الأربعاء، 2 فبراير 2022

العربي بن جلون

  باولو كويلو: الحب قوة جامحة



عندما نحاول أن نسيطر عليها  تدمرنا. عندما نحاول أن نسجنها فينا تستعبدنا. عندما نحاول أن نفهم ذلك، فإنه يترك لنا شعورا غامضا.

ـ ستندال: الحب مثل الحمى، تأتي وتذهب بشكل مستقل عن الإرادة، ولا توجد حدود في السن للحب.

ـ كورت فونيغوت: الغرض من حياة الإنسان، هو أن يحب ليصبح محبوبا.

ـ أنيس نين: ما هو الحب؟..هو قبول الآخر، أيا كان.

ـ  لويس: لا يوجد استثمار آمن..أن تحب على الإطلاق هو أن تكون عرضة للخطر. إذا كنت ترغب في التأكد من الحفاظ عليه سليما، يجب أن تعطي قلبك لأحد، ولو لحيوان. 

ـ كانت سوزان سونتاغ: ليس هناك ما هو غامض إلا الحب.

ـ تشارلز بوكوفسكي: سأصور لك الحب: عندما تستيقظ قبل أن تشرق الشمس، ترى شيئا من الضباب، ثم يزول...الحب هو الضباب الذي يتبدّد مع ضوء النهار الأول..أعني الواقع.

ـ الفيلسوف برتراند راسل: أن تحتاط في الحب، يعني أنك تقتل السعادة الحقيقية.

ـ فيودور دوستويفسكي: ما هو الجحيم؟..هو المعاناة من عدم القدرة على الحب.

ـ هاروكي موراكامي: أي شخص يقع في حب، يبدأ في البحث عن الشيء المفقود من نفسه. 

ـ لويس دي: الحب هو جنون مؤقت، يثور مثل البراكين ثم يهدأ. وعندما يهدأ، لديك الفرصة لاتخاذ القرار. 

ـ فورستر: يمكنك أن تبتعد عن الحب، تتجاهله، لكنك لا يمكن أن تسحبه من حياتك.

ـ إيريس مردوخ: الحب هو التفاهم الصعب جدا أنَّ شيئا آخر غير نفسك، لكنه حقيقي.

صورة العربي بن جلون وخلفه  قلعة (قايتباي) على البحر بالإسكندرية(، تدل على الرقي العمراني والتطور الهندسي ) .



الثلاثاء، 1 فبراير 2022

االادب المغربي

بورتري 

 لأهم كتاب القصة والرواية في الوطن العربي ممن تركوا أثرا كبيرا في حياتنا، وهو الروائي المغربي  احمد عبد السلام البقالي


هو  أحمد عبد السلام البقالي ابن مدينة أصيلا الواقعة  بشمال المملكة المغربية عام 1932،


 وتوفي عام 2010، شاعر وأديب مغربي من أشهر الكتاب للأطفال كما يعتبر من رواد الخيال العلمي، والقصة البوليسية في بلاده.


من هو الاديب  احمد البقالي ؟!!

 أحمد عبد السلام البقالي  أديب مغربي  فذ ،

سليل عائلة مغربية  عريقة تقطن  بأصيلا ايقونة شمال المغرب.


التي اشتهرت بجمالها وعادات أهلها المشبعة من اثر حضارة الأندلس كباقي مدن الشمال التي أهلها اغلبهم ينحدرون من جنوب اسبانيا و .الذين اختلطوا بالسكان المحليين فشلوا نسيجا متماسكا ومتكاملة متجانسة هو المادة الخام لهذه الحمولة التي يعبر عنها احمد عبد السلام البقالي وهو بعيد صقل وتقديم الرواية المغربية كجزء من قماش  الثقافة المغربية الراسخة في خلفية الأديب.

