الخميس، 16 ديسمبر 2021

د.عبد الاله امهادي



 تنذر مقاومة المضادات الحيوية، والميكروبية بصفة عامة، بأزمة صحية عالمية لا تقل فتكا وخطرا عن فيروس كورونا المستجد، إذ من شأنها أن تجعل من أبسط الإصابات والجروح والإلتهابات التي يسهل علاجها، أمراضا فتاكة.

وتقوم الميكروبات من الجراثيم والفيروسات والطفيليات عامة، بالتغير والتطور بشكل متواصل كي تضمن بقاءها، وتتكيف مع العلاجات واللقاحات المضادة لها، لدرجة تمكنها من تطوير مقاومة للمضادات، التي تغدو بلا تأثير علاجي، كما هو الحال مع المضادات الحيوية ضد البكتيريا.

ويجعل هذا من الصعب معالجة الأنواع الشائعة من العدوى، ويزيد من مخاطر انتشار الأمراض والإعتلالات الوخيمة والوفاة، بحسب منظمة الصحة العالمية



Du 18 au 24 novembre 2021, le monde entier célèbre la semaine 

mondiale pour un bon usage des antibiotiques.



Cette semaine a pour objectif de sensibiliser l’ensemble des professionnels de santé,



 mais également le grand public à la résistance aux antibiotiques et de promouvoir leur bon usage.




جميلة

 معا من أجل التعليم. معا من أجل العلوم. معًا من أجل الثقافة. معا للحصول على المعلومات. معا من أجل السلام. لا يمكننا إلا معًا أن نبني مستقبلًا أفضل للجميع.



كانت هذه هي مجموعة الإلتزامات و الرسائل التي أعلنت عنها منظمة اليونيسكو بمناسبة مرور 75 سنة على تأسيسها لتشكر جميع الدول الأعضاء لتجديدها الإاتزام اتجاه الإنسانية

 #UNESCO75.

د.عبد الاله امهادي

 طنين الأذن هو أن تشعر برنين أو أي ضوضاء أخرى في إحدى أذنيك أو كلتيهما. و الضوضاء التي تسمعها عندما تكون مصابا بطنين الأذن ليست ناتجة عن مصدر خارجي و لا يستطيع الأشخاص الآخرون سماعها غالبا.فهو يصيب نحو 15% إلى 20% من الأشخاص، و يكون أكثر شيوعا بين البالغين الأكبر سنا.

يمكن لصوت الضجيج الذي يسمعه الشخص أن يكون طنيناً، أو رنيناً،  أو صفيراً، أو هسهسة، و يمكن  أن يترافق مع نقص السمع. 

يمكن لبعض المرضى سماع أصوات أكثر تعقيداً، وقد تتباين في نوعها وشدتها من حين لآخر.

يحدث طنين الأذن عند العديد من الأشخاص نتيجة لأحد الأسباب التالية:

- فقدان السمع أو نقص في السمع،

- التهاب الأذن أو انسداد قناة الأذن،

- إرتفاع الضغط الدموي،

- الإضطرابات الأيضية : مرض السكري, الكوليستيرول، ارتفاع حمض اليوريك في الدم،

- إصابات الدماغ أو الرقبة،

- بعض الأدوية المؤثرة على الأذن الداخلية: مضادات الالتهاب غير الستيرويدية وبعض المضادات الحيوية وأدوية السرطان وحبوب الماء (مدرّات البول) والأدوية المضادة للملاريا ومضادات الاكتئاب.

علاج الطنين يتوقف على تشخيص الأسباب المؤدية إليه و قد يكون العلاج جراحيا عندما يكون السبب متواجد بالأذن الخارجية أو الوسطى وقد يكون العلاج عن طريق الأدوية في الحالات المرضية الأخرى . 

آنذاك يتطلب العلاج مشاركة المريض من أجل تصحيح الإضطرابات الأيضية و الفهم الجيد للطنين لإيقاف الحلقة المفرغة التي تؤدي إلى ازدياد الشعور به كلما حاول المريض التفكير في الرنين.

كما توجد علاجات يمكنها المساعدة في تقليل الشعور بالأعراض:

قد يقترح الطبيب استخدام جهاز إلكتروني لكبت أصوات الضوضاء.

