الأحد، 18 أغسطس 2019

بقلم محمد اديب السلاوي

واذا زلزلة الحكومة زلزالها......


تحدت جلالة الملك في خطاب العرش(2019) عن حاجة الحكومة/الدولة لكفاءات جديدة/ لجيل جديد من المسؤولين ، قادر ومتمكن من كفاءته لمواجهة اوضاع البلاد والعباد التي تعاني من الاختناق الذي قد يجر المغرب لا قدر الله الى الاسوء.

والحقيقة التي لا جدال فيها ان واقعنا ومشاكلنا وتحدياتنا باتت تحتاج الى جيل جديد من الكفاءات المؤمنة بمواطنتها ، كما باتت تحتاج الى تغيير شامل في السياسات، كما في العقلية الحكومية التقليدية،/تحتاج لارادة صلبة، قوية،    لمحاكمة الفساد المتعدد الصفات والقضاء عليه، والتقرب الى المواطن، والى قضاياه ومعاناته.

ان الاحدات التي واجهتها حكومة العتماني، وقبلها حكومة بنكيران، ولم تقدر على معالجتها او التحكم فيها، جميعها تتعلق بالفساد الذي زاد في ظلهما اتساعا وتعمقا في الاجهزة والقطاعات،

ان الحكومتين لم تستطيعا شيئا لمواجهة غول الفساد الذي اصبح يلتهم الاخضر واليابس على مرائ ومسمع الراي العام داخل المغرب وخارجه، وهو ما جمد كل الطموحات في التنمية والاصلاح والانفتاح على زمن الالفية التالتة، واخد يدفع بالبلاد نحو الهاوية والافلاس. 

يعني ذلك انه سيكون امام الجيل الجديد من المسؤولين الجدد  مسؤوليات عديدة ضخمة، في مقدمتها قطع الطريق على الفساد والمفسدين بكل الوسائل الممكنة قانونا، والانتباه الى مرافق الدولة التي تئن مند عقود تحت انين الفساد والتخلف وتدمير قيم المواطنة والقانون والدستور،وتطوير قوانين المراقبة،وسن قانون "من اين لك هذا" وتطبيق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وبت روح الاعتدال والوسطية بشجاعة وقوة، دون اي خوف من الحرس التقليدي الذي عمل دائما من اجل حماية مصالحه والمتاجرة في سلطات وظيفته.

ليس بعيدا عن اشكالية الفساد ومحاربته والقضاء علية وعلى اهله من المفسدين، سيكون امام الجيل الجديد من المسؤولين، التركيز على حل المشاكل العالقة في التعليم والصحة والشغل والسكنى وفي قطاعات التنمية ،والحد من التدهور الاجرامي الذي فاق المعقول، بعدما اصبح يهدد المجتمع في المدن والقرى والمداشر، ، وهو ما يتطلب من الحكومة تخطيطا استراتيجياجديدا لحماية المجتمع من الفعل الاجرامي بكل انواعه وصفاته.

في هذا الاطار،سيكون على الجيل الجديد من المسؤولين، حماية المستهلك من التلاعب في الاسعار، والغش والفساد في المواد الغدائية، وفي العقار، وفي كل انواع التجارة والاستهلاك.

ولان الثقافة رافعة اساسية للتنمية سيكون امام الجيل الجديد من المسؤولين في هذه الحكومة توفير مساحة واسعة للثقافة والفكر ،بدعم الكتاب والمسرح والسينما والموسقي والفنون التشكيلية وكل مجالات الابداع،وفتح المكتبات بالمدارس والمعاهد والجامعات في وجه التلاميد والطلبة والباحثين، مع احدات درس القراءة في كل اسلاك التعليم،، واعطاء لغة الدستور والهوية الوطنية مكانتها اللائقة بها في التعليم والادارة.

الذي لا شك فيه ان ملك البلاد الذي قرر الانتقال الى مرحلة جديدة من الحكم، باحتضان جيل جديد /جيل شاب، كفىء، كان وما يزال   مند كان وليا للعهد  مهتما بالتحديت والاصلاح، اد اعتبر دائما ان الاصلاح ليس عبئا على الدولة، بقدر ما هو واجبا من واجباتها، لدلك لابد للمسؤولين الجدد، من وضع استراتيجية جادة لانعاش الاصلاح ولتطوير المجتمع وتسريع فاعلية التنمية التي يطمح لها المواطن مند عقود... وعقود.

انه زلزال من اجل هدم الفساد واهله، والبدأ بمرحلة جديدة من الاصلاح. 

