الخميس، 2 مايو 2019

بقلم محمد الاوديي

في حضرة البحر 

          ما دمتُ في حضرة البحر
          فإلهامي ليس له ضفاف 

          كلما حملقت في موجه 
          إلا وتوَلّد شعر لدفاتري ينضاف 

          يمنحني الحرفَ وجمالَهُ 
          أحكي بهما عن من تعددت فيه الأوصاف

          كنتَ وما زلتَ يا بحر صلة وصل 
          منذ أن كان الدفع هو المجداف

          ربطتَ شرق الأرض بغربها 
          واصطفتك التجارة وكذا الإصطياف

          زانت فيك الرحلات يا بحر 
          وأهدى جوفُك الدررَ وما صانته الصدفات 

          قذفت أم موسى في يمِّك نبيا 
          فنجا من الغم وحاطت به الألطاف 

          فأسرارك عدَّة وذات بيان 
          يشهد بها من بآيات الكون هم شِغاف 

                                           امحمد الأوديي 


                                  المضيق، في 2 ماي 2019

بقلم مجد الدين سعودي

الديوان الشعري (وعود الجلنار) للشاعرة فوزية أمين :
وعود عبيرية بطعم النبوءات والشموخ والانكسار وأحلام الوطن

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

القسم الأول
_ _ _ _ _ _ _ _

1 في الإصدار
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _

يقول الدكتور حسن بنموسى في دراسته ((قراءة في هندسة تشكيل النصوص وبناء المعاني وتداعي الأفكارفي تقاطعاتها مع إيقاعات مشبعة بالتناغم مع معجم منحوت ببلاغة نادرة على مقاسات الإيحاءات و الإسقاطات والدلالات في د يـوان : ـــ وعود الجلنار ـــ للشاعرة : فــــوزيـة أمـــيـــن) .
   : ((ــ وعود الجلنارــ وهو ديوان من الحجم المتوسط ويضم 26 قصيدة في حوالي 72 صفحة . ويقدم للديوان الأستاذ الأديب والشاعر المغربي مصطفى لغتيري الذي انبهر قبلي هو كذلك بمستوى الألق الذي علية نصوص الشاعرة .)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

2 في العنوان
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

تقول الشاعرة فوزية أمين في قصيدة (نبوءة) :
( هي ..
عصفورة غجرية
يغشاها الحنين.
تعشش في بستان الحواس.
وبخيط من ندى
تروض الجلنار
على رقصة زهرية ... الصفحة 10 )
بينما يؤكد الأستاذ مصطفى لغتيري في تقديمه لديوان ( وعود الجلنار) : (( الملاحظ في هذا الديوان أن اختيار عنوانه (وعود الجلنار) لم يكن عبثا ، بل مقصودا لذاته نظرا لإيحائه العميق ولعلاقته المتينة بباقي النصوص ، اذ نلمس الحضور الطاغي للحقل الدلالي للزهور وللطبيعة بصفة عامة ، مما يؤهل الحضور البارز لهذا المعجم الدال يكون مدخلا قويا لقراءة قصائد هذا الديوان ... الصفحة 6 ) .
والجلنار كلمة فارسية تعني زهر الرمان ، وهي فاكهة خريفية غنية ومفيدة صحيا ...
ويقول الشاعر جمال مرسي في قصيدة (زهرة الجلنار):

إلى الشاعرة :أحلام غانم .. جلنار البحر 
للبحر للطيرِ للأغصانِ أغنيةٌ  لا يسمعُ اللحنَ من في أذنِهِ صَمَمُ
و ليس يُبصرُ نورَ الشمسِ من مُنِعوا  و لا تَنَعَّمَ بالأعطارِ من زُكِموا
ترى كثيراً من الأقرانِ قد قرأوا  لكنْ قليلٌ من الأقرانِ قد علموا
ترى كثيراً من الأحجارِ مؤتلقاً  لكن يميِّزُها عن بعضها فَهِمُ
فكن حكيماً تنل في الناس منزلةً  فإنما العقلُ تاجُ المرءِ ، و الحِكمُ
يا " جُلَّنارُ " و قد ردَّدتُ أغنيةً  للبحر هل ضنَّت الأمواجُ و النَّغَمُ
أرى اليراعةَ جفَّ الحِبرُ في فمِها  و في يمينكِ غنَّى الحبرُ و القلمُ
أنت القصيدةُ و الأشعارُ لو نَطَقَت  قالت : لسيدةِ الأشعارِ نحتكمُ
فلتسكبي النورَ في الأجواءِ يا ألقاً  قد زانَهُ النبلُ و الإيثارُ و الكرمُ

_ _ _ __ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

3 في الاهداء
_ _ _ _ _ _ _ _

جاء الاهداء شاعريا وبطعم الاعتراف والمحبة والاعتراف:
(الى التي أسرت
براحها الرفيق الرقيق
جمرات وعد
في رماد رؤى
غافيات
في بئر قلب سحيق..... )
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ 

