الخميس، 28 فبراير 2019

بقلم الناقد مجد الدين سعودي

قراءة في الديوان الزجلي ( ضفاير لالة ) للكاتبة المغربية فاطمة المعيزي : عشق الوطن و حرقة السؤال
-------------------------------------------------------------


الفصل الأول
----------------------
برولوغ :
------------
فاطمة المعيزي ، اسم قادم من مملكة الشعر و العمل الجمعوي الى رحاب الزجل ، بدارجة عبدية ، صاقلة فطرتها و موهبتها بهواء البادية النقي و موروثها الثقافي المتنوع و الغني ...
كتبت فأبدعت ، تشتغل بجدية و في صمت ، في محراب كتاباتها الابداعية ، تناضل داخل الاطارات الجمعوية و الثقافية ، حاضرة بقوة في المنتديات و الملتقيات الأدبية ...
---------------------------------------------------------------------
في السيرة الذاتية :
------------------
من مواليد مدينة آسفي المغرب
عضو منشط بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
رئيسة جمعية لبابة للابداع و التنمية و التواصل
رئيسة رابطة المبدعين العرب فرع مراكش
الكاتبة العامة لرابطة كاتبات المغرب فرع مراكش
عضوة نشيطة بعدة جمعيات ( جمعية أصدقاء الثقافة و الفنون ، الجمعية المغربية للتدريب و الاستشارات .... )
-------------------------------------------------------------------------
في الاصدار :
--------------
صدر للشاعرة المغربية فاطمة المعيزي ديوان زجلي تحت عنوان ( ضفاير لالة ) سنة 2017 ، و هو باكورة اصداراتها الأدبية في 110 صفحة ، في طبعة أنيقة ، جذابة ، تثير شوق القارئ و تحفزه لقراءة الديوان و الذي يضم 26 قصيدة متنوعة التيمات .
------------------------------------------------------------------
في الغلاف :
-------------
يتميز بجماليته و تناسق ألوانه و تعددها : فجاء العنوان بارزا باللون الأزرق ، و في الأسفل جاء ( زجل ) باللون البني ، و أسفله اسم الكاتبة ( فاطمة المعيزي ) باللون الأسود ، و تحتل الغلاف صورة فتاة بضفائر جميلة و جمال متكامل و ابتسامة تشع أملا و عشقا و نظرات حكيمة و تأملية ، و تبقى الصورة طبيعية بإطلالة الفتاة البهية و تواجدها القوي .
و عن الغلاف يقول الأستاذ المهدي نقوس في تقديمه للديوان : ( و اللوحة التي تمثل صورة فتاة مسبلة ضفائرها ، تختلس في خفر و حياء نظرات من شق بوابة شبه مواربة ...    الصفحة 11 ) .
------------------------------------------------------------------
في الاهداء :
-------------
جاء الاهداء على الشكل التالي :
( أهدي ثمرة هذا المجهود لوالدي تغمدهما الله بالرحمة و المغفرة ، و لابنتي ( ملاك و أميمة ) ، و الى كل من شاطرني نزيف هذا الحرف  ).
هو اذن اهداء بوجهين مختلفين لكنهما متكاملين : فالإهداء الأول موجه للعائلة ( الوالدان ، الابنتان ) ، هو اعتراف قوي بالوشائج العائلية و قدسيتها و كذلك البر بالوالدين ، و الاهداء الثاني عميق المغزى و الدلالات لأنه موجه لقارئ يتقاسم مع الزجالة نزيف حرفها .
و يقول الأستاذ المهدي نقوس عن الاهداء : ( الاهداء السخي المعبر عن طقوس و أدبيات الضيافة و الاستقبال المغربي ... ) .
--------------------------------------------------------
في التقديم :
و فيه تعلن الزجالة انحيازها للزجل و اعتباره فنا قائم الذات ، فتقدم لنا استشهادين رائعين و هادفين ، الأول عبارة عن مقتطف من كتاب ( بلوغ الأمل في فن الزجل ) لأبي بكر حجة الحموي يقول فيه : ( و انما سمي هذا الفن زجلا لأنه لا يتلذذ به و تفهم مقاطع أوزانه حتى يغنى به و يصوت .. ) ، و الثاني مقتطف من المقدمة للعلامة ابن خلدون : ( و لما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس و أخذ به الجمهور لسلامته و تصريع أجزائه ، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله ، و نظموا على طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيه اعرابا و استحدثوا فنا سموه بالزجل .. ) .
---------------------------------------------------------------------
في العنوان :
-------------
( ضفاير لالة ) ، يتكون من كلمتين دالتين : ( ضفاير ) و ( لالة ) ، و الكلمتان معا تنتميان لحقل الدلالات للزمن المغربي الجميل و القديم ، زمن الآباء و الأجداد ، زمن القناعة و التضامن و احترام الجار ، زمن الجمال الحقيقي و الطبيعي بدون رتوش أو ماكياج ، حيث كان جمال المرأة في ضفائرها والتي تزيد المرأة جمالا و تألقا و احتراما و تقديرا .
و كلمة ( لالة ) تدل على احترام المرأة و علو مكانتها و صفاء أصلها و أهمية مكانتها الاجتماعية و الاحترام الكامل للأم و الأخت و الزوجة و الجدة و المربية وووو .
ف ( لالة ) هي سيدة المجتمع الحضري و البدوي بدون منازع ، انه تعبير راقي ...
و عن العنوان تقول فاطمة المعيزي : (اختير لهذا الديوان عنوان ضفاير لاله  لأن الضفيرة من جماليات المرأة عامة فما  بالك إن جملت كل أحاسيسها المفرحة منها والمحزنة على شكل حروف ضفرتها بكل حب وكل تلقائية لتجعلها تاجا على رؤوس كلمات شاعرية تعانق الواقع بكل تجلي وتحاكي الماضي مكنة له كل قداسة وكل احترام. ) .
--------------------------------------------------------------------
الفصل الثاني
-------------
ضفائر العشق :
---------------
في جمال المرأة :
----------------
تقول الزجالة فاطمة المعيزي : (ضفاير لالة حروف صيغت ضفيرة بإحساس أنثوي صادق لا يأبى إلا المحافظة على موروث يعتبره هو الأصل وما دون ذلك  يحترم ويقدر ويستعمل أيضا في أدبيات الإبداع  والتواصل لكن دون أن ينفي كينونتنا وحمولتنا التراثية المغربية بكل أطيافها . )
تنظر الزجالة فاطمة المعيزي للمرأة باحترام و قدسية محطمة بذلك دونية الرجل الجاهل لها ، و تجد النموذج الحقيقي في جمالها و طبيعتها و أخلاقها و كينونتها ... و في قصيدة ( ضفاير لالة ) ، تقول :
( سالف لالة
تقول
عاود بركي يبري    الصفحة 19 )
و كذلك :
( خلي ضفايرك
شعاع خليهم جمره
خليهم جمره
خليهم كمره
نابتين حراكص
في خدود كل مرا     الصفحة 20 )
لكن في تقابل و مواجهة مع الآخر الجاهل :
( كالوا غطي راسك
غطيناه
كالوا الهوى حرام
صدقناه
كبرت أنا
و اللي ف كلبي
كبرناه )
-----------------------------------------------
في العشق :
------------
هو بوح جميل ، هو عشق انساني .
بأسى تقول الذات العاشقة و ذلك في قصيدة ( شحال كتواعدني ) :
( شحال ك تكولها و تخلف
تكول جناني عليك تلف
و عودك من خيري علف
و لقف من حوشت ايدي
شحال ك تكولها و تخلف      الصفحة 79 )
و تعترف هذه الذات الشاعرة في قصيدة ( و حق من لاقاني بيك ) قائلة :
( و حق من لاقاني بيك
حتى شفت سعدي ف عينيك
كلت نسرح غطاي عليك
نتوسدك و نبدا الحديث      الصفحة 103 )
و عبر لغة المناجاة :
( يا عرصة الدوالي لمدلية
يا ساكية الروح بك معنية
جودك به انا مغطية
وانا ب كلي نهديني ليك
-----------------------------------------------------
