الجمعة، 3 يناير 2020

بقلم محمد ابو مديم

*   تَبَارِيْحُ اشْتِيَاقٍ   *

سَلِي اللَّيْلَ يَا لَيْلَايَ إِذْ بَاتَ أغْسَقَا
فَإِنْ جَنَّ هَاجَ الشَّوْقُ دَمْعًا تَدَفَّقَا

فَفِيْهِ أَنَاخَتْ لَوْعَةٌ مِنْ تَأَمُّلٍ
وَفِكْرُ النُّهَى آضَ اشْتِيَاقًا وَحَلَّقَا 

يُعَانِقُ ذِكْرَى فِي البُكَا بَيْنَ أَضْلُعٍ
وَيُبْكِي مَدًى قَدْ حَالَ بَيْنًا أحْدَقَا 

وَعَيْنَايَ تُبْدِي مَا تُجِنُّ جَوَانِحِي  
وَقَلْبِي عَلِيْلٌ مِنْ رَحِيْلٍ مُفَتِّقَا  

كَسَتْنِي اللَّيَالِيْ ثَوْبَ سُقْمٍ مُجَدَّدًا 
وَأَنْتِ لِنَفْسِي بُرْدُ حُبٍّ تَنَمَّقَا

وَكَمْ غَمَّنِي هِجْرَانُ رُوْحِكِ غُمَّةً 
وَبِتُّ غَلِيْلًا مِنْ نَوَى كَانَ مُحْرِقَا  

فَيَا أَدْمُعِي جُوْدِي البُكَاءَ صَبَابَةٍ
وَيَا مُهْجَتِي ذُوْبِي بِدَمعٍْ تَهَرَّقَا

فَلَمْ يَبْقَ لِي شَيءٌ بِدُنْيَا نَوَائِبِي
أَزَفَّتْ شِقَاقًا قَدْ دَنَا مَا تَرَفَّقَا 

أَيَا لَيْلَ حُزْنٍ قَدْ خَتَا الرُّوْحَ غُصَّةً 
طَوَتْنِي شُجُونًا خَلْفَهَا كَانَ رَوْنَقَا 

وَكَيْفَ أُوَاسِي القَلْبَ مِنْ دَمْعَةٍ صَبَتْ 
تَرَاءَى بِهَا طَيْفٌ وَتَصْبُو إِلَى اللِّقَا

أَلَا لَيْتَنِي مَا ذُقْتُ حُبَّ وَصِيْفَةٍ
وَلَيتَ مَمَاتِي كَانَ يَوْمَ تَفَرُّقَا 

فَلَا تَعْذلُوْنِي فِي هُيَامٍ مُدَلّهٍ  
فَإِنِّي وَدِيْدٌ مِتُّ توقًا تَحَرَّقَا 

وَإِنْ كَانَ يُرضِيْها افْتِرَاقٌ مُبَدِّدٌ 
فَقَدْ طَابَ للْقَلْبِ انْفِصَالٌ وإنْ شَقَا

عَلَيْكِ سَلَامُ اللهِ يَا نَبْضَ مُهْجَتِي 
سَلَامُ مُحِبٍّ ذَابَ وَصْلًا تَشَوَّقًا 

سَلَامُ تَبَارِيْحِ اشْتِيَاقٍ تَوَهَّجَتْ  
بِعَيْنٍ بِهَا شَوْقٌ تَبَرَّجَ مُوْنِقَا

*******
محمد سعيد أبو مديغم 
بحر الطّويل

أَنَاخَتْ : استقرتْ وأقامتْ
آضَ : تَحَوَّلَ
البَينْ : الموت 
تُجِنُّ / أَجَنَّ  : تُخفي ، اِسْتَتَرَ 
البُرْدُ : كِسَاءٌ مُخَطَّطٌ يُلْتَحَفُ به
مُنَمَّقٌ : مُزَيَّنٌ 
أَزَفَّتْ شِقَاقًا : تَعَجَّلَت بالفراقِ 
خَتَا : انكسر من حزنٍ أو مرضٍ
رَوْنَق : حُسْن وبهاء المحبوبة 
مُدَلّه : ذَهَبَ بالعَقْل مِنَ شدّة الْحُب
وديدٌ : مُحِبٌّ
تَوْق : شوق وحنين

