الثلاثاء، 19 فبراير 2019

بقلم الآديب الكبير محمد أديب السلاوي

السياسات الرسمية، لماذا تتجاهل أطفال الفقر... ؟


-1-

"أطفال الفقر" في بلادنا ، فئات متعددة : هم أطفال الهجرة القروية، وأطفال مدن القصدير المهمشة، والأطفال المتخلى عنهم، وأطفال الشوارع، والأطفال المطرودين من بيوتهم، والأطفال الهاربين من أسرهم، وأطفال الحقول والمعامل السرية، وأطفال التسول. هم أطفال المحيط الذي يتبنى الجيل المستقبلي من مرضى الفقر والمجرمين والمنحرفين والذين لا موقع لهم في السياسات الرسمية.
كل واحد من هؤلاء الأطفال، هو عقل وإنسان وحالة نفسية، ولكنهم بسبب الفقر تحولوا إلى كائنات بشرية تعيش وتتموضع خارج العيش، إنهم أطفال بدون أسر / بدون تكوين نفسي / بدون تكوين عقلي / ...وبدون مستقبل، تتلاعب بهم الأقدار، وترمي بهم إلى الجحيم اللاإنساني، واللاأخلاقي.
إنهم فئة من الأطفال غير متجانسة، ولكن همومها واحدة في العيش والمعيش، إنها كائنات بشرية خارجة عن منهج الحياة وقيمها الحياتية.
وبعيدا عن المخاوف والهواجس والتساؤلات، استطاعت هذه الفئة من الأطفال التي تتوسع يوميا مع توسع ظاهرة الفقر والتهميش، أن تفرض نفسها، وأن تثير اهتمام الرأي العام والمجتمع المدني، وأن يكون لها ذكر في المؤسسات الإعلامية والحقوقية، وهو ما يعد انتصارا سياسيا واجتماعيا وثقافيا للطفولة الضائعة في الزمان والمكان.

-2-

تنتمي هذه الشريحة من الأطفال إلى العمود الفقري لكل إستراتيجية مستقبلية، لأجل ذلك فإن البحث في أغوارها يفرض علينا أن لا نكتفي بالنظر إليها من بعيد، لأنها تفرض علينا مواجهتها بشجاعة ونجاعة، فمثل هذه الشريحة تحتاج منا قبل كل شيء مواجهة العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية الحقيقية التي دفعت بها إلى التوسع لتصبح ظاهرة مخيفة، وأن تتحلى بالكثير من المسؤولية والحزم، فالأمر يتطلب منا مقاربة إستراتيجية / تجنيد الدولة والحكومة والمجتمع المدني، إضافة إلى عمل رجال التربية وعلماء النفس والصحة والمختصين في الإعلام والاتصال لكسب الرهان وإعادة إدماج هذه الشريحة الواسعة من أطفال الشوارع والمشردين والهاربين من أسرهم والمتخلى عنهم والمهمشين والمتسولين، ضمن إستراتيجية موازية أخرى لإعادة الثقة إلى المؤسسة الاجتماعية وخلاياها في العالمين القروي والحضري، ليكون لهذا الاندماج كاملا وتاما وايجابيا.

إن الطفولة المغربية بحجمها المتنامي، وبأهميتها في استراتيجيات المستقبل، كما في استراتيجيات التنمية في أبعادها وقيمها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الزمن الراهن، تجعلنا أمام اختيار واحد هو البدء بتفعيل أدوار هذه المقاربة / الإستراتيجية، وتحقيق مستلزماتها ومقتضياتها لتسيير ظروف العيش الكريم والرعاية المتكاملة لطفولتنا وفق أوضاع اجتماعية مريحة.
والسؤال المحير: ما هي إستراتيجية الحكومة للقضاء على ظاهرة فئات "أطفال الفقر" في غياب إحصائيات ومعطيات مضبوطة حول حجمها ؟

