أمامك. 

 + كن هادئاً وامتلك أنت زمام المبادرة دائما .. حتى في وقت الشدة والأزمات . 


 + قلب القائد كالبحر لا يمكن اكتشاف شواطئه البعيدة .



لمميزون

بقلم سلوى دبوق

 ميشال أونفري على مائدة الفلاسفة

قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت!



في كتابه «بطن الفلاسفة» (1989) الذي يغلب عليه الطابع المرح، يُطلعنا الكاتب والفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري على الأطعمة المفضّلة لدى أشهر الفلاسفة، محاولاً أن يُفسِّر لنا علاقة نظامهم الغذائي بفلسفتهم في الحياة وبأسلوب تفكيرهم.

لنبدأ مع الفيلسوف اليوناني ديوجين (404 - 322 ق. م) أحد مؤسسي المدرسة الكلبية التي تحتقر الثروة، وتعتبر أن السعادة تتلخص بالاكتفاء بالأساسيات. قابل ديوجين فكرة الحضارة بالتشاؤم، معتبراً أنها مرادف للغش والفساد بقضائها على براءة الإنسان الأولى. لذلك كان يرفض كل ما هو زائف، ولا يكفّ عن الدعوة إلى البدائية. أفكار تجلّت بوضوح في نظامه الغذائي. إذ لجأ ديوجين إلى شرب المياه من الينابيع والتقاط ثمار الأشجار كالبلوط والزيتون والفواكه محاكياً الإنسان القديم، فيما كان يرفض طهي الطعام بسبب احتقاره للنار التي سرقها بروميثيوس من آلهة جبل الأولمب ومَنَحها للبشر لإقامة حضارتهم الفاسدة. لهذا كان يأكل الطعام النيء. وقد نقل عنه، بأنه تناول ذات يوم لحوماً بشرية وأخطبوطاً حياً. حتى إن ديوجين كان لا يتورّع عن قضاء حاجاته الغريزية في الأماكن العامة. وبهذا الفعل الفجّ، عبَّر عن رفضه للحضارة الإنسانية وأسَّسَ لكينونته الحيوانية التي تنسجم مع الطبيعة، وصولاً إلى لحظة موته. إذ أوصى بعدم دفن جثته، مقابل أن تترك في العراء لتلتهمها الحيوانات المفترسة. وعندما نستحضر صورة أنتيغون البطلة الإغريقية التي ثارت على عمّها الملك وتصدَّت له لأنه رفض أن يدفن جثة أخيها، نُدرك فداحة التجاوزات التي ارتكبها ديوجين.


من ناحيته، اشتهر الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو بالزهد والعفوية. تقوم فلسفته على أن الإنسان مفطور على الطيبة، وأن المجتمع مسؤول عن إفساده. لذلك دعا للعودة إلى الطبيعة والحياة القروية حيث تكمن الفضيلة. رأى روسو أنَّ رفاهية البورجوازيين هي السبب الرئيس لفقر الفلاحين وسكان الريف. فتوفير العصير والخمور والكماليات للأثرياء، يقوم على حرمان الفلاحين من الخبز والمرضى من الغذاء. ترتبط فنون طهي الأطعمة بالنسبة لصاحب «الاعترافات» بانحطاط الأمّة وفسادها. لذا شجع الناس على تناول المأكولات التي لا تتطلب سوى تحضير بسيط، وشدَّد على أنَّ الطعام هو فقط وسيلة للبقاء على قيد الحياة وليس أداة للمتعة واللذة، محذّراً دائماً من خطيئة الشراهة. وعلى النقيض من فولتير الذي كان يقيم الولائم لأصدقائه ويدعوهم لتذوق الديك الرومي مع الحجل وسمك السالمون المرقط والنبيذ الفاخر، كان روسو يمتدح فضائل الألبان والأجبان والخضروات والفواكه. أما بالنسبة لتنظيم وجبات الطعام، فقد تجنّب مواطن جنيف الأماكن المغلقة والموائد المزينة المبهرجة وآثَرَ تناول وجباته في الريف على العشب الأخضر قرب الينابيع. مردّ ذلك إلى إيمانه بأن الإنسان هو ما يأكله، فالشعوب التي تقتات على اللحوم تميل إلى العنف والهمجية، بينما الناس الذين يتناولون الخضار يميلون إلى السلام والدعة، وكان ينصح النساء تحديداً بتجنب اللحوم والتركيز على الحليب والنباتات، خصوصاً إن كنَّ مُرضعات.


نأتي إلى فيلسوف عصر التنوير إيمانويل كانط، مؤسس الفلسفة المثالية الألمانية التي تؤمن بأهمية الأخلاق والأفكار والمثل العليا. رفض كانط بشكل حازم تناول البيرة واشمأزَّ من حالة السُكر التي تسببها الكحول لأنها تمنح الإنسان لحظات وهمية من السعادة، والهروب من الواقع، ولكنها تؤدي في ما بعد إلى البلادة والإحباط. مؤلف «ميتافيزيقيا الأخلاق» كان يمقت بشدة اليخنات، ويفضل تناول اللحم الطري ويكره القيام عن المائدة إلا بعد قضائه ساعات لتناول وجبته الرئيسية والوحيدة بصحبة أصدقائه. قدَّم كانط على مائدته أطباق الجبن والزبدة واللحوم المشوية ومرق لحم العجل وتجنب لحم الطرائد. وكانت لديه طريقة غريبة لتناول اللحم، إذ كان يقوم بمضغه مطوّلاً، ويبتلع عصارته فقط ثم يرمي البقايا ويخفيها تحت قشور الخبز في زاوية صحنه. ومن وجباته المفضّلة أيضاً، سمك القد تحديداً، كما كان يعشق إضافة الخردل إلى الطعام ويُفضِّل احتساء النبيذ الأحمر الخفيف جداً. طوال حياته، اكتفى كانط بتناول وجبة واحدة في اليوم، ودعا الإنسان إلى مقاومة شهواته والتحلي بالعزيمة لكبح جماح نفسه لكي يصل إلى الحكمة.