الأربعاء، 1 يناير 2020

محمد أديب السلاوي

كلمات سياسية :
الحزب السياسي…

"الحزب" في اللغة العربية، هو ما يعنيه المفهوم نفسه في اللغات الأخرى، هو كل جماعة من الناس، تشكلت قلوبهم وأعمالهم، من أجل هدف ما أو فكر ما/ وإن لم يلتق بعضهم بعضا في الزمان والمكان.
وفي القرآن الكريم، ورد مصطلح "الحزب"عدة مرات، خاصة في سور: المائدة، المؤمنون/ الروم/ المجادلة/ الكهف/ الرعد/ مريم، لكنه جاء بمفاهيم مغايرة بما يتفق عليه الفقه الدستوري وعلم السياسة في منابعها الغربية.
وفي التاريخ العربي الإسلامي، لا نجد أثرا لهذا المصطلح في الأدبيات السياسية القديمة، ولربما يعود استخدامه لأول مرة، في العصر الحديث، إلى بداية القرن الماضي، حيث نشأت الأحزاب على النمط الأوروبي في مصر أولا ثم في العديد من البلاد العربية.
وفي السياق الغربي، حيث لم تظهر الأحزاب إلا في القرن التاسع عشر، تعتبر تنظيمات سياسية، انتظمت في البداية على أساس التمايز الطبقي/ الاجتماعي/ الاقتصادي، واستندت في أفكارها وطروحاتها على تراث عصور التنوير التي كيفت الوعي الثقافي، والقومي الأوروبي، حيث تحددت بنياتها السياسية إجمالا حسب منطق القسيمة بين اليمين الذي يمثل قيم الأمة في دلالاتها التقليدية المحافظة، ويعكس مصالح طبقة أرباب العمل والصناعيين التي أفرزتها الديناميكية الرأسمالية، وبين "اليسار" الذي يعبر عن قيم الرفض والتغيير، التي هي الوجه الآخر لحركية الحداثة، كما يعكس مصالح طبقة العمال والفئات الوسطى.
وقد عرف الحقل السياسي الغربي، تطورات متلاحقة، غيرت من ملامح هذه القسمة، من أبرزها انتقاء الصراع الطبقي في شكله التقليدي الذي عرفته المجتمعات الرأسمالية في القرن الماضي ومطلع هذا القرن، حيث لم تعد الطبقة العاملة تمثل قاعدة ارتكاز إيديولوجية أو اجتماعية، وإنما تم استيعابها في مجتمع الرفاهية الذي أفرزته الثورة الصناعية الثالثة، القائمة على التقنيات الرخوة([i])، وإذا كانت الإنطلاقة الحزبية الغربية محدودة في قسيمتها، فإنها في العصر الحديث، جعلت الحزب السياسي ركنا أساسيا من أركان الأنظمة الديمقراطية، فهو جماعة (قانونية)، تتكون من المواطنين، متفقة على تنفيذ برامج أو مبادئ سياسية معينة إذا تولت السلطة: فالحزب يقوم بإبراز المبادئ والأهداف الإجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يؤمن ويناضل من أجلها، ويعمل على تأطير وتوعية الجماهير وبلورة أهدافها ومطالبها واتجاهاتها المختلفة.. لأجل ذلك أصبحت الأحزاب السياسية قاعدة أساسية للديمقراطية، وشرطا ملزما لوجودها.
وفي نظر العديد من المفكرين السياسيين وجدت الأحزاب السياسية من أجل القيام بمهام مضبوطة، ولربما في الزمان والمكان. فهي تنوب عن الفرد/ المواطن في التعبير عن مواقفه ورغباته ونظرته إلى نفسه وإلى عصره وإلى وطنه، تحكم وتعارض باسمه، فالتنظيمات الجماهرية/ الجمعوية هي أقدر من الفرد على المساهمة في التخطيط من أجل الحاضر والمستقبل، وعلى مواجهة كل حالة طغيان أو استبداد أو تجاوز، وعلى مراقبة ذلك من خلال مواقفها السياسية والاجتماعية والثقافية.
-2-
وفي الفكر السياسي المعاصر، الحزب السياسي هو "اجتماع أشخاص يعتقدون العقيدة السياسية نفسها"([ii]) وهو "تنظيم سياسي يقوم أعضاؤه بعمل مشترك لإيصال شخص أو أشخاص إلى السلطة...([iii]) تعارض مجموعة أخرى بالآراء والمصالح...([iv]) وهو في مختلف الأنظمة السياسية المعاصرة، في البلدان التي هي في طريق النمو، أو في البلدان المصنعة، يعني جماعة منظمة من المواطنين، متفقة أو مقتنعة بإيديولوجية أو عقيدة سياسية أو أفكار/ برامج، تناضل من أجل الوصول إلى السلطة، وتحقيق أفكارها/ مبادئها/ إيديولوجياتها، والتعبير عن مواقفها ونظراتها إلى حاضرها ومستقبلها، وإشراكها في التخطيط والقرار.
وإجمالا، فالحزب في الصيغ الغربية الحديثة، هو تشكيل إيديولوجي حديث، قوامه الانتماء السياسي لعقيدة سياسية واحدة، ومن الناحية النظرية حل هذا "التشكيل" محل الانتماءات العصبية والقبلية والقرابية والجهوية، ومحل الولاءات التقليدية عموما.
ويمتاز الحزب في هذه الصيغ بإمتلاكه إيديولوجية خاصة، تتضمن قراءته وتفسيره الخاص للتاريخ البشري والمحلي، تفسيرا اقتصاديا أو سياسيا أو فلسفيا، ويتضمن تحليله الخاص أيضا لبنية المجتمع ومقاصده تحليلا تعبويا وتأطيريا يساعد الفاعل السياسي المنخرط على التحرك والفهم والنضال والتأطير.
ويمتاز الحزب في هذه الصيغة كذلك، إلى جانب إيديولوجيته، بشكله التنظيمي، فهو يقوم على تنظيمات خلوية قطاعية، وبخاصة في القطاعات الانتاجية والثقافية والخدماتية.
كما يمتاز أيضا بروحه الديمقراطية، فهذه الأخيرة هي روحه التنظيمية السارية في جسمه، من أدنى مستوياته إلى أعلاها([v]) سواء فيما يتعلق باتخاذ القرارات... أو فيما يتعلق باتخاذ المبادرات وصياغة السياسات والمواقف.
-3-
وفي العالم اليوم أصناف متعددة من الأحزاب السياسية، يمكن تمييز أربعة بارزة منها:
1- الأحزاب الجماهيرية: بعضها يلتف حول الزعامات، وبعضها الآخر يلتف حول الإيديولوجيات/ الأفكار والبرامج، ولكن غالبيتها يرتبط بامتداد الاقتراع العام، ويسعى للحصول على أقصى عدد من المنخرطين/ المناضلين، المؤطرين إيديولوجيا وانتخابيا.
ويهدف عادة هذا الصنف من الأحزاب، إلى توسيع وتمتين قاعدته الاجتماعية بكل الذين يقتنعون بنضالاته/ إيديولوجيته/ برامجه... لذلك لا يعتمد مقياس العضوية فيه على ثقافة أو ممتلكات أو مال أو جاه، بقدر ما يعتمد على الاستعداد للعمل وفق بنية الحزب التنظيمية، التي غالبا ما تكون محكومة بضوابط السلوك الحزبي المطلوب... وتمثل أحزاب "الطبقات الوسطى" إلى حد ما نماذج الأحزاب المجاهيرية الواسعة.
2- الأحزاب النخبوية: وتجمع حولها شخصيات بارزة في مختلف القطاعات، تظهر وتختفي في كل استحقاق انتخابي، هدفها الأساسي الحصول على مقاعد مريحة في البرلمان والحكومة وكافة المجالس والهيئات المنتخبة.