  البقالي الذي اتجه  إلى مصر ليدخل إحدى المدارس الثانوية ويحصل منها عام 1955 على الشهادة التي تخول له الدخول إلى التعليم العالي وبالفعل التحق بجامعة القاهرة ومنها حصل على شهادة الليسانس (Licence) في علم الاجتماع عام 1959. ثم التحق بجامعة كولومبيا في نيويورك، وحصل منها على شهادة الماستر في علم الاجتماع. عمل البقالي في ميداني الدبلوماسية والثقافة، ففي عام 1962، عيّن ملحقاً ثقافياً في سفارة المغرب في واشنطن، وفي عام 1965 سمي قنصلاً عاماً ومستشاراً صحافياً في السفارة المغربية في لندن، ليعود عام 1967 إلى واشنطن مستشارا ثقافياً. وفي عام 1971 التحق بالديوان الملكي في الرباط . وكان عضواً في لجنتي اختيار النصوص المسرحية والغنائية في الإذاعة المغربية، وعضواً في هيئة تحرير مجلة الثقافة المغربية التي تصدرها وزارة الشؤون الثقافية في الرباط.


 مؤلفات احمد البقالي


- قصص من المغرب، وهي أول مجموعاته القصصية وقد أصدرها عندما كان يدرس في القاهرة

- الفجر

- يد المحبة

- المومياء

- وفي باب الرواية صدرت له العناوين التالية

- الطوفان الأزرق

- سأبكي يوم ترجعين

- أماندا وبعدها الموت

- وفي باب كتب للأطفال: صدر لأحمد عبد السلام البقالي 23 عنواناً تتوزع على السلاسل الأربع التالية:

السلسلة الأولى : تتكون من عشرة كتب، منها:رواد المجهول، المدخل السري إلى كهف الحمام، السلسلة الذهبية، نادية الصغيرة في فم الوحش، بطل دون أن يدري، صابر المغفل الماكر، زياد ولصوص البحر... وقد وظف البقالي في هذه القصص البيئة المغربية، حيث أن أغلبها تدور أحداثها في مدينتي أصيلا والرباط بالإضافة إلى الريف المغربي (ريف مدينة أصيلا).

السلسلة الثانية: تتكون من ستة كتب

السلسلة الثالثة : تتكون من خمسة كتب

السلسلة الرابعة: تتكون من كتابين

 

.

بقلم / مازن جميل المناف

 هذا ما سيكون ضمن كتاب : 

 "كيف تكتب رواية ناجحة "

 للناقد والروائي الأستاذ كاظم الشويلي

 وما تناولنا ضمن الجلسة الأديبة التي اشرفت عليها  د.سعاد مقداد الأسدي 



جدلية الفكرة واهمية طرحها في الرواية

 

 


فيديو اللقاء 

لا شك في كل النتاجات الأدبية نحتاج الى انعطاف وارتباط يجعلنا في انتماء وثيق متأصل مع عمق الفكرة وتركيبتها الواضحة لرؤى الواقع ويمكن القول ان الرواية فن ادبي يمتاز بأسلوبه السردي والنثري وبما ان عنصر الفكرة من اهم عناصر الرواية التي تجعل القارئ في تأملات دلالية يغوص من خلالها الذهن  في تجليات وحيثيات تتناسب مع طبيعة الطرح وظروف المرحلة المؤثرة في الواقع الذي نتعايش معه , ينبغي ان يستمد الروائي خلاصة الفكرة ضمن جوهر مثالي يوظف لمعالجة وطرح الآم الواقع في صيرورة اطرها الفكري الانتقالي واستخلاصها من تعقيدات وتحديات الحياة التي يصطدم بها الإنسان كجزء أساسي لجسد الرواية ضمن تصورات حقيقية تلامس شغف القلوب لتجعل القارئ تحت تأثير وجداني مباشر يغرس تأملاته ضمن واقعية الطرح والفكرة لتستفز احاسيسه واندفاعته وانفعالاته بشكل يحاكي ويخاطب الروح والذات من خلال تفاعل متزن يجمع عنصر التشويق والإثارة مع الصراعات المجتمعية , يفرض مستواها من الم الواقع المحيط بالإنسان يحمل افق بعيد بغية الوصول الى مواطن تحفيز القيم الإنسانية في اغوار احداث آلمت بنا من حزن وفرح وغضب وغيرها ضمن حيثيات صحيحة ناضجة تداعب وتغازل مخيلتنا بأساليب السرد الروائي يجعلنا نفتش عن العقد بين دفتي ( الرواية )  ولان عنصر الفكرة يضعنا في اجواء تلائم احداث جمعتنا في حقبة زمنية ولدت ارهاصات لابد من قراءتها بشكل موثق وممتع سلس يعالج القضايا الاجتماعية ضمن معترك الحياة .