و من المهم الذكر أنه لا يمكن علاج طنين الأذن بالأدوية، ولكنَّها قد تساعد في بعض الحالات على تقليل شدَّة الأعراض أو المُضاعفات. 

ولتخفيف الأعراض، قد يصف لك الطبيب دواءً لمعالجة الحالة الكامنة المسببة لطنين الأذن أو معالجة القلق والاكتئاب اللذين يصاحبان طنين الأذن في كثير من الأحيان.



د.عبد الاله امهادي

 إن ثقب طبلة الأذن هو ثقب أو شق في النسيج الرقيق الذي يفصل قناة الأذن عن الأذن الوسطى (طبلة الأذن). 

يمكن أن يؤدي تمزق طبلة الأذن إلى فقدان السمع كما يمكنه جعل الأذن الوسطى عرضة للعدوى. 

و أعراض تمزق طبلة الأذن عامة  كالتالي: 



- ألما في الأذن قد تقل شدته سريعا،

- تصريفا يشبه المخاط أو مملوءا بصديد أو دم من الأذن، 

- فقدان السمع،

- طنين الأذن،

- الشعور بالدوران،

- الغثيان.

أسباب تمزق طبلة الأذن عديدة: 

- إلتهاب الأذن الوسطى الناتج عن تراكم السوائل بها و الضغط الناتج عن هذه السوائل يؤدي إلى ثقب طبلة الأذن،

- الرضح الضغطي و هو الجهد المبدول على طبلة الأذن عندما يختل التوازن بين ضغط الهواء في الأذن الوسطى و ضغط الهواء في البيئة المحيطة  زيادة على ممارسة الغوص و تعرض الأذن لضربة مباشرة،

- الأصوات العالية أو الإنفجارات التي تسبب الصدمة الصوتية، 

- الأجسام الغريبة في الأذن كأعواد التنظيف القطنية أو دبابيس الشعر، 

- صدمة شديدة في الرأس.  

يقوم أخصائي الأذن و الأنف و الحنجرة بتشخيص تمزق طبلة الأذن بالفحص البصري باستخدام أداة مزودة بإضاءة، كما قد يطلب اختبارات إضافية لتحديد سبب أعراض الأذن أو الكشف عن فقدان السمع منها : 

- التحاليل المخبرية في حالة وجود إفرازات من الأذن أو البحث عن العدوى البكتيرية في الأذن الوسطى،

- تقييم الشوكة الرنانة التي تحدد أن فقدان السمع ناتج عن تلف الأجزاء المهتزة في الأذن الوسطى أو تلف الأعصاب و المستشعرات في الأذن الداخلية أو تلف كليهما، 

- قياس الطبل و يتم عبر استعمال جهاز يدخل في قناة الأذن يقيس استجاب طبلة الأذن للتغيرات الطفيفة في ضغط الهواء، 

- اختبار السمع و هو سلسلة من الإختبارات التي تمت معايرتها بشكل صارم تقيس مدى كفاءة السمع بمستويات و طبقات مختلفة. 

معظم طبلات الأذن تلتئم من تلقاء نفسها بدون علاج خلال بضعة أسابيع و قد يصف الطبيب المختص مضادا حيويا في حالة وجود دليل على العدوى. 

و لكن إذا كان التمزق أو الثقب لا يلتئم فقد يغلقه أخصائي الأذن و الأنف و الحنجرة باستعمال لصيقة طبلة الأذن و هي لصيقة جلدية و قد يحتاج الإجراء لتكراره أكثر من مرة قبل التئام الثقب. 

و تبقى الجراحة هي الخيار الأخير أمام الطبيب المختص وهي ما يسمى برأب الطبلة حيث يقوم الجراح بترقيع لصيقة من أنسجة المريض لإغلاق الثقب الموجود في طبلة الأذن.




 أمس أخدت بطانية الى المصبنة استقبلني الشاب المستخدم فيها على غير عادته بابتسامة وترحاب كبير...

أهلااااا  أستاذة سميتك غنبوري، غندور، مغندر، شي حاجة هاكا ياك؟

أنا : ههه نعم تقريبا " وأنا أفكر أنه ربما صديق فايسبوكي  "تقع معي أحيانا"....

قبل أن يضيف: كنشوفك بزاف في واحد "القانا" كدوي زوين بالفوصحى... وزويينة ذيك القانا كتجيب بزاف الخبار ..