في اللوم و العتاب :
------------------
بدارجة عبدية جميلة ، يكون اللوم عند الذات الشاعرة قويا و مفعما بالمرارة خصوصا في قصيدة ( اللوم ) :
( باراك من اللوم
تشكي و تلالي
و تكول مظلوم
أش اداك لجنان الهوى
من تمرو بقيتي محروم
علاش تخبي و تحوم
وانت ف دواية العشق تعوم      الصفحة 31 )
و بذكاء و أحاسيس الزجالة فاطمة المعيزي ، تربط بين الهجرة و الحمام و ذلك في قصيدة ( لحمام لغريب ) :
( يا لحمام الغريب المزاوك ف العالي
اهجرتي ما حنيتي
و سكنك ف بالي
سامحت ف ليام
و لبست عليك البالي
ابكات عيني
و ضحكت من حالي
أنا على طلالك انطل
طلة و طلة و طلالي      الصفحة 83 )
و بنفس الوتيرة تلتجئ الى القنديل لتبثه لواعج الذات الشاعرة :
( يا القنديل
مال فتيلك ذبيل
ماسح دموع لقهر
ف كل ليل
يا القنديل
مال زيتك هبيل
مال طريقك اعكابي
قاطعاه محاني
قاطع قلبي لعليل
مال زيتك هبيل       الصفحة 91 )
و نفس الشيء نجده في عدة قصائد ( العرصة ... ) .
----------------------------------------------------
ضفائر الوطن :
------------------
يحضر الوطن بقوة عبر المناجاة و الحكم ، فهذا الوطن هو :
( يا بلادي يا ظل المظلة
الكبير
وخان تقلق
ما ندوزك
ما ننسى حوزتك لي
يا مغرب الخير      الصفحة 39 من قصيدة : جويهرات )
و بفرحة عامة تهتف :
( فرح يا المغرب
ما بقيتي في الشهد غريب
تكلع ضيمك من الكليب
و بان غرسك في افريقيا قريب       الصفحة 66 )
الوطن ذاكرة جميلة و فضاء الحنين ، لهذا تسترجع فاطمة المعيزي ذكريات الزمن الجميل عبر قصيدة ( دار الضمانة ) ، اذ تقول :
( ال دار الضمانة صديت
كلت نوصل و نغزل حديث
من قلة شوفتهم مليت
جمعت حاجتي و صليت
شديت الطريق و لغيت      الصفحة 85 )
عبر عملية فلاش باك السينمائية ، تستحضر الزجالة فاطمة المعيزي الماضي ، و ذلك في قصيدة ( تخمامي ) :
( جات لحمية
من ذاك الجبل اتلالي
و البلاد بلاد السيبة
و الحاكم دكالي
ف زين لالة
شهدو الشهود
و نطقو بالعلالي      الصفحة 89 )
الوطن تراث جميل عبر لعيوط ( خربوشة ، ميلودة ،   )
و تخاطب شيخات الزمن الجميل عبر قصيدتها ( رومني ) فتذكر أسماء كبيرة و وازنة في مجال العيطة ( خربوشة ، ميلودة ، زروالة ... ) .
-----------------------------------------------
ضفائر السؤال :
---------------------
حرقة السؤال :
-----------------
ان كل كتابة بدون تساؤلات تبقى ناقصة ، لهذا يحضر السؤال الفلسفي العميق عند فاطمة المعيزي بصيغ مختلفة ، تفرض نفسها على القارئ ، في قصيدة ( لا تسولني )، تقول :
( لا تسولني يا لحبيب
على لعمر آش بقى فيه
بلي باقي هديتو ليك
انكتبو كتاب بمعانيه
و يكون هدية بين يديك       الصفحة 27 )
و تحاول الذات العاشقة الاجابة على التساؤلات السابقة ، لكن :
( كيف يصبر جفاي
على جفاك
كيف تصبر العين
تصوم
ما تشوف فيك      الصفحة 27 كذلك ) .
-------------------------------------
الزمن :
-------
تتغير الأحوال المعاشة ، فيحن المرء الى الزمن الجميل  عكس زمننا هذا .. و هذا ما نجده في قصيدة ( زيمة ) :
( تفرقوا الخوت
تباعت خيمتنا
و البهيمة السمينة
كبرت المدينة
ماتت لميمة
حسرة و تخميمة
ذبال زرعنا
كثرت السقيمة
تشتت المرسم
و الكلمة الحكيمة     الصفحة 36 )
و هو اذن نوستالجيا بطعم الوجع :
( ترحم عل لميمة
ترجى ذاك الزمان
لي دار لجام
من حر الكلام
و لا يضام
ما بغى خصام      الصفحة 37 )
----------------------------------------------
الليل :
-----------------
عند الذات الشاعرة ، هو شفاف لأنه يظهر ما خفي فيه و ما ظهر ، لهذا تقول في قصيدة ( في ضيافة الليل ) :
عربد الليل
ب هموم الناس
اشطح فوك جفنة
كالوا : فضة
كلت : انحاس
عربد الليل
ف زين سماه
خال و نجمة
كلت : جاب بسمة       الصفحة 53 )
لهذا تقارن همومها بهموم الآخرين على الشكل التالي :
( عربد الليل
بهموم الناس
وأنا همي مصدي
يساسي
بين ضلوعي
زامت انفاسي       الصفحة 54 )
 و كذلك :
( عربد الليل بهمومي
و لهموم الناس
ناسي .. قتل حواسي
زاد هواسي .. ما دار قياسي
وانا حالفة يا كلبي
و الحاتل في جنبي
حتى تبقى وردة
اعسل كاطر من شهدة
ك حليب ميمتي بين ضراسي      الصفحة 55 )
------------------------------------------------------------
ضفائر الحكمة و العبرة :
------------------------
تجليات الحكمة و العبر كثيرة في ديوان ( ضفاير لالة ) ، و سنقتطف منه بعض المقاطع الدالة على ذلك :
في قصيدة ( كل يلغي بلغاه ) ، تقول :
( كل يلغي بلغاه
واحد ركب البحر وداه
واحد بعشقو كواه
وواحد ما شاف اللي بغاه
وأنا على عاودي مسرجاه      الصفحة 43 )
و كذلك في قصيدة ( واه  واه ) :
( واه  واه
واه  واه
شحال من شوكة
غارزة فينا
ساكتين
ما نكولوا علاه    الصفحة 45 )
و كذلك في قصيدة ( دوايتي ) :
( ما عرفت
و علاش عيا لقلم ما يزمم
بلا ما يخمم بلا ما يعلم     الصفحة 75 )
-----------------------------------------------------
الفصل الثالث
-------------
مميزات الكتابة عند الزجالة فاطمة المعيزي :
--------------------------------------------
من خلال ديوان ( ضفاير لالة ) ، يلاحظ أن الزجالة فاطمة المعيزي تستمد قوة زجلها من توظيفها للأمثال و الحكم الشعبية و التراث الشعبي بطريقة غير مباشرة و ذكية ، كما تعتمد على لغة دارجة مفهومة عبر استعمال أسلوب ( السهل – الممتنع ) ، لهذا أتت كتاباتها تلغرافية بجمل جد قصيرة و غير منمقة و عبارات مختصرة و مركزة فأكيد أن ( خير الكلام ما قل و دل ) ، كما أن عناوين أشعارها الزجلية دالة و معبرة عن أحاسيسها و تصوراتها ( القبة ، لا تسولني ، اللوم ، لحكام ، كل يلغي بلغاه ، في ضيافة الليل ، لحمام الغريب ، كالوا غطي راسك .... ) . و لهذا تلخص لنا الزجالة فاطمة المعيزي اعتمادها على الموروث الثقافي الشعبي قائلة : (صرخة زجلية تغرف من الموروث الثقافي المغربي في كل أزمنته ،ولربما  تقاسمتها كل النساء مهما . صرخة زجلية تغرف من الموروث الثقافي المغربي في كل أزمنته وتنهل من الثقافة الشعبية الأكثر قربا منا والأكثر فهما والأكثر تعبيرا لخلجاتنا وأشواقنا ورغباتنا ، ولربما  تقاسمتها كل النساء مهما اختلف موقعهم الجغرافي والاجتماعي ومبادئهم . ) .
--------------------------------------------------------------------
خاتمة :
-------
نجحت الزجالة فاطمة المعيزي في ايصال الرسائل المشفرة و الهادفة من خلال ديوانها الزجلي ( ضفاير لالة ) و الذي يعتبر قفزة نوعية في مجال الزجل المغربي الذي بدأ يفرض نفسه كجنس أدبي يلامس القضايا الاجتماعية و الفكرية و السياسية و غيرها للمجتمع المغربي .
و أجمل ما نختتم به هو ما استهلت به الزجالة فاطمة المعيزي ديوانها ( ضفاير لالة ) :
( كلت نصبح و نمسي عليكم
بمخفية عسل
و ما كرهت نخليكم
تربوا حتى النحل
و تحسوا بمحبتي ليكم
لي كد الجبل     الصفحة 17 ) .
--------------------------------------------------------------