افلا تنظرون... ؟

محمد اديب السلاوي 

الخميس، 15 أغسطس 2019

بقلم سميرة مسرار

في مملكة والدي

كثيرة هي الأوقات التي كنت أهرب فيها من حاضري إلى طفولتي ،أبحث عن أحلام طفلة صغيرة. لم أكن أعرف لذلك سببا، ربما كانت لحظات التعب تجعلني أحن لفترة  اللهو واللامسؤولية   وتدفعني إلى الفرار بجلدي من ضغوط الحياة والتملص من النفاق الذي يحيط بنا، أو هو الاشتياق لأب محب سرقه الموت !
 عدة تساؤلات تطرق باب العقل دون القدرة على الوصول لجواب مقنع.

حنيني لطفولتي ذو ارتباط قوي ومباشر بأبي. فمنذ صغري وأنا لا أفارقه حتى أصبحت أفضل عالم الرجال على عالم النساء الذي اقترن دائما في مخيلتي الصغيرة بالضعف والعمل اللامتناهي في المطبخ والتربية والخضوع لكلمة الرجل الأقوى. فضّلت عالم الرجال لأنني أعجبت دائما بقوة أبي القيادية في المنزل ذلك أن الكلمة الأولى والأخيرة كانت له . كنت إلى جانبه  باستمرار حيثما كان يجلس مع إخوته أو أصدقائه، يعجبني حديثهم وتضحكني طريقة تناولهم   لذكرياتهم و تلك المواقف الساخرة المضحكة التي كانوا يقيعون  بعضهم البعض  في شراكها ...

كانت جلسات أعمامي كثيرة ومتواصلة ومنتظمة ، غير أنها لم تكن تستهويني مع أنني ما زلت أحفظ كل حكاياتهم عن ظهر قلب. كانت الطفلة التي تسكنني تشعر بتفاهتها لأنها لم تكن إلا مناسبات للتفاخر في النسب والأموال والأبناء والأحفاد وأمجاد العائلة. ومع ذلك كانت تراقبها وتستأنس بها لأنها كانت تفتح لها فضاءات واسعة للدخول شيئا فشيئا إلى عالم الكبار.

وأنا الآن في رحلة هروبي إلى زمن ولّى وانتهى، أتذكر أنني عندما كنت في سن السابعة من عمري ذهبت مع أبي لحضور عرس كان يقيمه عمي  على شرف باقي أعمامي والعائلة بمناسبة زواج ابنته .

كان عمي صاحب العرس يحب الدنيا والهزل  بشكل كبير، وكانت له أساطير في المزاح والمقالب التي كان يمارسها على إخوته. بينما عمي الكبير كان رجل دين وأخلاق زاهدا في الدنيا بشكل لم أعرف له مثيلا، كان وسيم الوجه، ذا لحية بيضاء، دائم الابتسامة ومحبّا للعطاء والصدقة.

خلال مأدبة هذا العرس الشهير، والذي ما زلت أتذكره إلى يومنا هذا، حاول عمي (صاحب العرس) أن يخلق حدثا للمرح على حساب عمي "الزاهد" الذي اتخد  لنفسه زاوية وعزل نفسه فيها فصار لا يعرف من الحياة سوى العبادة والدين.بما انه  كان حاملا للقرآن الكريم، فقد كان حديثه كله استشهادات بالآيات الربانية. كان يُشهد له بالتقوى والاستقامة ومع ذلك رغب أخوه المستهتر في أن يورطه لارتكاب خطأ يشبه أخطاءه أو يزيد عليها. آنذاك كانت الأعراس تعتمد في تنشيطها على فرق" اللاعبات" أو ما يسمى بـ«فرقة شيوخ المرساوي». وحتى يصل إلى هذفه المتمثل في الاحتيال على  عمي الزاهد وأسقاطه في فخ الفتنة، فقد طلب  من إحدى الشيخات، وكانت الأجمل وذات قوام رشيق وشعر طويل، ان تثيره وتحتك  به وتغريه بجميع الوسائل حتى توقع به في فخها  حتى يضحك الجميع ...بخاصة وأن الارتباط بالشيخات بصفة شرعية أو غير شرعية أنذاك  هو نزول إلى الحضيض في ذهن المجتمع  المحافظ جدا الذي يعتبرهن نغزا من الشيطان يجتمع فيه الرقص والغناء والخمر. هكذا كان ولا زال ظن المجتمع بالشيخات وإن كان لا يقام عرسا إلا وكن حاضرات فيه بجمالهن الفتان ولباسهن الكاشف لأجسامهن  المتمايلة على أنغام الموسيقى .
أصر عمي ان تحاصره في فضاء يصعب عليه الخروج منه. كان هدفه  الإيقاع به ليستسلم لغوايتها حتى يخرجه من مدينته الفاضلة بعيدا عن رفقاء السوء فوق هذي الأرض، الآن وانا اتذكر ذلك الحدث استرجعت  لحظة خجل عمي وندمه  لضعف امام انثى ، أما العم العربيد فقد أشفى غليله إذ وجد في فتنة أخيه مبررا لكل لياليه الساهرة  فمضى على حاله لا يُعير اهتماما لنصيحة احد ،قد وقع تحت سلطة  الملذات وجاذبيتها التي انسته كل شيء، حتى نفسه...