ويعد عنصر الفكرة في الرواية منظومة معرفية تخدم الجانب النفسي ذات قيمة خيالية تمتزج بالواقع لتعبر عن مكانة مهمة في عوالم الأدب الاجتماعي الإنساني الذي يحفز مشاعر وانفعالات القارئ في عاطفة جياشة لأن الفكرة التي تطرح من صياغة الواقع تتجلى بصدق شعوري واقعي آني , دائما ما يكون مفعم بالوجدانية التي تضفي جمالا ادبيا باعتباره خطابا ادبيا ينتج عن دلالة لإعادة تركيبة مفاهيم واطر معاناة تناسب معايير الطرح المتزن على ارضية الواقع في كل جنس ادبي كنهج ودعوة ثورية تحاكي العقل الباطني دون تشتت وعبثية ضمن معطيات حقيقية تجعلنا في ثبات  بعيدا عن الانفلات العقلي حينما نتناول مضمون يخترق ذهنية القارئ بشكل يدغدغ مشاعره نحو كشف الحقائق ضمن اخلاقيات انسانية تبث روح العطاء المتدفق في جوانبه التنظيمية ولأننا نحتاج الى محطات وعتبات انطلاق متينة ضمن عنصر الفكرة وتداولها لتتوزع مساحاتها على عناوين توسع وتؤهل الذهنية وتوظف الحقائق في توصيفات سردية مطلوبة وناتجة من منظومة فكرية توعوية لبناء تنظيمي وثيق يرتبط جوهريا مع القيم الموضوعية التي ترتقي بالطرح المعتدل ضمن عنصر الفكرة , واعتقد ان المواضيع الرومانسية الروائية و المطروحة و المتداولة سابقا هي ورقة محترقة في الوقت الراهن العصيب ذلك لان حجم الألم والوجع استفحل في تعاطيه بجسد وفكر الانسان ولم تعد التوصيفات الغزلية تستثمر ثوابت الاهداف المرجوة مالم يكن الألم والوجع جزء منها , وبما ان الواقع الراهن مليء بالأحداث الصاخبة والمفجعة فلابد هناك بناء حقيقي للطرح ضمن عنصر فكرة الرواية يجعلها في تماسك ودقة يتناول منهجية الطرح لمعالجة قضايا اكثر اهمية.

《فلا خير لأي جنس ادبي مالم يعالج بطرحه ضراوة ايدولوجية الاحداث بثقل واضح وفعال ومؤثر ومثمر يؤهل الرواية الى خلق تمازج حسي وادراكي وروحي يضع القارئ في خضم الفكرة بخطوات ثابتة وفعالة مرتبطة بالحس الخطابي الروحي والتذوق الشعوري موضحاً معالم ازمات ونكبات الواقع الحياتي المتأزم

 المختلف على اعتبار ان النص الروائي السردي هو وثيقة يدون فيها كل التصورات بشكل جدلي واسع لا يمكن ان يتجاهله احد متناولاً عنصر الزمن واضعاً القارئ في تحليل وتفسير وتفكيك طلسم احداث الواقع المر بشكل صريح وواضح في كل تجلياته تباعاً , ومن هنا نستطيع القول ان اتجاهات الرواية لابد ان تأخذ مساراً صحيحاً يحفز الوعي المعرفي والثقافي البحت .


صورة للناقد والروائي الأستاذ كاظم الشويلي

زهيركريم

 اقنرح عليكم قراءة هاتين الروايتين القصيرتين




 ( نوفيلا)،. المحرض على هذا الاقتراح يتعلق بقضيتين :


 الأولى هي أهمية (يوكو اوغاوا )على مستوى الكتابة، وهي المعروفة التي أصدرت عشرين رواية،



 تُرجم بعضها الى العربية. 

ثانيا لأن قراءة (يوكو اوغاوا) تحيلنا الى سؤال حول النص الذي ينشعل بقول شيء محدد، النص الذي لايذهب بعيدا عن مقاصده، القصير، الرشيق، المكثف الذي يخلو من كل ماهو فائض، واقصد بالفائض هو مجموع الحكايات التي لاتضيف تفاصيلها شيئا على العكس تماما، تبدو مثل الأعشاب الضارة، اقصد ايضا الثرثرة التي تجعل القارئ يسقط سريعا في منطقة الملل، خارجا من رحلة القراءة فارغا من أية متعة أو سؤال.