مجدالدين سعودي
كاتب و اعلامي و ناقد مغربي

بقلم الآديب والناقد مجد الدين سعودي

الشاعر اللبناني وديع سعادة : ( كي يقول)

------------------------------------


كي يقول

 -----------

مئات الصفحات كي يقول العشبةُ ماتت
كي يقول القمرُ نام،
مئات الصفحات كي يقول خُذِ الشمعة
إنها في الزاوية هناك، مطفأة
أشعِلْها بأنفاسك إنْ شئتَ أو أَبقِها مطفأة وإنْ شئت
ارْمِها،
مئات الصفحات كي يقول عود ثقاب
كي يقول اشتعلْ
كي يُخفض الدرجة قليلاً كي يستطيع
أن ينزل،
مئات الصفحات كي يقول رأى نملة
كي يقول رأى خشبة
وكي يوهم نفسه أنه أنقذ الغريق،
مئات الصفحات كي يقول
غرقتُ ولا أرى شيئاً
كي يتسامر مع طحلب، مع فراغ
كي يرى السفن وهي تهوي
والغرقى يصرخون
وكي يلفَّ سيجارة وهو ينظر إلى الأمواج،
مئات الصفحات كي يعتذر من صرصار
وطأه ذات يوم بقدمه
كي يقول للعريشة أمام بابه شكراً
وشكراً للكلب الذي كان
يلوّح له بذنبه.

مئات الصفحات
مئات الصفحات
كي يقول كلمة
ولا يقولها.
-------------------

وديع سعادة - لبنان
-------------------

بقلم الناقد مجد الدين سعودي

مصطفى محمد البدوي: أيقونة الكتابة والابداع والطيران
------------------------------------------------

1
مصطفى محمد البدوي...
مصطفى أخلاقا ورقة..
وبدوي في تواصله وعفويته...
قارئ كبير ومبدع أصيل بامتياز....
2
مصطفى محمد البدوي...
ينتمي لعام الطيران ويحلق في الجو ربانا وقائدا ومستشارا بخبرة 40 سنة (الأردن، هولندا، بلجيكا...) ...
كان يطير في الجو وعقله مع الكتابة..
يكتب الشعر ويساهم في النقد الأدبي بكتاباته الرائعة...
عشقه للطيران والطائرات جعله يقول بهيام:
(
وبعد اجازتي قد كان ظني
                  حشوت الراس بالعلم المفيد 
ذهبت اخدم الطيران همي
                       وجدت بانني لم استفيد
واني قد بدات العلم  اجني
                        كطفل بدأ للحرف يعيد
و ان القوم كان بهم التجني
                        فلا اتعلم ما  كنت اريد
وكنت كالصبي لهم اغني
                  وخبرتهم اسعى كي استزيد
وبعد سنين مرت صرت فني
                     خبير في البراعة والمزيد
واكملت الدراسة فصار مني
                       يتعلم الطيران من يريد
فحلفت يمينا  لله باني
                     ساعلم غيري كل ما يفيد
ترقيت بالمناصب حتى اني
                   اصبحت مشرفا او ما يزيد
فتخرج على يدي من كل قوم
                   وبلغاتهم  قد علمت العديد
وها انا اقارب الستين عمري
                  وما زلت اتعلم  كي استزيد
وجدت بعد كل هذا باني
                     بدات العلم بالحرف اعيد
فمهما بلغت  من  علم اغني
                     هذا قليل من العلم الاكيد
مصطفى البدوي )
3
عاشق للقدس...
فهي عروسه وحلمه...
وهو يطير اليها يوميا في كل ابداعاته شعرا ونقدا ومحبة...
4
عاشق لطنجة محمد شكري وجان جينيه وكل الكتاب الذين سكنتهم طنجة وسكنوها...
قال عن طنجة:
(عروس تقع على بحرين 
                 وبرزخ يفصل له حدين
عروس الشمال لك عرسين  
               وفزت منك بذات  الزين
وكان عندي لك حبين
                       بقلب واحد لا قلبين
جئت بقلبي منذ سنين  
              ورجعت لك ومعي قلبين
احبك فيك حتى الطين  
                وما كنت بالحب ضنين
اناغيكم برمش العين 
                  اوزع حبي في اثنتين
عروس شمال واخرى يمين 
                   فاصبح لدي طنجتين )
5
عاشق لأدباء ومبدعين أثروا الأدب العربي والعالمي...
(أبو فراس الحمداني، محمود درويش، محمود عبد الرحيم، سميح القاسم، محمود عباس العقاد، مصطفى لطفي المنفلوطي، فدوى طوقان، مي زيادة، برنارد شو، مارك توين.......) ...
6