أنا في خاطري :أوااااه  ماهذا؟ ميمكنش. شافني في التلفزة زعما ؟؟ الحرارة ارتفعت لأقصى درجات فهرنهايت. تنفخت وتزنكت... وتحسست جلابتي "المحشرة" وجوج زيوفا دالحمام اللي لاويا على راسي تع الحمام ...

المهم الشهرة صعييييبة الخوت ... واخا عمر شي حد  قالي شافني قبل منو غير "مي وبا" ..

سوف أطلب العلامة الزرقاء من مارك ...

قفرتوها معايا.....


د.رمضان الحضري

 الشعر بين الخلود والترفيه

*********

هذا وترٌ جديد أحاول أن أضيفه لألة النقد الأدبي غايته ربط الكلمة بالحياة ربطا حقيقيا لا لغويا ، فلم تتخلف أمة بسبب كثرة البحث في لغتها كما تخلفت الأمة العربية ، ويعود سبب هذا التخلف من وجهة نظري إلى علماء اللغة الذين فسروا اللغة باللغة ، فكانوا كمن يأخذ من بحر ويصب فيه مرة أخرى قصدا منه أن يمتلئ البحر ، فلا البحر نقص ولا امتلأ ، ولا صوت الضجة خفت أو سكت لحظة .

وحينما بدأ التعليم النظامي كان تعليما نظاميا وليس نظاما تعليميا ، وبعبارة أخرى خضع التعليم لنظام الحكم ، ولم يخضع الحكم لنظام التعليم ولازال الأمر على ماهو عليه حتى اشعار آخر بعد عقود وربما قرون .

لستُ في مزاج سيء كما سيظن كل من يقرأ هذه الكلمات ، ولكنني في حالة من يقرأ الواقع العربي الحالي على صفحات عربية تاريخية طويلة ، ليجد أن العربي فهم لغته مرتبطة باللغة ، رغم أن اللغة أعظم اختراع في تاريخ البشرية ؛ لربط العقول ببعضها وربط العقول بحركة الحياة ، وبناء عليه جاءت تفسيرات النصوص جميعها مرتبطة باللغة لا بالواقع .

وكان تفسير القرآن المجيد أخطر التفسيرات تأثيرا على حياة العربي ، فربطوا اللغة باللغة من ناحية ، وربطوا اللغة بضرورة رفعة العربي من ناحية أخرى ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )  استخدم السادة المفسرون كلمات اللغة العربية في الكتاب المجيد كأنها مختصة بالعرب فقط ، كما استخدموا الحديث النبوي الشريف على أنه ملك للعرب والمسلمين فقط ، وكأنهم لم يقرأوا ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، فهم فسروا الآية 

(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )  

فقد فسروا الكتابة برسم الحروف ، ولم يفسروها بالفرضية أو التسجيل أو الترقيم رغم ورود كل هذه المعاني في القرآن العظيم ( كتب عليكم الصيام ، كتب عليكم القتال ) بمعنى فُرض ، ( إذا تداينتم بدين فاكتبوه ) بمعنى سجلوه ، ( كتاب مرقوم ) هل هو نوع من الرقمية الحديثة أم ماذا ؟ 

وإذا كنا سبقنا العالم في فترة فإنهم سبقونا في فترات أخرى ، وهم الآن أسبق في الكتابة والتسجيل والترقيم .

كما فسر المفسرون ( الأرض ) في الآية بجنة الآخرة ، وفسروا كلمة 

( الصالحون ) بأولئك الذين يخضعون لعبادة لله ، فجعلوا الآية لاتنطيق إلا على المسلمين ، ولم يستطيعوا أن يفرقوا بين قوانين الله على كل البشر ، ووعد الله لمن يطيع أمره ويتبع رسوله ، فجعلوا صلاح الدين يساوي صلاح الدنيا ، والحق هو كذلك إذا كان المجتمع يتبع المنهاج اتباعا حقيقيا وليس اتباعا لفظيا أو عادات وطقوس تؤدى على منهاج الكهنة وليس منهاج رب العالمين ، فميزان صلاح الدين يرتبط بميزان صلاح العمل ، وأقصد بالعمل هنا كل عمل لايسميه الفقهاء عبادة مثل المخترعات العلمية ، فحينما يترك طبيبا مريضه _  أثناء جراحة خطيرة بالقلب تستوجب أن يبقى الطبيب أكثر من ثماني ساعات داخل غرفة العمليات _ ويذهب ليؤم الناس في الصلاة ، حيث لا يوجد إمام لهم غيره ، فهنا قد أفسد منهج الله بالإهمال في مريضه ، والأدهى أنه يظن أنه ترك المريض لعبادة أفضل ، ولكن يقينا أن وجوده للجراحة هي عبادة أعظم لأنها تحي نفسا من الموت فكأنه أحيا الناس جميعا .