الأديب العربي الكبير عبد المنعم كامل

 معرض الكتاب، يناير وفبراير 2022 ، جناح مركز ليفانت للدراسات الثقافية والنشر .

هذا الديوان يضم مجموعة من القصائد كتبتها في البراري بعد قصائد ( يرحل البشاروش حزينا ) وقبل قصائد ( أسماء في أزمنة شتى ) ثم ترددت في نشرها ، ربما لأنني رأيت أنها تفتقر إلى وضوح الرؤيا ، فقد كانت البرية أفقا خاصا يحيط به الغموض؛ بحثت فيه عن اتساق معرفي بالعالم ، بحثت فيه عن حدود  الغربة الروحية والعقلية ، وكنت كلما عاودت النظر في هذه القصائد ظهر لي ارتباك كبير ، فصرفت النظر عن نشرها في ديوان ، ثم حدث أن قرأها دكتور أدهم مسعود فتحمس لها على نحو أدهشني ، وقرر أن يطبعها في مركز ليفانت ، ومن يدري ؟ لعلكم تجدون فيها شيئا من الشعر .

شكرا للدكتورة هانم العيسوي Hanem Al Esawy وللدكتور أدهم مسعود Adham Masaoud Alkak على رعايتهما الكريمة.

الأديب العربي الكبير عبد المنعم كامل 




محمود عبد شكور في قراءة نقدية للمجموعة القصصية بلاد الطاخ طاخ

 المجموعة القصصية" بلاد الطاخ طاخ" لانعام كجه جي



«بلاد الطاخ طاخ».. سخرية بحجم الألم والحنين

السبت 29 يناير 2022 - 7:35 م

 محمود عبد الشكور

مثل أثر الفراشة الذى لا يُرى ولا يزول، على حد تعبير محمود درويش البليغ الذى يليق بمعنى الفن، تترك هذه المجموعة القصصية، المنسوجة من مادة الألم والخيبات، والمطرزة بالحنين والذكريات، مساحة واسعة من التأمل والدهشة، وبعض الشجن العابر وراء السخرية اللاذعة. تقول القصص ولا تقول، تعيد قراءة العادى والمألوف، وتفضح الادعاء وجنون العظمة، وترد على المخاوف بسردها ومواجهتها، وتنتقم بالفن من القبح والإحباط.


الروائية العراقية إنعام كجه جى التى رصدت التغريبة العراقية فى روايتها «طشارى»، والتى عادت إلى قراءة التاريخ فى «النبيذة»، تقدم فى هذه المجموعة القصصية، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، بعنوان «بلاد الطاخ طاخ»، 12 حكاية تستوعب عالما بحجم الوطن، وبحجم قدرة الكاتبة على التقاط اللحظات والتفاصيل.


لعلها رفقة بلاد لا شفاء منها، تسكن فى القلب ولا تغادرها مهما كانت قسوة الظروف، وليست هذه القصص البديعة إلا تنويعة على «الانفلات السعيد»، أو «رحلة العمر»، التى عاشتها بطلات إحدى قصص المجموعة: حاصرهن الخوف لأسبابٍ مختلفة، فكان الانفلات السعيد، وكانت رحلة العمر.


تحكى إنعام مستعيدة ذاكرة خصبة وحية، فتمنح الأشياء (مرأة أو صورا قديمة أو جواز سفر أو كاميرا عتيقة أو نخلة وحيدة أو تمثالا شمعيا أو مسدسا ذهبيا أو حافلة منطلقة) دلالاتٍ شديدة الثراء، تستدعى التاريخ، وتنقل الفكرة من دون صخب أو هتاف، بل يمكن القول إن هذه القصص ترد على زمن الصخب والهتاف و«الطاخ طاخ»، وتهزمه بالسخرية، رغم التسليم بأن الاستبداد، وفشل السياسة، قد دمر البلاد، وأسقط النخلات العاليات، وجعل الكثيرين مثل بطلة إحدى القصص، التى تترجم هزيمتها بأن ترفع علامة النصر، وهى تمسح دمعتها بردائها.