القسم الثاني
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

1 جلنار النبوءات
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

اذا كانت النبوة هي رسالة النبيّ  لنقلها وتبليغها للناس وعبر إلهام إلهي (وحي، تكليف الهي) ، وتعني كذلك (الاخبار عن شيء قبل وقته حزرا وتخمينا) ...ويقال : صادق في نبوءته أي صادق ما جاء به من أخبار الغيب.
يقول أحمد مطر  في قصيدة (نبوءة) :
( اسمعوني قبل أن تفتقدوني
يا جماعة
لست كذابا ...
فما كان أبي حزبا
ولا أمي إذاعة
كل ما في الأمر
أن العبد
صلى مفردا بالأمس
في القدس
ولكن الجماعة
سيصلون جماعة ) ...
والشاعر طرفة بن العبد استطاع أن يتنبأ بأيام الناس القادمة قائلا:
( ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له
بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
لعمرك ما الأيام إلا معارةً
فما استطعت من معروفها فتزود
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه
فإن القرين بالمقارن يقتدي )
_ _ _ _ _ 
ومع الشاعرة فوزية أمين ، تعتبر نبوءاتها صادقة ومبنية على حدس حقيقي ، فتجلس في خلوة (وعود الجلنار) ، فتكتب (نبوءة) بطعم الحكمة ، وتقول فيها:
(هي ..
كطيف ينسل
منبعثا من محرقة
ينساق وئيدا
فوق رؤوس جافية
صوب نجم مؤله
يشع في سماء صافية .
قد عادت ترتجي ..
خضرة الروح
وزرقة أنهار
مشرعة السجايا .  الصفحة 7)
و تواصل هذه الذات الشاعرة الحكيمة الحكي:
( ها هي ..
أسيرة الشوق
ورخيم الحكايا
تبرعم الخبايا
بين غصة روح
وجزعة قلب
والصوت ..
يلامس شهقة الموت
يهوي موءودا
في حضرة بنات نعش ... الصفحة 8 )
في قصيدة (صحو قرير) ، يكون حدس الذات الحكيمة على الشكل التالي:
( هي ..
بنفسجة برية
يرعاها النسيم.
تمعن في لم الضياء
من أقاصي صباح
يشمخ فيه اللون والطل.
وتلو كل موجة تبايع الزرقة ..
تينع في أحداقها
وردة .. وحلم ... الصفحة 10)
في قصيدة (أنامل من أثير) ، النبوءة تمشي في الأثير :
(في غمرة شفق
وفي أوج دهشة
تينع بكر أنامل
مولعة بفوضى الحدس
تنفق حينا بقايا رمق
ترشف حينا بقايا شعاع
من خلل غيم
آيل للتلاشي ... الصفحة 11)
بينما في قصيدة (إعادة رسم) ، ينسل النور الى الحدس ، وتكون النبوءة على الشكل التالي:
(أحتاج قاموس مفردات
يجللها نور
يرنم دفق لغتي
يولجها بئر المعنى
حين أتلو تراتيلي
بنكهة أنثى . الصفحة 12)
في قصيدة (مجوسي الاحتراق) ، يكون البوح على الشكل التالي:
(الليل يلدغ فجرك المخبوء
مهما ناشدت انسداله
عساه يخنق الآخر
من أنفاس دجاك الموبوء .الصفحة 22)
هي نار مجوسية حارقة :
(يالك من سيزيف
يحمل أساه صخرة،
ولا يضيره
أن تحرق النار
جلده بعد العراء.
هكذا كذات العهد بك ..
كنت ولما تزل
مجوسي الاحتراق . الصفحة 23 )

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

2 جلنار الشموخ والانكسارات
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

الشموخ
_ _ _ __ 

في قصيدة (شموخ وانكسار) تجمع الشاعرة فوزية أمين الشموخ والانكسار ، فيكون الشموخ شموخا ، والانكسار شموخا :
(بدربي عوسج تنامى
ونسغ القصيدة
موج يشمخ
وموج ينكسر.
يغدو في النجيع
صدى صرخة انزلاق
في هوة الخديعة. الصفحة 26)
فتواصل :
(مكبلة أنا ..
بقيد الوفا
أحيك الصبر ..
من زنابق الحلم
بينما يسير الغيم
عكس مد جفافي . الصفحة 26)
بينما في قصيدة (جلاميد) ،فالذات الشاعرة شامخة:
(يا أسى روحي
بالكلمة ما قبل الأخيرة
نزفت خواتيم أدمعي
وصرت أخشى
أن يبيد سحر البيان
وتغيض عيونه الأثيرة... الصفحة 56)

الملاحظ أن الشاعر أمل دنقل وهو في قمة حزنه يبقى شامخا ، ففي قصيدة (زرقاء اليمامة) ، يفتح صدره الممتلئ بالحزن والغضب ويقول:
(أيتها العرافة المقدسة
جئت اليك .. مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى ، وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف ، مغبر الجبين والأعضاء.
أسأل يا زرقاء..
عن فمك الياقوت عن ، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع .. وهو ما يزال ممسكا بالراية المنكسة
عن صور الأطفال في الخوذات .. ملقاة على الصحراء
عن جاري الذي يهم بارتشاف الماء
فيثقب الرصاص رأسه .. في لحظة الملامسة
عن الفم المحشو بالرمال والدماء ...)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

 الانكسارات :
_ _ _ _ _ _ _

ودائما مع الشاعر الكبيرأمل دنقل ، يقول معبرا عن كل انكسارات العرب متقمصا شخصية (عنترة بن شداد) :
( وها أنا في ساعة الطعان
ساعة أن تخاذل الكماة .. والرماة .. والفرسان
دعيت للميدان.
أنا الذي ما ذقت لحم الضأن ..
أنا الذي لا حول لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان
أدعى الى الموت .. ولم أدع الى المجالسة .. )

انكسرت الذات الحزينة بعد إزاحة ستارة الوهم وذلك في قصيدة (امرأة رمادية) للشاعرة فوزية أمين :
( أزاحت ستارة الوهم 
وغشاوة سنين 
عن قلب مصدوع 
وأطلّتْ.. 
بيأسٍ و وجل 
على أمسٍ موجوع. ..
ما أقْسى التوغّل.. 
في دروب قلبها المعتمة!  ... الصفحة 32 )
وتواصل : 
( ما أقسى أفول البريق 
من نظرتها.. 
نظرة الأسى القاتمة! 
جرعت بهزيمة وحسرة 
نكْهَ نزيف 
من خوابي زمن مرّ. 
امتعضتْ.. حتّى النّخاع 
حدست انتحار أمانيها. 
كيف تزْهر.. 
وقد بذرتها في أرضٍ قاحلة؟ ... الصفحة  32 و33)
وتواصل :
(ما أقسى خيبتها.. 
خيبة روحها الحالمة! 
بلعت غُصّة المهانة 
حشرج دمعُها 
شبّت أوجاعها. 
تلظّى صبرها. 
جـفَّ معينُ الأمل. 
نضحتْ عيونُ الألم. 
ما أقسى التّلبّد.. 
في مقلٍ لدمعِها كاظمة! 
أطلقت العنان 
منهكاً.. 
مسرّجاً بالسواد 
متعثراً بأذيال الذّكرى 
تائهاً.. 
في صحارى حبلى 
بشهيق مبحوح 
بآهاتِ الصّمت... الصفحة 33 و 34 )