والصوام القوام الذي يظلم زوجته أو جيرانه أو شعبه فلم يعدل أقل درجة في الدنيا من الكافر والملحد الذي يقيم العدل في وطنه ، ولذا فإن 

( الصالحون ) في الآية السابقة أفهمها أنا بأنهم صالحون لعمارة الأرض وإقامة العدل فيها حتى لو كانوا غير مؤمنين بالله جل في علاه ، وهذا يعني أن الأمريكان والروس والصينين واليابانيين والألمان والفرنسيين صالحون لعمارة الأرض ، ولذا فهم قد ورثوها أمام أعيننا .

روي عن أبي عبدالله محمد بن المبارك أنه كان يرحب بكل رجل يدخل إلى مجلسه بقوله : ( مرحبا بالرجل الصالح ) ، وذات يوم دخل عليه لص مشهور في المدينة ولم يكن ابن المبارك يعرفه ، فقال له : ( مرحبا بالرجل الصالح ) ، فلما قضى اللص حاجته وانصرف ، ضحك تلاميذ ابن المبارك وقالوا له : هذا لص مشهور في المدينة ألا تعرفه ، ورحبت به قائلا : 

( مرحبا بالرجل الصالح ) ، فقال ابن المبارك رحمه الله : ( بل هو صالح حتى وهو لص ، فمن لايصلح للجنة يصلح للنار ) ، وهكذا كانت اللغة لتفسير الحياة وليست لتفسير اللغة ذاتها .

ولذلك كان حرص النبي على ربط اللفظ الديني بالحياة الدنيا ، وقد روى البخاري في صحيحه أن رسول الله قال : ( إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ) فقال أحدهم : ( وكيف إضاعتها يارسول الله ؟ ) فقال : 

( إذا أسند أو وسد الأمر إلى غير أهله ) ، فكل الفساد في عالمنا أن من لايستحق ياخذ مكان من يستحق ، وبالتالي فإنه لايمكنه أن يرث الأرض لأنه ليس صالحا لعمارتها .

هذه تقدمة تبين أمرين مهمين للغاية : أولهما أن تفسير اللغة باللغة لن يأتي بجديد في اللغة ولا في المعنى ، بل سوف يتسبب في ضعف اللغة التي تأكل نفسها من داخلها ؛ لأنها لاترتبط بما يقويها من خارج النسق اللغوي ، ويظل الدارسون كما هم ، قال سيبويه وقال الخليل ولا علاقة لهم بأن قلسطين محتلة من إسرائيل ، ولا علاقة لهم بما يدور من تمزيق وقتل في الدول العربية ، حيث إن هذه القضايا اللغوية صنعت إرهابا نفسيا داخل الأشخاص ومعلمو اللغة لايدركون خطورة هذا بالمرة ، ويمكننا أن نلاحظ أن أساتذة جامعات يشتمون ويسبون ويلعنون بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي ، ويتحدى بعضهم بعضا في اللغة والنحو والصرف والعروض وهم لا يدركون أن هذا الذي يتسابون ويتشاتمون ويتقاتلون به كان منذ مايزيد عن عشرة قرون ، فهم يحرثون بحرا محروثا من أكثر من ألف سنة مما تعدون .

ثانيهما : عدم ربط اللغة بالأنساق الاجتماعية ومحاولات التفريق الدائمة بين اللفظة وموقعها من المجتمع جعل التشابه بين معظم الكتاب حقيقة أوضح من الشمس ، ولست ذاكرا لأسماء بعينها حتى لا نكدر صفوهم ، ولكن حسبنا أن نعرف أن مناهج التعليم تحتوي على نصوص يسمونها شعرية لمن لاعلاقة لهم بالشعر ، ودروس نقدية انتهى عصرها من القرن التاسع عشر ومطلع العشرين ، ولا توجد نصوص تدل على العصر الذي يحياه الناس بالمرة .