-3-

على المستوى الوطني، استقطبت هذه الشريحة المخيفة اهتمام المجتمع المدني المغربي، حيث عقد لها بدوره العديد من الملتقيات وأنجز لها الكثير من الدراسات والتوصيات...
ففي نطاق البحث عن إستراتيجية قويمة، أوصى المجتمع المدني بضرورة الأخذ بعين الاعتبار اشتراك الجماعات المحلية التي تتوفر على إمكانيات هائلة، مادية ومعنوية للمشاركة في برنامج إنقاذ هذه الشريحة من الأطفال، واقترح على المنتخبين إقامة شراكات مع الجمعيات غير الحكومية، التي تتوفر لديها الموارد البشرية المتخصصة لانجاز البرامج وتطبيقها مع فسح المجال للمختصين للقيام بدراسات ميدانية، يتم تعميم نتائجها وطنيا، مما سيمكن جهاز الدولة / الحكومة من بلورة تصور حقيقي لمواجهة الظاهرة.

ففي نظر المجتمع المدني، أن الآليات القانونية للتنظيم الجهوي تسمح بتحقيق هذه الأهداف عبر تصور الشراكة والتعاون بين الوزارة المعنية والجهة باعتبارها مركز وسيط، يستوعب هذا النوع من التدخلات في القطاعات الاجتماعية، وهو ما يتطلب في نظرنا رصدا شموليا داخل النطاق الترابي الجهوي، وذلك من خلال وضع برنامج عمل قادر على استيعاب مختلف المتطلبات الاجتماعية الكفيلة بحل ظاهرة "أطفال الفقر"، إن أبعاد هذه الظاهرة لا تنحصر في الجانب المادي بل تتعداها إلى الجانب المعنوي للفرد – الطفل – المفتقد للحنان الأبوي والأسري ودفء العائلة والوجود الاجتماعي والهوية إلى غيرها من الصور التي تشكل حجر الزاوية في البناء الشخصي والسيكولوجي للإنسان / المواطن.

وقبل الاقتراب من الإستراتيجية التي يقترحها المجتمع المدني لظاهرة "أطفال الفقر"، نرى من المفيد أولا ،الاقتراب من "خطة حكومة التناوب 1999" التي اعتبرها المجتمع المدني خطة مرجعية في بناء الإستراتيجية المقترحة لإنقاذ هؤلاء الأطفال.

تأخذ هذه الخطة " بالإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونمائه" وتتمحور حول تفعيل حقوق الطفل وإيجاد الحلول المناسبة والموضوعاتية لمشاكل الطفولة بشكل عام.

تلتزم منطلقات هذه الخطة بالتعاليم الإسلامية، والتوجيهات الملكية السامية بخصوص الطفولة المشردة على وجه التحديد. وباتفاقية حقوق الطفل، كما تلتزم أهدافها بتحسيس السلطات العمومية ومكونات المجتمع المدني والرأي العام بخطورة ظاهرة الأطفال  المشردين / أطفال الفقر وتمكينهم من الحقوق الأساسية، كما نصت عليها الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل، وتنسيق وتطوير البرامج الحكومية وغير الحكومية، وإصلاح الإطارات القانونية والمؤسسات ذات الصلة بالطفولة التي تعاني من أوضاع صعبة، وتوفير شروط إعادة إدماج هؤلاء الأطفال ضمن أسرهم، وتحسين مستوى تأطير المؤسسات المهتمة بهذه الظاهرة، وتطوير الخدمات الاجتماعية التي تقوم بها لفائدة أطفال االفقر، ودعم جهود الجمعيات المتداخلة في هذا المجال.

كما التزمت هذه الخطة من جانب آخر بإنجاز دراسات محلية لرصد ظاهرة أطفال الشوارع، وإنشاء بنك للمعلومات والمشاريع المتعلقة بهؤلاء الأطفال، وتشجيع الدراسات والأبحاث الجامعية للاهتمام بقضاياهم، وتوظيف أخصائيين في مراكز وهياكل استقبال هؤلاء الأطفال للرفع من مستوى التأطير.
وفي الجانب القانوني، التزمت هذه الخطة، بإلغاء تجزيم التشرد بالنسبة للأطفال في القانون، والإسراع باقتراح قانون الكفالة والمراسيم التطبيقية له، مع تبسيط المساطر المتعلقة بالتكفل، وإعادة النظر في قانون النفقة. وخلق صندوق للنفقة لفائدة الأسر المعوزة، وتفعيل مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، ووضع معايير وضوابط لضمان الشفافية في منح صفة النفع العام بالنسبة للجمعيات العاملة في مجال الطفولة، في وضعية صعبة.