 المستقبل بالنسبة لمصطفى محمد البدوي لك ان تستشفه من هذا النص :
(
- اتحبني؟
-قلت نعم 
-كم تحبني؟
-قلت هات ميزانك
- وكم تريد سعته؟
-فاجبت بحجم الكون
- هل هذه معجزة؟
-فقلت لا ياحبيبتي . انها اجابة موجزة .
- حلمت انك ستاخذني في رحلة ممتعة ؟
فقلت نعم هي في قلبي وعيني الدامعة .
-ولا لا اريد تلك الرحلة فقد سئمت الاشرعة.
- فاجبتها نامي واختاري بلاد العرب اوطاني .
- لا لا والف لا هناك القتل على الهوية.وليس لديهم قضية.
- فقلت اوافقك الراي ايتها النشمية . فقد كانت بلادي عربيه أبيه . والان تحركها ايادي غربيه .
- دعك من السياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية . فلن نفسد هذة الأمسية بما قالت هيلاري وترمب في الدعاية الانتخابية .
- قلت صدقت فللعالم حكومة خفية تحرك الاخرين بخيوط الالعاب المنسية.فلا خطب يحدث الا وراءة الف سؤء نية .
- بالله عليك صه ولا تتكلم عنهم بكل حرية .
فاني اخاف عليك من الحسد والانانية . يكفيني ان تقول احبك بحروف الابجدية .
- فاغلقت فمي لانهي نقاش قد يفسد القضية .)
7
عاشق لأغاني الشاعر والموسيقار ملحم بركات وخصوصا أغنية (على بابي واقف قمرين)
8
مصطفى محمد البدوي...
صديق وفي وأخ حقيقي نتقاسم معا الزمن الجميل والابداع الراقي
-------------------------------------------------------

مجدالدين سعودي – المغرب
-------------------------

بقلم الآديب والناقد مجد الدين سعودي

الأستاذ المبدع شعيب صالح المدكوري: الاسم المغربي النشيط وفقيد الثقافة المغربية
--------------------------------

برولوغ:
---------------------------------
سي شعيب صالح المدكوري...
بيضاوي الميلاد...
مدكوري الأصل...
ترعرع وكبر في المدينة الغول والكبيرة (الدار البيضاء) ...
يكتب الشعر بعفوية...
يكتب الزجل بتلقائية...
كتب في المجموع أزيد من 200 قصيدة متنوعة..
ونتمنى صادقين جمع أشعاره في دواوين..
سي شعيب صالح المدكوري...
نشيط وديناميكي في موقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك)...
يشتغل ليهل نهار...
ينشر كتابات الآخرين...
يتحرك في دائرة الثقة والعمل المتواصل والجاد...
تجده صاحيا وفاعلا ومتفاعلا مع الجميع كل الأوقات...
عنصر نشيط في كل المنتديات والصفحات الثقافية الالكترونية ...
لا يكل...
لا يمل...
لا يتأفف...
لا يغضب...
تم تكريمه اعرافا بما يقدمه من خدمات للثقافة المغربية...
-----------------------------------------------------
سيرته الذاتية:
-------------------------------------------------
شعيب صالح المدكوري من موالد 1947 بمدينة الدار البيضاء (درب الكبير) من أب أصله مدكوري (الگارة) وأم لأصلها زيادية (بن سليمان). تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بحي المحمدي (كريان سنطرال) سابقا. حاصل على الباكلورية وخريج كلية الأدب الفرنسي وكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط. حاصل على دبلوم المحاسبة والبرمجة الاعلامية. اشتغل بصفوف الدرك الملكي كمحاسب ورئيس مصلحة الموضفين ثم بعد ذالك عين كمدير مالي بالجامعة الملكية لكرة القدم. وبعد احالته على التقاعد تفرغ للشعر والزجل هوايته المفضلة مند صغاره. واخير اهتم بفن التصميم من اجل مساعدة جنود الحرف ولزال يتطلع الى المزيد ان كان في العمر بقية. ليس له أي ديوان رغم انه كتب الى حد الان أكثر من 200 قصيدة متنوعة وكذا بعض المتن بالفصيح.
وافته المنية فبراير 2019
------------------------------------------
نماذج من كتاباته
-----
قْصِيدْتِي شَجْرَةْ
************
وْراَقْهَا حْرُوفْ رِشْقَة
جْدُورْهَا بِتُرْبَة مْغْبُورَة
ؤُعْرَوشْهَا فِسْمَا مْشْكُورَة
غَلَّتْهَا بِينْ نَاسْ مَشْهُورَة
...
قْصِيدْتِي دَخْلَتْهَا سُوسَة
حْرُوفْهَا عَدُوهَا مْجُوسَة
ضَاخَتْ رَجْعَتْ مَلْهُوسَة
حَزْنَاتْ صَبْحَتْ مَفْقُوسَة
بِسْبَابْ إِدِينْ مَنْحْوسَة
...
قْصِيدْتِي ضَلْهَا نَعْمَةْ
تْفُوحْ بِلْعِطْرْ نَسْمَةْ
فِعِينْ لَعْدًو تَغْرَةْ
تْخَلِّي حْيَاتُو نَكْدَةْ
ؤُ بِينْ لَحْبَابْ مْحَبَّةْ
...
قْصِيدْتِي رَمَزْ لْمَعْنَةْ
لِبْلَادِي أَرضْ لْحَكْمَةْ
سَاخْطَةْ عَلْ لَغْوَالَةْ
دُوكْ لَحْرَمَيَّةْ سْفَالَةْ
مَ دُومْ مْعَهُمْ عَشْرَةْ
...
قْصِيدْتِي بِهَا م نَسْخَا
عْدُيَنْهَا دْرْبَتْهُمْ تَلْفَة
ؤُهِيَ كُلْ يُومْ تَرْقَا
لْخَوْنَة إِدَّارُو فْجَفْنَة
فِزْبَلْ كَسْدَتْهُمْ َطَرْمَا
...
شعيب صالح المدكوري
تامسنة 15.08.2018
-----