وتمشي الذات الشاعرة في قصيدة (بين رفات وظل) على  درب الانكسارات الحزينة :
(ذاكرتها
ترمس أحزان سنين
تربك هدأة القلب
وروحها
تغوص في قلب دفين
يربد صفوه العذاب... الصفحة 27)
لكن هذه الذات لا تنكسر :
( وها هي
ما زالت حيث هي
كلما ختلها بصيص ضوء
تحلم بلحظة شروق.
تمرق بين رفات وظل.
تدغدغ الأنفاس
بولادة حياة وطل . الصفحة 28)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

3 جلنار الأحلام
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __

يقول غاستون باشلار : (ما تزال هناك أرواح قد يجمعهما في الحب قصيدتان ، قد يجمعهما في الحب اندماج حلمي يقظة سويا ) ...
هي الأحلام التي تسكن الشعراء محاولين تمرير خطاباتهم وتفجير المسكوت عنه ، فيكون الحلم وسيلة مثلى للتواصل ... 
وقال فرويد ذات مرة : (إنّ الكتابة الإبداعية كحلم اليقظة؛ ما هي إلا بديل واستمرارية لما كان يوما لعب الطفولة)..
ومع الشاعرة فوزية أمين في قصيدة (حلم) ، تطلق العنان لخيال الكتابة :
(من لجة أخيلة حائرة
تطفو الروح خائرة
تفرد .. تطوي
جناحيها
تنشد الانعتاق ... الصفحة 37)
ويكون الحلم على شكل الرفض:
(أرفض أن تعصرني آهات
بنكهة الموت.
أن تغرقني زفرات
في عتمة لا تطاق.
أرفض أن أحيا رمادا
يذر حيرة جوفاء ... الصفحة 37 )
بينما في قصيدة (وعود الجلنار) ، يصبح الجلنار قصيدة حلم :
(كم جميل
أن تصدق الحرائق
بشائر وعودها
كلحن افتتاح
ايقاعه النبض ..
لا يستكين
يصاعد جياشا
منخرطا
في قداس انبعاث.
رمقا لاهثا ..
من رماد الرفات.
نرجسا لاهبا ..
في جسد الأماني.
سوسنا أزرق المدى
ترصعه التماعات حلم... الصفحة 41)
وتواصل في قصيدة (تناسل ظلال) حنينها للحلم:
(سكن الليل
في عتمة دروب
تحن لحلم موصود
يناغي أعلى الوعود ... الصفحة 14)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

4 جلنار الوطن
_ _ _ _ _ _ _ _ _ 

بلهجة ممزوجة بالحزن والمرارة ، تقول في قصيدة (وطني أنت .. أو لا وطن) :
( وطني 
يا حالما بريبع لا يخمد
شموسك لما تزل
تعاند الهزيع،
بشهاب يتنزل من يقين
وسراج من رجحه يصعد.
تبث عشقها الأليم
تضيء مد الغياهب
بين أسراب الوعود.. الصفحة 54)
وتبحر الذات العاشقة في بحر بوحها:
(هل من قيامة؟
تفض وجع التراب
تسرج الموج والخضار
ترعى المراقي
الى طباق شموسك
تعرج بي الى فراديسك
وطني يا مشتل الضياء
لا نهر
لا نخل
لا أرض الاك.
وطني أنت
أو لا وطن. الصفحة 55 )
في قصيدة (وصايا الغيم) ، تتحدث عن وطن نازف :
(نابضة في المدى
أنفاسك يا بردى
دام عرسك
كالأرجوان
كاللظى.
كدفء القلب
ان شدا
لوطن يبرعم
راعفا
كجرح الياسمين . الصفحة 43)
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

5 مميزات الكتابة عند الشاعرة فوزية أمين
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

يقول الدكتور حسن بنموسى في دراسته (قراءة في هندسة تشكيل النصوص وبناء المعاني وتداعي الأفكار في تقاطعاتها مع إيقاعات مشبعة بالتناغم مع معجم منحوت ببلاغة نادرة على مقاسات الإيحاءات و الإسقاطات والدلالات في د يـــــــوان : ـــ وعود الجلنار ـــ للشاعرة : فــــو زيـة أمـــــــــــــــيـــن)) .
(( وقد تراوحت مواضيعها بين الذاتي والفلسفي والإجتماعي بأشكال هندسية مختلفة في البناء حيث اعتمدت على تعدد الضمائر وتداخل الخطاب وجاءت بالمتشاكل من أساليب الكتابة الدرامية مع توازيات في الإيقاع الداخلي للنصوص حتى تربط بين المتن الحزين والمفرح من خلال انتقاء الكلمات المتماهية مع الأوزان في تفعيلات بناؤها أنساق متموجة في شعرية رائعة تصدر من يراع الشاعرة كلوحات تشكيلية زاهية الألوان .
وعلى مستوى المعمار العام للنصوص نستطيع أن نقول إنها كتبت خارج النمطية ولم تسع الشاعرة إلى محاكاة نسق معين ولا مدرسة شعرية ولا نمودج للغير ...بل كانت تجاري إيقاعها الداخلي برصيد من معجمها المضمر في جوانح روحها لتخرج لنا بأسلوب منبثق من مكابداتها ومعاناتها اليومية ومن خصوصية تكوينها الشخصي الذي عاركت من خلاله الحياة ففاجأتني بخلاصة تفردها تركيبا ومعنى ومعجما مما يجعلها تتميز بلغة البلاغة ودقة الخطاب ...)) ...
ويواصل : (( لكن لا يمكن إلا أن نقول أن كل نصوص الشاعرة في ديوانها ـ وعود الجلنار ــ تنتمي إلى كوكب الشعر بامتياز .
وفي داخل هذا الكوكب نجد الصور الشعرية حاضرة بقوة لتؤول الواقع على مرتكزات إيقاعاتها الداخلية باسطة الدلالات في ارتباطها بالمتن وفي إمالتها على الاستعارات البلاغية وفي انزياحاتها وتقابلاتها وفي مقارناتها الابداعية التي خلخلت بها التركيب المتعارف عليه لتأتي بتركيب وبمعجم يختصان بها وتقترب بهما أكثر من ذاتها ومن القارئ )) ...