3- أحزاب الأعيان:وغايتها أن تكون إطارا مفتوحا على صفوة المجتمع، سيما الاقتصادي والمالي، فهذا الصنف من الأحزاب لا يسعى إلى توسيع قاعدته الاجتماعية، بقدر ما يعمل من أجل استقطاب الأشخاص النافذين في المجالات الإدارية والمالية، والقادرين على تمثيل الطبقات السائدة على الصعيد الاقتصادي.
4- أحزاب التجمع:وهي إطارات منفتحة من الناحية التنظيمية على الأطر والكفاءات، أهدافها الاجتماعية والسياسية دقيقة ومحدودة، وأهدافها العامة، كسب الرهانات الانتخابية والعمل على استقطاب أوسع الهيئات الانتخابية.
وكل هذه الأصناف في عالم اليوم، لا تقاس أهميتها بحجمها أو بعدد المنخرطين فيها، بقدر ما تقاس بمسارها التاريخي، وبحجم مساهماتها الإيديولوجية والمؤسساتية، في الرقي السياسي، وفي توسيع آفاق المشاركة الشعبية في بلورة هذا الرقي والدفع به إلى تحقيق المزيد من أهداف الديمقراطية.
-4-
وفي عالم اليوم، تطور المفهوم الحزبي في المنظومة الديمقراطية بعدما أصبح يشكل عمودها الفقري الأساسي، فهو الممر الطبيعي إلى السلطة، والقناة الأساسية لأنظمتها، وهو العامل الطبيعي الملازم لكل مراحلها، وهو حجر الزاوية في كل بناءاتها.
بهذه الصفة أصبح الحزب السياسي، في عالم اليوم، بلعب أدوارا هامة في الحياة السياسية للدول والشعوب، فهو يؤطر المواطنين في صفوفه وهياكله ومنظماته الموازية. ويمثلهم في هياكل الدول وفي مؤسسات الشأن العام، ويقوم بدور وسيط بين الحاكمين والمحكومين... ويعمل بذلك على خلق الممارسة السياسية الخلاقة التي تضمن للمجتمع تماسكه ووحدته وللدولة استمراريتها، بالإضافة إلى مساهمته في التنشئة السياسية، وتأطير الناخبين والمنتخبين، وتكوين الرأي العام وتوعيته وتعبئته.
وحسب مقاربات العلوم السياسية المعاصرة في الغرب، تقوم الأحزاب السياسية في الأنظمة الديمقراطية بوظائف متعددة أبرزها:
- الوظيفة الانتخابية
- وظيفة المراقبة والتوجيه بالمؤسسات العمومية
- وظيفة التعبير عن الأوضاع السياسية
- وظيفة الوساطة بين الفئات المعبر عنها وبين الحاكمين.
- وظيفة الدفاع عن القيم السياسية للكثلة التي تمثل قيم الشعب والدولة.
فالأحزاب السياسية في الغرب وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت هي التي تتولى زمام السلطة في إطار تنافسي، تطبعه المساهمة والاقتراع، خاصة بعدما أصبحت الديمقراطية عملية أساسية لاتخاذ القرارات الجماعية التي تسجد حكم الأغلبية، وبعدما أصبحت الانتخابات حقا مكفولا لجميع أعضاء الجسم الانتخابي، تكرس مفهوم التناوب على السلطة، وهو ما جعل الديمقراطية التمثيلية أو النيابية في الغرب، (أوروبا وأمريكا)، ترتكز على الأحزاب السياسية كعمود فقري أساسي لا محيد عنه، فالأحزاب السياسية بهذه الصفة أصبحت تمثل جانبا من جوانب المؤسسة السياسية للدولة، فهي دراعها في العمل السياسي العام، وهي الوسيلة التي يشارك بها المواطن في الحكم وفي اتخاذ القرارات المتعلقة به وبحياته ومستقبله([vi]).
وفي القارتين الأوروبية والأمريكية كذلك، أخذت الأحزاب الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية، تبحث بصورة خاصة عما هو صالح للإنسان في برامجها، على اعتبار أن الحزب هو أداة رئيسية للنشاط السياسي الشعبي للدولة الحديثة، فهو قبل أن يكون أداة لإعداد المرشحين إلى الانتخابات، أو تكوين "وزراء المستقبل" هو أداة سياسية ديمقراطية، ومدرسة تسعى قبل كل شيء إلى تكوين وتأطير أعضائها وتوعيتهم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا... وحضاريا كذلك، من أجل أن يكون للوجود الحزبي، غاية سياسية نبيلة.
-5-
لربما ساعد الحزب، كتنظيم وإيديولوجية، ساحة العمل السياسي في عالم اليوم، لتتحول السياسة إلى مجال سام لتدبير الشأن العام، وتنظيم التنافس بين الناس، بأساليب عقلانية/ قانونية/ حوارية... ولكنه في العديد من الدول المتخلفة/ السائرة في طريق النمو، مازال يدفع بالسياسة لتكرس نفسها كمجال واسع للصراع من أجل السلطة والثروة والجاه والحظوة. حسب ثقافة وأفكار وتنظيم هذا الحزب أو ذاك، يتقلب الصراع السياسي، بين التنافس الشريف والعنف الخبيث. بين التنافس المشروع والتنافس العشوائي. إلا أن ما يجنيه المواطن في العديد من هذه الدول، من هذا الصراع، سلبا أو إيجابا، هو انتماؤه دائما إلى السياسية ومفاهيمها وأهدافها وتطلعاتها. ذلك لأن السياسة داخل التنظيمات الحزبية وخارجها، هي مجال مفتوح باستمرار للصراع الحاد من أجل المصالح، يجوز فيها استخدام كل الوسائل القانونية وغير القانونية، العقلانية واللاعقلانية، الأخلاقية واللاأخلاقية.... ومن تمة أصبحت دعوة الفكر الإنساني لتنظيم المجال الحزبي في هذه الدول، بناء على حقوق المواطنة، وعلى الإعتراف بحق الآخر، وحق الإختلاف معه. دعوة تحتل موقع القانون الذي يعطى للحزب السياسي، مشروعية البقاء والتطور والاستمرار.
إن الديمقراطية –كما هي في الغرب- ليست مجرد إجراءات أو مؤسسات، وإنما هي أيضا قيم ومشاعر واتجاهات مواتية ومشاركة وإحساس بالاقتدار السياسي، وبروح المبادرة وجميعها من المهام الأساسية للأحزاب السياسية التي تشكل العمود الفقري للديمقراطية وأداتها التنفيذية.
في المنظور الديمقراطي، مهام الأحزاب السياسية، هي قبل كل شيء تحرير الإنسان من الداخل، وإعطائه أقصى حد من الحرية للتعبير والمشاركة، ومنحه أكبر قدر من الثقة، حتى يحصل على النظام الاجتماعي المطلوب، وحتى يحقق المشاركة الضرورية... وهو ما يعني أن سلامة الديمقراطية ونجاحها لا يتوقف فقط على أصوات الناخبين، وإنما يتوقف أساسا على سلامة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية نفسها، وهو ما يعني أيضا فتح المجال أمام أصحاب المهارات والمؤهلات والمواهب للمشاركة في العمل السياسي، وإجراء انتخابات حقيقية وشفافة وموضوعية، في أجهزة الأحزاب لفرز هياكلها وقياداتها، وإعطاء الأهمية القصوى للمسألة الديمقراطية، باعتبارها معيارا للتميز بين الأحزاب والتجمعات الأخرى، في اتخاذ القرار والتموضع على الخريطة السياسية، وهو ما ينعدم في المؤسسات الحزبية بالدول المتخلفة/ السائرة في طريق النمو.