زَهْرِي
---
لَعْمَرْ يَجْرِي بِيَامِي
وَنَا مَسْكِينْ مَقْهُورْ
غَارَقْ فِ مْوَاجْ حْلَامِي
نَاسِي لْمَكْتًوبْ وُ لْمَقْدُورْ
لْمُوتْ رَاهْ مَا تَنْسَانِي
نَحْنِي لِيهْا رَاسِي مَجْبُورْ
حْتَا دُوكْ نْوَارْ عْيَانِي
رْمَاوْنِي فِ سَبْع بْحُورْ
لِ هَنَّاوْهُمْ مَ هَنَّانِي
وْرَاهُمْ اَنَا مَجْرُورْ
رْمِيتْ هْمُومِي فِ سْوَانِي
خَرْجُو لِ مِنْ بْيُورْ
الله يَحْسَنْ فِي عْوَانِي
نْكُونْ عَندْ رَبِّي مَشْكُورْ
لِ دَّا غِيرِي مَ خَلَّانِي
وَاخَة دَازَتْ اَيَّامْ وُ شْهُورْ
زَهْرِي مَخْطُوفْ گَدَّامِي
فِ صْگُعِيَّة صْبَحْت مَشْهُورْ
بِالله عْلِيكْ يَا لْوَحْدَانِي
لَا تْخَلِّينِي بِجْنَاحْ مَكْسُورْ
يَا لِ كْوَاكْ كِيفْ كْوَانِي
لَا تْخَلِّي وْرَاكْ زَرِّيعَةْ بْدُورْ
گَدْ مَا طَالَتْ هْمُومْ مْحَاِني
رَاهْ دَنْيَا دَايْرَة ؤُ دُورْ
يَا لْقَارِي حْرُفِي وُ مْعَانِي
خُدْ مَنْهَا وُ صْلَحْ سْطُورْ
مَانِي مَجْدُوبْ مَانِي غِيوَانِي
لْسَانِي نْطَقْ بِ لْحْرُورْ
شعيب صالح المدكوري
06.08.2017
-----
السقوط
...
من اعتقد وصل
فقد خاب ظنه
جهل الكثير وغفل
الغرور ركب عقله
فرق الجماعة واعتزل
ضاع منه وعيه
أحب نفسه وغزل
ودَّ الأعجاب فنكروه
وابتغي صعود الجبل
العناد والجهل غرَّروه
...
شسعيب صالح المدكوري
تامسنا 08.07.2018
------
بِينْ ؤُبِينْ
...
بِينْ لْبَارَحْ ؤُلْيُومْ
شَلَّا ضْبَابْ ؤُغْيُومْ
تْغَيَّرْ لْمِيزَانْ
شْغلْ بَانْ
تَفْقَدْ لَمَانْ
بِكُلْ مْكَانْ
زَاغْ لْسَانْ
تَعْمَاتْ لَبْصِيرَة
...
بِينْ لْبَارَحْ ؤُلْيُومْ
شَلَّا ضْبَابْ ؤُغْيُومْ
طْوَالَتْ طْرِيقْ
نْقَصْ صْدِيقْ
ضَاعْ رْفِيقْ
كْثَرْ شْهِيقْ
نْبِيحْ ؤُنْعِيقْ
تْمَسَخْنَا تَصْوِيرَة
...
بِينْ لْبَارَحْ ؤُلْيُومْ
شَلَّا ضْبَابْ ؤُغْيُومْ
تْشَتَّاتْ لْگَاعَة
تْفَرْگَاتْ جْمَاعَة
كَثْرُو زُعَامَة
لَقْرَايَة عِيَّانَة
لْقَضِيَّة حْرِيرَة
...
بِينْ لْبَارَحْ ؤُلْيُومْ
شَلَّا ضْبَابْ ؤُغْيُومْ
لْحَقْ ضَاعْ
بْنَادَمْ ضْبَاعْ
شَرَفْ تْبَاعْ
كَثْرُو لْفَاعْ
لْوِيلْ تْشَاعْ
غْلَاتْ تَسْعِيرَة
...
بِينْ لْبَارَحْ ؤُلْيُومْ
شَلَّا ضْبَابْ ؤُغْيُومْ
لَكْبِيرْ صْغَارْ
لْخِيرْ عَارْ
زْمَانْ قَهَّارْ
لْعَاقَلْ حَارْ
لَقْرِيبْ نَكَّارْ
تْفَقْدَاتْ سْرِيرَة
...
بِينْ لْبَارَحْ ؤُلْيُومْ
شَلَّا ضْبَابْ ؤُغْيُومْ
خْوَاتْ دْوَاوَرْ
بِسْبَابْ نْوَاعَرْ
بِدُوكْ لَكْوَادَرْ
ضْعِيفْ إِتْعَاقَرْ
مْعَ لْوَقَتْ إعَافَرْ
يَدْرَكْ فْطِيرَة
...
تامسنا 06.07.2018
خاتمة
شعيب صالح المدكوري...الاسم المغربي الديناميكي الذي يتحرك بهمة ونشاط...
موثقا...مؤرخا...ناشرا لكل الكتاب والكاتبات من أجل ثقافة جادة...
دمت بعز سي شعيب صالح المدكوري ورحمة الله عليك
-----------------------------------------------

مجدالدين سعودي - المغرب

--------------------------

بقلم مجد الدين سعودي

الدكتور الأديب محمد الوادي: موسم الابداع المتنوع وعالم بخرائط
------------------------------------------------------

1
-------------------
محمد الوادي...
هو الاسم العربي الغير الجريح...
هو (عالم بلا خرائط) لأن بوصلته الكتابة ثم الكتابة والتواضع...
هو (موسم الهجرة نحو الشمال) وكل الاتجاهات الفكرية...
هو (نجمة أغسطس) وكل المدارات الجميلة...
هو (أولاد حارتنا) والمسافر في بحار الثقافة مسرحا ورواية ونقدا...
------------------------------------------------
2
---------------------
محمد الودي...
مسرحي حتى النخاع...
مؤسس ورئيس جمعية مسرح رمسيس للفن والثقافة...
نائب رئيس الاتحاد العام للمبدعين بالمغرب...
شاعر الكلمة الصادقة...
فنان تشكيلي....
--------------------------------------
3
---------------------------
محمد الوادي...
باحث...
هو (البيان والتبين) ...
هو (الامتاع والمؤانسة) ...
هو الزمن الجميل...
فيه أشياء من (حمدان) و(فاطمة) بعض شخوص روايته (وداعا رانقة) ...
تقرأ له فيعيدك الى عالم الرواية العربية الجميلة، تجد فيه (صنع الله ابراهيم، حنا مينة، جبرا ابراهيم جبرا، عبد الرحمان منيف.....) ...
يعيدك لزمن الوعي ونقد العقل العربي (محمد عابد الجابري، عبد الله العروي...)
تستهويك كتاباته وتستفزك أحداث روايته وتتفاعل معها...
-----------------------------------------------------
4
----------------------------
محمد الوادي...
تجالسه وتحس بأنه قريب منك ...
تحس بوجوده وتواجده...
يتكلم بثقة وتواضع...
---------------------------------------------
الجزء 1
-------------------------

مجدالدين سعودي – المغرب
---------------------------

بقلم مجد الدين سعودي

زنوبيا ملكة تدمر: الشجاعة والخلود معا
---------------------------------

1
---
زنوبيا تدخل (تدمر) عاشقة...
تسبح بحمد العشق...
 وتصلي في (معبد الشمس) ...
وتتوج ملكة الجمال والحرب معا...
----------------------------------
2
---
هي والبسمة توأمان...
تنعش الروح والقلب معا...
تراها فنراها...
نراها فترانا...
تخرج من قصيدة جميلة...
تكتب بسمة قادمة من الحزن والشجن...
وتلازمها العفوية وروعة القدر الأحمق...
----------------------------------
3
---
لزنوبيا قلب من حديد ...
تسلل لها على هيئة حلم جديد...
أقسم الحلم أن يخطفها ويخبأها في عيونه...
وأعلنت الميلاد من جديد...
هتفت من أعماق التاريخ:
لقد توجت في (معبد العشق) امبراطورية النور...
نونها كائن نوراني...
لأنها أهل الصدق...
تحيى بأمل اللقاء...
ويحيى على أمل النقاء...
---------------------------------
4
----