ولقد أكدت هذه الخطة في ديباجتها أن الطفولة المشردة، تشكل تحديا أمام قدرة الجهة على كسب الرهان الاجتماعي، لأنها ابرز مظهر لتدخل الفعاليات السياسية والمدنية من اجل توفير "الخيريات" ودور الاستقبال المتوفرة على ظروف العيش الكريم، وإحداث مؤسسات وهيئات تعليمية وثقافية تسهر على دمج الطفل المشرد في بيئته، بعد أن يتم توفير شروط العيش والنمو وتحقيق التغطية الصحية والحماية الاجتماعية اللازمة، حتى يصبح هذا الطفل عنصرا منتجا وليس عنصرا للجريمة.

وتعتبر هذه "الخطة" أن الجهة قادرة على تحقيق ذلك من خلال تقوية قنوات التعاون بواسطة برنامج توسيع دائرة أساليب التحكم في هذه المعضلة. ولن يتم ذلك إلا بتوسيع دائرة المشاركة وتوسيع دائرة التوعية الاجتماعية وتحسيس السكان بأهمية المشاركة عن طريق تشجيع العمل التطوعي والجمعوي للبناء، وتحفيز الجمعيات الخيرية على توسيع نطاق تدخلها،على المستوى المادي كما على المستوى المعنوي.

وفد التزم تصريح حكومة التناوب (1998) أمام البرلمان بصياغة قانون خاص بالطفولة، الشيء الذي دفع بعدة منظمات وجمعيات من المجتمع المدني إلى دعم هذا التصريح. كما دفع بكتابة الدولة المكلفة بالرعاية الاجتماعية والطفولة والأسرة إلى تهيئ خطة عمل وطنية لإدماج هؤلاء الأطفال ترتكز على ثلاثة مشاريع يتضمنها المخطط الخماسي (1999-2004) وتتمثل في بناء مراكز للإيواء وإعادة الإدماج الاجتماعي في كل من الدار البيضاء وتمارة وتطوان...وجهات أخرى.

السؤال المحير : أين كل هذا من واقع أطفال الفقر في المغرب الراهن...؟

هل اختفت هذه المشاريع...وأين اختفت...؟

هل رحلت مع حكومة التناوب...أم أنها ما زالت تنتظر من يحركها...؟

بقلم محمد أديب السلاوي

الخميس، 14 فبراير 2019

بقلم جميلة محمد قنوفي

بأبجدية الحب
 أكتب "ديوان التحدي "

أخلد قصص  وجدي 
تاريخ عزي
 ملاحم مجدي
لا تظنني أبالغ 
أنا لست أهدي 
انا أعشق حب الحب 
وكلامي يا دون جوان جدي
الحب يا رميو في حرفي 
في ضاده 
في قريضي 
في عروضه
في الورد وأكمامه
في نقر البانو لباخ
في غدير الماء وخريره
في ناي زرياب  وترانيمه
في موال  أطلسي 
 يرد صداه
الجبل العالي وازيز رياحه 
في البحر الكبير 
وعزف موجه 
على ضفاف قلب 
عاشق وروحه
لطقطوقة اندلسية 
ترسم الحب لوحة
 تنضح بالرقي
بأسرار الجمال كله
في نحت تمثال لدافتشي
 للتاريخ ورصه
في حفر بئر للعطشى بالصحاري 
في مرج المستقبل طله وزرعه
في إغاثة ملهوف ورحمته
في بسمة طفل صغير
 من غب التشرد تنجيه
الحب في الخير كله 
لا تستهن بقليله وكثيره
الحب أمل أينما زرعته 
غذا جنانا تجنيه ...
..بحلوه ومره..
الحب حياة 
الحب وصال وزكريا