*****
[i]  - السيد ولد الباه/ الأحزاب السياسية العربية/ جريدة الشرق الأوسط (لندن) فاتح غشت 1999، ص: 9.
[ii]  - انظر مادة "الأحزاب السياسية "بالموسوعة السياسية/ الجزء الثاني/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيرون 1979.
[iii]  - انظر قاموس لوروبير/ الفرنسي (باريز طبعة 1990).
[iv]  - انظر قاموس لاروس (الفرنسية) طبعة 1985.
[v]  - محمد سبيلا/ الحزب السياسي بين النموذج العقلاني والنموذج التقليدي/ جريدة الاتحاد الإشتراكي (مغربية) 28 مارس 2001 ص: 1.
[vi]  - عبد الوهاب الطراف/ أي دور للأحزاب في مجال التنشئة السياسية؟ جريدة الاتحاد الاشتراكي (مغربية) 27 أكتوبر 2001.

محمد اديب السلاوي 

الخميس، 19 ديسمبر 2019

محمد اديب السلاوي

ماهي مفاهيم وقيم التنمية التي نسعى إليها...؟ .

حتى الآن، وبعد ستة عقود من حصوله على استقلاله، يدرك المغرب انه مازال خارج أوفاق وشروط وقيم التنمية، حيت ظلت اختياراته التنموية، معرضة باستمرار لفشل السياسات الحكومية، لأسباب متعددة، منها ما يتعلق بتوجهات الابناك الدولية المانحة، ومنها ما يتعلق بالتوجهات الامبريالية التي ظلت تدفع المغرب المستقل نحو التبعية والانغلاق والإبقاء على الهشاشة والتخلف العميق.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم على المغرب الراهن، بعدما تم تأسيس لجنة موسعة من الخبراء والمثقفين والمهتمين لإعداد نموذج تنموى لائق بالبلاد والعباد، ما هي "التنمية" التي يسعى إليها المغرب الراهن / مغرب عصر العولمة / مغرب عصر التكنولوجية / مغرب الألفية الثالثة...؟
التنمية في قواميس اللغة العربية، المختلفة هي: النماء، والزيادة والإكثار، وهي كلمات في نظر علماء اللغة تعبر عن نفسها بنفسها، ولا تحتاج إلى شرح أو تفسير.
والتنمية في اللغة الإنجليزية، يختلف مفهومها عن اللغة العربية، حيث يشتق لفظ التنمية من "نمى" بمعنى الزيادة والانتشار، أما لفظ "النمو" من "نما" ينمو فإنه يعني الزيادة ومنه ينمو نموا، وإذا كان لفظ النمو أقرب إلى الاشتقاق العربي الصحيح، فإن إطلاق هذا اللفظ على المفهوم الأوروبي يشوه اللفظ العربي. فالنماء يعني أن الشيء يزيد حالا بعد حال من نفسه، لا بالإضافة إليه. وطبقا لهذه الدلالات لمفهوم التنمية فإنه لا يعد مطابقا للمفهوم الإنجليزي developmentالذي يعني التغيير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأهداف، وذلك وفق رؤية المخطط الاقتصادي في البلدان الصناعية وليس وفق رؤية جماهير الشعب أووفق مصالحها الوطنية بالضرورة.
وفي الفكر الإسلامي، تعبر التنمية عن الريادة المرتبطة بمفهوم الزكاة، الذي يعني لغة واصطلاحا الزيادة والنماء الممزوجة بالبركة والطهارة، ويسمى الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه ماديا بمعايير الاقتصاد، في حين ينمو بالبركة، وهو ما يختلف لغة وموضوعا، مع مفهوم التنمية development ذو البعد الدنيوي، الذي يقاس في المجتمعات الغربية بمؤشرات اقتصادية مادية في مجملها.
وفي الفكر الأوروبي، التنمية هي العلم حين يصبح ثقافة، والثقافة كاللغة والعادات والتقاليد والمعتقدات، هي تؤطر التفكير والسلوك الإنساني الواعي، لتصبح عملية تنموية. ولا يمكن ان يحدث ذلك خارج شروطه الموضوعية، وأهمها البحث العلمي، الذي يجعل من التنمية قاعدة في سياسات الدولة الديمقراطية، لا استثناء.
في الدراسات الأكاديمية، يعود هذا المصطلح/ التنمية، إلى الاقتصادي البريطاني البارز آدم سميت في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، وحاليا يعد هذا المصطلح، من أهم المفاهيم التي طبعت الحياة السياسية والاقتصادية في العالم، خلال القرن الماضي بعدما ارتبط بعملية تأسيس نظم اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة، متماسكة، ومترابطة مع العديد من المفاهيم الأخرى، في مقدمتها مفاهيم التخطيط والانتاج والتقدم.
هكذا ارتبط مفهوم التنمية في العصر الحديث، بالعديد من الحقول المعرفية، ليحتل في الدراسات الأكاديمية، كما في الإعلام والعلوم الاجتماعية والسياسية مساحة واسعة، ترتبط أساسا بالفاعلية الاقتصادية/ السياسية/ الثقافية في الدول النامية كما في التي هي في طريق النمو.
وهذه أهم مفاهيم هذا المصطلح/ التنمية، من خلال أقطابها.
1/ التنمية السياسية،وتعرف بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوروبية، تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسيخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
وتعرف التنمية السياسية/ بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية، ويقصد بهذا المستوى، إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوروبية، التي تحقق النمو الاقتصادي بالآليات الديمقراطية.
2/ التنمية البشرية هي اعتبار الإنسان محور كل عمل تنموي، وتربية الإنسان على معرفة ذاته؛ معرفة حدوده وممكناته، وتربيته على تنمية مهاراته الذاتية، وتربيته على الخلق، والإبداع، والحرية، ومقومات الكرامة الإنسانية.
ويعد مفهوم التنمية البشرية حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"  بأنها  توسيع  الخيارات  المتاحة لجميع الناس في المجتمع. ويعني ذلك أن تتركز عملية التنمية على الرجال والنساء وبخاصة الفقراء والفئات الضعيفة. كما يعني "حماية فرص الحياة للأجيال المقبلة... والنظم الطبيعية التي تعتمد عليها الحياة" (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية لعام 1996). وذلك يجعل الهدف المحوري للتنمية البشرية  يتمثل في خلق بيئة يمكن أن يتمتع فيها الجميع بحياة طويلة و صحية و مبدعة.
ومن أبرز الاستنتاجات والملاحظات التي تسجلها التقارير الدولية عن القصور الكمي للأداء التنموي (التنمية البشرية) في الدول المتخلفة.
- ارتفاع الإعالة والبطالة في أغلب الدول السائرة في طريق النمو.
- الارتفاع الكبير في نسبة الأمية بين الكبار في هذه الدول.
- تخلف سياسات التعليم العالي بها.
- تدني الانفاق في مجال الرعاية الصحية بها.
- جمود أداء الصناعة التحويلية بها.
- ارتفاع الخلل في ميزانها الغذائي بين الانتاج والاستهلاك
- استمرار الحجم المرتفع (المطلق والنسبي) لإنفاقها العسكري
- التدني المطلق للبحث العلمي بها.
- ارتفاع مديونيتها الخارجية
3/ التنمية الثقافية، وتسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وتطوير تفاعلاته المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة، المنظمات الأهلية. وجعل الثقافة فاعلا أساسيا في حياة الأمة.
4/ التنمية الاقتصادية، ويقصد بها دفع الانتاج في الدولة بشتى صوره للرفع من المستوى المعيشي لمجموع السكان، فهي تعني تحقيق زيادة ملحوظة في الدخل القومي، وفي نصيب كل فرد من أفراد الشعب.
ويستخدم مفهوم التنمية  Developmentفي علم الاقتصاد من طرف الخبراء للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، ليصبح المجتمع قادرا على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال.