وقع كل هذا ليلة ذلك العرس البهيج الذي لا زالت موسيقاه ترن بذاكرتي. لم أكن أعي شيئا مما كان يحاك في عالم الكبار، ولكني كنت أحس بعمي الزاهد فريسة في فخ   إخوته المتفقين  على الإيقاع به 
وهو بدون سلاح أمام حسناء فاتنة تتقن فن الإغراء والملاعبة.

لم يكن صِغر سني يسعفني لفهم ما كان يجري، بل لم أكن أعير له اهتماما كبيرا لأن الأهم بالنسبة لي كان هو مرافقة أبي. ومع ذلك فقد كنت أشاهد الحدث كما لو أنني كنت أمام مشهد من مشاهد السينما يكثر فيه الاعتداء والمقاومة، ويظل المشاهدون مشدوهين أمام هزيمة البطل. لم يستوعب عقلي الصغير في ذلك الوقت ما كان يحصل؛ كنت فقط أستمع لضحك الكبار جالسين في حلَقة وهم يركزون على تسلسل الأحداث.

كنت أتابع كل هذا وأنا طفلة، وأتعجب الآن من حياة الناس التي يمكنها أن تنقلب رأسا على عقب لمجرد لسعة ضمير، بل  أحاول فهم نفوس خلق الله وهي تركض نازفة تحت ثقل الندم حينما يعترف المرء بخطيئته، فيبكي ويتأسف ويتحسر ويطلب المغفرة. ذاك ما حدث لهذا العم الزاهد الذي لم يستطع التحرر أبدا من ماضيه، ولعله كان يلازم المسجد ليهرب من الناس ويتقرب أكثر من خالقه. ولعله كان يحجّ لهذا السبب مرارا، فكنت أتخيله ــ وأنا صغيرة ــ يطوف بالكعبة وهو يبكي أو يتنقل حافيا بين الصفا والمروة ليحس بألم المشي رغبة منه في نسيان ضعفه أمام جمال وإغراء الأنثى، هل كان الخطأ هو السبب  أم فتنة المرأة الشيخة وجاذبيتها التي جعلت المجتمع يرفضها باعتبارها فتنة ؟ لكم تعجبتُ من قوة الرجال التي كانت تستهويني ولكم أشفقت لضعفهم، ولكم تحيرت أمام ضعف المرأة وقوتها الخارقة في الوقت نفسه، ذلك أن المجتمع المتسلط جعلها تبدع في امتلاك الحيلة والجاذبية اللتين جعلتا منها الأقوى في عالم قد يبدو أنه لا زال تحت سيطرة الرجال !

وسط كل مشاهد هذه المسرحية لم ينتبه أحد لتلك الطفلة التي كانت تسكنني والتي كنت أشاهد من خلال نظراتها ما كان يجري وأنا عاجزة عن مقاومة إحساسي بحالات الرعب القاتل التي كانت تتشكل خفية عني ثم تنكشف أمامي كابتسامة مولود جديد.