بقلم جميلة محمد قنوفي

بقلم جميلة محمد قنوفي



في عيد الحب 

إلحب  الحقيقي يا فالنتين 
 مع  الست دفناه
 الحب الحقيقي مات  
مع عبد الحليم وبكيناه
مع ناس أصيلة ودعناه
كما الصدق 
كما الوفاء رثيناه
الحب مات يا فيروز 
أضحى قصة قديمة
 من زمن فات 
كان له قيمة 
وكان له ناس يا نزار
كبر الزيف 
زاد الخداع 
طغى الطمع والإحتيال 
عمت العيون ياإزيس
الشهوة و حب المال
 أصبح الحب خدعة وإبتدال 
كل شيء ممكن  ..
في  كسب مصلحة منتهية الأجال 
حلال 
حتى دبح حبيبتك بإيدك 
و قطع شريانها الموصول بوريدك 
أصبح حلال ..
المهم .فقط .المال 
الحب  الله يرحمه 
مات و دفناه
 مع كل أنة طفل يا قيس
 ومع كل آهه أم لعناه
اندثرت الأبوة  مع قيم  الرجولة 
غاب لما غابت الشهامة والبطولة 
عندما لاحت أشراط الفتنة
 دقت طبول الظغينة
  هجرنا الحب  واعتزلناه
ومية ألف أه 
الحب مات ودفناه 
مع إنسانيتنا شيعناه 
لما  قبلنا نشوف ظلم  الحق بعيونا 
ونستنكر بقلوبنا 
ونخلي الباطل يأخد مجراه..
ومية ألف آه
على الحلم إلي حلمناه 
ورد زرعناه 
شوك جنيناه
استيقظنا بعيد الحب 
تبخر  زهر العدل
وبقيت فقط كلمة آه 




بقلم جميلة محمد 

الثلاثاء، 12 فبراير 2019

بقلم الآديب الكبير الدكتور عبد المنعم كامل

يقيم لدينا


يَمرُّ عَلَى المَمْشَى غَمَامٌ ومَغْرِبُ
وأَسْمَاءُ فِي رُكْنِ الحَدِيقةِ تَلْعَبُ
نُوَدِّعُ شَمْسَ الجُمْعَةِ انْدَاحَ جَمْرُهَا 
حَنِينَاً يُغِني للغُرُوبِ وَنَطْرَبُ
وَنَدْعُو لِكَيْ تَبْقَى قَلِيلَاً وَإِنَّمَا 
تَغيبُ فيَنْهَلُّ الظَلَامُ فَنُحْجَبُ
وَلِي فِي مَسَاءِ النَّقْشَبَنْدِيِّ سَاحِلٌ 
يَمُرُّ بِهِ البَحْرُ الأُجَاجُ فَيَعْذُبُ
ويَقْرأُ عبدُ الباسطِ الكهفَ عَابِراً
أقَالِيمَ رُوحِيْ حيثُ رُوحِيَ تذهبُ
نُصَارعُ مَدَّ الليلِ وَهْوَ مُقَاتِلٌ  
شُجَيْرَاتِنَا وَالأَقْرَبِينَ فَنُغْلَبُ
وَصَوْتٌ يُنَادِيني كَأَنَّ أَبِي عَلَى
غَمامٍ يَجُرُّ الريحَ ثُمَّ يُصَوِّبُ
على سَفَرٍ في مُطْلَقِ الماءِ نَاشِرٌ
على الخَافِقَيْنِ الخيلَ لا يَتَهَيَّبُ
يَمُرُّ على المَمْشَى وَمَا هُوَ بالذي
يُقيمُ لَدَيْنَا ، بَلْ يُرَادُ فَيُكْتَبُ
أَبِي والصِّحَابُ الطَّيِّبُونَ لَقَدْ مَضَوْا
وَلمْ أَدْرِ فِي أيِّ الجِهَاتِ تَغَيَّبُوا
هَل ارْتَابَ فِيَّ العَارِفُونَ فَغَادَرُوا
فَكُلُّ سَبِيلٍ بَعْدَ ذَلِكَ مُجْدِبُ
أَمْ انْتَحَرَ العَقْلُ الَّذِي أَحْدَقَتْ بِهِ
رُؤُوسُ الجَهَالاتِ التي تَتَوَثَّبُ ؟
أُقَاتِلُ أَشْبَاحَ العَرَاءِ مُكَبَّلَاً
وأَرْثِي بِلَادَاً تُسْتَبَاحُ فَتُغْصَبُ
تَوَحَّدتُ فِي هَذِي السُّهُوبِ عَلَى قَذَىً
وَغَابَ الأُبَاةُ القَارِئونَ فَأَسْهَبُوا 
تَزَاوَرُ شَمْسُ الصُّبْحِ ذَاتَ يَمِيِنهِمْ
وَكُلُّ شُعَاعٍ لا يُبِيحُكَ طَيِّبُ
ويَقْرِضُهُم ذَاتَ الشِّمَالِ غُرُوبُهَا
تُلَمْلِمُ مِنْدِيلَ الوَدَاعِ وَتَغْرُبُ
أبِي أحَدُ الفِتْيَانِ لَوْ كُنْتَ مُبْصِرَاً
لَوَلَّيْتَ رُعْبَاً مِنْهُ إذْ يَتَقَلَّبُ
سَيَرْجِعُ مِنْ مَنْفَاهُ فَجْرَاً فَتَخْتَفِي
شُرُوخُ جِدَارٍ مُنْذُ قَرْنَيْنِ تَكْذِبُ