يقول الأستاذ مصطفى لغتيري في تقديمه لديوان (وعود الجلنار) : (في هذا الديوان حتما سيشعر القارئ بالتميز، ويتضح ذلك من خلال عدة مؤشرات، أهمها الصياغة المتينة للجملة الشعرية ، التي تشعرك بأن وراء كل جملة شاعرة ، لا تلقي الكلام على عواهنه ، انما تمنح جملتها الوقت الكافي لتسبكها بكفاءة مشهودة ، ولعل نفس الانطباع يمكن تسجيله على الصورة الشعرية في الديوان التي اتشحت بالمجاز العميق ، الذي يقدم نفسه للقارئ دون تكلف ولا تصنع... ناهيك عن روح الشعر الطاغية على النصوص من بدايتها حتى آخر نص في الديوان ...يلمسه في الكلمة والعبارة والصورة والايقاع وفي رؤيا الشاعرة التي تبثها هنا بين ثنايا القول الجميل ... الصفحة 6)

يقول الدكتور مرتضى الشاوي في دراسته (( تحليل قصيدة ( تناسُل ظِلال ) للشاعرة فوزية محمد أمين) ): (فرصيدها الشعري يشهد لها أنّها شاعرة متمكنة من أدواتها الشعرية بالرغم من إنّها مقلة في النشر إذ تحاول استعمال تلك الأدوات في مجال التصوير الفني فهي تمتلك في رصيدها الثقافي في القدرة على التوليد في المعاني لأنّها لا تقلد الآخرين ولا تحاول أن تناص الآخر ، هي شاعرة تمتطي بساطاً شعرياً شفافاً تخترق به المسافات وكلًّ الجُدُر بطريقة انسيابية ، إنّها غرة وثراء قصيدة النثر في الشعر المغربي المعاصر ...))

خاتمة
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

وأجمل ما نختم به هو ما قالع الأستاذ مصطفى لغتيري عن ديوان (وعود الجلنار) : (فلتسعد أيها القارئ بهذا الأثر الأدبي الجميل ، فهو يجمع ما بين متعة الشعر وقوة الصياغة الشعرية المتينة . الصفحة 6 )
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

مجدالدين سعودي - المغرب

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __ 

احالات
_ _ _ _ _ 

ديوان (وعود الجلنار) لفوزية أمين ، الطبعة الأولى ، 2013 ، مطبعة دار القرويين
(( تحليل قصيدة ( تناسُل ظِلال ) للشاعرة فوزية محمد أمين)
حسن بنموسى :(قراءة في هندسة تشكيل النصوص وبناء المعاني وتداعي الأفكار في تقاطعاتها مع إيقاعات مشبعة بالتناغم مع معجم منحوت ببلاغة نادرة على مقاسات الإيحاءات و الإسقاطات والدلالات في د يـــــــوان : ـــ وعود الجلنار ـــ للشاعرة : فــــو زيـة أمـــــــــــــــيـــن .)

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __

بقلم مجد الدين سعودي

من وحي(السفر الأول والثاني – الأعمال الشعرية) لمحمد عنيبة الحمري


_ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

يقف الشاعر محمد عنيبة الحمري يافعا ، في ولادة البدايات ، غير عابئ بالحياة  ، يسكن العشق ويسكنه العشق ويقول في (الحب مهزلة القرون) :
(( لو تعلمين لقلت لي : ما بال قلبك باكيا
لو تعلمين حبيبتي لو تشعرين بما بيا
لقتلت نفسك حسرة وأسى وصنت وفائيا
وأبيت في وله كسيرا أحتسي أشجانيا
كم شمعة ماتت ببطء قد بكت لبكائيا .... من قصيدة (لو تعلمين) الصفحة 274 ))
 لكن الأيام علمته (الشوق للإبحار) :
(( فيا أسفي
اذا الأزهار قالت لي
بلا هدف
تمد العطر والأشواق ات تدري
تجوب الليل في السر
بلا فجر ... من قصيدة (بلا هدف) الصفحة 169 ))

فأبحر بهيا في (مرثية للمصلوبين ) :
(( هل نبعد الأحلام عن كل العيون
اذ يشعر القلب الكبير بالانجذاب
أو تلتقي الأفكار بالأغلال تسري كهرباء
يشتد هذا الوهم حتى انني أنسى العتاب
ما دام قلبك خافقا
وأمامك السر الغريب ... من قصيدة (قصيدة دائرية) الصفحة 85 ))
 ولأنه مسكون ب (داء الأحبة) ، فالحزن يدفعه الى القول:
(( أمامكم رؤوس أينعت وحان موسم القطاف
قال الصديق : الهم كثير
والصبر قطع الأمعاء
واشتدت الأصداء في الأنحاء
ويقولون : لا نخاف والخراف
مصلوبة على الأكتاف ... من قصيدة (فواصل بين مقاطع الرفض والانارة) الصفحة 15 )  ))