5/ التنمية المستدامة، وبرز هذا المصطلح خلال ثمانينيات القرن الماضي في الكتابات المعنية بمشاكل البيئة وعلاقتها بالتنمية ، وقد كان تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية الذي نشر عام 1987 تحت عنوان "مستقبلنا المشترك" أول من قدم تعريفا لمصطلح التنمية المستدامة على أنها فى أبسط صورها تتمثل فى "تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الحياة والبقاء"، ويعني ذلك، التوزيع المناسب والعادل للموارد، والحقوق والثروات بين الأفراد على مر الزمن، والمساواة المتبادلة بين الأجيال المختلفة وبين أفراد الجيل الواحد، ويرتكز مفهوم المساواة بين الأجيال على فرضية أنه على الجيل الحاضر التأكد من الحفاظ على العوامل اللازمة لضمان جودة الأحوال الصحية والتنوع البيولوجي وإنتاجية الموارد الطبيعية أو زيادتها لمصلحة الأجيال القادمة.
وفي القواميس الاقتصادية الحديثة، يشير مصطلح التنمية المستدامةإلى التنمية (الاقتصادية والبيئية، والاجتماعية) والتي تُلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة. والتنمية المستدامة ليست حالة ثابتة من الانسجام، وإنما هي عملية تغيير وإستغلال الموارد، وتوجيه الاستثمارات، واتجاه التطور التكنولوجي، والتغييرات المؤسسية التي تتماشى مع الاحتياجات المستقبلية فضلاً عن الاحتياجات الحالية.
ورغبة من بعض الخبراء المختصين في جعل مفهوم التنمية المستدامة أقرب إلى التحديد، وضعوا تعريفا ضيقا لهذا المفهوم، ينصب على الجوانب المادية للتنمية المستدامة. ويؤكد هؤلاء الخبراء على ضرورة استخدام الموارد الطبيعية المتجددة بطريقة لا تؤدي إلى فنائها أو تدهورها، أو تؤدي إلى تناقص جدواها "المتجددة" بالنسبة للأجيال المقبلة. وذلك مع المحافظة على رصيد ثابت بطريقة فعالة أو غير متناقضة مع الموارد الطبيعية، مثل التربة والمياه الجوفية والكتلة البيولوجية.
لذلك، تركز بعض التعريفات الاقتصادية للتنمية المستدامة على الإدارة المثلى للموارد الطبيعية، والتركيز على "الحصول على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية، بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ونوعيتها".
ومع أن هذه التعريفات المفاهيمية تخلط بين التنمية الاقتصادية Le développement  والنمو الاقتصاديLa croissance ؛حيث يتم النظر إلى  هذا الأخير، على أنه ضروري للقضاء على الفقر وتوليد الموارد اللازمة للتنمية  وبالتالي للحيلولة دون مزيد من التدهور في البيئة. فإن قضية التنمية المستدامة ستظل قضية نوعية للنمو وكيفية توزيع منافعه، وليس مجرد عملية توسع اقتصادي لا تستفيد منه سوى أقلية من الملاكين الرأسماليين. فالتنمية المستدامة تتضمن مفاهيمها، تنمية بشرية وبيئية شاملة والعمل على محاربة الفقر عبر إعادة توزيع الثروة.
هكذا، وبعد أن انتهت المؤسسات الأكاديمية من صياغة المفاهيم العلمية الاقتصادية والسياسية والثقافية للتنمية في مطلع القرن الماضي، دفع المنتظم الدولي إلى بحث سبل تكريس هذه المفاهيم وجعلها حقا إنسانيا ثابتا في المواثيق الأممية، فأنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي بهيئة الأمم المتحدة في عام 1981 فريقا عاملا من الخبراء الحكوميين معنيا بالحق في التنمية، أوعز إليه بدراسة نطاق ومضمون الحق في التنمية، وأنجح السبل والوسائل لتحقيقها في جميع البلدان كحق من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وطلب من هذا الفريق أن يولي اهتماما خاصا للمعيقات التي تواجهها البلدان "النامية" في سعيها لتأمين التمتع بحقوق الإنسان.
وفي الفترة ما بين سنة 1981 وسنة 1984، صاغ فريق العمل الأممي، نصوصا للإعلان عن الحق في التنمية، وهي نفسها التي اعتمدتها الجمعية العامة للأم المتحدة في 4 دجنبر 1986 وعهدت إلى لجنة حقوق الإنسان بمهمة دراسة التدابير اللازمة لتعزيز الحق في التنمية.
وكان إعلان الحق في التنمية يشكل في العقد الأخير من القرن الماضي، قفزة نوعية في اتجاه تعزيز وتشجيع احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين.
فديباجة هذا الإعلان، تنص بأن التنمية عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة، في التنمية وفي التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنها.
فالتنمية كحق من حقوق الإنسان في مفهوم هذا الإعلان، هي أمر يتخطى بكثير الزيادات المستمرة في المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، فالتنمية مفهوم متعدد الوجوه يشمل البشر ككل، إناثا وذكورا على السواء، في جميع الجوانب المتعلقة بالحقوق الأساسية، سواء كانت هذه الحقوق اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية.
وخارج كل الجهود السياسية والعلمية التي بذلت في القرن الماضي، من أجل بلورة مفاهيم التنمية على الأرض، سيظل مصطلح التنمية، مصطلحا نابعا من أوضاع الدول المختلفة، والتي هي في طريق النمو.
تقول مصادر التاريخ السياسي للعالم الحديث، أن التنمية، بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت مصطلحا ومفهوما يرتبط بالسياسيات الاقتصادية في الدول السائرة في طريق النمو، على اعتبار أنها تهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي إلى جانب الاستقلال السياسي لهذه الدول، فالتحرر من التبعية الاقتصادية في نظر علماء التنمية، لا يتحقق إلا بتنمية جميع مصادر الدخل في الدولة النامية، بعد دراسة وتخطيط شامل في حدود الإمكانات المتاحة لها، أو القضاء على عوامل الإعاقة برفع المستوى الثقافي، ومتابعة التقدم التكنولوجي، أو الحد من النمو السكاني، والحد من الإسراف أو الكشف عن مصادر الثروات الموجودة في البلاد.
لذلك حولت المنظمات السياسية والاقتصادية، والبنوك والمؤسسات الاستثمارية الدولية، هذا المصطلح/ التنمية، إلى حق من حقوق الإنسان، وبالتالي إلى سياسة تلجأ إليها الدول النامية لكي تتخلص من التبعية الاقتصادية للأجنبي، وتتحول إلى الإنتاج الصناعي، من مؤشراتها ارتفاع مستوى الإستهلاك الفردي، وتوزيع اليد العاملة على كافة القطاعات الاقتصادية، ونمو القطاع الصناعي، تحسين قطاع الخدمات والمواصلات، وتراكم رأس المال، وتدريب التقنيين والأجهزة الإدارية، على المخططات الإنمائية، وازدياد حجم المشاريع الاقتصادية.
والتنمية على هذا المستوى يمكنها أن تؤدي إلى تنمية اجتماعية/ بشرية/ اقتصادية/ اجتماعية/ ثقافية شاملة، إلا أنها تتطلب توجيه مجمل الموارد المادية والبشرية نحو زيادة مجمل الإنتاج القومي، ونحو الرفع من إنتاج الفرد في المجتمع، وقبل ذلك وبعده، تتطلب هذه التنمية، التحول من الإنتاج البدائي الذي يعتمد على الزراعة والتعدين ورعاية الثروة الحيوانية، إلى الإنتاج الصناعي، دون التخلي عن هذا الصنف العتيق من الإنتاج، وهو ما يتطلب علميا التخطيط الاقتصادي السليم/ تكوين رؤوس أموال عينية بتشجيع الإدخار القومي/ متابعة التقدم التكنولوجي أو إقامة مراكز للتدريب متخصصة في التكنولوجيات الحديثة.