سميرة مسرار 

.........يتابع

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

الشاعر محمد عبد القادر زعرورة

 لحظَةُ حَنينٍ وَشَوقٍ  


إنَّ عِشقي لِثراكِ يا صَفُّورية 
وَلَنسَماتِ صُبحِكَ الجميلِ
وَنسيمِ فَجرِكَ العَليلِ
وتُرابِ وطني فلسطين الذي هو عندي أغلى من التِّبرِ 
وتفديهِ الارواحُ الغالية 
للرِّجالِ والنِّساءِ والأطفالِ من أهلهِ وعَاشِقيهِ
هذا العِشقُ لا يُدانيهَ رَيبٌ ولا شَكٌّ ولا تَردُّدٌ
لأنَّ حياتَنا فوقَ ترابِ ليسَ تَرابُنا 
حياةُ ذُلٍّ ومَهانَةٍ وَتجريحٍ وعَذابٍ لا يُطاقُ ولا يحتَمِلُه بَشرُ
فلا شَيئَ في هذهِ الحياةِ اغلىَ وأثمنَ وأبهىَ من الحُرِّيَّةِ والكَرامَةِ
ولا حرَّيَّةَ بلا وطنٍ ولا كرامَةَ ولا حياةَ بِمعنىَ الحَياةِ
.........  لو جاءَني الوَحيُ الإلهِيُّ وخَيَّرَني .........
بَينَ أن ( تُحَرَّرَ فلسطينَ كُلُّ فَلِسطين ) وأعودُ  (إلى عِشقي الأبدِيِّ صَفُّوريَة ) وحارةِ أجدادي فيها واهلي وأهلُ بَلدي ......
               وَبينَ أن يضمَنَ ليَ اللهُ جَنَّةَ الخُلدِ بعدَ المَوتِ 
لاختَرتُ تحريرَ فلسطين كلَّ فَلِسطين وعودةِ صفورية لأعيشَ فيها حُرَّاً كريماً وَأُدفَنُ في
ترابِها ويضمُّني رُفاةُ آبائي وأجدادي من ثَراها وفي ثَراها 
لأنَّ فلسطين هي أرضُ المَحشَرِ والمَنشرَ وهيَ جَنَّةُ اللهِ الًّتي تَجري تَحتَها الأنهارُ
وهي قَبلَتُهُ الأولى وارضَ المعراجَ الى السَّماءِ والهُبوطِ منها إليها باركانِ الإسلامِ الحَنيفِ
وهيَ ارضُ الانبياءَ والصَّالحين .....
فلا عشقٌ بعدَ عشقِ اللهِّ 
يفوقُ عِشقَ الوطنَ وإن وازاهُ عِشقُ الدِّينِ 
فمَن لا وَطنَ لهُ لا دينَ لهُ 
ونَحنُ شعبُ فلسطينَ لنا وطنُ  (هو فلسطين كلُّ فلسطين ) ويجبُ أن نُحرِّرَه مهما بلغت
 التَّضحاتُ ...وسَتُحرَّرُ فلسطين والغُزاةُ إلى زَوالٍ بإذنِ اللهِّ  .....
....... وَستَبقىَ بَلدتي صَفُّورِيَّةَ عِشقي وَكلُّ فلسطينَ من نَهرِها لِبَحرِها عِشقي ........


..... الشاعر الكاتب .......
....... محمد عبد القادر زعرورة ....

بقلم انيس ديان

* تراجيديا الوطن*
  """""""""""""
تعلمت في وطني..
أن لا أسرف في البكاء
وأن أدخر دموعي
قطرة ..قطرة
حتى إذا فاض جرحي
بكيت بعز وكبرياء !!
تعلمت في وطني ..
أن دموع الفرح أكذوبة كبرى
والسعادة مزحة البؤساء
وإنما الأحزان هي نحن
وإن تبهرجت وبدت حسناء
تعلمت في وطني ..
كيف "أنا" تصير ضمير الشيطان
وكيف "هو" يشق صدر "نحن"
بلا رحمة ..وبلا استحياء
تعلمت في وطني ..
كيف أحترف قتل أخي
ذبحا ..جوعا ..وطعنا
وعلمني أخي تراجيديا الموت
ومنولوج النهاية الخرساء
 لما كل هذا الجنون
يخضب كفك ياوطني ؟!!
لما الغلو في زينة الدماء ؟!!
وأنت أخي.. أونسيت ..
كم في صقيع ليلة كنت لي رداء !!
كم مرة صرخت في وجهي..أحبك
كم تناوبنا على كسرة خبز !!
وكم لهونا في محبة واشتهاء !!
وطني المخبىء تحت وسادتي
وبين أوراق دفاتري وخواطري
رغم العناء ..رغم الشقاء
ستبقى موسم عشق بلا انقضاء
وهج تراقص فوق الشموع
وقبلة سلام في عيون السماء

أنيس ديان/اليمن/عدن

بقلم الشاعر كامل حسانين

...و...و..رحلة بلا حدود 

                              موكب وظلال 


يا  بسمة  في  روضة  الآمال      وخطرة   في     موكب  وظلال

هنا  تحقق  للطموح    مراده      وإنفك قيدي من سطوة الأغلال

ولقد تهادت في البرايا غايتي     فأنا  المجيد  في  ساحة  ونزال

 أحببت صفوا للرياض وورده     وبدت رياضي في بسمة وجمال

 عدى يعانق فرحتي من أعشق   وبدا  الجمال  في خطرة  لغزال

 عشقت  زهرا  للغصون وفرحة   تنساب في  ماء الهدى   بخيال

 أنا     المعني   بالغرام   وإنني   عشقت    فيه   إطلالة    لظلال

 بستان  أملي  أن أراه ومنيتي   ألقى  الخليل  في  أروع الأمثال

  مثل الحبيب إذا لمحت خياله   أكرم   به   فمن   عظيم    مثال

  عشقت  ذاته  يا  ربيع وإنني   أهوى  الربيع في كامل  الأحوال

  أنا لست في بعد الخليل بصابر  لا  أرتجي  قولا  من     الأقوال

   الفعل يسبق ما أقول وأقصد    فما   أقول   منفذ   في   الحال

 أهديكما يا زهرتان بروضتي      سعد الحياة، زهر الآمال الغالي 


........و.......و.........رحلة بلا حدود / تأليف / الفقير إلى الله والمؤلف والمفكر والكاتب والأديب الشاعر ومتعدد المواهب / كامل حسانين / Kamel Hassaneen / جمهورية مصر العربية..........و.............و........و......