يمكن أن تقرأ المجموعة أيضا عبر مفتاح تجسده عبارة تقولها بطلة إحدى القصص: «يطاردنى بلد الألف ليلة حيثما حللت، ليس بينها ليلتى»، ورغم أن أبطال وبطلات الحكايات يواجهون قوة عاتية، فإنهم لا يتوقفون عن محاولة العودة للبلاد، سواء عبر السفر، أو من خلال استدعاء الذاكرة.


لعل القصص «نشيد الحياة السرى» الذى يتحدى الإحساس بالعجز والألم، وأن يبتكر ما يعادل تلك التجارب المختلفة، وأن يجعل مصطلح «أن تسافر» بديلا عن مصطلح «أن تهرب أو تهج»، كل قصة تمتلك مفاجآتها ودلالاتها العميقة، رغم بساطة ظاهرية فى الاستهلال، سرعان ما ندرك عمقها مع كلمة الختام، وإن كنا أمام نهايات تفتح بدورها على أسئلة معلقة.


فى «مرأة كرداسة» تبدو المرآة شاهدة على تحولات التاريخ، وعلى فقدان الأصدقاء، وفى «صورة المرحوم» تقوم صورتان بنفس الدور، من صورة بومدين فى الجزائر، إلى صورة شهيد فلسطينى معلقة فى باريس، الصور تشهد وتعيد التاريخ كاملا بأبطاله وأنذاله، والسخرية تصنع جسرا واصلا بين «الحسرة» و«الحصرة»، فيصبح فعل التبول تحررا وتمردا وتعليقا فى الوقت نفسه.


فى «عارية فى الوزيرية» يصبح رماد النحات العائد إلى وطنه جزءا من تمثالٍ يتحدى التزمت، حتى الرماد يتحالف مع الأحياء فى مواجهة القبح، وفى «الكاميرا الأولمبس» ترصد تغيرات عاصفة عبر كاميرا حديدية عتيقة، صاحبت صحفية خلال نصف قرن، وعندما يمتلك الكاميرا أحد السادة الجدد، يصبح امتلاكها مصادرة للتاريخ وللشاهد معا.


السخرية من الاستبداد تعبر عن نفسها فى قصة «بلاد الطاخ طاخ»، فيتحول الديكتاتور إلى تمثال شمع يريد حريته بعيدا عن المتحف، ولو فى مقابل رشوة الحارس، ويتحول أيضا إلى ممثل لشخصيته فى فيلم، وفى «مسدس من ذهب» يحصل الشاعر على سلاح ذهبى من الديكتاتور، فيهرب الشعر إلى الأبد، وفى القصة المدهشة «المترجم رجب»، يتسلل جنون العظمة من الحاكم إلى مترجمه، فلا نعرف كيف انتشر الداء العجيب؟!


وسط قصص المجموعة، تبدو قصة «الخوافات» كجوهرة لامعة، إنها حكاية الخوف والتمرد عبر سبع شقيقات، كل واحدة تخاف من شىء مختلف، ومن خلال رحلة خيالية ينتصرن على مخاوفهن، ويسحقن من أراد إنهاء الرحلة، المرأة هى الحلقة الأضعف فى سلسلة المجتمع، وتتحمل نصيبا أكبر من الخوف، ولكنها قادرة على أن تتغلب عليه، وأن تنطلق إلى البحر.


يبدو الحب ملاذا ووطنا بديلا، ولكن ببعض الثمن والألم: فى «مرارة» يصبح الزوج الذى اختارته المرأة رغم الرفض واحة مواساة أمام ألم استئصال المرارة، وفى «نخلتى» يبدو الحب قصير العمر أمام صوت الشعارات التى لم يتحقق منها شىء.


ولكن الوطن يستعيد حضوره فى القصة الأخيرة «عهود وحدود»، عبر رحلة معاناة لعراقية عائدة برا من الأردن إلى بلدها، تفكك القصة تجليات الحصار والاستبداد، وترد على السخرية بسخرية، ترى العائدة إلهام قائمة بأسماء نسوة تحملن نفس اسمها، فتعلق: «كل هؤلاء إلهامات ممنوعات من السفر؟»، يسألها ضابط المخابرات: «دكتورة بأى مرض؟»، فترد ساخرة: «حاشاك بالأدب»، فيعلق بدوره: «يعنى شغلة ميتة»، تتساءل إلهام وهى ترى الأجانب فى بلدها يديرون الأمور: «أى وطن هذا الذى تدخله بالقاموس؟»، وتختزل أصل المأساة فى عبارة: «يذهب بعبع، ويأتى بعابع».