  ونوستالجيا الزمن الجميل  تدفعه الى ابداع (رعشات المكان) ، فيرتعش القلب:
(( جمالك ينعش قلب المتيم
والوصل قد يستحيل
أمامي كل المرافئ تهجرها الكائنات
أصيح بسجني حتى الممات
ولا يسمع الصوت الا الغريب
مخافة رعب الديار ... من قصيدة (الجمال) الصفحة 233. ))
لهذا يصدح عاليا في (سم هذا البياض)، فيسمي العشق:
(( انه العشق قد ينتشي
بالملام
يموت الذي بالملاحة
لا يرتوي
فدعي الغرباء
على دعة
يعزفون نشيد المتاهة ... من قصيدة (عشق) الصفحة 203))

ومع ويلات الحياة ومعاركها ، في بوحه الجميل (انكسار الأوان) ، يعترف قائلا:
(( ساكن أين
والأين من سكني
من متى كنت محتجبا
فظهورك ضوء
والخفاء ظلام
وأنا الظل بين الخفاء ... الصفحة 125من قصيدة (كون عام ) ))
وويلات الحياة تجعل الشاعر محمد عنيبة الحمري يبوح في (تكتبك المحن) :
(( هو ذا الليل لا ينجلي
بالصباح
ولا يدرك الهائمون مداه
جفت الصفحات
وضاعت
من الكف محبرتي ... من قصيدة (مع الحرف) الصفحة 29). ))

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

مجدالدين سعودي – المغرب
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ _ _ _ _ _

ما بين الأقواس عبارة عن عناوين دواوين الشاعر المبدع محمد عنيبة الحمري
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

بقلم الدكتور عبد الرحمن بن زيدان

محمـد أديــــب السلاوي
العشق الدائم للوطن...للكتابة عن الوطن.



  ان تصاحب الكاتب والباحث ، والصحافي محمد أديب السلاوي، وترافق كتاباته و تتابع ما يريد قوله، وما يريد الإفصاح عنه أثناء تناول ما يريد مناقشته، ويريد تحليله، ويتوخى فهمه، فهذا يعني الانخراط في زمن الكتابة لديه، ويعني الانخراط في أعمار كتاباته، وبحوثه، ودراساته، لأنه حين يكتب فإنه يتحوّل إلى كاتب لا يؤمن بالعزلة الوجودية التي تنفصل عمّا هو أصيل، ولا يختار الانخراط الطوعي في أزمنة الصمت، أو اختيار التعميم، وتعويم الكلام لبناء مجد بسيط في عمل صحافي بسيط،لأن العشق الدائم عنده للوطن يجعله  دوما - يكتب عن الوطن.
حين نقرأ ما يخطّه، وما يكتبه، وما يفكّر فيه من معاني تخص مواضيعه، وحين نقترب من المواقف التي يؤثثها من مرجعيات الزمن المغربي ، وحين يفكّك المعلومة التي يبني بها معرفة النص،وكتابة النص، فإنه يريد ـ في إصراره الدائم على الكتابة والبحث ـ الوصول إلى تخوم التفاصيل، وبلوغ الغايات التي يصقل بها وضوح كتباته، ويبني بها صوته الخاص بوضوح الرؤية التي تصاحبه في عمله الصحفي الذي قاده إلى إتقان الصنعة،وأفضى به إلى مستويات التفنن في تتبع السياقات الثقافية المغربية بكل إكراهاتها، وبكل أسئلتها،وبكل مدارات الصراعات فيها. 

وعندما نقرأ نتاجاته وبحوثه، نجد أنه فيها يكون كاتبا مجددا ً يجدّد حبر كتاباته، ونجده ـ دوما ـ يجدّد معنى موضوعاته، خطاباته في النقد الأدبي والفني لا تؤدي إل نهايات بعينها، ولا تفضي إلى الكلام المغلق على معانيه المغلقة، ذلك أنه كشّاف ملحاح على سبر أغوار ما يريد الكتابة والبحث فيه، فتصير كل بدايات في التجديد عنده تعني الوصول إلى بدايات تحثّ الكتابة على قول ما تريد قوله وهي تمسك بما يريد قوله بعد أن يكون قد رسم لمنهجه في هذه النتاجات ، وهذه البحوث عنده ،خطوات أساسية ترسم إيقاع العملية الكتابية التي تبدأ كتابة إخبارية، أساسها وقوامها الفهم، والشرح، والإخبار بما يدعم الموضوع، ويسنده، فهو حين يحتفي بالحياة، وبالوجود، وبالوطن، وبالعشق، وبالشعر، وأشكال السرد، فإنه يعيد بهذه الحالات قراءات ما قرأ، ويعيد تمثل دلالات ما قرأ،ويعيد إنتاج ما قرأ. 
 وهذا العمل الجاد،وهذا البحث عن أوجه وحقائق الثقافة المغربية، جعله يواصل رحلة الكتابة والاجتهاد، والاختلاف، وإكمال ما لم يتم إكماله، و تسويغ أفكاره بالأفكار التي يرى جدواها المعرفي دعما لما يريد بناءه وهو يروم الدفاع عن الخيارات الوطنية خارج هيمنة الاستلاب السياسي، وخارج التعصب،وخارج الرقابة الذاتية التي تلتقي بالرقابة السياسية والاجتماعية، فيكتشف مواقفه التي هي وجهة نظره حول الذات، وحول الآخر،وحول العالم والرؤية إلى عالم الصحافة التي صارت عنده مدخلا لتاريخ النقد الأدبي والفني، وغدت مدخلا لعالم التشكيل وقضايا الوطن. 
كتابات محمد أديب السلاوي إحالات ذكية على مراجعها، فيها تحرير ما يفكر فيه أثناء كتابات مواضيعه،سياقه المحدّد لهذه الكتابة هو المغرب، وكتاباته هي الكتابة عن الموقف من هذا السياق ،وكأنه يحاول التواؤم مع إيقاع العصر،أو رفضه،أو التخلص من الشوائب التي علقت به. 