بقلم محمد اديب السلاوي

كيف قرأ  لنا الدكتور المهدي المنجرة الزمن العربي للذلقراطية ؟



-1-

   يرتبط اسم الباحث المستقبلي، الدكتور المهدي المنجرة، لدى عامة المثقفين والسياسيين بمصطلح “المستقبلية”. فهو الذي أطلق هذا المصطلح بشكل مكثف في ندواته ومحاضراته وكتبه وحواراته، حيث جعل منه مصطلحا مذهبيا/ فلسفيا، مرادفا للتنمية، في الأدبيات السياسية المغربية. وهو مؤسس الجمعية المغربية للدراسات المستقبلية، التي ساهمت إلى حد كبير في إشعاع هذا المصطلح وإغنائه في الأعلام الوطني، كما في الفاعلية السياسية الوطنية وأدبياتها
وبفضل جهوده العلمية، أصبح “الأفق المستقبلي” يؤخذ بعين الاعتبار في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بعدما ظل مغيبا لفترة طويلة، خاصة في العهد الاستعماري، والعهود التي مهدت له، حيث أخذت الإدارة المغربية والعديد من الأحزاب، والمنظمات السياسية والنقابية المغربية تولي، أهمية خاصة للأفق المستقبلي في أدبياتها، و في تنظيماتها وهياكلها، وبرامجها، وهو ما يعتبره المجتمع الثقافي المغربي، انعكاسا إيجابيا، للمجهودات التي بذلها ويبذلها هذا الباحث من أجل المستقبل والمستقبلية.

  من بين مؤلفاته العديدة التي تعالج مستقبلية العالم العربي/ العالم الثالث، كتاب: انتفاضات في زمن الذلقراطية، وهو مجموعة حوارات أنجزها مع نخبة من الصحفيين والكتاب المغاربة: هند عروب/ مصطفى حيران/ نور الدين العويدي/ حمادي الغاري/ وآخرين، وجميعها تصب في محور “الذلقراطية” الجرح المتفجر على الجسد العربي خصوصا… والجسد العالمثالثي على العموم. 
 لنحاول الإطلالة على هذا الكتاب، الذي يعود إصداره إلى العقد الأخير من القرن الماضي :

                                                     -2- 

   و”الذلقراطية”، مصطلح جديد/ توليد لغوي جديد، من إبداع المفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة، وهو يشكل عنصرا تركيبيا خماسيا، يختصر واقع الحال في الوطن العربي وفي العالم الثالث وهي: الجهلوقراطية/ الفقرقراطية/ الشيخوقراطية/ المخزنقراطية، (بالنسبة للمغرب)، وهي التي أفرزت مجتمعة التخلفقراطية، التي تغرق الوطن العربي في الرداءة الحضارية حتى القعر .

ذلك هو جوهر كتاب “انتفاضات في زمن الذلقراطية” الذي يلقي الأضواء الكاشفة على الأوضاع المتردية في الوطن العربي وعن هجمة الاستعمار الجديد عليه. وعلى أن المؤلف يرفض أن يكون هذا الكتاب سياسيا، أو منتميا لحزب أو حركة أو إيديولوجية، إلا أن هذا الرفض لا يعني ابتعاده عن السياسة ومفاهيمها وقيمها، فالحوارات التي تشكل مادته الأساسية، تخوض جميعها في غمار القضايا الأكثر ارتباطا بالمواطن العربي، وحقوقه ومستقبله، وأحيانا في غمار القضايا التي يصمت عليها محترفي السياسة، الذين أوجدتهم الأنظمة لينوبوا عن البلاد والعباد، وهو ما يضع الباحث المستقبلي/ المؤلف، في موقع المناضل السياسي، الذي يعمل بشجاعة من أجل التغيير والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والذي يحمل في دمه حقنة مضادة للإقصاء والتهميش والظلم، وكل إفرازات “الذلقراطية” التي اختصر بها الوضعية المتردية للمواطن العربي… وكل مواطني العالم الثالث. 