يتعلم أصحاب البصر من العميان أصحاب البصيرة (قصة عمياء فى ميلانو)، وتمتزج تراجيديا أم لم تعرف ابنها بعد 16 عاما من رحيله، بملهاة سوداء تجعل أما تدفع كفالة لتسفير ابنها من الوطن، بدلا من أن تدفع فدية لمختطفيه، إذا ظلَ فى الوطن.


لم ترد إنعام كجه جى أن تمد خيط العبث إلى نهايته، رغم بذرة عبث ضمنية حاضرة فى القصص، ولكنها اختارت أن يظل الواقع مسيطرا، باستثناء قصة الشقيقات السبع.


تركتنا نتأمل المفارقة فى حضورها الثقيل الواقعى، مثلما نتأمل غلاف المجموعة المعبر (لوحة للفنان على آل تاجر) التى تجعل جيفارا راقصا من راقصى المولوية، فكأنه يعبر بذلك عن تلفيقٍ فج، يعادل أحوال البلاد والعباد الملفقة.



الاثنين، 31 يناير 2022

صالح الرزوق: الحداثة الواقعية قراءة في رواية (ليلى والحاج) لمحمد الأحمد

 


 الحداثة الواقعية  في رواية 

(ليلى والحاج) 


تتكون رواية (ليلى والحاج)* لمحمد الأحمد 

من مواقف وحالات وسلوك. وإذا كانت الغاية منها رسم صورة لمجتمعات الشرق، التي تتصف بالعنف والدموية، فإنها بنفس الوقت تحاول تقديم صورة مماثلة عن سوسيولوجيا الزعامة. وهذا يفترض الكلام عن تأثير المجتمع على الأفراد أو على الوعي الباطن لهم. ولذلك كانت الرواية تتابع مصائر أبطالها داخل مجتمع الدولة الافتراضية أو مجتمع الأمة استطرادا كما يقول خليل أحمد خليل في كتابه الهام عن “العرب والقيادة” **. فهي لا تحدد مكانا معينا للأحداث، ونحن نستدل عليها من الطقوس والعادات. ومنها عزل النساء عن الرجال وحجاب المرأة ومناسك الحج. وهذه إشارات واضحة عن التأسلم وعلاقته بالدولة والأمة في العصر الحديث. لذلك أنظر للرواية وكأنها أليغوري، أو مجاز عن مشروع يتطور في الظلام. وقد عبرت عنه شخصيات حاملة لفكرة، أو ما نسميه في النقد الأدبي “وظيفة”***، وهي:

1- الأب مجبل. ويبدو لنا بصورة إنسان مشعوذ يسخر الخرافة للتحكم بمصائر أفراد عائلته وأتباعه. ولذلك هو إنسان متبوع بمصطلحات الدكتور خليل مثل أي إله أو معشوق أو حاكم مرعب.

2 – وابنتاه ليلى وسلوى، وهما تابعتان ومتبوعتان في وقت واحد، وكانتا فنيا جزءا من الشكل والمضمون. الأولى شهدت على الأحداث ونقلتها لنا بحذافيرها. والثانية غابت عن الأنظار وهربت مع أول عاشق وقعت بغرامه.

3- ثم أخيرا مدير أعماله شدري الذي يتزوج من ليلى بالإكراه، وجميل حارس بيته الذي يغري سلوى. وهذا يعني أنهما تابعان من جهتين، ومشروعهما لا يهتم بتحرير النموذج وأناه الأعلى ولكن إشباع الرغبة فقط.

وعموما يمكن قراءة علاقات التبعية السابقة بضوء التحليل النفسي كما يلي:

1- الأب وهو الإله المعبود، مصدر القوانين واللغة والمعايير.

2- ثم البنتان الطامحتان بمكانة أم عظيمة أو إلهة.