بقلم الآديب عبد المنعم كامل 

الاثنين، 11 فبراير 2019

بقلم محمد أديب السلاوي

ما العمل..... ؟
عندما نكون أغنياء بمواردنا وفقراء في واقعنا.

تقول كتب التاريخ والجغرافيا عن المغرب، إنه بلد غني بموارده الطبيعية وبأراضيه وبمصادره المائية وبثرواته المعدنية... وأيضا بموارده البشرية. 

وتقول تقارير الباحثين الدارسين لشؤون الاقتصاد والسياسة والتجارة والفلاحة والسياحة ان المغرب واحد من بلدان العالم الفقيرة، يعاني من أزمات متعددة، متداخلة، مترابطة، تعيقه عن السير، عن التنمية، وتجعله َمصنفا ضمن لائحة العالم الثالث المتخلفة،الفقيرة.

إذن أين تغيب المعادلة وأين تحضر.... ؟
هل تعود هذه الوضعية الشاذة لفساد سياساتنا......؟
هل تعود لعدم توفرنا على المهارات الضرورية للعمل التنموي..... ؟
هل تعود لعدم قدرة حكوماتنا على استخدام جيد لما نملك من ثروات وإمكانات... ؟

المؤسف في حالتنا أننا امة شابة، تمثل مواردها البشرية اعز ما تملك، ليس فقط بما تتوفر عليه هذه الموارد من إمكانات عقلية، ولكن أيضا بما لها من استعداد وقدرة على تسخير جهودها للتنمية للخروج من حالة الفساد ووضعية التخلف.

يعني ذلك بوضوح أن المغرب الذي نال استقلاله قبل ستة عقود ونيف مازال يبحث عن حكومته الناضجة المخلصة الوفية لقيم الإصلاحات المطلوبة /مازال يبحث عن حكومة تخرجه من وضعيته المؤسفة على أصعدة متعددة /حكومة تحتضن مساحة واسعة من الكفاءات والقدرات والمهارات المخلصة لوطنها، التي لا تهاب الفساد ولا أسلحته الفتاكة.

أفلا تنظرون...؟

السبت، 9 فبراير 2019

بقلم سليمان دغش

السّـــــــــــــــر  The Secret 



أضأتُ شَمعَتَينِ في مِشكاةِ روحي أبَداَ لا تُطفَآنِ
تؤنِسانِ وحشَةَ النايِ الحَزينِ بينَ أضلاعي التي ضاقَت عليَّ مثلما ضِقتُ بِها،
 ما أضيَقَ الجسمِ على الرّوحِ وما أوسَعَها إن حَلَّقت في ذاتها أبعَدَ من أُفْقِ رُؤاها
قالت الشمعةُ للشمعةِ لا تكتَرِثي بالريحِ إنَّ الروحَ تحيا أبَد الدّهرِ 
كمصباحٍ سَماوِيِّ الدّلالاتِ لكَشفِ سِرِّ هذا الكونِ فيما يَتَعَدّى
الظاهِرِ المنظورِ واكتِشافِ كُنهِ الباطِنِ المستورِ
إنَّ النّورَ مفتاحُ ظلامِ النَّفسِ والسّر الإلهيّ العَظيمِ فافتَحِ الشُبّاكَ والشُّرفَةَ كي تراكَ فيكَ
أنتَ لا شَيءٌ بلا روحِكَ فاحفظهاَ وعَمّدها بنهرِ النورِ والحكمةِ 
دَع سِربَ الفراشاتِ يحومُ حولَ مشكاتِكَ حُرّاً ولطيفاً في التَّجَلي