تعالج حوارات هذا الكتاب، محاور سياسية واقتصادية وثقافية مختلفة، ذات أهمية قصوى، بالنسبة للأوضاع العربية الراهنة، تصب جميعها في الوضع العربي/ العالم ثالثي الراهن، وما يواجهه من تحديات، وما يحيط به من مخاطر وسلبيات. أن الحرية/ المستقبل/ الديمقراطية/ العولمة/ السميائية/ 

نقل التقنولوجية / التعليم / الدراسات المستقبلية / النظام الدولي الجديد / التعددية الدولية / الصهيونية / أحلام إسرائيل/ الانتفاضة والحرب الحضارية / احتلال العراق، محاور تشكل في جوهرها دوافع وأسباب نشر هذا الكتاب، ولكنها في ذات الوقت، تستعيد منظور مؤلفه، العربي/ العالمثالثي/ المناضل/ المثقف، على محيطه وهويته وانشغالاته كمفكر مستقبلي، وكمواطن مغربي. 

-3-

من بين المحاور الأساسية لهذا الكتاب، محور يتصل بعهد المغرب الجديد، تطرق فيه إلى عدة أسئلة حول الملكية والسياسة الخارجية والتناوب الديمقراطي، وقضية الصحراء المسترجعة، إذ أكد بوضوح أن دخول المغرب عهدا جديدا يستوجب حضور شرطي المصداقية والمشروعية، وهما شرطان لا يتأتيان إلا من الشعب لأجل ذك يرى مفكرنا المستقبلي ضرورة وجود مجلس تأسيسي لإعداد دستور جديد للبلاد ينقلها إلى ما يريده الشعب لنفسه ومستقبله. أما عن الملكية، فهي في نظره رمز ونظام يحمي الشعب، وتأريخ عريق يسطر ملامح هذه الأمة، ومن الصعب تصور أي نظام بديل لهذا النظام، لكنه في نظره يحتاج إلى إدخال بعض التغييرات، ولن تدخل إلا إذا كانت هناك مراجعة من جديد لجهاز المجموعة كنظام سياسي، فمن أدوار الملكية المعاصرة، الدور الاستطلاعي والاستبصاري المستقبلي، خاصة وأن للحكومات والبرلمانات رؤيتها المحدودة والمتأسسة على سياسات الأمد القصير، بينما مؤسسة شامخة كالملكية لها امكانات الرؤية والتبصر، من الأفضل –في نظره- أن تهتم بالمسائل الأساسية والشؤون الإستراتيجية للبلاد، وتترك باقي الأشياء التي يمكن أن يزاولها الآخرون. 

  وعن قراءاته لسياسة المغرب الخارجية، يرى الدكتور المنجرة أن الحكومة/ الحكومات المغربية في وضعها الراهن لا تملك موقفا واضحا في السياسة الخارجية، وليست لديها استراتيجية لماهية الأهداف المراد تحصيلها. وأن المغرب بات مرتهنا بقيود التبعية للغرب. وهو ما يتناقض وشعارات التعاون جنوب/ جنوب وعدم الانحياز والوحدة العربية والوحدة الإسلامية. 

وفي رأيه كباحث مستقبلي، أن إشكالية السياسة الخارجية المغربية تكمن في فراغ الإرادة السياسية، وفي حيرتها وعدم ثقتها في التعامل مع الآخر… وخاصة بالعالم ثالثي
وخارج هذا المحور الهام الذي شمل الحديث عن مقومات الاقتصاد المغربي، والآليات التي تعالج بها 

مغرب اليوم، قضية الصحراء المسترجعة، وقضايا الفقر والبطالة وحقوق الإنسان. تبقى محاور الكتاب الأخرى مفتوحة على قضايا العالم الثالث، ومن ضمنه العالم العربي، حيث تطرقت إلى المفاهيم والدلالات ارتباطها الوثيق بحاضر ومستقبل هذا العالم، متوخية تشخيص مشاكله في ميادين التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان بعمق وشمول، مع تعيين الظروف والأسباب التي تحيط معالجتها على أرضية الصراع الحضاري القائم بين الشمال والجنوب، وهو صراع قيم بالدرجة الأولى.