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019

بقلم 🖊 ياسين حسن


يحتفل العالم بعد غد 18 ديسمبر  باليوم العالمي للغة العربية..نحن نحتفل بهذا اليوم تكريما وتشريفا للغةالقرآن ، لكن نتمنى أن لا يكون اليوم العالمي للغة العربية مناسبة نتذكر فيها اللغة يوماً في العام وننساها باقي الأيام، مسؤوليتنا لا تنتهي بمجرد الاحتفال بهذه اللغة بل يجب علينا جميعا حكاما وشعوبا أن نهب لحماية هذه اللغة والحفاظ عليها، لغتنا العربية تستحق أكثر من مجرد يوم عالمي، قد لا أبالغ إذا قلت إن وحدتنا تكمن في الحفاظ على اللغة العربية لغة ديننا و حضارتنا ، لذا علينا أن نحاول زَرْع حب اللغة العربية في قُلوب أبنائنا وشبابنا وفي مَن حولنا ، فلتكن غايتنا رضى الله الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، وقد فضل الله اللغة العربية على سائر اللغات باعتبارها لغة القرآن ، إنني أتعجب كيف ينصرف شبابنا وشاباتنا إلى الحرف اللاتيني مع أن المتفق عليه عالمياً هو جمالية الحرف العربي ، وهذا لا يعني أنني ضد تعليم اللغات الأجنبية ، بالعكس، ينبغي أن نستفيد من خبرات الآخرين شريطة أن لا نتنازل عن لغتنا العربية الجميلة ، نحن لا ننكر أن اللغة الإنجليزية لغة العالم بلا جدال، وهي الأوسع انتشارا، كما أنها لغة العلم والتكنولوجيا ، لكن من المؤسف والمحزن أن نجد اليوم من يقول من أبناء جلدتنا أنّ اللغة العربية سبب تخلفنا ، فاللغة لا يمكن أن تكون سببا في تخلف المجتمع ، العقول التي لا تخترع ولا تبدع هي العاجزة عن مسايرة العصر ومواكبة التطورات ، هناك شعوب تقدمت تقدماً مذهلاً تكنولوجيا وعلمياً وطبياً دون استخدام كلمات انجليزية أو فرنسية، كالصينيين ، واليابانيين، والكوريين ، لذلك أود أن أقول، هل العيب في لغتنا أم فينا ؟ رحم الله المفكر الكبير و‫العالم ذو البصيرة الثاقبة"‬ المهدي المنجرة" الذي قال، لا يتقدم شعب بلغة شعب آخر، وقال أيضا : لا توجد أي دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الإعتماد على اللغة الأم ...يبلغ عدد كلمات اللّغة العربية أكثر من 12 مليون و300 ألف كلمة ، أما اللغة الأنجليزية 600 ألف كلمة والفرنسية 150 ألفا فقط ، لو جمعت لغات العالم تبقى اللغة العربية الأوسع والأشمل منهم جميعا ، باعتراف الغرب ، كان العرب ولغتهم مصدرا وآلية للتواصل ونقل العلوم إلى الغرب لمدة لا تقل عن سبعة قرون ، اللغة العربية ، هي المنبع لكل اللغات وهي أم اللغات ، فيكفي أن الله سبحانه قد شرفها لتكون لغة كتابه الكريم ، ولغة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

بقلم 🖊 ياسين حسن 


محمد أديب السلاوي

أسئلة مخيفة عن أوضاعنا المخيفة...