قالتِ الريحُ أنا الأقوى ولا حُدودَ تَستَوقِفُ شَهوَةَ الأعاصيرِ على أصابِعي
أُحيطُ بالكَونِ ولا يُحيطُني غيري، أنا الحِصارُ لا يَهزِمُني شيءٌ هُنا
ولا يَراني أحَدٌ في الكونِ، لا تَكشِفُني الرؤيَةُ مَهما اتَّسَعَتْ 
ولا أرى إلايَ فِيَّ فاحذَروا مِن غَضَبي 
نصفي ملاكٌ يَتَهادى وعلى هامَةِ روحي نِصفُ شيطانٍ
كأنَّ الضّدَّ يَحيا ضِدّهُ فيهِ فكَمْ ضِدّاً سَنَحياهُ وَيَحيانا؟
فَكُنْ نِداً لأضّدادكَ فيكَ واستَعِدْ بالظِّلِ رؤيا الأصلِ نَّ الشّمسَ أهدَتكَ الظّلالَ
 دُفعَةً واحِدَةً منذُ انفِجار ال كُنِّ في الأكوانِ : كُنْ
كُنتَ وما زِلْتَ هُنا حَيّاً كما كُنتَ فلا تَحْلُمْ بشيءٍ خارجٍ
عَنْ عِلّةِ الادراك فيكَ، دَعْ فَضاءَ الرّوحِ أعلى مِنْ رؤاكَ
لا تَفي رؤيَتِكَ الأولى لِوَجهِ البَحرِ بالكَشفِ عَن الأسرار فالمَخفِيُّ أمرُ العارِفينَ
السِّرَ خَلفَ التيهِ في وَهمِ المرايا، وَتَجاوَزْ ظاهِرَ الرؤيَةِ
حتّى تُبصِرَ اللاهوتَ في الناسوتِ يوقِنُهُ التَّجَلي
لنْ ترى ظِلاً لهُ وكُلُّ شيءٍ ما عَداهُ ظاهِرٌ في ظِلّهِ
كَيفَ تُبصِرهُ من غَيرِ مرآتِكَ فيكَ، لنْ تَراهُ انّما تراكَ فيهِ
وَتَراهُ فيكَ كُلّما نَظَرتَ في المِرآةِ أو أضَأتَ شَمعَةً في النّفسِ منْ نورِهِ
 صارَ النورُ فيكَ مِنْكَ فاشهَدْ أيُّها النيلُ العَظيمُ تَحتَ نورِ الشَّمسِ 
أنَّ الفاطِمِيَّ الأزهَريَّ وَحدهُ وَحَّدَ بينَ الأزهَرينِ في تَجَليهِ الأخيرِ كيْ يُضيءَ
الشّمعَتَينِ في دُجى الأنفُسِ إنَّ النورَ لا يَعشَقُ الا نورَهُ
لا ظِلَّ للنورِ أضئ ظلّكَ في ذاتِكَ واشعِلْ شَمعَتَيكَ فيكَ كيْ
تراكَ في مرآتِكَ الأولى فَبَعضُ النورِ يكفيكَ لكي تَكتَشِفَ الأسرارَ
سرَّ النارِ في الغَيمَةِ
سِرَّ النورِ في العتمَةِ
سِرَّ البَحرِ في المَوجَةِ
سِرَّ النيلِ في ظِلِّ التَّجَلي في مرايا الماءِ
كانَ الظّلُ في اللاظِلّ نوراً سَرمَدِياً في المرايا 
سِرَّ آدمِ الصَّفِيّ في سؤالِ اللغزِ بينَ النارِ والجنَّةِ
سِرّ القُدسِ في دَوْرِ الإلهِ البارِ فوقَ الصخرَةِ الأولى 
سِرَّ النايِ في انينِ هذا الكونِ كلِّ الكَونِ إنّ الكَونَ يبكي دَمعَهُ في دَمعَتي
سِرّكَ يا آدَمُ أنتَ اللغزُ دَعْ قميصَكَ الطّينِيَّ لا تأبَهْ بِهِ استَبْدِلْهُ
فالقمصانُ تَبلى كُلَّ حينٍ عُد إلى فِطرَتِكَ الأولى، كمِ ابتَعَدتَ 
عَنكَ فيكَ وابتَدَعتَ شرعةً على مقاسِكَ الطّينيِّ إنَّ الروحَ
في مِشكاتها لا شيءَ يُطفِئُ نورَها، تستبدِلُ القمصانَ في رحلتِها 
للمُنتَهى، لا منتهى، والعَقلُ فيكَ أوَّلُ الأرقامِ في مَنزِلَةِ الواحِد
 لولاهُ لما تَكَوَّنتْ منْ بَعدِهِ الأرقامُ 
لا وجودَ لولا جنّة الادراكِ والحِكمَةُ ما بالُكَ تَطفو في شِراعِ الوَهمِ فوقَ الرّيحِ 
هَلْ مِنْ جَنَّةٍ  تَبحَثُ عنها في السُّدى؟!
لا شيءَ فوقَ السطحِ يوحي لكَ ما تُخفي مرايا البَحرِ في اللُّجةِ
إنَّ السِّرَ في الباطِنِ لا تَكشِفُهُ الرؤيةُ الا باستِعاراتِ الرّؤى
فارجِعْ إليكَ فيكَ لا تَخرجْ عنِ الايقاعِ في لحنِ الوجودِ السَّرمَدِيِ
أنتَ صوتُ النايِ، صوتُ النايِ 
لا رَجعُ الصَّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدى

من ديواني الجديد الذي سيصدر قريبا بعنوان " في المرآةِ أشبِهُني 


"سليمان دغش" 

بقلم سامر الشيخ طه

من كتاباته في الغزل
"سحرُ عينيكِ " كتبها في عام ١٩٩٠ م يوم كان في الشباب الأول


لعينيكِ سحرٌ أطلقَ القلبَ من صدري
                          وحلَّقَ فيه في فضاءٍ من السحرِ
تغلغلَ في القلبِ الخليِّ من الهوى
                              فصيَّرهُ طيراً عصيّّاً عن الأسرِ
وفيها بريقٌ يخطف ُ اللبَّ ضوؤُهُ
                           كمثلِ بريقِ الضَّوءِ في الأنجمِ الزُهرِ
فأعشقُ فيها سحرها وبريقها
                               وأعشق فيها دمعها عندما يجري
وأعشق في عينيكِ حزني وبهجتي
                               وأعشق لونَ البحرِ في ساعةِ الفجرِ
                 ..........           ......           ......
وأعشق عمقاً قد وصلتُ لقعره
                               فأدهشني ما فاض من نبعه الثرِّ
مجاهلها كبرى وتاهت سفينتي
                             وغوَّاصتي لمَّا وصلتُ إلى القعرِ
بحورٌ من الأفكار فاضتْ من الغِنى
                             ومن كلِّ ألوان الثقافة و الفكرِ
إذا قُورِنَتْ بالبحر لم تُعْطَ حقَّها
                              لأنَّ الذي فيها يفوقُ غِنى البحرِ
              ------------     --------------      ----------
وفيها هدوءٌ من وقارٍ وهيبةٍ
                              أضاف إلى عمقٍ بها رِفعةَ القَدْرِ
فإن حضرتْ عيناكِ كان حضورُها
                             قويَّاً كمثل الشمس في ساعة الظهرٍ
وفي الليل تأتي كالنجوم إذا أتتْ
                             محمَّلةً بالنور في وجهكِ البدرِ
         ---------          -------------      ----------------
لعينيكِ سحرٌ يجذِبُ المرءَ نحوهُ
                            يحرِّكُ فيه طاقةَ البحثِ والسبرٍ
فيشعى حثيثاً كي يحُلَّ رموزها
                             وألغازَها لكنْ يخافُ من السِّرِّ
ويرجِعُ سكراناً من البحثِ رأسُهُ
                             تدورُ كما دارتْ رؤوسٌ من الخمرِ
              ------------        -----------         -----------
رأيتُ جمالَ العين في سرِّ وحيِها
                                  وفي ما حوتهُ من معانٍ ومن سِحرِ
وليس بألوانٍ مزركشةٍ ولا
                               بعينين زرقاوين أو ربما خُضرِ
وليس بياضُ الجسم مقياسَ حُسنهِ
                                فكم من نساءٍ فاتناتٍ من السُمرِ
وليس جمال الوجه في حُمرَةٍ اللمى
                                وفي حمرة الخدين أو شُقرة الشعرِ
فكم من نساءٍ شكلُهُنَّ يغرُّنا
                            وهنَّ من الأعماق صفرٌ  على صِفرِ
         ---------           -------------           --------------
(لعيينيكِ ما يلقى الفؤادُ وما لَقِي )