أما الفيلسوف الفرنسي الطوباوي شارل فورييه الذي سبق كارل ماركس بأفكاره الاشتراكية، فقد سعى إلى خلق مجتمع منتج متعاون ونظام اقتصادي عادل، مع منح كل فرد الحق في اختيار العمل الذي يناسبه. في هذا المجتمع الجديد المزمع إنشاؤه، يجب أن يتغذى المواطنون جيداً وأن ينعموا بوفرة الطعام والشراب كي يعيشوا سعداء وأغنياء. ولكي نحصل على الانسجام المطلوب، فضّل فورييه اختيار الأطعمة الغنيّة بالسكريات كالمربيات الخفيفة، والكريمات الطازجة والليموناضة. وكان يعتقد أن السكر هو حجر الأساس في غذاء هذا المجتمع الفاضل البهيج الذي يسعى إليه. من ناحية أخرى، فإن صاحب نظرية موت الإله فريديريك نيتشه انتقد المطبخ الألماني بقسوة واعتبر أنَّ الأطعمة الألمانية تتميّز بقلّة الجودة والدسامة. برأيه فإن تناول الحساء والبطاطا واللحمة المسلوقة مع الخضار والإضافات الدهنية والطحين يتحول إلى أحمال ثقيلة على الجهاز الهضمي.


 دعا نيتشه أيضاً إلى حذف الخبز من قائمة الطعام لأنه يُحيِّد نكهة بقية الأغذية، ورفض القوت النباتي لأنه يُضعف الجسد؛ فالإنسان الخارق المتفوق الذي سعى إلى تشكيله يحتاج إلى اللحم لكي يبني جسده وقوته. عِلم التغذية عند مؤلف «جينالوجيا الأخلاق» يقوم على اختيار الكمية المناسبة والنوعية الجيدة فحسب. لذا كان يرفض الإكثار من الخبز والنشويات وينتقد حرمان الجسد من اللحوم ويدعو إلى تجنب الكحول لأن استهلاكه بإفراط يسبّب الانحطاط الروحي. دعا نيتشه أيضاً إلى استبدال القهوة بالشاي، وشجع على تناول الشوكولا ومدح فضائل الكاكاو. الفيلسوف الذي آمَنَ بمبدأ القوة ونبَذَ ثقافة المستضعفين، كان شغوفاً باللحوم، تحديداً النقانق والجمبون المدخن مع البيض. لكن العائق الرئيسي أمامه كان ارتفاع أسعار هذه الأطعمة، فلم يتمكن دائماً من الحصول على الوجبات التي يشتهيها. وفي السنوات الأخيرة من حياته، كان يبتاع كميات كبيرة من اللحوم ويعلّقها على الحائط. يمكننا أن نتخيّل هنا كم سيكون المشهد ساحراً: نيتشه منكباً على تأليف كتاب «نقيض المسيح» مثلاً تحت مسبحة من النقانق والسجق!


بالنسبة إلى الفيلسوف الإيطالي فيليبو مارينيتي، صاحب النظرة المستقبلية الذي كان يطمح إلى جعل إيطاليا إمبراطورية قوية مهيمنة على منطقة البحر الأبيض المتوسط، فقد شكّل الطعام بالنسبة إليه وسيلة للثورة على الواقع. يعادل تنظيم المآكل لديه فكرة تنظيم البروليتاريا لدى ماركس وتحويلها إلى طبقة ثورية. لقد انشغل مارينيتي بالسؤال عما يجب أن تأكله الأمة الإيطالية الحديثة، ووجد أنه على الإيطاليين الامتناع عن تناول المعكرونة لأنها تسبب الثقل والإعياء للجسد، واعتقد بأنه إذا تخلت إيطاليا عن السباغيتي واستبدلته بالأرز الوطني فسوف تصبح أكثر قوة من الناحية الاقتصادية وتنتفي حاجتها إلى استيراد القمح. مقابل ذلك، حثّ الإيطاليين على تناول الخرشوف والإوزّ السمين أو الخروف المشوي. كما سعى في أنظمته الغذائية إلى إرضاء الحواس الخمسة عبر إدخال العطور والموسيقى إلى وجباته.


نصل أخيراً إلى فيلسوف الوجوديّة جان بول سارتر الذي كان يتجاهل الاهتمام بنظافته الشخصية ولا يبالي بالطعام، فكان أكله يقتصر على التهام أي شيء وفي أوقات غير منتظمة، علماً أنه كان يُفضل بشكل خاص أطباق اللحوم الباردة. لكن هذا كان يقابله التدخين بشراهة وابتلاع كمية كبيرة من الأدوية والمنشطات النفسية. ما ميَّزَ سارتر هو كرهه لثمار البحر بسبب لزاجتها وطراوتها التي تثير لديه إحساساً بالتقزز. وفيما غابت هذه الكائنات البحريّة عن مائدته، إلا أنها لم تغب عن رأسه. إذ كان يتوهم أنَّ جحافل من سرطانات البحر تطارده من مكان إلى آخر، خصوصاً لدى تناوله الميسكالين، وهو من الأدوية العصبية المسببة للهلوسة.