هذه تقدمة واجبة لنعرف أن معظم مايقال من نصوص تسمى شعرا إنما هي نصوص ترفيهية متشابهة ، ونص يكفي عن مائة نص ، فالبعد لايتحمله الحبيب ، والقرب مثل الشهد ، والوجه مثل البدر ، وآه ثم آه ثم آه موزونة .

والسؤال المطروح : هل هذه النصوص الترفيهية تفسد المجتمع ؟ 

والإجابة : المجتمع أمام الجميع وليحكم كل إنسان على ما حوله ومن حوله ، ولن أخوض في التفاصيل من شتم لبعض من يسمون أنفسهم شعراء وسب وقذف وتطاول وصور وذكريات وفضائح وحكايات عن الطعام والشراب والليالي والهدايا والمناسبات ومحلات الكشري ، ياااه .

حينما يكون الكاتب صاحب قضية لن يلتفت لهذه النصوص ، فلا زلنا نذكر أمثلة الجماليات من شوقي والمتنبي ، والسرديات من إدريس ومحفوظ ، والنقد من طه حسين وأنيس وتليمة .

للحاكِمينَ قَياصِرَةْ

الجالسينَ أباطِرَةْ

تَعِبَتْ خُطانا يا طَريقَ المَجدِ كَلَّتْ

لوَّحَتْ لي في فضاءِ الكونِ شَمسٌ

للغُروبِ مُسافرةْ

قد كنتُ أبحثُ بينَ أوراقِ الجرائدِ

عن وَظائفَ شَاغِرَةْ

عن أيِّ قُطْرٍ في العُروبةِ أحكُمُهْ

لا تَنظُري لي ساخِرَةْ

يا بَخْتَ مَنْ يَحكُمْ

شُعوبًا

( لا تَهُشُّ ولا تَنُشُّ )

ويَسجُدونَ لِمَن يَجيءُ

ويَعبُدونَ أوامرَهْ

كُنا شُعوبًا ذاتَ يومٍ ثائرةْ

ومُغامِرَةْ

أغمضْتُ عيني داسَني رَكْبُ الخليفةِ

ذَاهِبًا للقُدسِ كانْ

قد كانَ يَمشي خَلفَهُ

رَكْبٌ كبيرٌ

والجَميعُ سَماسِرَةْ

خَجَلي كبيرٌ

حينَما بدَأَ المَزادُ

وبالنَّوايا الماكِرةْ

قالوا بألفٍ

قُلتُ : لا بَلْ ألفِ ألفٍ

ما كُنتُ أملِكُ أيَّ شَيءٍ

غيرَ رُوحي الطَّاهرةْ

أوَّاهُ يا سُوقَ الرَّقيقْ

وَطنٌ يُباعُ لعاهِرَةْ


************

هذا نص شعري حقيقي يتناول قضية آنية يعيشها الأحياء في هذا الوطن ، أما المغيبون فلم يعلماو بها حتى اليوم ، والمشوهون باطنا يغضون الطرف عنها تجنبا للمساءلة ، فما أجمل النضال بغير سؤال !

ما الفرق بين هذا النص والنصوص الترفيهية ؟ هذا ما سوف أتناوله في الجزء الثاني من هذه المقالة بأمر الله جل في علاه


د.رمضان الحضري

 مقالتي عن نجيب محفوظ المنشورة بعدد اليوم من مجلة المصور المصرية تحت عنوان:

في قصر أديب نوبل (حوار لم ينشر ) صـ 38،39

******************************

تتسع المسافة بين الواجب والممكن حسب ارتباط كل منهما بالواقع، فمن يرتبط بالواقع يكون أكثر قدرة على تحقيق الهدف، ومن لا يرتبط بالواقع يكون عرضة لضياع الفرص والعودة للبحث من جديد في أساليب تمكنه من تحقيق الهدف .