3- وفي النهاية الابنان الغادران والشريران واللذان يرتكبان جريمة نحر الأب. ولذلك يستحق أحدهما صفة الجاحد والخائن والسارق ص80، والثاني تشتعل به النار وهو نائم ص94. فهما وجهان لعملة واحدة يحركها الطمع والأنانية كما تقول ليلى في آخر سطر ص94.

وهناك نتيجة منطقية واحدة لهذا السيناريو. وهي تحويل دراما الصراع على المرأة والسلطة إلى نوع من المأساة أو إلى إعادة تركيب دراما العائلة كما يرويها لنا فرويد. وبكل بساطة تتبنى الرواية هذه الحبكة. ولذلك يمكن أن نقول إنها عمل يتألف من نماذج وأنماط وليس من وقائع مجردة. ويبدو لي أن محمد الأحمد، بتحويل مربعات فرويد إلى دوائر، أسس لرواية صراع أجيال وإنما بمفهوم جديد. فهي ليست عن تناحر الماضي مع الحاضر وليست عن أزمة الحداثة ودخولها بمواجهة مباشرة مع نفسها. وإنما عن سلوك أفراد لأنماط، واستجابة كل منهم لتداعيات المرحلة التي يعيش فيها. فالخائن جميل يجد صورة عنه في الأناني شدري. وليلى تجد معادلها الموضوعي في سلوى. وباستثناء الأب، الذي لا ثاني له، تتطور بقية الشخصيات بشكل ثنائيات. كل شخصية تتكون من وعي باطن، نصف مرئي ونصف مستتر. أو جزء حاضر وجزء بعيد عن الأنظار.

وهنا يلعب محمد الأحمد لعبته. إنه يضع كل شخصية ضمن إطار حقبتها الخاصة، بمعنى أن مضمونها لا يمكن تفسيره إلا من خلال مؤثرات مرحلته أو طوره الاجتماعي والنفسي.

ولنبدأ بالأب.

إنه أركيتايب لزعيم شرقي، ويختصر كل معاني الشخصية البطركية التي كانت موجودة قبل عام 1915. وكما ورد في مطلع الرواية: إنه يجتهد ليعرف نفسه. وهو مزيج من الواقع والخيال. ص15. وترسمه الرواية بشكل رجل يتهالك على الملذات وفي نفس الوقت يستمتع بالسيطرة. وركوب المرأة في غرفة النوم لا يدانيه شيء غير الجلوس على الكرسي وكأنه نسخة من عبد الجواد بطل ثلاثية نجيب محفوظ. رجل يفكر بامتلاك كل ما تطاله يداه. ولذلك كانت شخصيته اجتماعية وليست تاريخية. فهو حامل للمعنى وليس منتجا له. وبتعبير آخر إنه شخصية تعيد تسويق نماذج قبلها: أمثال جوزيف كاف بطل الأعمال الغامضة التي وضعها كافكا. بالإضافة لـ “كابيتان” بطل ميشال زيفاكو. وهذا يعني أن شخصية الأب هي مزيج معقد من حبكة المغامرات بما ينمو خلفها من دسائس وتآمر مع رؤيا تصوفية عن المشاكل الغامضة التي يعاني منها الإنسان المعاصر.

أما ليلى فقد كانت جزءا من المأساة. فهي لم تبذل جهدا في تبديل مسار الأحداث واكتفت بالمشاهدة. لقد كانت منفعلة وقليلا ما بادرت بالتصرف. لقد أحبت جميل واقترنت بشدري. وانتبهت للخطأ الذي ترتكبه أختها ولم تمنعها من التمادي. وقد كانت مثالا عن الشخصية السلبية والمستسلمة والتي لا تعرف شيئا عن الممانعة. وفي الحقيقة لم يكن في رأسها غير والدها الأوديبي أو مثالها الأعلى. فقد كانت تغار من خلوته مع شيخان أجمل زوجاته ص44. وتنظر لعلاقته معها كأنها أغنية عظيمة توقظ أعتى الأحاسيس المدفونة في أعماق المرأة، كما ورد بالحرف الواحد ص 48. وربما كانت تعتقد أن والدها يخونها مع زوجته كما خانها جميل باختيار سلوى. وهذا الخطأ الأوديبي المتكرر هو الوجه الثاني لعقدة أوديب ولمشكلة الجنس الفموي وما يتبعه من حرمان وعذاب. وبرأيي كان إحراق شدري في خاتمة الرواية، وهو في سريره، تعبيرا عن الانتقام من فكرة الرجولة على وجه الإطلاق، أو أنه خصاء متعمد لا يلتهم عضو الذكورة فقط ولكن كل ما ارتبط به.