                                 هما قصتا حبي ومالكتا أمري
هما مصدرُ الإلهامِ في كلِّ حاجةٍ
                                 هما جذوةُ الإيمان في شكله الفِطري
أسير إلى عينيكِ عَدْواً وربما
                                أطيرُ بأ قدامٍ كأجنحةِ الطيرِ
فمن وحيِ عينيكِ استمدَّتْ بصيرتي
                               كثيراً من الأفكار في الشعر والنثرِ
ومن وحيها أصبحتُ في الشعر مبدعاً
                                وأدركتُ أنَّ الأمرَ في غاية اليُسرِ
وكانت إلى حبِّ الحياة وسيلتي
                             وكانت إلى الإبداع في مهنتي جسري
وكانت طريقي في الحياة وقِبلتي
                               ومازلتُ حتى اليومَ خلفهما أجري
           ---------          -------------------          -----------
.شفاهكِ ظمآى للهوى غيرَ أنَّها
                                 تقاومُ ما تهوى وتقوى على الصبر
إذا أطبقتْ أعطتْ لوجهكِ هيبةّ
                                وإنْ أفرجتْ بانتْ لآلئُها  تُغري
وترسمُ ثغراً قد علتهُ ابتسامةٌ
                              مهذبةٌ أضفتْ جمالاً  إلى الثغرِ
ووجهكِ أضحى بابتسامتكِ التي
                                 عهدتُ بطول الوقت ينضحُ بالبِشرِ
             --------          -------------             ----------
وأهوى حديثاً منك عذباً وشيِّقاً
                            مليئاً بتقوى الله والحمدِ والشكرِ
فصوتكِ موسيقى لها ألفُ نغمةٍ
                             ولكنَّ أحلاها تجلَّى مع الذكرِ
وتنبعثُ الألحانُ من ثغركِ الذي
                                  تفوح كثيراً منه رائحةُ العطرِ
             -----------            ------------                ---------------
شفاهك تُغويني ولستُ مراهقاً
                             ففي وحيها نورٌ ونارٌ بها تسري
وفي وحيها ألقى حياءً  وجرأةٌ
                            أرى حالةَ الإيمان تطغى على الكفرِ
يحيِّرني فيها تناقضُ وحيِها
                                 فحيناً إلى طُهرٍ وحيناً إلى عُهرِ
وحيناً إلى ما لستُ أدري دليلَهُ
                            ويعجزُ أن يرقى إلى وصفِهِ شِعري
             ------            --------------                   ----
أحبكِ ملءَ القلب والعقل كلَّما
                             نظرتُ إلى عينيكِ في الصبح والعصرِ
ويزداد حبي كلَّ يومٍ وليلةٍ
                                  وفي كلِّ أسبوعٍ وشهرٍ إلى شهرِ
وفي كلِّ عامٍ من حياتي أعيشهُ
                                    إلى أن أرى عينيكِ في آخر العمرِ
ويبقى هوى عينيكِ في القلبِ كامناً
                                   وأصحبُ في قلبي هواكِ إلى القبرِ

       
                  سامر الشيخ طه
     ِ

...
..

.
.

.

.
..
.
.
ُ
               
ً