-4-

  هكذا يعالج الحوار الأول في هذا الكتاب ثلاثية فكرية، قد تكون هي المحور المفتتح لماسياتي من أفكار وتقييمات وملاحظات، ترتبط جميعها ب”الذلقراطية” التي جعلها المؤلف المحور العام لهذا الكتاب، وتتعلق بالحرية والمستقبل والديمقراطية، وهي المفاتيح الضرورية في رأيه لكل انتقال في العالم الثالث عموما، والوطن العربي على الخصوص . 
بالنسبة للحرية يرى الدكتور المهدي المنجرة، أنها توجد في الكتب، وفي الإعلانات، وليس في برامج  التعليم أو برامج الحكومات والأحزاب، مع أنها يجب أن توجد في الأذهان، تعاش بمبادرة شخصية وجماعية في مناخ حر، في البيوت و المدارس والجامعات ومختلف المرافق… ويرى أن الحرية في البلدان المتخلفة، لا تعاش بالممارسة، بل في الخطابات والنصوص، وأن الذين كانوا يدافعون عنها في برامجهم وكتاباتهم، يفعلون عكس ما يقولون عندما يصلون إلى الحكم… ويرى أن فشلنا في تحقيق الحرية، يعود إلى المواطنين الذين لم يأخذوا حريتهم بأيديهم، وينتظرون وعود الأحزاب، ووعود الحكومات والأنظمة.

أما بالنسبة للديمقراطية، فالأمر لا يختلف من حيث القيمة، فهي لا توجد في قاموس الدكتور المنجرة العالمثالثي، أنها كلمة ذات وزن قوي، إنها كالمجتمع المدني، تستعمل لأهداف مضادة لمدلولها. فلا يمكن الحديث –في نظره- عن الديمقراطية في بلدان التخلف والفساد، فالفجوة الآن واسعة بين الحكام والمحكومين. 
إذن ما هي صورة “المستقبل” بالعالم المتخلف في نظر الباحث المستقبلي، وهو على هذه الحالة من السلبية والتراجع والذلقراطية؟ 
في نظر العالم/ الباحث الذي ارتبط “المستقبل”، باسمه طيلة سيرته الفكرية، أن الأخطاء المتراكمة في بلدان التخلف خلال القرن الماضي، سيكون لها ثمن، (وسيكون انعكاسها غالبا على الشعوب المستضعفة) فكلما تأخرت هذه البلدان في القيام بإصلاحات حقيقية، كلما كبر الثمن… مع ذلك فالتفاؤل لا يغيب عن المفكر المستقبلي، لأنه “لا يمكن أن نصل إلى وضع أسوأ مما نحن عليه الآن في العالم الثالث”. 
في محور آخر حول التكنولوجية والتخلف، يرى الباحث المستقبلي، أن مسألة العولمة والتكنولوجية والعالم الثالث، تشكل قطبا مركزيا وأساسيا في الصراع الدولي الحالي، وأن الأسئلة حول هذا القطب تمتد في جذور السيميائية واللغوية قبل الوصول بها إلى النتيجة العلمية/ الفكرية، في حين أن الأجوبة تتبخر بهدوء في تفاصيل هذه المسألة، وهو ما يجعل العولمة، تفرز الأزمات تلو الأخرى، بل تساهم في خراب الشعوب على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية 
والثقافية. 

إن العولمة في نظره، استعمار جديد شمولي، تقف خلفه الولايات المتحدة الأمريكية بهدف المزيد من التشتيت، ومن التخلف للعالم الثالث، والحضارات اليهودية والمسيحية ترمي من وراء العولمة فرض قيمها وأخلاقياتها وأسلوب حياتها على الحضارات الأخرى، الغير يهودية والغير المسيحية، ومنها بطيعة الحال، حضارتنا الإسلامية. 
وفي نظر الباحث المستقبلي، أن لم يعد وهما نقل العبارات، ولكن الوهم الحقيقي، هو الاعتقاد بنقل التكنولوجيا، باستيراد الحاسوب أو تركيبه بالمصانع المحلية، والتعامل مع الأنترنيت، لا يعني نقل التكنولوجيا. لأن هذا المجال –في نظره- لا تقوم له قائمة إلا بالأبحاث العلمية وتدخل عناصر هامة لإنتاج التكنولوجيا المستلزمة لتركيب ذهني وعقلاني، والمرتبطة بعالم العلم والمعرفة، المتصل بالطاقة البشرية، وهو ما يعني توفير مناخ حر/ مساحات من الإبداع والديمقراطية والحرية، وتمكينه من الآليات العلمية لإنجاز البحوث العلمية، فلا يمكن تحقيق أي تطور في هذا المجال العلمي، ما لم يصبح العلم ثقافة. فالأشياء مترابطة فيما بينها. 
وفي نظره أن تعامل العالم مع التكنولوجيا، ما زال قائما على التقليد دون إدراك لجهود ما يقلد… وتلك مشكلة حضارية كبرى. 
وعن الوضع العربي الراهن، والصراع العربي الإسرائيلي، يرى الدكتور المهدي المنجرة، أن الشعوب العربية، على عكس حكامها، بدأت تدرك بعمق ضرورة التغيير والانتقال، ويرى أن هناك في الوطن العربي سيناريوهات تواجه هذا التغيير. 
الأول، سيناريو الاستقرار والاستمرار، وهو ما يعني استمرار الأمور على ما هي عليه، وهو ما يتطلب دعم البنك الدولي، والجيوش الأجنبية، غير أن هذا الاستقرار من شأنه أن يكون “بيولوجيا” وهو ما يعني الموت وتعطيل الخلق والابتكار، وهو الشيء المستحيل في حياة الشعوب. 
أما السيناريو الثاني، فيتعلق ب”الإصلاح” الذي تعطل في الوطن العربي، بسبب قيام السيناريو الأول، ومن الممكن لسيناريو الإصلاح أن ينجح بنسبة 30% إلا أن ذلك يظل في نظر الباحث المغربي رهينا بسرعة التدخل والوعي بالإكراهات التي تفرض على العرب معالجة فورية لمسائل الديمقراطية والعمل على دعم المجتمع المدني ووضع دعائمه. 