هذا يذكرني برَجُلٍ وقف في آخر الليل تحت عمود للإنارة يبحث عن مفتاح بيته، فمر عليه جاره فسأله: عمَّ تبحثُ ؟ فقال أبحث عن مفتاح بيتي، فقال الجار : وهل سقط منك المفتاح هنا ؟ قال الرجل: لا، بل سقط في الشارع الآخر، فقال الجار: ولماذا تبحث هنا ؟، فقال الرجل: لأن المكان هنا مُضاءٌ ولكن الشارع الآخر مظلم .

رغم فكاهة المثل إلا إنه يبين أن الرجل يبحث حيث يمكنه أن يبحث، فهو سوف يرى في النور ولكنه لن يرى في الظلام، والواجب أن يبحث في الظلام حيث سقط المفتاح ، فالبحث في الظلام أقرب للواقع، فالواجب هنا أقرب للواقع، بينما الممكن بعيد جدا عن الواقع .

فلو تمسك بما يجب عليه فسوف يحقق هدفه، وأما التمسك بالممكن كثيرا ما يكون سببا في تخلف الأمم .

ربما أتستر بهذه التقدمة لأدلف إلى قصر من أكبر قصور السرد العالمي وهو قصر نجيب محفوظ السردي ، حيث بدأ محفوظ كتاباته بالواجب وليس بالممكن ، فقد حاول إحضار الماضي في الحياة المعاصرة في وقته ( منذ الثلاثينيات وحتى منتصف الخمسينيات ) ، فاستحضر التاريخ المصري القديم في الحاضر وكأنه سوف يتتبع التغيرات التي سوف تطرأ على الشخصية المصرية، ولم يكن يكتب تصويريا كما قال عنه نقاد كثيرون، نعم؛ كان يصور المواقف تصويرا فريدا، ولكن هذا التصوير كان يحمل بعدا فلسفيا معاصرا في تقديم الفكر القديم بصورة حديثة، وهذا معنى أنه يأتي بالماضي ليجعله يعيش في الحاضر وليس العكس، فلم يجر القارئ للماضي، بل أتى بالماضي ليتفاعل معه القارئ وهذا ما جعل القارئ المصري يفخر بسرد محفوظ في روايات كفاح طيبة، ورادوبيس، وأرمانوسة المصرية.

وحينما كتب محفوظ عن الشخصية المصرية في الوقت الحاضر لم يكن توصيفه لها أقل من توصيف علماء الاجتماع أو علماء الجغرافية السياسية، بل كان هذا التوصيف مهما للغاية في جانبين؛ الأول هو تقديم الحقائق بصورة فنية مذهلة تجعله يتفوق على معظم الكتاب العالميين ناهيك عن الكتاب العرب، لأنه كان يستطيع أن يخترع فضاءات سردية مرتبط ارتباطا شديدا بالزمان والمكان الواقعي بأسماء الحارات المصرية، فلم تكن عينه كاميرا تصور الواقع، ولكن عقله كان يقف في المنتصف تماما بين ما يريد أن يقدمه من وجهة نظر في المجتمع، وبين ثقافة المجتمع من عادات وقوانين وسلوكيات، فلا يستطيع قارئ أن يفصل بين الشخصية السردية، والشخصية الواقعية، لأن كاتبنا الكبير كان لا يتحكم في شخصياته ولا يسيرها حسبما يرى، ولكنه كان يدخل في الشخصية من الداخل ويراها كيف تفكر ليجعل سلوكها من داخلها وليس من فرضيات الكتابة، والدليل على ذلك أن معظم الشخصيات التي قدمها في رواياته لا زالت تعيش في المجتمع كعناصر اجتماعية مؤثرة وليست كعناصر روائية؛ فشخصية السيد أحمد عبد الجواد يتحدث عنها الرجال أو النساء تحت مسمى "سي السيد" فلو سألت امراة عن زوجها ستقول لك "عامل فيها سي السيد"، وهنا عبقرية الكاتب الذي يجعل عمله 