زنوبيا...
امرأة لا تعرف الا النصر...
امرأة لا تعرف الا المجد...
يراها اليأس فيهرب من طريقها....
وتخلدها كل كتب التاريخ....
--------------------------------
5
----
زنوبيا ...
صانعة الملاحم والأمجاد...
الأمل القادم...
والعشق القادم...
-------------------------------

مجدالدين سعودي
--------------------------------

بقلم مجد الدين سعودي

رواية (وداعا رانقة) للأديب الدكتور محمد الوادي: في استنطاق الذاكرة والعشق والكتابة
-----------------------------



الباب الأول
------------------------
برولوغ
--------------------
رواية (وداعا رانقة)، عمل روائي جميل ومكثف، من استعارة البطل حمدان لاسم البطلة وحياة كاتب طبع حياته بالعشق والتمرد ومحاولات اكتشاف الوجود...
كاتب خبر دهاليز الابداع، يحمل في قبعته الأدبية والساحرة كل أنواع الأجناس الأدبية، فهو شاعر وصحافي ومسرحي وناقد وروائي وجمعوي...
لهذا أتت رواية (وداعا رانقة) للدكتور محمد الوادي تحمل هموم المبدع وعشقه، فيتداخل السرد والسيرة الذاتية والعشق ورحلة الخروج من القرية لاكتشاف العالم...
في رواية (وداعا رانقة) تحس بالتشويق وتبحث عن رانقة محمد الوادي، فتجدها ابداعا جميلا ورؤيا ناضجة حول السياسة والحب والابداع والتأمل الفكري....
--------------------------------
الرواية ومحمد الوادي
-------------------------------------
تدور أحداث رواية (وداعا رانقة) حول البطل الكاتب المتعدد الاختصاصات الأدبية (حمدان)، وهو شخصية محورية، يستحضر ذكرياته ويحث ذاكرته على سرد أحداث الولادة وما قبل الولادة والطفولة والأهل والأصدقاء والرغبة الكبيرة في السفر وعشقه الكبير لرانقة...ويمكن القول أن رواية (وداعا رانقة) هي (قصة حب مجوسية) بطعم وأحداث وتساؤلات مغربية....
-----------------
الباب الثاني
-----------------
الفصل الأول
----------------------------
شخوص الرواية
------------------------
اختار الدكتور محمد الوادي أبطال روايته المتوجين وغير المتوجين بعناية وبدقة، وكان لهؤلاء مكانة تناسبهم في عمله الروائي...
----------------
فاطمة
--------
فاطمةهي أخت البطل حمدان والتي ماتت صغيرة ومع هذا سكنت ذاكرته: (كانت صورة أخته فاطمة هي أول الصور التي فتح عليها عينيه بعد صورة أمه وأبيه. كانت فاطمة واحدة من بنات الجنة، في الثالثة من عمرها. ذات شعر أسود كثيف، وعيون بسعة الدنيا والحلم، وبياض بشرتها يميزها عن كل فتيات القرية. أما ابتسامتها فكانت ساحرة تنزعك من وكر الشياطين الى عالم مكتظ بوهج الحياة والبراءة والحلم ... الصفحة 12 و 13 ).
وفاطمة تسكن قلب وروح حمدان الذي يقول: (كلما لجأ الى السرير للنوم يتخيل فاطمة وهي تحمله على ظهرها، أو هي تشد بيده على الوقوف والمشي، أو هي تطعمه، أو هي تداعبه. كانت جد فرحة به وكأنها وجدت لها مؤنسا وحارسا... لعبة جميلة تتسلى بها بحب كبير.. أخ يبادلها الضحكات والفرح ويملأ عالمها. كانت مسرورة الى درجة الانتشاء ... الصفحة 17).. لكن مرض (بوحمرون) سيأخذ فاطمة الى العالم الآخر...
------------------------------
الجد
---------
في وصف دقيق يحدد لنا حمدان جده قائلا: (صباح الأحد القادم سيفتح الشانطة – الحقيبة المفضلة ذات اللون البني الداكن، وسيستخرج منها الجلباب المميزة التي لا يرتديها الا في المناسبات الأكثر أهمية، والسلهام الأبيض، والبلغة الصفراء، والطربوش الأحمر، والقميص الأبيض، والسروال الأبيض كذلك، هذه هي ملابسه الأغلى والأحسن، والتي سيرتديها الأحد المقبل قبل الذهاب الى السوق، ومنه الى قمة الجبل، ثم الى السماء. انها ملابس تليق بالعالم العلوي الذي سيزوره..... الصفحة 22 ). 
كما يحلل شخصية جده قائلا: (شيخ وقور وتقي ولكنه مراوغ، يعرف كيف يقنعك، وكيف يخرجك من عالم أنت مصر على البقاء فيه، الى عالم آخر.. يعرف كيف يغير اهتمامك، وكيف يحور تفكيرك، وكيف يخلق لك آلية بديلة لآلية تفكيرك... الصفحة 16 )...
----------------------
الأب
--------
توفي والد حمدان وهو صغير: (اتجه نحو قبر أبيه. ينتقي خطواته حتى لا يدوس على قبر وينتهك حرمة الموتى....  الصفحة 29 )، وبعملية فلاش باك يقول : (تذكر حينما كان أبوه يضمه الى صدره، ويقبله ، ويركب معه على الحصان. وكان الأب يقول لحمدان سيكون لك شأن كبير......الصفحة 30).
------------------------------------
ليليان
---------------
جنية يهودية تسافر مع حمدان في صحوته وغفوته وحلمه وبوحه والتي لا تفارقه وتدفع عنه المصائب، وتؤكد له ليليان: (رانقة التي سحرتك أنا التي دفعتها الى مغازلة أوتار قلبك   ...الصفحة 86). وليليان هي قارئة فنجانه وتؤكد له: (لا تقلق هذا العام عامك. ستبدع فنا قوليا، شعرا موسوما بالشعرية، ونصا دراميا مسرحيا ستختار له اسم – الرقص على الجمر – ودراسات مختلفة...الصفحة 87 ).
-------------------
الأم
-------------
الأم حاضرة في رواية (وداعا رانقة)، فهي الصدر الحنون وهي التي تفهم حمدان جيدا وتعرفه فرحا أم حزينا، مهزوما أو مترددا أو منتصرا...
يحدثنا حمدان عن أمه قائلا : (كل ما كان يهم حمدان هو الذهاب الى فاطمة التي اشتاق اليها كثيرا، ولن يعدم وسيلة.كلما ذكرها، في حضرة أمه، الا وأجهشت الأم بالبكاء، وتساقطت من عينيها دموع غزيرة حتى تحمر عيناها ، ويبح صوتها، وتتألم كثيرا لفراقها... الصفحة 21 )..
----------------------
شخصية حمدان
------------------
حمدان البطل والكاتب والعاشق معا...وهو كثير الأسئلة منذ صغره الشيء الذي دفع جدهالى التعليق قائلا عن حمدان: (هذا الطفل يدهشني بطرح أسئلة محرجة...أسئلة أكبر من سنه... أسئلة صعبة.. الصفحة 15). وكان جواب فقيه القرية: (طفل كباقي الأطفال، يحفظ السور القرآنية في صمت، وهو أصلا قليل الكلام، كثير الشرود.   الصفحة 15)....
ويمكن تلخيص شخصية البطل والكاتب حمدان في قرار اللجنة الموقرة: (خينما بحثنا، بدقة متناهية، في أمورك السرية والعلنية، وجدناك مجنونا عاقلا.. حلاما واقعيا.. وأنت في كل الأحوال لا تعدو أن تكون مجرد مدبج كلمات، وصانع سياقات لغوية. ليس لك أن تعترض على هذا الاستنتاج، فنحن حين قررنا أن نضعك في الميزان النقدي كان في نيتنا أن نخرجك من دائرة الظل الى سماء الضوء. والآن نمنحك، تحت سلطة الحاحك وجبروت عزمك، صفة كاتب متوج. فاكتب ما تشاء. إنك تحت مجهرنا الى أن نصادر كلامك، أو نقطع لسانك.  الصفحة 5).
منذ الطفولة وحمدان متمرد: (فقد أضرب عن الرضاعة لمدة قاربت الشهر حتى يئست أمه واعتبرته هالكا لا محالة.   الصفحة 11 )..
ويصف حمدان نفسه قائلا: (كان حمدان وسيما وجميلا. شعره كث وشديد السواد، مصفف وطويل يغطيأذنيه وجزء من رقبته والجزء العلوي من جبينه. له عينان سوداويتان فيهما ألق أخاذ وبريق ساحر. ذو بشرة بيضاء. لا تبدو عليه ملامح البدو... الصفحة 25 ).