صحبة الكاتب محمد أديب السلاوي معناها معايشة ما يكتب بدهشة اللحظات، ومعايشة ما يقدم من جديد بعيدا وقريبا من هذه اللحظات، وهو فيما يقدمه للنقدين الأدبي والفني في المغرب في موضوع المغرب يجعل كل بحث عنه محطة انطلاقة جديدة لعمله الصحافي، وليست نقطة وصول تختم النظر إلى هذه اللحظات.
إن الصحبة معه كأديب،وصحافي،وباحث،وناقد،هي خير أنيس يكتشف فيها المتلقي أن أديب السلاوي محدّث، ومحاور،ومجادل بالتي هي أحسن. 
عنده حين تكون المعرفة مدار المعرفة،وتكون الثقافة مدار الثقافة،وتكون الحقيقة مدار الحقيقة،ويكون الوطن نسغاً لهذه المدارات و يكون هو المصاحب الحقيقي لهذه الصحبة التي وضعت أساس العلاقة بينه وبين قضايا الثقافة ،والفن،والمجتمع،مبنية على تأسيس القول الذي يتمتع بكامل قواه العقلية،والفكرية،و الإنسانية لتقديم عمقه، وإنطاق عمق ما يقول،وتقديم عمق حديثه عن الكلام حول الزمن المغربي. 

تظهر هذه المعرفة في ملفاته حول المسرح التي يقدم فيها خلاصة قراءاته لتاريخ وتجارب المسرح المغربي،ويقدم تجارب المسرحيين المغاربة ،ويقارب كل القضايا الفكرية التي ناقشها المسرح المغربي ،ونظّر لها، أهم هذه المؤلفات: (المسرح المغربي من أين إلى أين) الصادر عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي بدمشق عام 1975 ،وكتاب (الاحتفالية في المسرح المغربي)الموسوعة الصغيرة بغداد 1981 وكتاب (المسرح المغربي البداية والامتداد)الصادر عن دار وليلي عام 1996 . 
ويظهر تجريب القراءة النقدية والتأريخية للتجربة التشكيلية المغربية في كتاب (التشكيل المغربي بين التراث والمعاصرة) الصادر عن وزارة الثقافة و الإرشاد القومي بدمشق عام 1980 ،وكتاب (أعلام التشكيل العربي في المغرب)الصادر عن وزارة الثقافة والإعلام ببغداد عام 1982 ،وكتاب (التشكيل المغربي ـ البحث عن الذات) الصادر عن دار مرسم ـ الرباط سنة 2009 . 

بهذه المصنفات ذات القيمة الرمزية ،والثقافية في الثقافة المغربية،صار محمد أديب السلاوي العارف المثقف بالقيمة المعرفية للكلمة، وصار المدرك لأسرار الكتابة، ومهامها الإعلامية، والتوثيقية، وصار الخبير بكيفية إماطة الستائر عمّا تخفيه السرائر في جوف النصوص، المسرحية منها والتشكيلية والشعرية والروائية،وما يخفيه الواقع،وهو الصبور الذي يعرف أن بناء الحقائق،وإعادة تقديمها، وتتبع مواضيع الكتابة عن الثقافة المغربية، واقتفاء أثر السابقين ـ من الباحثين والنقاد والدارسين ـ والاختلاف عن اللاحقين من أجيال النقاد المعاصرين الحداثيين،لا يتيسّر إلا بركوب متعة البحث والكتابة، وعبور المعابر، والتأكد من المراجع والمصادر،وكأنه بإدراكه ومعرفته، يكون وكأنه في حالات مخاض بين ذاته الكاتبة التي تريد تأسيس تميز ما تستولد من مواضيع، وبين موضوع الكتابة، وما يريد أن يجعله في هذه العملية الكتابية ـ في سياق العمل الصحافي ـ خلاصا من حالات الركود، والتردد، والغموض، والخوف من الجهر بالحقيقة، والغموض، والتلاعب بالمفاهيم التي لا تؤدي إلى وضوح المفاهيم. 

يظهر هذا أيضا في المصنفات التي اشتغل فيها محمد أديب السلاوي على موضوع السرد المغربي وهو يتناول المسألة الإبداعية المغربية من خلال جنس أدبي ،أو نوع أدبي خاص.ففي الشعر أنجز مقاربة نقدية مشتركة بينه وبين كل من أحمد المجاطي وإبراهيم الجمل ،تناولت في تجميعها لتجربة المعداوي الشعرية مسألة الأبنية الفنية والشعرية عند الشاعر في كتاب موسوم ب(ديوان المعداوي)الصادر بالدار البيضاء عام 1965،إضافة إلى مصنف آخر اشتغل على موضوع الشعر العربي تحت عنوان(الشعر المغربي ـ مقاربة تاريخية 1930 ـ 1965 )،الصادر عن دار إفريقيا الشرق الدر البيضاء.أما في القصة والرواية فقدم تحليلا وافيا مستفيضا لعينات من هذا النتاج عنونه ب (تضاريس الزمن الإبداعي). 