 ماذا يمكن أن يحدث ببلد متخلف، يعاني من الفساد المالي، ومن فساد الإدارة  ومن البطالة والفقر والأمية ومن الجفاف وشح المواد الغذائية وغلاء الأسعار وتدني الأجور... في ظل سياسات حكومية فاشلة ومتراجعة...؟ 
 ماذا يمكن أن يحدث ببلد يعاني من الفساد الحزبي/ الفساد الانتخابي/ الفساد المالي/ الفساد الاجتماعي، يعاني من شراسة الهاجس الأمني، ومن شراسة القرارات الفوقية. ومن تحديات المعطلين، ومن تردي الحريات العامة وحقوق الإنسان وحقوق المواطنة...؟

 ماذا يمكن أن يحدث ببلد، يلتقي على أرضيته غضب الجياع، وغضب العاطلين، وغضب المأجورين، وغضب النقابات، وغضب الأطفال العاملين، وغضب أطفال الشوارع، وغضب التلاميذ المطرودين من المدارس، وفساد السياسات الحكومية، على صعيد واحد...؟
 ماذا يمكن أن يحدث إذا التقى كل ذلك بظروف دولية، اقتصادية، سياسية بالغة الصعوبة، يقترن فيها الجوع والتخلف وفساد السياسات في هذا القطر، بانتفاضات وثورات ذلك الآخر..؟

 لا أريد الإجابة عن هذه الأسئلة، ولا أسعى إليها، فذلك شأن المختصين. ولكن إشكالية الفساد المالي، وإشكالية الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار وتدني الأجور وتوسع دائرة الفقر والبطالة والتهميش، أصبحت تفرض نفسها على البلاد والعباد. وأصبحت تفرض على الصحفيين والكتاب والمفكرين والسياسيين والنقابين، الذين ينخرطون في المعارضة، والذين يملكون القرار، سؤالا واسعا، كيف التصدى لها، ولو من باب التذكير والاستئناس. 

 ومعروف أن مشكلة الغذاء وحدها، وبعيدا عن السلبيات المؤثرة الأخرى، كانت وما تزال تحظى بأهمية قصوى لدى جميع دول العالم، وزاد الاهتمام بها في العقود الأخيرة، بعد تأزم الموقف الغذائي العالمي، وتزايد الطلب على الغذاء والمنتجات الزراعية، في مناطق عديدة من الأرض. 

 فلم تعد هذه المشكلة، اقتصادية فقط، وإنما أصبحت إلى جانب قضايا الفساد، تشكل أبعادا أخرى، سياسية وأمنية في غاية الخطورة على الدول الفقيرة التي أصبحت بفعل السياسات الفاشلة المتعاقبة تستورد الغذاء من الدول التي أخذت تستعمل هذا الأخير سلاحا لا تصدره إلا بشروط مؤثرة، وهو ما يعني بوضوح أن الاعتماد على استيراد الغذاء يجعل الأمن القومي عرضة للخطر في أية لحظة ... وفي أي بلد.

 الغريب في الأمر، أن حكومات العديد من البلاد المتخلفة/ الفقيرة، جعلت في العقود الأخيرة، من الأمن الغذائي/ الاكتفاء الذاتي في التغذية، شعارا لسياساتها وبرامجها ومبادراتها. لأن الهدف من التنمية كان وما يزال في كل الأقطار والامصار، يتمحور  حول قضية الأمن الغذائي، لما لهذا القطاع من خطورة بالغة على ظاهرة الاستقرار السياسي داخليا وخارجيا، فهذا الأمن الذي يعني بوضوح، اكتساب القدرة الإنتاجية الذاتية القابلة للنمو والتطور تسمح للمواطن بمستوى معيشي لائق كريم، وتؤمن حاجاته من المواد الغذائية الضرورية، لا يقل أهمية عن الأمن العسكري، فكلاهما يحمي الوطن من الانهيار، ومن الاندثار، ومن السقوط .

 إن الأمن الغذائي، أصبح يكتسي أهمية قصوى في الظرفية المحلية/ الدولية الراهنة، ومن أجل تحقيقه وفق شروطه الموضوعية، كان لابد لبلد كالمغرب، ينتمي إلى منظومة العالم الثالث، من بناء إستراتيجية زراعية متطورة ومدروسة، تقوم على فهم عميق لأبعاد الأمن الغذائي وإشكالاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فهذا الأمن يعني في المفاهيم ( السياسية/ الاجتماعية/ الاقتصادية ) تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، تأسيسا على قدرة المجتمع على تحقيق ذلك، بموارده وإمكاناته الذاتية، أي بقدرته على إنتاج كل احتياجاته الغذائية محليا. 
 و يشترط الأمن الغذائي في زمن العولمة، وتحرير التبادل التجاري، بجعله خيارا استراتيجيا لا تنازل عنه، مهما كلف ذلك من ثمن ومن تضحيات، لما له من علاقة بالأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. 

 وإذا كانت حكومات العالم الثالث، في النصف الثاني من القرن الماضي، قد رفعت شعار الأمن الغذائي، وأمضت أيامها بسلام، وانسحبت، لتترك مكانها لحكومات أخرى، تبدأ من جديد في رفعه واتخاذه خريطة طريق. فإن حكومات الألفية الثالثة، التي صادفت وضعية دولية مخالفة، لربما لسوء حظها، جاءت في وقت، لا تستطيع لا الشعارات، ولا عصا الأمن الغليظة، ولا إحسان الدول الشقيقة والصديقة، ولا استرحام قلوب الدول الغنية، ولا إخفاء رؤوس وزرائها المسؤولين في الرمال ، إخراجها من الورطة، أو تمرير هذه المرحلة، ذلك لأن وضع العالم اليوم، يختلف عن وضعه بالأمس. 

 فبسبب الأخطاء التي ارتكبتها سياسات العالم الثالث في الماضي، خاصة قبل ظهور القطبية الأحادية، تجاه الأمن الغذائي. والأمن الصناعي، و الأمن الاجتماعي، تراكمت على ساحة هذه الدول أخطاء أخرى، منها الفساد المالي/ استعمال الموارد الطبيعية والثروات الدفينة في الأرض/ جرائم نهب الموارد الطبيعية/ والفساد الإداري، إلى أن وصل الأمر إلى ما وصل إليه، من بطالة ومرض وأمية وتهميش، وغلاء وفقر، وتخلف عن ركب البشرية، يقاس بعدة قرون. وإذا ما أضفنا إلى هذه السلبيات، سلبيات أخرى تتصل بنشر التعليم والرعاية الصحية وتوفير السكن، وتطوير البحث العلمي، وجميعها مترابطة حول هذه التنمية المفترى عليها. سنجد العالم الثالث –ومن ضمنه المغرب- يدخل مرحلة صعبة من تاريخه، مطبوعة بالفوضى والإحباط والتصادم. 