-------------------------
الفصل الثاني
----------------------
الأماكن
للأماكن دلالاتها ورمزيتها في رواية (وداعا رانقة):
-----------
الدار البيضاء
------------
الدار البيضاء الغول الكبير وهي شر لا بد منه، يقول حمدان:(في خلوته التي لا يرتاح الا فيها، يعيد ترتيب أوراقهومقروءاته، وخصوصياته على نغمات أغاني أم كلثوم التي أدمنها لسنوات. في مدينة الدار البيضاء التي لا يعشق فوضاها، وتخلفها، ونتانتها، كان مجبرا على التناغم مع حب لا يمت لهذه الجغرافيا الآثمة.. الصفحة 66).
--------------
فاس
------------
في مدينة فاس يكتشف حمدان نفسه...
يقول: (في فاس شرب الكوب الأولى. سقته اياه فتاة من بلور، واعتقد أنها ستكون رفيقة حلمه ودربه، لكن –جنان السبيل – لم يف بوعده، وخانته البطحاء في واضحة النهار، وحولته فاس الى مولود عريان تماما من حلمه، ونبض قلبه، والشرب من ذاك المعين...
في ليل فاس الحزين شدته ذكريات الطفولة، عشق، ولد ميتا على نغمات طرب الآلة الأندلسية.. طموح تكسر – سريعا – على جنبات ضريح مولاي ادريس....  الصفحة 107 و 108 )...
وحمدان أثناء استرجاع طفولته يسترجع كل الأماكن التي عاش فيها:
(كان الطفل حمدان يروي عطشه من نهر بوشابل، صنو ورغة وسليل سبو. كما أفعى يتلوى النهر على مفاصل قبيلة اشراكة.... بينما تقبع فاس تحت أقدام زلاغ، تتربع تاونات على قمم جبلية وكأنها تراقب كل الجغرافيا مخافة أن يعود اليها المستعمر.
-المسالتة – قرية صغيرة غالبا ما تستيقظ، كل صباح، على اشراقة شمس خجولة.... الصفحة 23 )...
--------------------------
الفصل الثالث: الكاتب والكتابة
--------------
الكتابة روح بناءة، خلود وجمال...
وحمدان الدكتور محمد الوادي يقول:(الكتابة خطيئة.. والكتابة اغتيال ومولد جديد في نفس الآن. وهي مزعجة تماما مثلها مثل كوابيس الليالي الباردة. وحينما تكون – هذه الكتابة –عن امرأة بمواصفات رانقة تغدو جحيما.. جمرا يحرق الأصابع، ويحرق، قبلها، القلب... الصفحة 60)..
الكتابة فعل تورط: (ولأنه تورط فيها، وفي الكتابة معا.... الصفحة 61)..
ويواصل تعريفه لفعل الكتابة: (الكاتب، دائما، يتستر على العديد من الوقائع والحقائق ويترك في حياته، وحياة من يعاشرهم ومن يكتب عنهم، مناطق مجهولة، وأخرى مضببة، وثالثة غير محددة العالم...الصفحة 61) .
ولنتعرف على ميولات البطل والكاتب حمدان عن ميولاته في هذا المقطع السردي الجميل: (وفي شفتيها حمرة ميالة الى دم المقتولين غدرا. بين الحمرة ولون البؤبؤين البني الشفاف لون ثالث لم يستطع أن يحدده وهو الفنان التشكيلي، والسيناريست المبدع، والمسرحي بالفطرة والتكوين الأكاديمي، والقصاص، والاعلامي، والشاعر...الصفحة 62).
ولا ينسى أديبنا وبطلنا نحمد الوادي وبلسان حمدان أن يحدثنا عن عشقه للمسرح، فيقول: (وأن تحاصره جسارة الشغف ...جدته التي وصفها في اهداء احدى مسرحياته أنها أحسن ساردة علمته كيف يحكي، وكيف يصف، ويقص، ويتصور ويتخيل، ويسرد، ويدبج الكلمات، ويؤثت النصوص، ويخلق عوالمه الخاصة.... الصفحة 93).
-----------------------
الفصل الرابع: الموت والوجود
-------------------------------
الموت حدث درامي لا نعرفه متى يأتي، وحمدان يتحدث عن موت أخته فاطمة قائلا :(ماتت فاطمة. لم يكن يعرف معنى الموت. لكن ما أدركه – فيما بعد – أنها غابت طويلا. وعرف – من خلال جده أحمد – أنها ماتت، وأنها لن تعود الى المنزل، ولن يراها ثانية على وجه هذه الأرض، والموعد سيكون هناك.. في الجنة.. في السماء.. في العالم الآخر... الصفحة 13 ) .
ويواصل :(كان على يقين تام أنه قريبا سيرحل عن هذه الدنيا... الصفحة 14 )
وكذلك: (كتاب أجله يريد أن يقرأه...يريد أن يعرف متى سيرحل؟... والى أين سيكون الرحيل؟ ... وكيف سيتم؟ ...   الصفحة 14 )...
انها حيرة التساؤلات المشروعة: (أسئلة تتناسل باستمرار...سؤال يقوده الى آخر. مع كل سؤال جديد تكبر حيرته التي أدخلته في حالة نفسية قريبة من الانطواء والانعزال... الصفحة 14 )...
وحكمة الفيلسوف يقول حمدان: (ليس الموت أقل روعة من الحياة. الصفحة 18)
ويعود لأخته فاطمة والموت: (ماتت فاطمة من غير أن تدرك معنى الموت، أو حتى معنى الغياب. وهي – الآن- طائر جميل يحلق في الجنان.. الصفحة 18...). 
---------------------
الفصل الخامس: الحب والسياسة
---------------
بخبرة الكاتب المتمرس يربط محمد الوادي خيبات الحب بخيبات السياسة خيباتنا تجاه الآمال المعلقة على سياسيي النفاق والوصولية...
يقول حمدان:(أحيانا يشبه الحب بالسياسة التي تتغير وتتبدل حسب المصلحة، الا أن الفرق الصارخ بين الحب والسياسة هو أن المحب مهما تبدل قلبه، وتغير شعوره نحو حبيبه، فان أشد ما قد يتخذه من قرارات هو الهجر. أما السياسي قد يلجأ الى الوسائل والأساليب الأكثر قذارة ونذالة من أجل تحقيق المنفعة الشخصية.    الصفحة70)...
ولهذا يسافر البطل حمدان الى الخارج (تركيا):
(لأول مرة تمنى لو تكون مغادرته للوطن أبدية، فالبلاد بدأت تتدحرج، كرة الثلج، نحو الهاوية، قبضة المخزن الحديدية على السلطة والعباد، تأزم الوضع، والأحزاب السياسية لا يهمها غير اقتسام الكعكة، والطبقة المتوسطة اضمحلت وغاب دور النخب. هو لا تعنيه السياسة الا من باب الخوف على الوطن، وعلى الناس.     الصفحة 95).
والبطل حمدان يتكلم انطلاقا من تجربته السياسية: (خبر العمل الحزبي ولما انكشفت له الحقيقة غادر الحلبة وكفر باللعبة لأنها غير نظيفة، وانحاز الى الثقافة والفن.... الصفحة 95 )...
وبحزن يواصل: (كان بحاجة الى أن يعزي نفسه في وطن يموت لحظة بعد لحظة. وطن تقتله السياسة بعدما قتله الاستعمار.    الصفحة 95 ) ...
كما تحضر جامعة الدول العربية في هذا الحوار الشيق بين العاشقين:
(- لن نجلس في مقهى حديقة الجامعة العربية، قال لها.
- لماذا ؟
-لم تعد تعجبني.
-بل قل لم تعد تؤمن بالقضايا العربية.  الصفحة 114 )
في الحقيقية جامعة الأوهام العربية هي التي لم تعد تؤمن بالقضايا العربية...
وقد صدق حمدان عندما علق: (وأن يدا ما...... تحرك أمور العرب خارج جامعتهم   الصفحة 114)...
--------------------------------------
الفصل السادس: رانقة: نهاية حب، نهاية أمل
------------------------------
يقوم حمدان بالتعريف برانقة حبيبة قلبه ويقول : (فلتتأكد أنه لن يفشي سرا من أسرارهما، ولن يذكر حتى اسمها الحقيقي ، فقد احترع لها من الأسماء الرمزية ما يليق بمقامها ... الصفحة 60 )..
رانقة هي عشق حمدان الكاتب والعاشق، وكل أحداث الرواية تنهل من عشق البطل لها.. وهي التي غيرت حياته: (عندما رآها...انخطف قلبه.. انقلب كيانه...أحس وكأن هذه الممثلة...ستقف على عتبة أنفاسه حاملة سيفها مهددة اياه بالقتل، وقد تكون قاتلته الفعلية.... الصفحة 67).
ولهذا يحاول: (أن يجد تفسيرا لنبضات قلبه المتسارعة، ولهذه الحالة الغريبة وغير المسبوقة التي يحسها...الصفحة 68)
انه سحر رانقة الرمز والاسم الفني لفاتنة حمدان...
ويعترف كاتبنا قائلا: (فجأة وفي ساحة الثانوية ظهرت رانقة بكل بهئها وطاووسيتها فسحرت قلبه وجعلته يرى كل النساء مختصرات فيها ... الصفحة 76 و77).
ويتابع بوحه: (أنت الغيمة والعين.. الخليلة والحليلة... الصفحة 92 )...
يصف العاشق الولهان حبيبته رانقة قائلا: (كانت رانقة صغيرة كما البرعم، وكان جسدها في طور افراز نتوءاته الشهوانية، وكانت أسئلتها كثيرة ومحرجة، وأحيانا لا معنى، ولا مغزى، ولا نسق...كانت أحلامها جنونية وتبدو طوباوية... الصفحة 53 )..
ومع هذا يتساءل العاشق حمدان عن رانقته قائلا: (لا تزال رانقة غامضة. هل هي كباقي الفتيات مثل الزهريات المغشوشة والمرايا المحذبة؟ أم أنها عميقة كما المحيطات؟ أم تجمع بين كل هذه المتناقضات.   الصفحة 80).
حمدان يعترف بعشقه الكبير لرانقة وعندما أرادت وداعه شعر بحزن عميق، ويصف لنا مشاعر الوداع قائلا: (من غير اخبار سابق قررت رانقة السفر.. الهرب.. الرحيل   الصفحة 133).
فكان تغيير حمدان راديكليا وتراجيديا معا: (لبس حزنه الأسود وانطوى على نفسه. أصبح لا يطيق النظر في وجوه وعيون الأصدقاء والزملاء...أصبح زاهدا في كل شيء... الصفحة 136).