صحبة الأديب محمد أديب السلاوي في هذه الدراسات التي تمدّ علاقاتها مع المتلقي،هي المعنى الآخر للصحبة وهي تواكب الثقافة المغربية ،وتواكب العمل الصحافي المغربي الذي تربى وأينع عنده في أحضان الجرائد الوطنية ،العلم،والبيان،والتكتل الوطني،فنضجت بفضله كتابات،وأشرقت مواقف،وتكلمت إبداعات، وتأسس جدل،وسجال،وائتلاف،واختلاف،حول الاختيارات التي تحكمت في العلاقة بين السياسي والإعلامي ـ من جهة ـ والثقافي والاجتماعي ـ من جهة ثانية ـ وهو ما تبلور بوضوح في الكتابات التي تناولت العديد من القضايا الساخنة ،وفي العديد من الإشكالات التي اهتمت عنده بالمسألة الوطنية، وبمصير المغرب، حيث اهتم الباحث محمد أديب السلاوي بطرح العديد من الأسئلة التي أسس بها توجهه الوطني في عمله الصحافي وهو يقوم ببحوث تلامس قضايا الوطن،سيما في سنة 1997 التي عرفت نشر كتابه السياسي الهام المعنون ب (هل دقت ساعة الإصلاح؟)،وكتاب (المخدرات في المغرب وفي العالم)،وكتاب (الرشوة ـ الأسئلة المعلقة) الصادر عام 1999 ،وكتاب (أطفال الفقر)الصادر عام 2000 ،وكتاب (الانتخابات في المغرب ـ إلى أين؟)وكتاب (السلطة وتحديات التغيير)سنة 2002 ،وكتاب (المشهد الحزبي بالمغرب،قوة الانشطار)عام 2003 ،وكتاب (عندما يأتي الفساد) عام 2008 . وكتابه الأخير (السلطة المخزنية. تراكمات الأسئلة)، 

بهذه الكتب يمثل محمد أديب السلاوي جيل الصحافيين المغاربة الذين تشبعوا بالدور الذي تلعبه الصحافة،والعمل الصحفي في توسيع دائرة الاهتمام بالقضايا الوطنية إعلاميا،وتشبعوا بالقيم الوطنية،وراهنوا على ترويج الخطاب المؤسس للحقيقة في مجتمع مغربي ـ كان ولا يزال ـ متعطشا للحقيقة،ومتعطشا لتأصيل ثقافة الحوار،والمبادرة،وخلق ثقافة إعلامية تنتمي بمواضيعها ،وبأسئلتها،وببحوثها،وبأجوبتها الممكنة إلى المغرب، والتعريف بالمغرب بما هو عليه ثقافيا،واجتماعيا،وسياسيا،تطويرا لحوار إعلامي وطني يشكل لونا من ألوان الإصرار على تثبيت دعائم حقيقة الهوية،وحقيقة الأصالة والحداثة. 
كتابات محمد أديب السلاوي ـ بكل معاني العمل الصحافي،والبحث،والكتابة ـ تبقى إبحارا معرفيا في حبر الاختلاف،ويبقى كلامه يجوب ـ في كل مصنفاته ـ عوالم بحر الحقيقة المحملة بقوة وعمق ورؤية الأشياء بمواضيع محملة بدلالات المغرب،بعيدا عن الإغراء الحضاري المزيّف،وبعيدا عن الكلام الذي يفقد قوة الكلام حين يتخلى عن الدور الحقيقي للصحافة،كتابات لا تزيح بصرها عن المغرب،ولا تنفصل عن سؤال الكائن والذي ينبغي أن يكون ،ويتحقّق،لأنها تفضل الإصغاء إلى كلام الواقع،وتسمع إلى ما فيه من وساوس،وخلل،ورشوة،وتزوير للانتخابات،وترويج للمخدرات. 

يكتب محمد أديب السلاوي بأسلوبه الصحافي الممتع انطباعات يحولها إلى مواضيع ،ويحول المواضيع إلى بحوث،ويحوّل البحوث إلى طروحات غير عصية على الإدراك،لأن دلالاتها غير مبهمة حين ترصد حركية المشهد الثقافي المغربي،وتتعرض للقضايا المغربية الحساسة التي تتعلق بالفساد السياسي،وإرهاب السلطة،وتاريخ الأحزاب السياسية،إنه فيما يكتب نجده محللا سياسيا،ونجده كاتبا اجتماعيا،ونجده ناقدا أدبيا يملك القدرة على قراءة الظواهر ،وله القدرة على التوثيق،وله القدرة على بناء الخطابات التي تدافع عن حرية الرأي، بمواقف تنافح على حرية الصحافة،وتتصدى بجرأة للقضايا المسكوت عنها في الكتابات الصحافية السريعة. 

بهذا صارت كتاباته،ذاكرة الثقافة المغربية،وذاكرة العديد من القضايا السياسية،في أزمنتها المتواترة،وخصوصياتها ، ومعالمها نضجت من ممارسة الفعل الصحافي باقتدار،بعد أن نذر اهتمامه، وحياته، وحبره، لتحصين المعاني الحضارية التي كانت تراهن عليها الحركة الوطنية المغربية،ويراهن عليها الإعلام المغربي،والصحافة المغربية، لتحصين الصحافة من كل المعاني النخرة،والارتقاء بالكتابة إلى بنائها المكتمل بالبحث والتوثيق،وصياغتها التامة،إنه فيما يكتب صار مؤرخا في المسرح حين يتحدث عن المسرح المغربي من البداية إلى الامتداد،يحقّب ما يجب تحقيبه،وفي التشكيل يجلي أهم تجارب التشكيليين وتجاربهم،وفي السياسة وقضايا المجتمع صار في كتاباته صوت المغرب خارج المغرب.  

في كتاباته هو مغربي بصيغة العروبة،فهو عربي بصيغة الأصالة،وهو موثق بصيغة الموثق الذي يعود إلى المراجع لدعم رأي أو قضية،ويعود إلى الإحالات توثيقا لما يجب توثيقة والوثوق به،،في كتاباته ـ أيضا ـ هو مؤمن بالتعدد الثقافي بقدر إيمانه بالهوية الوطنية المغربية،فنسيج نصوصه تكونه إحالاته المتعددة على ثقافاته المتعدّدة،والمختلفة،بها يشخص حدود آفاق عمله، فيعتز بالتاريخ،وبالثقافة،وبالتصوف،وبالثقافة المغربية ،ويهتم اهتماما خاصا بحاضر وبمستقبل المغرب.