ولأنه وقع تأجيل/ تأخير هذا السيناريو على علاته لطبيعة الحكم والحكام في الوطن العربي، أصبح في تقديره من المتعذر تنفيذ أو القيام بإصلاحات فاعلة وناجحة، تبعد شبح التغيير الشامل، الذي هو موضوع السيناريو الثالث.

إن الدكتور المهدي المنجرة، لا يتصور مستقبلا للبلاد العربية خارج إطار التغيير الفوري لوضعيتها الراهنة، لأنه لا يمكن التخطيط لسيناريو الإصلاح في ظل الحكم العربي الراهن المتولد عن النظام العالمي الجديد والمتحالف في نفس الآن مع أنظمة الاستعمار الجديد
وعن الصراع العربي الإسرائيلي، يرى الباحث المستقبلي أن قوة إسرائيل لم تنتجها عبقرية ثلاثة أو أربعة ملايين إسرائيلي أو إثنى عشر مليون يهودي موزعة في العالم، بل هو التلاحم بين الكيان الصهيوني والمركب الأمريكي السياسي والإستراتيجي والاقتصادي والمالي والعسكري والعلمي والتكنولوجي. 
ويرى أن دور العرب في تحقيق الحلم الإسرائيلي، كان أساسيا، فالتاريخ سيسجل إسهام القيادات العربية والقيادات الحالية لمنظمة التحرير الفلسطينية في كل الجرائم ضد الشعوب العربية، وأن هذا التاريخ سيؤكد بصوت مرتفع انخراطات الإنسان العربي، في هذا الصراع، ونضالاته المتواصلة والمستمرة من أجل استعادة حقه في التاريخ والجغرافيا. 

-5-

  السؤال الختامي في هذا الكتاب المرجعي الهام : ما هو دور المثقف العربي اليوم/ ما هو موقفه من قضايا محيطه المحلي والدولي؟ يرى الباحث المستقبلي، أن المثقف العربي أصبح مطالب باستعجال استعادة دوره المفقود، وقيادة مرحلة التغيير المطلوب، وأنه قبل ذلك وبعده أصبح مطالب بمواجهة أسئلة القرن الواحد والعشرين، بكل ما تطرحه من تحديات، وتسارع في الاختراعات والاكتشافات، إذ لا يمكن أن يضطلع المثقف العربي بمهامه الأساسية، داخل المؤسسات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية التي  تآكلت بنياتها وفقدت مصداقيتها وأصبحت آلية للسقوط، وهو ما يفسر بوضوح أسباب أزمة الثقافة العربية الراهنة، وأسباب انحصار المثقف العربي، في زمن الألفية الثالثة. 

فهل تدركون… أن الذلقراطية واقع شامل يحيط بنا من كل زاوية...ومن كل جانب؟.

الأحد، 11 أغسطس 2019

بقلم صبري كامل

 الحج حجة

يا زائر البيت أهلا و تمهل ::: هاهنا تتنزل الرحمات
أنت بالمكرمة فهلل و كبر ::: فأنت بمهبط الرسالات
فأكثر الرجاء و أنت متيقن ::: ربك مستجاب للدعوات 
بأستار الكعبة أذكر وتعلق::: سبح برب كل الكائنات 
أكرمك الكريم بنعم زيارته ::: فأحمد الله بالسماوات
طوف بالبيت و أنت محرما::: مستغفر ربك من الزلات
وعن هفواتك أطلب عفوه::: فالعفو يعفو عن الهفوات
من المنكرات أعلن براءة ::: البارئ يبدلها بالحسنات 
أسعى بين صفا و مروة ::: يقربك العزيز من الجنات 
اذكرني بالدعاء عند ربك::: عسى أنول منه الرحمات

صبري كامل .