---------------------------------
الفصل السابع: الوصف والحلم
-------------------
يتميز الدكتور محمد الوادي باعتماده على وصف دقيق للأحداث، وبوصفه يجعلك متشوقا لمتابعة أحداث رواية (وداعا رانقة)، وفي مشهد بليغ كان حمدان يتساءل: (دخلت ربعاء الفراش، وتدثرت، وأطفأت النور الخافت. نامت كما طفلة في ربيعها العاشر. بلا شك رأته في منامها يركض فوق جوادهالكستنائي في غابة الحب، تائها كيهودي الشتات، كعربي الانقسامات.. خائفا من عدو حقيقي أو مفترض.. من مكائد وحروب لا تتوقف.. هاربت من واقع عربي سمته الأساس القتل بدم بارد، والخيانة بنوع من الاعتزاز والفخر....   الصفحة 75).
ويصف حمدان نفسه قائلا: (كان طفلا ولوعا ومعتدا بطفولته وأحلامه   الصفحة 105 )
--------------------------
خاتمة: وداعا رانقة
-----------------------
عنوان الرواية هي نهايتها ...
والدكتور الأديب محمد الوادي أتحفنا بعمل روائي قوي وسافر معنا منذ طفولة الكاتب الى يوم عشق رانقة التي سكنت قلبه وروحه...
--------------

مجدالدين سعودي -  المغرب