 منظوماته الفكرية ،هي سليلة المنظومة الثقافية والاجتماعية السائدة كقضايا في المغرب،وأبحاثه قائمة على التحقيب، وقائمة على معرفة السياقات الثقافية والاجتماعية المتحكمة في صيرورة المغرب.إنه مقتنع بأن الثقافة المغربية استمراريات مبدعة،وأن السياسة والمسألة الاجتماعية صيرورة متناقضة،وأن أسئلة التغير السياسي والاجتماعي في المغرب هي التي تكون وراء تنظيم المعطيات ،وتكون وراء ترتيب عناصر الكتابة لبناء دلالات الأجوبة بعد أن يكون قد وعى أن الأنظمة التي تصف نفسها بالديمقراطية لم توفر العدالة المطلوبة للمجتمع،وأن الأنظمة الاشتراكية التي تصف نفسها بالاشتراكية صارت تصادر الحرية من المجتمع، وهو بين هذه الأنظمة يكتب عن المغرب،لأن له عشقا دائما للوطن الذي يريده أن يكون حرا ،وعادلا،وديمقراطيا.


بقلم د.عبد الرحمن بن زيدان

الأربعاء، 1 مايو 2019

بقلم الدكتور محمد صبحي السيد ييحيى

حلب الشهباء 


حلب الشهباء 
ليس لي في حبك اختيار 
احببتك منذ نعومة الأظفار 
ولدت وعشت على محبة
 الجار للجار 
وشربت الماء من الفخار 
عذبا سلسبيلا روى الفؤاد 
حبا وافتخار 
إلى أن جائك الفجار 
فحولو ا ليلك نهار 
أخوة  التراب والنسب 
دمرو ا الأخوة والنسب 
تفرقوا عن وحدة النسب 
إلى انتمائات وصاروا 
عصب.........  عصب 
تألم فؤادي لما جرى 
نصفك عصب ونصفك 
الآخر عصب 
مجازر هنا في عصب
 الداخل 
ومجازر هنا في عصب
 الخارج 
أخوة التراب والنسب 
عملوا المجازر لحلب 
صار لحلب أخوة في المجازر 
في الماضي القريب
 دير ياسين 
صبرا وشاتيلا مجازر 
عبر السنين الماضيات 
لكننا اليوم في حلب 
تفوقنا على كل المجازر 
كل يوم مجازر 
كل مسجد مجازر 
كل شارع مجازر 
كل بيت مجازر 
كان هناك مجازر 
تعد على الأصابع 
الآن هنا مجازر 
حطمو ا الرقم القياسي
 في المجازرحولو ا ليلك
 إلى محابر 
محابر الدم الأحمر الممزوج 
بعبق الأرض والتاريخ 
كل يوم نصبح على مجازر 
استفاق طفل ليرضع حليب
  أمه 
عذبا من صدرها 
وجدها صريعة المجازر 
استفاق جائعا أراد كسرة خبر 
وجدها فتات المجازر 
أراد شربة ماء وجدها ممزوجة
 بدم أمه من صنع أخوة التراب 
هذه المجازر 
وكلا يدعي حب الشهباء
 ويقول على المنابر 
نحب حلب واهلها وهم
 يصنعون المجازر 
اخوت التراب والنسب 
كفوا أيديكم عن حلب
 لقد شكاكم المهد
 واشتاقتكم المقابر 
أوقفوا المجازر وازرعو ا
الورد الجوري مكان المجازر 
لعل الله يغفر لكم يا اخوة
 التراب ما اقترفت أيديكم 
من مجازر بحق الشهباء 
واهلها وتراثها ومجدها
الغابر العابر فوق كل 
المجازر

.......... بقلم محمد صبحي السيد يحيى 

بقلم سميرة مسرار

أين أنا؟؟......

كم يروقني الهروب ......دائما اجد نفسي راحلة من مدينة لمدينة، من مجتمع لمجتمع،من مشهد إلى مشهد، من فضاء لآخر، من وجوه إلى وجوه، كل هذا وكل شئ لا أعرف كيف أنساه ولا يمكن أن أنساه ، هو العد العمري،روح رافضة ان تكسر بجسد ضعيف، وقوة تولد في الصعب ، أستعيض بها عن أزمنة افتقدتها هناك، وأبحث عن ماضاع مني في أمكنة أخرى ساقني القدر لها.... 
وانا اعبر مدخل الحياة،استوقفتي أحداث،وقدفتي الأمواج منها الهادئة ومنها الهائجة،وتداخلت معها في رقصة مرة مصحوبة بإيقاع خافت ومغر ومرة أخرى على إيقاع صاخب يمزق الذات بعد ان يعصف بها.....
أين أنا؟؟ ومن أنا؟؟......
لنا جميعا كبشر نفس التطلعات، نفس البوح، نفس الشكوى، يشغلنا قلق وجودي عام،الدم، الإغتصاب، الوحدة، الهامش، الحقوق، المساواة، القوة، السلطة، المال، الرحمة.... عناصر عليها أن تشكل دروعا قوية، او صرخة  إلى العالم تطلب الإنسانية والسلام........
والآن وفي عتمة هذا الليل أعيش بين ذكرياتي كشيخ عجوز ، امتص رحيق شفتاي كطفل رضيع ينتظر كأس حليب دافئ قبل النوم، وحيدة داخل نفسي، أبحث عن بصيص أمل على كف غجرية لا وطن لها، عن ماضي مجهول بين خباياها، وعن المستقبل بين أحضان الحاضر....
من أنا؟؟؟....
بقلم سميرة مسرار