 إننا في المغرب، البلد الزراعي/ الفلاحي/ بلد المناجم/ بلد البحرين/  وبلد الشباب/ وبلد الخدمات السياحية، ونتيجة للأخطاء المتراكمة على مدى سنوات طوال في إدارة هذه الطاقات الطبيعية والبشرية، نشهد اليوم مثلنا، مثل العديد من بلدان العالم الثالث، جفافا شديدا، دون أن نجد له حل. ونشهد تراجعا كبيرا ومخجلا في إنتاج الحبوب واللحوم والألبان والخضروات والسكريات دون أن نجد له  حل. ونشهد ارتفاعا فاحشا في الأسعار دون أن نجد لها حل. ونشهد تراجعا في القدرة الشرائية، وفي التشغيل، وفي الصحة، وفي التعليم، وفي السكن، دون أن نجد لها الحل... ونشهد أمامنا حكومة " منسجمة " تردد مثل حكومات العالم الثالث، شعارات التنمية، التي لم تحدد لنا مفهومها حتى الآن، ولم تجد لها هي الأخرى أي حل حتى الآن.

 طبعا، مثل هذه الحالة، دفعت بالشارع المغربي وشوارع عربية/ إفريقية/ عالمثالثية إلى الاحتقان، وأحيانا إلى التصادم والثورة.
o المعطلون الكبار والصغار، الحاصلون على الشهادات العليا، والذين لم يتمكنوا من التعليم، ينزلون إلى الشوارع كل يوم، يرتمون عند أقدام القوات المساعدة أمام البرلمان وأمام الحكومة وأمام القطاعات العمومية وأمام العمالات والولايات، في المدن الصغيرة والكبيرة وفي القرى النائية، ويسلمون أجسادهم ورؤوسهم كل يوم، إلى عصى الأمن وعصى القوات المساعدة، لتفعل بها ما تريد. 

o الشباب اليائس من وطنه، ومن سياسات وطنه، ووعود رجالات السياسة في وطنه، يركب كل يوم مراكب الموت، في محاولة للهروب إلى الشاطئ الآخر، الذي يرفضه شكلا ومضمونا، ويغتاله في البر والبحر، ويعامله بعنصرية قاسية، ولكنه يبقى مع ذلك هو أمله الوحيد للاستمرار والعيش. 

o المأجورون في المصانع والمعامل والمتاجر، والموظفون الصغار في الإدارات العمومية وشبه العمومية، وفي المجالس المنتخبة والغرف المهنية الذين لم تعد أجورهم الضحلة تكفيهم، لا للعيش ولا للموت. أعياهم الاحتجاج، وأصبحوا يتوجهون جماعات وفرادى إلى الشوارع من أجل الصياح، والارتماء إن اقتضى الحال عند أحضان الموت من أجل الخلاص. 

o أطفال القرى، وأطفال أحزمة الفقر بالمدن، والأطفال المتخلى عنهم والأطفال المهمشون، أصبحوا هم أيضا، يشكلون ظاهرة ملفتة، في الشوارع الكبرى، وفي الشوارع الخلفية، يتعاطون الرذيلة والتسول والسرقة والجريمة، على مرأى ومسمع من الأحزاب والمنظمات والحكومات... ومن كافة القطاعات الاجتماعية، فقط من أجل سد الرمق والاستمرار في الحياة.

         السؤال المخيف : أمام حالة الاحتقان، حالة الجوع، والبطالة، وارتفاع الأسعار، وندرة وغلاء أسعار المواد الغذائية، واشتداد الأزمة الغذائية، وغضب النقابات وغضب الشارع العام، ماذا يمكن أن يحدث، للعالم الثالث، لو نزلت شعوبه جميعها إلى الشارع العام.ماذا لو نزل الجميع إلى الساحة... من سيأكل من ؟ ومن سينتصر على من...؟ 

السؤال الأهم الذي على المجتمع الدولي اليوم... كما على الحكومات المحلية في العالم الثالث الإجابة عنه، بسرعة وموضوعية : ماذا على " العالم المتحضر " أن يفعل من أجل أن لا يحدث ذلك...؟

الاثنين، 9 ديسمبر 2019

حسانين خاطر

مصر المنارة أم الدنيا أمنا 
تسعد ب نورك يابن اخى عدنان 

عرفه الرابي  قد انرت مصرنا 
وشذا عطرك فاح بكل مكان 

شاعرنا المبجل بك ترتقى حروفنا 
ولقصيدك تنحنى الأقلام 

أهلا وسهلا قد حللت بديارنا 
نورا أضاء الديار والسكان  

سعد الفؤاد ونبض لك قلبنا 
شوقا لرؤياك ياعظيم الشان 

يابن الأصالة حبك يسرى بدمائنا 
أراه يختلط بالدم فى الشريان 

متى نراك نورا يضيء بيتنا 
وتجود علينا برؤياك يابن الكرام 

ونتشرف بضيافتك ويزداد شرفنا 
بالبقاء معنا عددا من الأيام 

يابن فلسطين الأبية يافخرنا 
بآل الروابى تمتطى الفرسان 

تفضل علينا وكن كريما بلقاءنا 
تظل ذكراك على مدى الأزمان 

عطرا معتقا يفوح بدارنا 
وسعادة للقلب والوجدان 

ونورا يضيء إذا مااحل ليلنا 
وفى النهار شمسا بددت الظلام 


بقلم حسانين خاطر 
صادق الوعد 
17 / 9 / 2018م

سميرة مسرار

الهروب 

لما أنت يا قلب صامت منذ زمن بعيد....
من أغلق أبوابك ببصمة يده وابتعد.....
حتى ذبلت أزهارك وضاعت أحلامك.....
لا الصبا شفع لك ولا الجمال أنقدك ...
فلا تهجر أمنياتك ولا تخفي فرحتك....
وارتقب غيم الشتاء لعلها به تعود....
حاملة بين ايديها بقايا عشق  يحن للحبيب ......
منتظرة الشمس بشروقها لتضيئ الليل....
 فأين انت ياسيدي  ... ...
بالأمس امتلأ صيفك حبا بغمامتي
فرحلت إلى شواطئك سعيدة ......
فلما الهروب اليوم من خيمتي......
 بعد ان اشتعلت نارك في ذاتي.....
ألم أكن طفلتك المدللة ...   
 التي زحزحت قلبك رغم ثباته.....
وحتلت قلعتك بهمساتها.... 
فلما لا تحدثني هذا الصباح ...
لأقول لك أن الفؤاد من هجرك مجروح ....... 
والروح تاهت في مكان مهجور.... 
ونار الشوق أحرقت الجسد المفتون...   
فرأفة بحبيبك الحزين.....


✍سميرة