و تبقى شخصية جميل. ويمكن أن تقول إنه أساس الحبكة. فهو الجوكر أو الشيطان في الرواية. فهو متمرس على الوشاية ص 71 وعلى الدسائس ص 72. ويمكنه أن يلعب ألاعيبه وهو موجود أو وهو غائب. ولقد تمكن محمد الأحمد من إعادة رسمه بنفس البراعة التي رسم بها هنري ميلر صورة بطل روايته المتألقة “شيطان في الجنة”. لقد كان يقضم على مهل أملاك مضيفه. وهذا هو المبدأ الأول لجميل، أن يقضم الأب في حياته وفي مماته.

غير أن بناء الشخصيات ليس هو بيضة الديك في هذه الرواية المحكمة والشفافة. فالمونولوج الذي تروي لنا به ليلى الأحداث كان متزنا. لا يحمل تناذر الحداثة. فهو مونولوج هادئ ومتسلسل وكأنه حوار مسموع أو مناجاة درامية بطريقة ليلى سليماني في رائعتها (أغنية هادئة).

وهنا لا بد من تعقيب.

لقد تكبدت عناصر الخيال الفني في الحداثة خسارة على مستوى الحوار وجعلت منه صوتا لفوضى الأفكار والمشاعر وهي تتجزأ وتتصارع داخل المساحة النفسية المسموح بها للفكرة. فالحداثة هي لغة الممكن وليس الواقع. وهذا بديهي لأنها تعادي الطبيعة. زد على ذلك أنها تماهي بين الشخصيات وذات الفكرة أو أنا السارد العليم. وأية رواية حديثة تتكون من لوحات مبعثرة لشخصية واحدة تكرر نفسها. ولنضرب مثالا على ذلك بأعمال رائد القصة التسترية جمعة اللامي. لقد كان يلعب لعبة الكلام الصامت أو ما نقول عنه لغة الأعماق. وهذه هي خلاصة الفعل الفني حينما يمزق رابطته مع مصادره. فهو لم يسهب في حجز مساحة منظورة لأبطال كل قصة وترك لهم حرية التجوال ضمن حدود تجربتهم الخاصة. وكذلك في “لعبة المغزل” للإريتيري حجي جابر. عملت وحدات البنية بالتوازي، وكان الواقع بمساواة المتخيل، والخيال عرضة للماضي والحاضر. واحتكر الزمن الحالي واقعه المنظور. وهذا ما تسبب بتحويل البنية إلى منصات فنية وليس لبؤرة هي منبع الأحداث والشخصيات. ومثله كان السوري حيدر حيدر يقدم شخصية واحدة تحت عدة أسماء. بمعنى أنه يجزئ ذات الفكرة في عدة صور وصيغ بلاغية للإعراب عن وجهة نظر واحدة لا يمكن أن تتغير. فجوقة شخصياته مثل وجوه اليابانيين. لا تجد أي فرق بينها.

لكن في (ليلى والحاج) ينفصل وجدان الشخصيات عن الذات، ويتحول إلى مادة. ويأخذ كل طرف ما يلزم من التفصيل والتحديد.. الملامح للنظر والتفكير للحدس والإحساس. لقد استكملت الرواية المنظور بالمحسوس. وتكهنت عن المعنى بالصور وليس بالتراكيب والصياغة. فهي ليست رواية إبلاغ ولكنها رواية مشاهدة وتعايش أو تكافل. ويمكن القول إن العمل كله جاء بشكل تأملات في أثر العقل الاجتماعي على الأحوال والظروف النفسية والسياسية أو بقليل من التجاوز في شؤون حضارتنا الجريحة ومن خلال حكاية أجيال في عائلة واحدة، أو من خلال دراما صراع الآباء والبنين كما فعل تورغنيف في عمله المشهور.

** منشورات دار الحداثة. بيروت. 1985.

***الشخصية الوظيفية هي التي تعبر عن نمط ثابت ومتكرر بغض النظر عن الاسم والعمر والحال. مثل عفريت المصباح وهكذا.