عنصرا اجتماعيا يعيش داخل المجتمع، ينبع منه ويصب فيه، وبين المنبع والمصب تبدو المؤثرات الموجية في ارتفاع وانخفاض، فلم يكن محفوظ يقدم أعماله الروائية على البناء السردي الذي يعرفه جيدا، ولكنه كان يتخطى وجهة النظر، ويتخطى الرؤية الشخصية إلى تقديم مقترحات جديدة في الفكر الروائي وبث إضاءات متنوعة على المناطق المظلمة في الحارة المصرية فجعل القارئ الأجنبي يعيش في هذه الحارات وينفعل بها، وربما هذا ما جعل روايات محفوظ تصبح أفلاما في المكسيك، والهند، وبعض الدول الأوروبية، ولم يهتم نقاد الرواية بكتابات سردية عربية كما اهتموا بنجيب محفوظ حتى قبل حصوله على جائزة نوبل، فقد تناوله بالنقد عدد من الصعب أن نحصره منذ عميد الأدب العربي طه حسين، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم، وعز الين اسماعيل، وسيد حامد النساج، وأحمد إبراهيم الهواري، وعبد المحسن طه بدر، وشكري عياد، ونبيل راغب، وصبري حافظ ، وعبد القادر القط، ورشاد رشدي، وغيرهم كثيرون، هذا من النقاد.

أما الجانب الثاني فهو وجود نجيب محفوظ كحلقة وصل بين بداية الرواية المصرية في صورتها التي لم ترق للعالمية، وحتى فتح الطريق أمام الروائيين العرب، لكسر الجمود الذي كان قد أصاب الرواية المصرية حتى أصبح مؤثرا في معظم كتاب الرواية الذين عايشوه، والذين جاءوا بعده مذ الستينيات، وحتى لحظة كتابة هذا المقال، وكان تأثيره واضحا في يوسف القعيد، وجمال الغيطاني، وعبد الحكيم قاسم، ومحمد كشيك، وسعيد الكفراوي.

لست أدري من أين جاءت حالة الفصام التي أصابت الرواية العربية في وقتنا الحالي، فلم يعد هناك كاتب يستطيع أن يقدم مقترحات جديدة في السرد والحكي والشخصيات والأحداث، كما كان يقدمها نجيب محفوظ، وربما السبب الرئيس (من وجهة نظري) الذي أدى إلى ذلك هو عدم وضوح ماهية الفن الروائي ووظيفته بالنسبة لكتاب الرواية الحديثة حيث أنهم يعتمدون التسويق والتجارةولا يعتمدون الفن كمؤثر اجتماعي في بناء الشخصية. 

وحينما حصل الكاتب الكبير / نجيب محفوظ على جائزة نوبل عام 1988م، قدمنا من العريش بتفويض من اللواء / منير شاش محافظ شمال سيناء وقتئذ لتهئنة كاتبنا الكبير، وكنتُ برفقة شاعر مصر الكبير المرحوم / محمد عايش عبيد، والناقد / حاتم عبدالهادي السيد والكاتبة / سهير الشحات، والتقينا نجيب محفوظ _ رحمه الله رحمة واسعة _ بمكتبه بجريدة الأهرام بالطابق السادس ، ولحسن حظي دخلت المكتب المجاور لمكتب نجيب محفوظ فوجدت الكاتب الكبير الدكتور/ لويس عوض ، ولست أدري لماذا طلبت منه أن يحضر اللقاء ! ولا أدري لماذا وافق دون نقاش !.

وانتظرت حتى يفرغ رفاقي من حديثهم لأنفرد بنجيب محفوظ ولويس عوض ، وقد كان لي ما أريد ، هناك ألفة للقلوب لاتأتي بمال أو منصب ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم ) ، لكنني تيقنت أن الكاتب الكبير يحب بلاده حبا جما ، وخاصة أهل سيناء التي جرت على أرضها 

النكسة والنصر وسمعته يتمنى لو أنه استطاع أن يعيش هناك ليتعرف على طبيعة الحياة ليكتب عنها وبدأت استفساراتي بسؤال من أول من كرَّم نجيب محفوظ وتنبأ له أنه سيكون مستقبل الرواية العربية ؟ 

فقال الكاتب الكبير : السيدة قوت القلوب الدمرداشية ، هذه السيدة كانت غنية في كل شيء ، فكانت أديبة كبيرة وكتبت أعمالها بالفرنسية وترجمت هذه الأعمال إلى الانجليزية والإسبانية والألمانية واليابانية وكانت غنية بالمال بل إنها كانت من بين أغنى عشرة في مصر كلها ، لدرجة أن الأستاذ / محمد عبدالوهاب كان يداعبها ويقول لها (مش عندك عزبة قديمة ياهانم ليا) ، وكان لها صالون أدبي يحضره كبار المثقفين من  مصر والكتاب الفرنسيين ، وكانت تقدم محاضرات بجامعة السوربون ، وأجرت السيدة قوت مسابقة في الرواية عام 1940 م فتقدمت للمسابقة برواية (رادوبيس) وتقدم مئات الشباب المصري، لكن رواية (رادوبيس) هي التي فازت بالمركز الأول مناصفة مع رواية (واإسلاماه) لعلي أحمد باكثير ،وكانت لجنة التحكيم من أعضاء مجمع اللغة العربية برئاسة طه حسين ومعه أحمد أمين ومحمد فريد أبو حديد ، وكانت الجائزة 40 جنيه وكان نصيبي منها 20 جنيه وكان هذا مبلغ ضخم عام 40 .

وطلب مني التعرف على أعمال قوت القلوب الدرمرداشية الاجتماعية ، حيث إنها تبرعت لمستشفى الدمرداش بمبلغ 50 ألف جنيه ذهب ، وتبرعت بمساحة 100 فدان لبناء جامعة عين شمس و100ألف جنيه ذهب لمباني الجامعة ، كانت مصرية محبة لأبناء الشعب المصري .

وكان سؤالي الثاني لكاتبنا الكبير : ماالموقف الذي يتكرر دوما وتضحك لرؤيته ؟ .

فأجاب : كلما زرت صديقي الحبيب ( م . ل ) في مكتبه أنظر إلى لوحة خشبية موضوعة على مكتبه ومكتوب عليها ( هذا من فضل ربي ) وانا أعلم مصدر ثروته جيدا .

وجاء السؤال الثالث: هل ترى أن هناك كُتّابا يستحقون جائزة نوبل قبل نجيب محفوظ؟

فأجاب مسرعا: نعم سيادة العميد الدكتور/ طه حسين، والأستاذ/ توفيق الحكيم، وصديقي العزيز الدكتور/ يوسف إدريس، ولو جاءت هذه الجائزة وكان طه حسين وتوفيق الحكيم على قيد الحياة سأكون في حرج شديد فهم أساتذتي وخاصة توفيق الحكيم الذي كنت أعرض عليه كتاباتي أولا بأول حيث كان دائم التشجيع لي والثناء على أعمالي ويقدم لي دفعات كبيرة إلى الأمام بل كان من أهم المعجبين بأعمالي (شوف بقى لما أعمالك تعجب الأستاذ توفيق الحكيم الذي قرأ معظم الأدب الغربي، يكون شعورك ايه).

وتوجهت بالسؤال إلى الأستاذ الدكتور لويس عوض فقلت له: تعلمت أنت وكاتبنا العالمي نجيب محفوظ على يد عميد الأدب العربي طه حسين، فما الشئ الذي فاتكم ولم تتعلموه منه؟

فأجاب الدكتور لويس عوض: وكأنك كنت تحضر معنا جلسة من جلسات الدكتور طه حسين، حيث كنت في زيارة له أنا ومجموعة من الكتاب المصريين منهم أنيس منصور والشرقاوي ونجيب محفوظ فسألته، يا سيادة العميد لقد تعلمنا منك الكثير، فما الشئ الذي لم نتعلمه منك؟ فأجاب العميد: لم تتعلموا أن تثوروا على ما على كل ما قدمته لكم من معلومات، فهذه المعلومات إذا ظلت ثابتة، فإنها تقدم مجتمعا متخلفا ولكن نحصل على المعلومات لكي نبني عليها أفكارا جديدة وعلوما جديدة وحتى لغة جديدة.

وكان سؤالي الأخير لنجيب محفوظ: من الشخص الذي تخاف منه؟ فقال: كثيرون فالمجنون إذا تكلم كلاما منطقيا أخاف منه، والشرير إذا تكلم كلام ناعما أخاف منه، واللص إذا تحدث عن الشرف أخاف منه؛ لأنه في هذه الحالة (بيدبر ليا مصيبة).

رحم الله نجيب محفوظ عميد الرواية العربية وربما العالمية على حدود ما قرات، فقد قدم حياته كلها لمجتمعه المصري والعربي لقاء أن يجد مكانا ليدفن فيه، وأظنه لم يجد راحة سوى في حضن القبر.


بقلم د.رمضان الخضري